الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الحقيقة رقم 30

محمد تومة

2021 / 9 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الموضوع: (الولايات المتحدة الأمريكية وإنقاذ العالم أو دماره)

فلسفة الحضارة ونشوئها (الدولة السومرية مثلاً)
فلسفة سكين الجزار
الوقت وأهميته وأمريكا وإنقاذ العالم.
التكنولوجيا ودورها في الوقت.
المال، الوقت وسلوك البشرية.
الحضارة الإسلامية، قراءة مختصرة.
قراءة في الوضع السوري.
التنمية البشرية.
رأي طريق الحقيقة.


أولاً: فلسفة الحضارة ونشوئها (الدولة السومرية مثلاً)

قبل الخوض في فلسفة الحضارة لا بد لنا من ذكر مقتطف من مقدمة قانون أورنمو السومري والتي تتضمن:

” نظرية التفويض الإلهي وهي أن الإله اختار وفوض أورنمو ليمثله في الأرض ” [[ المصدر ويكيبيديا ]]

بداية مع تطور وسائل الدفاع عن البقاء للإنسان وتطور ذكائه، أدرك الإنسان أن الزراعة والتدجين هي طريقة أفضل للبقاء على قيد الحياة من الصيد اليومي، ومع ظهور مجتمعات زراعية آخذة في توسع الكتلة البشرية في منطقة معينة، ظهر معها المزيد من الوقت للإنسان في تقضية يومه. فبدلاً من أن بقاءه على قيد الحياة سابقاً كان يحتاج لأن يطارد فريسته طوال اليوم وبعد أن يمسك بها يحتاج إلى ساعات وحتى أيام ليستطيع هضمها (قبل اكتشاف النار)، أصبح فيما بعد تناول وجبة لا يكلفه سوى دقائق، ومع توسع المجتمعات وتخصص الناس في مجالات مختلفة، أصبح للإنسان وقتاً يستطيع فيه ألا يعمل شيئاً، وأخيراً أتى اليوم الذي يستطيع فيه أن ينظر إلى السماء ويفكر ما هذه النقط المضيئة التي فوق، لكن نهاية هذه القصة لم تكن سعيدة تماما، إنها أصلاً لم تكن نهاية.
مع توسع المجتمعات ظهرت المشاكل الاجتماعية، لنقل إن الانسان وقتها استطاع حل مشكلة اقتصادية، لكن ظهرت مشاكل اجتماعية أكثر خطورة منها السرقة والنهب والاعتداء والاغتصاب وحتى القتل والخ.. ولأن الغريزة فينا تحثنا على البقاء ومع النمط الجديد في العيش ضمن التكتلات الاجتماعية. اضطر البشر لتطوير طرقهم فاخترعوا أعرافاً فيما بينهم تضمن سلامة الأفراد داخل التكتل الواحد، والتي تعد بمثابة القوانين في وقتنا الحالي، لكن ما يختلف فيه عن زماننا هو طريقة إدارة هذه الأعراف وقوات انفاذها.. نستطيع أن نقول من هنا ظهرت مفهوم القبيلة (وما يشبهها في بقاع أخرى من العالم)، وفيها شيخ القبيلة أو الدوق أو الخ.. هو الحاكم وهو الآمر وهو صانع القانون. ومع أن صناعة القانون وانفاذه كانت تتم أحياناً بطرق أفضل ما توصف بها أنها شعوذة، إلا أن هذه الطرق قد حققت سلاماً في القبيلة، ومع اعتقاد الناس الموجودين ضمن هذه القبيلة أن شيخ القبيلة (لا يقول الا الصح ولا يفعل إلا الصح) إما بدافع القناعة أو الاحترام أو حتى الخوف أو لأنه مفوضٌ من الله، فإذاً جميع من موجود في هذه القبيلة (قد أخذ حقه على التمام والكمال). وبتحقيق السلام ضمن التكتل وبوجود النمط الزراعي وتربية الحيوانات (تحقيق العامل الاقتصادي) أصبح الآن متسعاً للإنسان أن يعود وينظر إلى السماء مجدداً ويفكر مرة أخرى في النجوم المضيئة، ولكن للأسف حتى هنا لم نصل إلى النهاية السعيدة.
الاستعداد للحرب:

إن تحقيق العامل الاقتصادي هو الأساس لقيام أي مجتمع، يأتي الاقتصاد أولاً ثم بعدها يتطور الناس. لكن في ذلك الزمان كان التحكم بالطبيعة أمراً شبه مستحيل، فإذا نفذت المياه في الصحراء أو إذا جاء شتاء قاس في مكان آخر، فإن هذا كفيل لتدمير الاقتصاد ولأن (الجوع كافر) تنهار معه كل النظم الاجتماعية ويبدأ الناس في الاقتتال على الموارد المتاحة حتى نضوبها. وفي أحسن الأحول وقتها تقوم القبيلة بالهجرة إلى مكان آخر تتوفر فيه المقومات اللازمة ليبدؤوا حياة جديدة. ولكن ماذا لو لم يكن متاحاً مكاناً آخر شاغراً؟ وماذا لو كان المكان الآخر ليس شاغراً وهناك من يقطنه وينعم بخيراته؟ إن القبيلة قد تستضيف شخص أو اثنان أو عشرة غرباء لكنها لن تستضيف قبيلة كاملة مع قوانينها وشيخها الجديد الذي سيمثل نظام حكم مواز للشيخ الموجود عدا عن تقاسم الخيرات (أو تقاسم الكعكة).. إذاً إن أراد المتضرر البقاء على قيد الحياة فيجب عليه السيطرة بدل من التقاسم لأن هذا الخيار ليس مطروحاً. وليس هناك طريقة للسيطرة غير الحرب. ولكن الحرب تحتاج إلى رجال مدربين، وتجهيز الرجال المدربين لا يتم في وقت احتضار القبيلة (كيف ستطعمهم على الأقل كأبسط مشكلة)، إذاً فالحل هو تجهيز الرجال في وقت السلام والازدهار الاقتصادي لاستعمالهم وقت الضرورة. وحتى تجهز رجال مدربين كقوة ضمن القبيلة فيجب عليك كشيخ قبيلة أن تضمن ولاءهم من أن ينقلبوا ضدك، لذلك لا بد من تطوير قوانين تحول دون ذلك، وأبسطها هو الولاء العائلي، فيصبح الأخوة هم القادة وأبناء الأخوة هم الجنود الأعلى نفوذاً وأصحاب أبناء الأخوة هم العرفاء أو مدسوسون بين الرجال وباقي الناس هم الجنود المشاة أو الرماة. ولا مانع من شراء بعض المؤيدين بالنساء أو المال أو تمليك الأراضي أو التزاوج منهم أو من أبنائهم.. الخ وأخيراً يتم اعداد القوة العسكرية في ظل هذا السلام والازدهار الاقتصادي. ويأتي السؤال الذي يغير المعادلة: لماذا ننتظر وقوع المشكلة حتى نتحرك أليس من الأفضل التصرف قبل وقوعها؟ أليس من الأفضل كسب الوقت؟ نعم، هذا صحيح بمنطق العصور الصارمة.. وعلى هذا الأساس يتحرك الجنود ليغيروا على قبيلة أخرى سارقين غنائمها مستولين على أرضها سابين نسائها و محولين رجالها إلى عبيد يعملون في الزراعة وتربية الحيوانات والخدمة، وبذلك أيضاً كسب رجال يزيدون من انتاجه الاقتصادي ويستطيع أن يضم المزيد من رجالهم السابقين إلى صفوف جنوده، وزادت معه حدة اعتداد القبيلة المعتدية بذاتها وأصبحت مثلاً للخوف أمام كل القبائل المجاورة الأخرى التي سلمت منها، وبدلاً من انتظار القبائل الأخرى دورها المشؤوم فتبادر طواعية بتقديم (القرابين والهدايا والخدم حتى) وبما أن هذه الطريقة توفر ما توفره من جند ورجال ووقت وتكاليف الحرب، فتقبل القبيلة المعتدية هذا وتعيش في رغد وسلام وازدهار، وطبعاً لم تنته القصة بعد ولن تكون سعيدة. لكن أسوأ ما في الموضوع عزيزي القارئ أن الناس في هذه القبيلة أصبح همهم الدخول في الجند لما لها من مزايا وأصبحوا ينظرون إلى جيرانهم عوضا عن النظر إلى السماء.

لقد ضمنت القبيلة المعتدية حتى الآن (الاقتصاد، السلام، القوة) لكن توجد مشكلة خطيرة الا و هي الرقيق، ماذا لو هرب الرقيق في يوم ما جميعهم؟ هذا مستحيل! حسناً ماذا لو أنهم ثاروا في يوم واحد؟ ماذا لو أنهم استطاعوا تنظيم أنفسهم فعلاً وقادوا ثورة ضد هذه القبيلة.. لقد تعلمت التكتلات الأخرى أنها هي أيضاً بحاجة لتكوين قوة عسكرية مشابهة للتي تفوقت عليهم – حتى وان أدركوا أنهم لن يستطيعون غزوهم أو حتى ليس هذا هدفهم – لكن انشاء هكذا قوة ستفيد شيخ أي قبيلة في توريث حكمها لأقربائه وابنائه طبعاً في الدرجة الأولى. إن العبيد في القبيلة هم بمثابة الأدوات الزراعية الحديثة في عصرنا، إن هذه الأدوات إن تعطلت فهذا يؤدي إلى تأخر انتاج المحصول، ولضمان عدم تعطلها فيجب علينا أن نقوم بحمايتها وذلك بإصلاحها دورياً، إن حماية أدوات الإنتاج إذاً أصبحت مهمة بأهمية اختراعها، ولكن في حالة العبيد فإن حمايتهم تكون بمراقبتهم وتسليط بعض من الجند عليهم، وحتى يتم ذلك فنحن بحاجة أكثر من عصا، نحن بحاجة لعوامل نفسية تقتل في جند هذه القبيلة أي صفة إنسانية قد تتعاطف مع العبيد – يجب أن لا يعتبروهم بشرا – فلا يهتمون بصحتهم ولا مشاعرهم ولا حاجاتهم وحتى يعاقبون بسبب أو بدون سبب وليس لهم الحق في طلب المأكل، بل أحياناً يعطى لهم ما يبقيهم على قيد الحياة فقط ليستمروا بالإنتاج. وبالعودة إلى السؤال ماذا لو ثار العبيد مرة واحدة؟! إن العبيد في غالب أمرهم مهما كانت قوتهم فهم لن يتفوقوا على التكتل الخاضعين له، لكن نشوب مثل هكذا ثورة تؤدي لانشغال القبيلة في حرب قد تكون طاحنة وبسبب تمرد -تعطل أدوات الإنتاج- فإن الاقتصاد يتداوى مع كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله، وهنا قد يأتي دور تكتل آخر لينقض هو الآخر على هذه القبيلة جاعلاً من المأساة مأساتين وقد ينتصر بالنهاية، فيضمهم هم وعبيدهم واقتصادهم إلى نفسه ويصبح قوة أعظم من القوة التي كانت موجودة وهكذا.. إلى ما لا نهاية في التاريخ البشري. وطبعاً تحولت القبائل إلى دول والدول إلى امبراطوريات وبقيت هذه العقلية تكبر فقط ولكن لم تتغير.

قد لا يكون كل الكلام السابق بحرفيته هو الذي أدى إلى نشأة دولة سومر في منطقة العراق الحديث حالياً، لكنها تعتبر أول تكتل يحمل طابع الدولة بكل معنى الكلمة في التاريخ. لقد كانت تحتوي على قانون وعبيد وتكنولوجيا متفوقة في ذلك العصر إضافة إلى الأبحاث العلمية وغير ذلك.. إن كل الدول اللاحقة التي نشأت في كل أرجاء العالم حملت نفس طريقة دولة سومر في نشوئها وحتى زوالها على يد العيلاميين. طبعاً لا نقيس الزمن الماضي بالحاضر ونقول أن سومر مخطئين، في ذلك الوقت لم تكن لتقوم سومر لولا هذه العقلية. لكن المشكلة أن هذه العقلية لم تتغير حتى الآن، رغم أنها لم تحمي لا دولة سومر ولا أي دولة لاحقة من الزوال.

لقد قامت فلسفة الحضارة في كل التاريخ على أن البقاء يكون باغتنام الكعكة لا بتقاسمها، وبذلك بقي الانسان دائم التهديد في أي تكتل وجد ضمنه سواء كان هذا التكتل قوياً أو ضعيفاً، حتى مع ظهور الديمقراطيات الحديثة، فلكي نبرر حرباً على العرب – لسرقة نفطهم – يجب أن نٌكَوِنَ جيشاً من المجتمع الغربي يؤمن أن الشرق الأوسط منطقة تحوي تهديد نووي -سيقتلهم يوماً ما – حتى إذا ما نفذت موارد الطاقة في الغرب – في أحسن حجة – نستطيع شن حرب على العراق وليبيا ونسرقهم ونفتح جبهة باليمن لاستنفاذ موارد السعودية وذلك بدعم المواطن الغربي (الذي قام ساسته مضطرين بتعليمه حقوق الانسان وحفرها في دماغه). إن العقلية السومرية تطورت طريقة صياغتها فقط، لكن بقت العقلية نفسها نفسها حتى اللحظة – الفوضى الخلاقة -.

وأقصد: إن العقلية السومرية هي أن أهيئ الدولة لأسرق أو أنهب باقي الدول، إن الحفاظ على الدولة في العالم الآن هي ما أسميها (العقلية السومرية) وطبعاً لا أقصد أن تغيير العقلية يكون بهدم الدولة. بل يكون بالحفاظ على البشر جميعاً أينما وجدوا في كل العالم وحتى في كل الكون لاحقاً.

وبكلام علمي أكثر أستحضر الاتي من أحد مقالاتي السابقة..
ثانياً: فلسفة سكين الجزار: من مسلسل طريق الحقيقة رقم (5) والتي صدرت بتاريخ 9/2/ 2001

تقوم فلسفة سكين الجزار بكاملها على أنه يمكن لأمة ما أن تذبح أمة أخرى وتغتصب أرضها وتنشئ حضارتها على أنقاضها ولكي يتم هذا يجب أن تطبق المراحل التالية:

الاستيلاء على الأرض.
إبادة كل ما عليها من البشر وثقافاتها المادية والروحية وإبادة كل مكوناته التاريخية وتزييفها.
بناء حضارة عمرانية وثقافية على أنقاض الأمة المذبوحة.
ولكي يتم هذا يجب إدارة الظهر لكل القيم والمثل العليا الإنسانية الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على البشر في كتبه المقدسة وكلف الأنبياء والرسل بنشرها بين الناس لينظموا أمورهم الدنيوية بها. وكذلك صم الآذان وعدم الالتفات إلى صرخات المفكرين والفلاسفة والكتاب الذين يدافعون عن القيم الإنسانية.
إحلال شريعة الغاب محل شريعة السماء والأرض بين البشر كأسلوب للتعامل الإنساني والحياة للأقوى.
القيمة العليا والمهمة هي الاحتلال الأرض واستغلال الخيرات الظاهرية والباطنية.


ثالثاً: الوقت وأهميته وأمريكا وإنقاذ العالم:

لكل شيء وقت، هذا صحيح. وقد يواسينا هذا الكلام في أنه لماذا لم تطبق حتى الآن لوائح حقوق الإنسان التي أصدرتها الأمم المتحدة. لكن بما أننا ملتزمون بواجبنا وبنوايانا الصادقة في تحليل الوضع فقررنا أن نبحث لنعرف أساس المشكلة ولا نكتفي بالمواساة.

في البداية لكل شيء وقت هذه العبارة لا تعني أن ننتظر حتى يمشي فينا الزمن ويحدث ما نريد أن يكون لوحده من تلقاء نفسه. لقد فهمت التكتلات البشرية سابقاً الوقت أكثر منا ولذلك استطاعوا إنشاء أول عصر للحضارات على شكل دولة (سومر أولاً ولاحقاً دول عديدة)، لقد عرفواً أنهم يجب أن يستبقوا الكارثة ويصنعوا حلاً فأوجدوا الجيوش.. لقد كان هدف الدول في ذلك الزمان إنقاذ اقتصادهم بأي شكل لاستمرار بقائهم، فكانت الحروب هي سمة العصر في ذلك الوقت، أما الآن في القرن الواحد والعشرين فهذه العقلية – السومرية – لم تعد تتماشى مع روح العصر، ولكن لم يوجد بعد أي بديل لهذه العقلية التي ستودي بالعالم كله إلى كارثة. وحتى نأتي نحن بالوقت الذي نرى فيه بديلاً لهذه العقلية فيجب علينا أن نغير من أنفسنا، وفي عصرنا الحالي يجب أن تكون البداية من أمريكا. ولكن ما الذي يجب فعله؟

يجب أن تقوم أمريكا بتغيير العقلية السومرية وذلك بالخروج من صندوقها الواقع في القارة الأمريكية الشمالية. إن أمريكا الآن ومثل باقي الدول العظمى السابقة رسمت صندوقها معلنة أن من تهتم لأمرهم هم من داخل هذا الصندوق فقط. وبذلك قامت باستباحة باقي دول العالم بكل الطرق الحديثة وبأقذر ما توصل إليه أدب الحرب القديم والحديث من حروب مباشرة أو حروب سيبرانية أو حروب مالية (عن طريق الدولار). على الرغم من أنها ساعدت اخوتها – أو الأصل القديم للأوربيين الجدد – في بناء دولهم بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أنها بالحقيقة كانت تشتري مؤيدين بالمال خوفاً من التمدد السوفيتي في ذلك الوقت. ولما لم يكن للأوروبيين المفلسين جراء الحرب العالمية الثانية إلا القبول بأفضل السيئين – أمريكا – فوافقوا على شروطها والتي كانت أشبه باحتلال اقتصادي مما هو انقاذ واعمار لتلك الدول.

لقد قامت أمريكا بإقراض الأوروبيين أموالاً ليبنوا دولهم ومدتهم بالمنتجات التي غصت بها مصانعها ليسدد بذلك الأوربيون ثمن هذه المنتجات من الأموال المقرضة وكذلك يجب عليهم فيما بعد أن يردوا هذا الدين مع الفوائد التي لا تنتهي.

لقد شعر الأوروبيةن أن أمريكا خذلتهم أكثر مما هي ساعدتهم لذلك ومع عدة عوامل أخرى قرروا إنشاء إمبراطورية -الاتحاد الأوروبي- ليقف اليورو في وجه الدولار وأيضاً ليصنعوا صندوقا يواجه الصندوق الأمريكي وينافسه ويضمن قوته لاستمرار سيطرته على مكتسباته من الحرب العالمية الثانية في افريقيا على وجه الخصوص. لكن تشاء الأقدار – أو بالحقيقة يكرر التاريخ ذاته مع العقلية السومرية – ويبدأ الاتحاد الأوروبي بأولى مصائب التفكك بقيادة المؤسسة له المملكة المتحدة.

إن مشكلة تفكك الاتحاد الأوروبي بدأت في المملكة المتحدة، التي ما زال تعاني من الاعتداد بنفسها وبأنها أعظم امبراطورية في التاريخ وأن الإنجليزي هو أفضل من باقي الأوربيين، وزاد الوضع سوءاً مع الربيع العربي والقرب الجغرافي بين البلاد وهجرة الآلاف بل ومئات الآلاف من اللاجئين إلى دول أوروبا. لقد كان الانسحاب على ما يبدو خيراً من تقاسم الكعكة بالنصف، لكن كان قطع طريق شنغن من طرف المملكة المتحدة أفضل طريقة لضمان عدم وصول اللاجئين اليها والحفاظ على كعكة بريطانيا لبريطانيا.

لقد آتت الفوضى الخلاقة بأول أعظم ثمارها، وما هو آخر أهدافها ؟ لا أحد يعلم بعد. وبقيت أمريكا هي أمريكا السومرية لم تتغير، بالرغم من كل ما فعلته بقيت داخل صندوقها التي تسعى المستحيل للمحافظة عليه حتى لو على حساب تدمير أفضل تجارب الاتحاد في التاريخ. وأخرجت للعالم من رحمها صندوق النقد الدولي الذي كان السبب بتدمير وافقار العديد من الدول بدلاً من مساعدتها.

لكن السؤال: بعد كل هذا لماذا أمريكا هي التي يجب أن تنقذ العالم؟

لا داعي للقول أو الشرح عن قوة أمريكا وتأثيرها في العالم في القرن الواحد والعشرين، إن القوة التكنولوجية والاقتصادية التي تمتلكها مقارنة بباقي الدول في العالم أجمع تكاد تكون لا تقارن معها، لذلك فهي الآن تملك كل الوقت والظروف لتغير العالم وتخرج هي والعالم أجمع من العقلية السومرية إلى عصر جديد تماماً.

نحن نعلم كما نشاهد من الأخبار ونسمع من الوثائقيات والدراسات أن الموارد في الأرض أصبحت محدودة مقارنة بالتزايد البشري، ومع كل حل جديد لتلبية الحاجات نصطدم بمشكلة بيئية تهدد الأرض بطريقة أكثر مما لو أننا لم ننفذ هذا الحل، وللأسف لا نستطيع أن نتراجع عن أي حل كان قد ساعد ولو بشكل جزئي.

لقد زادت حاجة البشر إلى الطاقة أكثر من أي وقت سابق، ليس فقط بسبب الزيادة السكانية، بل بسبب تقدم الذكاء في الإنتاج الصناعي والترفيهي للبشر. نفس الانسان الآن يستهلك أضعاف ما يستهلكه من الأنسان قبل مئة عام. الكهربائيات مثلاً زادت من الحاجة لاستخدام الطاقة، فبدل من أننا كنا نحرق شمعة في الماضي فقط لنرى، أصبحنا الآن محتاجين لطاقة تعادل فرضاً ألف شمعة للشخص الواحد لأنه سيستخدم الإضاءة والجوال والتلفاز والسيارة والتكييف والخ.. لقد خلق التطور التكنولوجي طرق استهلاك للطاقة لم تكن بالحسبان قبل مئة عام بأقل تقدير. والمشكلة أن إنقاص عدد البشر ليس حلاً على الاطلاق. بالعكس يأتي بنتائج كارثية. إن الحل النهائي في المدى الذي قد لا يكون بعيداً جداً لا نراه إلا باستعمار كواكب أخرى. ولكن هنا تكمن مشكلة الوقت مرة أخرى. وبسؤال بسيط؟ هل سنرسل بشر إلى المريخ وهم يحملون العقلية السومرية؟ وبإدخال كل الدروس التاريخية في الحسبان ما هو احتمال أن يتحول – المريخيون ذو الأصل الأرضي – إلى -أمريكيين ذوي أصل أوروبي-؟ بصريح العبارة: ما هو احتمال أن لا يكونوا غازين لنا ومحتلين لأرضنا يوماً ما وبطريقة عسكرية مباشرة حتى؟ نترك التخيل والجواب لكم.

لقد آن الأوان أن تعرف أمريكا – إن لم تكن تعرف أصلاً – أن العقلية السومرية لا يمكن أن تنقذها ولا تنقذ العالم، وإن خروجها من صندوقها يقصد به انشاء شكل جديد من أشكال التكتل البشري يحوي العالم بأجمعه ويشارك العالم كله وبالمجمل البشر أينما كانوا في الأرض أو المريخ يتساوون بالحقوق والواجبات والخ.. وطبعاً لن يتحقق هذا باجتياحات عسكرية أو اسقاط أنظمة أو خلق فوضى أو تدمير اقتصادات، لقد آن الأوان أن تتخلص أمريكا من حملها الثقيل في تلبية احتياجات شعبها فقط على حساب شعوب العالم والبدء ببرامج توعوية تحث شعبها على اقتسام الثروات مع العالم وكذلك باقي دول العالم أيضاً أن تفعل المثل، يجب في هذه الظروف التي وصلنا إليها أن نتنازل جميعاً إن اضطر الامر حتى لو اضطررنا للأكل أقل من الشبع، يجب علينا أن نفكر جميعاً في أن ننقذ بعضنا البعض، بدلاً من أن ننقذ أنفسنا على حساب غيرنا. يجب أن تستثمر أمريكا وباقي الدول الأوروبية الوقت وتبدأ بإعادة نظر شعوبها في طريقة استخدامهم لموارد الأرض قبل نفاد وقتهم واضطرارهم لانزال قوة بوليسية عندما تحل الكارثة. يجب أن نرفع شعار نعيش مع بعض أو نموت مع بعض، وأنا هنا لا أتحدث عن أخلاقيات بقدر ما أتحدث عن انقاذ لنا جميعاً. أما كيف؟ بحسبة بسيطة: عشرة أشخاص يفكرون حتى لو لم يشبعوا تماما يعطي أفكاراً أكثر من شخصين متخمين. عشرة يعملون مع بعض يساندون بعضهم أكثر من اثنين، عشرة يحصدون أسرع من اثنين… مع تمسكي أن هذا أخلاقي.

ولكن لماذا نتحدث عن عشرة في عصر التكنولوجيا والآلات؟! أليس الآن بمقدور شخص واحد صنع آلة أن يصنع عشرة مثلها ويشغلها لتنتج بطاقة ألفي شخص؟ نعم هذا صحيح ولكننا هنا ننظر إلى جانب واحد فقط من الحقيقة.


رابعاً: التكنولوجيا ودورها في الوقت:

بداية لنعد لأهمية الوقت مجدداً، ولكي نفهم أهميته يجب أن أوضح شيئاً قد يكون ساذجاً لكن قد يقع في خطأ فهمه الكثير من الناس ألا وهو المال والتسعير وعلاقتهم بالوقت. بالنظر إلى كل شيء حولك ستعرف أن له قيمة ما من المال وهو سعره بالحقيقة، لكن هذا السعر وضع على أي أساس.. قد يتفهم أي شخص سعر سيارة ما أنه هذا مقابل تكلفة المواد (حديد، بلاستيك الخ..) لكن ما يغيب عنه أو لا يسهب في التفكير فيه هو من أين جاءت قيمة الحديد؟ أليس موجود بالفعل بالأرض؟ نعرف أن السيارة تحتاج إلى تصنيع أما الحديد فهو موجود.. ما لا يعرفه كل الناس أن كل شيء حولنا هو مرهون بالوقت. فسعر الحديد هو الوقت اللازم لنقله على الأقل إذا كان موجود بصورة قابل للاستعمال فوراً. سعر النفط هو الوقت اللازم لصناعة الآلات والوقت اللازم لاستخراج الحديد لصنع هذه الآلات والوقت اللازم لتركيب هذه الآلات والوقت اللازم لتشغيل هذه الآلات والوقت اللازم لجلب ناس ليشغلوا هذه الآلات والوقت اللازم لشفط الآلات لهذا النفط والخ… إذاً كل شيء مرهون بالوقت وحياتنا كلها عبارة عن وقت.

بالعودة مرة أخرى إلى العقلية السومرية في زيادة الإنتاج ذكرت سابقاً أن العبيد كانوا يمثلون أدوات زيادة الإنتاج وأن حماية هذه الأدوات مهم بمثل أهمية وجودهم -أو اختراعهم-.

نحن الآن في عصر التكنولوجيا الرقمية، هذا الاختراع الثوري الذي ظهر بعد انتشار الانترنت والذي هو الهاتف الذكي، لقد أتاح لجميع سكان الأرض أي كان لونهم عرقهم دينهم ثقافتهم إلى الوصول إلى كل شيء يخص البشرية في كل مكان في العالم. لم يعد هناك ضرورة لأسافر آلاف الكيلومترات لأدرس في جامعة هارفرد لأتلقى تعليماً عالياً.. لقد باتت المصادر أمام أي شخص في العالم الآن، وعلى أفضل من المتوقع، لقد تم اختراع ثقافة جديدة عصرية تتمثل بمواقع التواصل الاجتماعي، فبدأ الناس في كل العالم بمشاركة كل شيء لهم وأخص هنا -علومهم-. لقد ظهر أناس لا يعدون ولا يحصون متطوعين أو هادفين ربحيين بطريقة الإعلانات وبدأوا بنشر العلوم وتعليم الناس، وغيرهم بدأ بالتعلم من أرقى المواقع الالكترونية وتعليم من هو غير متعلم من بلادهم، لقد أصبحت حرفية القاطن في مخيمات اللجوء وعلمه يوازي من تخرج من جامعات علمية مرموقة، حتى تعدى الامر لأبعد مما هو اختصاص الحاسوب وبدأ الناس بتعلم المهارات الفنية حتى وتطبيقها.. وشيئاً فشيئاً سيصبح كل العالم متعلماً بنفس القدر. لم يعد التعلم حكراً على الدول المتقدمة ولم يعد هناك حاجة للذهاب إليها أصلاً.. لقد وصل العلم الآن إلى درجة يستطيع فيها الحاسوب أن يتعلم كأنه كائن عاقل وهو ما يطلق عليه -ذكاء اصطناعي-، وجميع مصادر هذه العلوم مفتوحة أمام الجميع. الآن كل الأرض متساوية في العلم لكن ليست كلها متساوية في الحقوق.. الآن الكل يملك سلاحاً لكن ليس الكل يملك حقه.. المشكلة أننا وللأسف تربينا منذ نعومة أطفالنا على كره بعضنا، والذين تربينا على كرههم على الرغم من امتغاصهم إعلامياً من هذا الكره إلا أنهم هم من يضغطون أكثر لكي نعبر عن كرهنا أكثر ليبرروا لاحقاً أي سكين جزار سوف يعملوها علينا أمام شعوبهم..

إن هذا التطور الرقمي سوف يساعد على هزم أمريكا التي ما زالت تعتنق العقلية السومرية، ولنا في الصين خير مثال، لقد تحولت أنظار أمريكا من الشرق الأوسط – منابع البترول – إلى الصين وأعلنت عليها حرباً شرسة وهي تسارع الوقت لعدم حدوث مثل ذلك في أي مكان آخر. في حقيقة الأمر ليست المشكلة زوال القوة من أمريكا، المشكلة أن أمريكا نفسها لم تستطع حماية سلاحها الرقمي، ونعود ونقول أن وسائل الإنتاج حمايتها بنفس ضرورة وجودها، لقد طورت أمريكا وسائل انتاج ولكنها لم تطور ولن تستطيع أبداً حمايتها. لأن الحماية الرقمية هنا ليست متوقفة على جدران حماية أو كلمات مرور أو وصول آمن سري. إن حمايتها يتطلب إزالة أي أداة معرفية تعلم شعوب الدول الأخرى لهذه التقنيات وهذا الشيء مستحيل الحدوث. والمشكلة الأخرى والأهم بعد زوال قوة أمريكا هل السومرية في أي مكان ثان أفضل من السومرية الأمريكية؟ ترى ماذا سيحل بالسومرية الأمريكية أصلاً؟! ولسخافة الموضوع أكثر الآن باتت المختبرات العلمية في أشد القلق من تطور حواسيب تسمى الحواسيب الكمومية قبل أن تتطور أنظمة الأمان! وقد يكونون متعمدين إخفاء وجودها.

إن التكنولوجيا وفرت الوقت اللازم لكل الأرض ليصلوا إلى ما يريدون وبذلك وفرت المال اللازم إنفاقه على التعليم وبالتالي أصبحت الأرض كلها في منافسة حقيقة مع أمريكا، حتى أن أمريكا نفسها قامت بسن قرار يلغي الحاجة لوجود شهادة جامعية من أجل الوظائف الحكومية والقبول بالمهارات فقط.


خامساً: المال، الوقت وسلوك البشرية:

عندما قام السوفييت بإطلاق أول رحلة للفضاء الخارجي، تنبه الأمريكان إلى ضرورة اللحاق بالسرعة القصوى بهذا الركب لذلك قرروا وبسرعة البرق تغيير شامل في النظام التعليمي لهم، فما كان منهم إلا أن أعطوا أوامرهم إلى البنوك الأمريكية لإقراض الطلاب بالمال اللازم ليحصلوا على التعليم الجامعي، وبالفعل استفاد الطلاب كثيراً من القروض وبدؤوا باللحاق بالجامعات واستطاع الأمريكيون فعلاً الوصول إلى القمر ومنافسة السوفييت… لكن ما حدث كان له ثمن من نوع آخر، لقد كان على الطالب الأمريكي أن يسدد قروضه بعد الدراسة، ولما كانت نسب الفوائد عالية إلى الحد اللامعقول فأصبح المواطن الأمريكي الجامعي يمضي عمره ويموت وهو لم يسدد قرضه بعد. بل إن تراكم الفوائد المركبة تجعله يسدد أصلاً أضعاف المبلغ المقترض نفسه..

إن العصر الحالي الاقتصادي يعتمد على المال، المال هو وسيلة لكل شيء، ولما كان الجشع هو سيد الموقف كحال أي عقلية سومرية عظمى في أي عصر تاريخي، وبعد سيطرت الدولار على السوق المالي العالمي وبعد فكه من الارتباط بالذهب، أصبح كل الهم هو كيفية الحصول على أكبر رصيد من الأموال مهما كلف الثمن..

لقد سعت أمريكا بهذا الشيء للسيطرة على العالم عن طريق الدولار بفكه عن الذهب (أي بفكه عن الوقت)، فبدلاً من ربطه برصيد معين من الذهب يحتاج إلى وقت لإنتاجه أو لاستيراده ليدخل في المخزون الاحتياطي الأمريكي ليوازي قيمة الدولار (وفي هذه الحالة يجب تقوية الاقتصاد لتستطيع استيراده وهذا سيأخذ وقتاً لجلب ذهب كافي ليغطي كل الرصيد الطامحة له أمريكا ليغطي العالم بدولارها) بدلاً من ذلك وبعدما خدعت العالم أن الذهب موجود لها قامت بإلغاء فكه، لكنها تعلم أن الوقت كان في صالحا لأنه لن يتم حرق رصيد الدولارات الهائل في البنوك العالمية في اليوم الثاني، ولن يقوم رجال الأعمال في كل العالم برمي الدولار في القمامة. لقد قامت بفكه عن الوقت فأصبح قيمته مرهونة بتصريحات سياسة أو نشاطات أو ممارسات تخص أمريكا وحدها، وبعد أن ورطت العالم فيه كانت متأكدة أن كل من في العالم سيسعى دون وقوعه. لقد طورت أمريكا أخبث طريقة حرب اقتصادية بعقليتها السومرية. وعلى سبيل المثال أيضاً إضافة لذلك أصبحت أمريكا إن أرادت أن تستورد النفط تقوم برفع سعر الدولار فتحصل على نفط أكثر مقابل دولارات أقل ومن ثم تعيده..

وعندما شعرت أمريكا أنها بالرغم من قوتها قد تفقد سيطرتها الدولارية، عقدت اتفاقية البترودلار رابطة بذلك الطاقة العالمية بالدولار ومحولة الطاقة من سلعة إلى عملة أخرى، وبالتالي أصبحت لعبة اللاعب في الدول الثانية فبدلاً من أن يخفض قيمة عملته أمام الدولار إن أحس بعجز بالموازنة رفع سعر الطاقة فرفعت معه سعر المواصلات وسعر المحروقات اللازمة لتدوير الآلات وسعر كل شيء، لقد تعدى الأمر إلى أكثر من ذلك، فبعدما تحولت الطاقة إلى عملة فأصبحت تكلفة الطاقة منخفضة كانت أو مرتفعة لا علاقة لها بسعر الخدمات والسلع.. وقد شهدنا كيف عندما انخفض سعر برميل النفط ازداد الغلاء العالمي، ذلك لأن النفط أصبح عملة وانخفاض سعره هو بالحقيقة انخفاض تكلفة انتاجه امام مبيعه وهذا يجب أن يغطيه رصيد وهذا الرصيد يتم تغطيته برفع سعر المنتجات الأخرى وهكذا دواليك.. ومن ثم أزمات متكررة اقتصادية في كل العالم جلبت افلاس لشعوب العالم حتى في أمريكا نفسها بسبب ممارسة الاقتصاديين الأمريكيين وجشعهم وتحويل كل شيء إلى مال..

والسؤال: هل حمت الحرب الاقتصادية أمريكا نفسها من الانهيار؟! هل لا زالت الحروب الممولة في نظر أمريكا هي الطريقة المثلى للسيطرة على العالم؟ هل استطاعت أن تحقق السلام والحرب في نفس الوقت؟! ألا يجب على أمريكا أن تستفيد من وقتها البادئ بالعد التنازلي أمام التطور العالمي الرقمي الذي بدء من عندها وفقدت السيطرة عليه الآن؟ ألا يجب أن تشتري وقتاً لها يحميها الآن ولاحقاً من أي رد فعل عنيف ينهيها وينهي العالم كله معها؟ والسؤال الأخير: أليس أفضل ما تشتريه في هذا الوقت هو دعم العالم ومشاركتها إياه بدل من خلق تكنولوجيات واسلحة تحتاج وقتاً لأن تحميها أكثر من أن تحتمي فيها؟! وهل حمت أصلاً الأسلحة السومريين السابقين!


سادسا: الحضارة الإسلامية، قراءة مختصرة:

بزغ الدين الإسلامي في قلب مكة المكرمة حاملاً رسالته الرسول الكريم محمد (ص) بتعاليم تبشيرية وتنويرية تناسب روح العصر في تلك الفترة، واستطاع الإسلام أن يوحد القبائل العربية ضمن (السومرية الراشدية) لتكون دولة عظمى تنظر إلى ما وراء صحراء الجزيرة العربية، وفي ذلك الوقت كانت نواة الدولة تتكون من فئتين الأولى وهم المهاجرون والثانية وهم الأنصار. وأريد منك عزيزي القارئ أن تتفهم وجهة نظري في تحليل الموقف تحليل دنيوي للضرورة مع احترامي الكامل لوجهة نظرك.. إن المشكلة الحقيقة في الإسلام الذي ظهر في الجزيرة العربية أنه لم يحدد مفهوم الدولة، لم يأتي أي نص صريح يحدد كيف سيتم قيادة الدولة بعد وفاة النبي، عرب الجزيرة كانوا طول عمرهم قبائل يحكمها شيخ القبيلة ويتوالى أبنائهم بالضرورة، لم يكن في الدين الإسلامي أي فكرة عن قيادة دولة أو إنشاء دولة، لقد ظهرت الخلافة الراشدة كدولة أخرى في التاريخ كأنها ولدت لأول مرة، لم يتعلم العرب قبل ذلك كيفية صياغة نظام حكم، ولم يحدد القرآن كيفية صياغة الحكم ومن سيتلو الرسول بعده وكيف سيتم ذلك، رغم تمسك جميع المحللين إلى أن (أمرهم شورى بينهم) تعني الانتخاب الديمقراطي! لكن في ذلك الزمن الناس القاطنون ضمن الجزيرة العربية لا يعرفون معنى حكم أو نظام حكم. لذلك حتى لو قيل هذا للناس فهم لن يفسروها على أنها طريقة اختيار الخلف للرسول. لقد ذكر في سورة آل عمران آيات تدل بمعناها على وجوب اتباع الدين وعدم قتل أنبياء الله وضرورة التوافق على الدين والاستشهاد في سبيل الله وجاء بأمثلة عن عصور سابقة ولكنه لم يتطرق لموضوع نظام الحكم، لقد كان القرآن ينظم الحياة المدنية بين الناس أكثر مما يؤسس لدولة ونظام حكم. حتى أن المسلمين وقتها وعلى رأسهم عمر بن الخطاب لم يصدق أن الرسول قد توفي رغم أن القرآن ذكر أن الرسول قد يقتل أو يموت (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران 144) لكن عمر بن الخطاب نفسه وقف في الناس وقال من يقول أن محمداً قد مات سوف يقتله.

شاءت الأقدار وقتها أن يجتمع الأنصار في (سقيفة بني ساعدة) دون إعلام المهاجرين (المسلمين الأوائل) وحتى لسخرية القدر أن المهاجرين لم يشغلوا بالهم ولم يكن عندهم أصلاً أنه هناك مسألة سياسية يجب أن تدار وقت وفاة الرسول، ولما عرف القادة الأوائل ذلك سارع عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق إلى سقيفة بني ساعدة وبسبب حسن النية أو بالحقيقة بسبب عدم فهم البعد القوي لفكرة أن تكون حاكم دولة عظمى -لأن عرب الجزيرة لم يؤسسوا دولة سابقاً- حصل وقتها لين برأي الأنصار تجاه المهاجرين والتعاطف معهم على أنهم هم من بدأ المشوار الأول مع الرسول وتم الأمر بكل محبة بتسليم الخلافة لأبو بكر الصديق.

وبعد تولي أبو بكر القيادة افتتحت أبواب الفتنة في الجزيرة العربية فسارع لإخمادها (الحروب على الردة) هكذا حتى تلاه عمر بن الخطاب، الذي كان بالأصل قائداً عسكرياً ولأنه كان قادراً على قيادة الجيوش، استطاع توجيه تطلعاته إلى الخارج وفتح بذلك بلاد الشام ومصر والعراق وصولاً إلى ايران وشرق اسيا. في خلال هذه الفترات ظهرت شخصية تاريخية تملك فطرة سياسية وشاءت الأقدار أن تتولى هذه الشخصية مهمة إدارة بلاد كانت أصل المراكز الأولى لإنشاء أول الدول في العالم وهي بلاد الشام، هذه الشخصية كانت معاوية بن أبي سفيان، لقد تعلم العرب وقتها من الدول التي فتحوها في كيفية تنظيم وإنشاء الدول منهم، ونقلوا هذا لهم ونظموا دولتهم على أساسها. لقد ساعد على فتح بلاد الشام والعراق بالمقام الأول التواجد العربي فيها، لم يكن فتحاً بقدر ما كان تحريراً حقيقياً من سلطة الساسانيين والبيزنطيين. وبعدما استلم معاوية بلاد الشام بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب. وبعد مقتل الصحابي عمر بن الخطاب وتوالت الفتن في عهد علي وعثمان، استطاع معاوية أن يؤسس دولة عميقة في دمشق مهيئاً بذلك أول نواة دولة حقيقة إسلامية.. ولاحقاً أصبحت الدولة الإسلامية إمبراطورية إسلامية …الخ

ثم يمشي الزمن مع هذه الإمبراطورية إلى حين انتهاءها وظهور الدولة العباسية على أنقاضها، لكن هنا مربط الفرس، لقد ظهر رجال ينتمون إلى سلالة العباس بن عبد المطلب أصغر أعمام الرسول ذو طموح سياسي، وبسبب ممارسات الحكم الأموي ضد الساسانيين (الفرس) عمت النقمة طول فترة الحكم العربي عليهم، لقد استغل الرجال هذا الوضع وراحوا يؤسسون حركة بمساندة الفرس الناقمين والشيعة استطاعت في النهاية الثورة ضد الحكم الأموي الذي كان شبه منهاراً بسبب الانقسام الداخلي ونزع السلطة منه، لكن ما حدث حقيقة لم يكن تأسيس دولة جديدة، لقد كان انقلاب عسكرياً على الحكم الموجود. لقد اختلف توجه الدولة العباسية عن الإمبراطورية الأموية، فبينما كانت الإمبراطورية الأموية تحمل رسالة وتنشرها مزيدة رقعة الدولة، اكتفت الدولة العباسية بالمحافظة على حدودها، وذلك لأنها استخدمت الإسلام بدلاً من حمله وإعادة نشره.. ولضمان استقرار الدولة العباسية قاموا بنقل العاصمة إلى بغداد ليظلوا قريبين من مراكز قوتهم وللمحافظة على الدولة في حال نشوب أي فتن أو ثورات. وظل الوضع هكذا حتى تفكك الدولة العباسية وتمكن العثمانيون من ضم الأراضي إلى دولتهم بعد أن كانت مهمتهم صد الهجمات عن الديار الإسلامية فيما يعرف الآن بتركيا الحديثة..

بعد هذه القراءة يظهر لنا السؤال التالي: هل ستقوم دولة عباسية أخرى بطريقة الانقلابات العسكرية؟ أم أن زمن أول تحول؟ ولم يبق من الحلم العباسي إلا المحافظة على الحدود الحالية للعباسيين الجدد في القرن الحادي والعشرين، هذا ان كان ما زال ممكناً أصلاً.

وسؤالي الأخير: على من سينقلبون أولاً؟ هل على من يملكون تأييداً لهم أم على من هم مسيطرون عليهم فعلاً؟!


سابعاً: قراءة في الوضع السوري:

يحزنني جداً ما وصل إليه الحال في وطني السوري، لقد مر وطني أو بلاد الشام تحديداً بهجرتين عبر تاريخه:

في الهجرة الأولى لشعب بلاد الشام الكبيرة كان حفاظاً على الدين المسيحي الذي يؤمنون به والتزاماً بعقيدتهم والخوف من السيوف الإسلامية، لقد استوطن المهجرون في البلاد التي استقروا بها وجيلاً عن جيل اخذوا طباعها ولغاتها وأصبحوا جزءاً من أهل المنطقة، لكن كل هذا في ذلك الوقت ورغم المسافات ورغم انقطاع أجيال كاملة عن بلدهم الأم، لم ينسوا أصولهم، وبنفس العقلية السومرية لم يكن امامهم الا الرجعة إلى بلاد الشام تحت اسم الحروب الصليبية.

أما الهجرة الثانية للسوريين في بداية القرن الواحد والعشرين وتحديداً بداية عام الحادي عشر الميلادي، بدأت هجرة عظيمة لم يشهد التاريخ مثلاً لها، لكن هذه المرة لقد هاجروا وهم يحملون الهوية السورية والجواز السفر العربي السوري.

لم ينسى السوريين بلادهم، وفي هذا القرن يستحيل أن ينسوها، إنهم يشاهدوها كل يوم على شاشات التلفزة وبشكل مباشرة عبر تقنيات الاتصالات المرئية المتطورة عبر الانترنت، في كل يوم يرون مدنهم، حاراتهم، يعرفون حتى من باع منزله في حيهم ومن سكن بدلاً منه، يعرفون من كان يعمل في ذلك المحل ومن جاء غيره أو بقي محله، أنهم ليس فقط لم ينسوا سورية، إنهم لم ينسوا حياتهم فيها ويعيشونها كل يوم حتى.. إنهم عائدون لكن هذه المرة عائدون مع كل الخبرات وأفضل ما توصل إليه الدول الأخرى في كل شيء.

العصيان المدني:

العصيان المدني: هو أن الشعب عندما يصل إلى حالة من اليأس من النظام القائم يقوم بشل كل الفعاليات الاقتصادية في ذلك البلد ويمنع بالقوة الشعبية أي من يحاول اختراقها. أما الهجرة من ذلك البلد فهو أساسه الخوف من النظام ويتعدد إلى أسباب أخرى منها اقتصادية أو تغيير النمط الذي عاش به أو ليجد حريته ويعبر عن رأيه وهذا بالفعل ما جرى بسورية خلال العشر سنين الماضية.. لكن في آخر الهجرات بعد هذه العشر سنين والتي تعد الأكثر اتساعاً، شملت الهجرة حتى المؤيدين للنظام ويخرجون من البلد بشكل قانوني وبالآلاف، إن هذه الهجرة مصيبة غير قابلة للهضم لأنها سوف تشل الحركة الاقتصادية تماماً لسورية، سوف تفقد سورية القوة المنتجة والطاقة الشبابية بما يعني هو العصيان المدني.. والسؤال المهم: لماذا تفرض الدولة ولأول مرة بتاريخ البشرية العصيان المدني على نفسها؟ ولمصلحة من؟ ومن المستفيد؟

طريق الحقيقة لا تملك الحقيقة.. لنرى الأيام القادمة.


ثامناً: التنمية البشرية:

لنعد مجدداً إلى نقطة أن إنقاص عدد البشر يعني كارثة. لماذا سيكون كارثة؟

سبب من الأسباب أن في حال إنقاص عدد البشر فأول الحلول المطروحة والتي قامت بتنفيذها الصين فعلاً هي تحديد عدد المواليد.. إن هذه الطريقة ومع مرور الوقت أدت إلى وجود فجوة عمرية بين فئات الشعب، فيصل بالنهاية إلى أنه لن يوجد سوى الأطفال والعجزة الغير قادرون على الإنتاج، وبذلك لن تجد الدولة من يشغل مصانعها أو يقوم بإعمار البنية التحتية أو.. الخ وبالتالي يتراجع اقتصاد الدولة وتتراكم المشاكل أكثر.. لذلك تراجعت الصين أخيراً عن قرارها عندما أدركت الخطر الذي سيؤول إليه تحديد الانجاب بعد أربع عقود من تنفيذه.

ومن الصين إلى ألمانيا:

التي وجدت ضالتها أخيراً في انقاذ نفسها من شبح الطبقية العمرية عن طريق فتح ذراعيها للسوريين بشكل خاص واللاجئين الآخرين وقامت بتمويل أكبر الحملات الدعائية على مر التاريخ التي تمول للاجئين، ووجهت إعلانها من أجل اللاجئين السوريين في 2015 غصت وقتها محطات الأخبار بصور جعلتنا نبكي حرفياً عن معاناة اللاجئين – مع أن هذه الصور لم تظهر من معاناة السوريين الحقيقية إلا أبسطها -، كل ذلك لتكسب تأييد شعبها بالدرجة الأولى من أجل استقبال أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين الذين يملكون معدلات خصوبة جيدة مقارنة بالشعب الألماني والأوروبي عموماً..

إن القيام بالتنمية البشرية للعالم لن يقلل من كمية الغذاء التي تكفي الأعداد المتزايدة للبشر، على الأقل ستكفيهم لفترة معقولة، إن الحروب والاستبداد والمنافسة الغير شريفة هي التي من تقوم بذلك، إن قيام أمريكا بتدمير المحاصيل الزراعية في الدول الأخرى فقط لتصدر هي منتجاتها -لكسب المال فقط- هي من يجلب الجوع والفقر إلى العالم، إن القوانين التي تحمي غاسلي الأموال من وضع أموالهم في الخزينة الأمريكية هي من تسبب بالكوارث لدول العالم بدءاً من أمريكا اللاتينية وليس انتهاءً في اليابان. إن الناس هم الثروة الحقيقة وكذلك أيضاً الطبيعة هي الثروة وهي الأم لنا.. إن ذهب الناس وذهبت الطبيعة لن تتمكنوا من شواء المال وأكله.. إن ممولة كل شيء من أجل رصيد وهمي سيجر علينا جميعاً كوارث لن تنتهي.

إن العالم الآن يتهافت ليجلب أناساً وأما في سورية يفعل النظام المستحيل ليهجر شعبه، لقد فقد النظام مؤيديه في الحرب أول مرة ومن ثم فقد مؤيديه بالهجرة ثاني مرة، ولم يبق له إلا المؤيدين من الدول المجاورة، الذين لا يشبعون من الدولارات والذين الآن يكلفونه أكثر مما كان يكلفه أبناء بلده المؤيدون.. أما كان من الأفضل أن نقتسم الكعكة التي اسمها سورية بيننا نحن السوريون، أما كان من الأفضل أن نتنازل لبعض واحدنا للآخر ضمن صيغة وطنية تكفل لنا العيش كلنا جميعاً؟! أليس بمنطق السومرية أن تكون كعكة سورية للسوريين أفضل من أن تكون كعكة سورية لكل من هب ودب؟ والسؤال الأخير: من قال إننا نحن السوريين قد فات الأوان علينا أن نعيش مرة أخرى مع بعض، بنفس الوضع القائم؟! ونطوي صفحة الماضي حرفياً.. أليس خذلان العالم للشعب السوري وقذارة المعارضة التي تم تشكيلها له مرغماً بالخارج ومع انفتاح السوريين على العالم، كل هذا كفيل بأن يجعل السوريون جميعاً يلتفون حول بعضهم وينشؤون عصراً جديداً لمفهوم الدولة؟! أوليس من بلادنا تأسست أول الدول في العالم؟!
تاسعاً: رأي طريق الحقيقة:

إن التاريخ الذي يصنعه الانسان لا يمكن إيقافه فهو بتقدم دائم وتزداد سرعته بفعل التطور العملاق بكافة مجالات العلوم وخاصة سرعة الاتصالات والانترنت والبرمجيات التي دخلت في كل شيء من السيارة والطائرة الى المطبخ وغرف النوم الى الطب والفيزياء والكيمياء والهندسة بفروعها والفضاء والطاقة، فلا يمكن ايقافه اطلاقا او الغائه لأنه لغة العصر، وهذا التطور التكنولوجي بالخصوص سوف يطور الفكر والمجتمع والطبيعة أسرع من أي وقت مضى. فمن هنا نرى ان العالم توحد. وان التاريخ لا يقبل بالتراجع اطلاقا فإما الموت للكل او مزيدا من التطور الى الأمام.

إن وحدة العالم ألغت الحدود الوطنية فهم أمام التاريخ المتطور والمتسارع الخطى وأصبحت المعرفة بيد الكل فلا تستطيع أي أمة كانت او دولة كبيرة أو صغيرة أو مستعمرة أو حرة أن تحمي انتاجها أو تسيطر عليه.

نعيد ونقول إن الوقوف بوجه التاريخ مدمر لأنه لا يقبل الوقوف أو التراجع وأصبح الكل يملك المعرفة من الموبايل والكومبيوتر والانترنت والبرمجيات وأصبح هذا العلم يملكه ابن الصومال واليمن والعراق وإيران والأفغان وحتى طوره بورة والشعوب المقهورة.

ننصح الولايات المتحدة الامريكية أن تسعى للسلام العالمي وأن تعمل على نشر الديمقراطية بالعالم وأن تلغي دول الاستبداد والقمع وقهر الشعوب فلا كابول تنقدك ولا إيران ولا تهجير الشعوب والتغيير الطوبوغرافي للسكان، إنك الآن بوجه المدفع اما أن تقودي العالم بالديمقراطية والتنمية البشرية ولزراعة المريخ خلال عشرين سنة أو أن تسعى الشعوب لدمارك بدون سلاح فقط بسلاح العلم الذي لا تستطيعين حمايته والذي هو من إنتاجك.

ونؤكد أن التنافس في المنتج لا يعني قتل المتنافس، أليس هناك طريقة اخرى للتنافس سلميا بدل من احراق الارض وقتل البشر. أليست التنمية البشرية هي حل أفضل من كل الحلول.

إن عقلية سكين الجزار انتهت وعقلية السومرية انتهت وبدأ عهد جديد.

وللتأكيد إن طريق الحقيقة تؤمن بشعاراتها الثلاث

لا أحد يملك الحقيقة
أنا أبحث عن الحقيقة
أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.

إن قراءتنا للتاريخ المعاش ان العالم قد توحدَ وهو بانتظار انطلاق الشرارة الاولى للبدء بالحركة. فإما الفناء وإما قيادة العالم نحو الديمقراطية والسلم العالمي وغزو الفضاء وزراعته وهذا يعني إن العالم يجب أن تسوده الديمقراطية فلا استبداد ولا قهر للشعوب ولا تهجير السكان ولا التغيير الديموغرافي ولا للحرب.



حلب في

22-9-2021



محمد تومه

أبو إلياس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط