الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الفشل السياسي لحزب الدعوة في العراق

سلام عادل
كاتب وصحافي

(Salam Adel)

2021 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


جرى الحديث كثيراً عن كون حزب الدعوة الاسلامية قد أسسه السافاك الايراني أيام حكم الشاه، وهذا ليس مستبعد تماماً، خصوصاً حين نعلم أن الشاه خلال سنوات حكمه كان مدعوماً من العواصم الغربية، وكان يوصف بـ(شرطي المنطقة)، في الوقت الذي كانت فيه تلك العواصم، على رأسها لندن وواشنطن، تعملان على التحكم بكل المسارات السياسية في المنطقة، بل واستباق أي تفكير وأي افكار وأي تحركات شعبية أو نخبوية، حتى يكون كل شيء على المستوى الاستراتيجي مضمون وتحت اليد.

ومن هذه المنطلقات يبدو أن هناك من كان يرى بان حزب الدعوة، بحكم كونه من ابناء وبنات السافاك الايراني، فهو بالضرورة يكون خطاًبريطانياً أمريكياً جرى زراعته ورعايته منذ وقت مبكر داخل النجف، التي تحتضن المرجعية الشيعة العليا، والتي هي صاحبة التأثير الاكبر داخل بلدان عدة في منطقة الشرق الاوسط والخليج، او على الاقل في المناطق الغنية بالنفط التي يتواجد فيها الشيعة، ليكون بمثابة طابور سياسي مضمون ومستعد للعمل، متى ما تطلب ذلك، وفق سياسة التخابر والتخادم.

وهو ما حصل بالضبط في العراق الجديد، حيث جرى اعتماد الحزب تحت قيادة المالكي لبناء الاساسات وتأسيس المباني التي يراد للعراق الجديد أن يسير عليها، وعلى رأس هذه الاساسات ترسيخ سياسة المحاصصة، والتي تعني تقاسم النفوذ بين زعماء الكتل، الى جانب سياسة التوافق، والتي تعني تقاسم الثروة، ولعلنا نتذكر بداية ظهور ما يطلق عليه بـ(الهيئات الاقتصادية) للاحزاب، التي كانت قد ظهرت أول مرة عبر حزب الدعوة عام 2006، وكان حيدر العبادي رئيساً لأول هيئة اقتصادية للحزب تقاسمت مع بقية الجماعات السياسية ثروات وموارد البلد.

ولقد مارس القياديون في حزب الدعوة سياسة التخادم والتخابر باشكال فاضحة خلال الـ12 سنة التي قضوها في السلطة، كانوا فيها يتواطؤون على الدوام مع كل شيء يخدم مصالحهم دون اعتبار للمصالح العليا للمواطنين والوطن، وتبقى مرحلة الولاية الاولى للمالكي التي تتمثل بالركض مع الامريكان لمطاردة المقاومين العراقيين شاهداً على هذا التواطؤ، ثم تأتي مرحلة الولاية الثانية التي اضعفت البلد داخلياً ما ادى الى سقوطه تحت غزوة داعش كشاهد اخر.

ومما هو اوضح في سيرة حزب الدعوة في الحكم أنه مرر جميع السياسات التي ارادها الامريكان ان تمضي في العراق وتُصبح عرفاً وتقليداً، وهذا يبدأ من جعل العراق تحت هيمنة البنك الفدرالي الامريكي من خلال حصر الثروة العراقية بالدولار فقط، ومروراً بالسياسات العسكرية التي حصرت التسلح العراقي الثقيل بالسلاح الامريكي، ووصولاً الى سياسات الطاقة التي مازال يتم التحكم بها عبر الشركات الامريكية حصريا.

وعلاوة على كل ذلك، وهو الأهم، ان حزب الدعوة مارس العمل السياسي وفق المذهب الاكثر سوءً في السياسة، او وفق النسخة التي تعرف بـ(السياسة البراغماتية) وهي سياسة غير اخلاقية لم تكن في يوم من الايام من متبنيات المفكرين الاسلاميين، فضلاً عن الشيعة الذين ينتمون لمدرسة اخلاقية تنتمي فكرياً للمبادئ والرؤى التي دعا لها الإمام علي بن ابي طالب (ع س).

ووفق ما ذكر في القرآن وفي السيرة، أن من سن سُنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها، يتحمل حزب الدعوة كل هذه المسارات الخاطئة التي يسير عليها العراق الجديد، باعتباره الحزب الذي حكم 12 سنة كانت تعتبر بمثابة سنوات التأسيس، او سنوات ترسيخ الاعراف السياسية التي صنعتها المخابرات الدولية ليبقى العراق مجرد بلد ضعيف وتائه بين الدول والقارات.

ولا شك من كون المالكي ليس خيار الدعاة المضحين والعارفين، وانما لكون السياسة في العراق تقوم على أساس (التخابر + التخادم)، لذلك صارت للمالكي حظوظ في قيادة حزب الدعوة والبلد، وليس المالكي فقط، وانما جميع افراد القيادة الحالية للحزب، الذين من ضمنهم العبادي، وهو اخر من خرج عن الدعوة ليبحث عن مصالحه الشخصية، وكان قد سبقه الجعفري في هذا المسار، وهو ما يؤكد لنا ان حزب الدعوة كان يعمل على تنفيذ سياسات ارادتها واشنطن ولندن للعراق الجديد، وهي سياسات فاشلة بكل تأكيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة