الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض الحقائق عن أفغانستان (3-3)

خليل اندراوس

2021 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



على جميع شعوب العالم وخاصة جميع مسلمي العالم حماية أنفسهم من الامبريالية الامريكية وحلفائها، الذين يتلاعبون بالأحاسيس والمشاعر الدينية ويحاولون كسب الدعم والتأييد لسياسات الحرب والعدوان الامبريالية ولسياسات الولايات المتحدة وحربها "الباردة" الجديدة والتي أصبحت استراتيجية أكثر عدوانًا وخطرًا على السلام العالمي.

وهنا علينا أن نذكر بأن الغضب الهستيري العقيم "لمبشري" الامبريالية الرئيسيين وعلى رأسهم كارتر في نهاية سبعينيات القرن الماضي، يدل على مدى الألم الذي استقبلوا به هزائمهم أولا في إيران وبعد ذلك في أفغانستان بعد أن ولدت بإرادة الشعب ونتيجة لثورة نيسان عام 1978 جمهورية أفغانستان الديمقراطية، والتي تعرضت إلى هجمات شرسة من الامبريالية والأنظمة الرجعية العربية. وخاصة مصر السادات في ذلك الوقت وباكستان.

وقد شرع الإمبرياليون الأمريكيون في حبك المؤامرات ضد الجمهورية الأفغانية الديمقراطية الفتية في ذلك الوقت. وكان هدف هذه المؤامرات، القضاء على النظام التقدمي في أفغانستان في ذلك الوقت، وإعادة النظم الاقطاعية وسلب الشعب الأفغاني حريته واستقلاله. وقد تصاعد النشاط التآمري ضد أفغانستان واتخذ طابعًا عنيفًا منذ ربيع عام 1979، عندما فقد الامبرياليون مواقعهم في إيران.

وفي ذلك الوقت حوّلت الولايات المتحدة أراضي باكستان إلى قاعدة رئيسية للعدوان والتدخل العسكري والسياسي في شؤون الشعب الأفغاني الداخلية، فقد عملت على تدريب وتسليح المتمردين وارسال مجموعات عديدة من رجال العصابات إلى الأراضي الأفغانية وقد التقت مخططاتهم الحاقدة لخنق الثورة الإيرانية مع النشاط المجرم لنظام أمين الذي اغتصب السلطة في أفغانستان لفترة قصيرة، والذي تبين بعد ذلك بأنّه كان عميلًا للمخابرات الأمريكية المركزية، والذي قتل الرئيس الشرعي لأفغانستان نور تراكي، وعمل على نشر الذعر واستخدم الأساليب الوحشية في اضطهاد الكثيرين من رجال الحزب (حزب الشعب الديمقراطي الافغاني) والقادة العسكريين ورجال الدين والمثقفين والعمال والفلاحين. وبنسفه لقاعدة النظام الشعبي فإنّ العميل أمين عمل في الواقع في ذلك الوقت على تقديم التسهيلات الممكنة للعدوان الامبريالي – الرجعي الخارجي الذي كان يستهدف القضاء على منجزات الشعب الأفغاني الثورية في ذلك الوقت، ومع ذلك فقد برزت من بين صفوف الحزب والجيش القوى الوطنية الحقيقية والتي استطاعت اسقاط نظام أمين الدموي وبهدف صد العدوان الامبريالي الخارجي ضد أفغانستان في ذلك الوقت قامت القيادة الجديدة لجمهورية أفغانستان الديمقراطية بالتوجه إلى الاتحاد السوفييتي طالبة المساعدة الفورية، بما في ذلك الدعم المعنوي والسياسي والاقتصادي والعسكري. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تطلب فيها حكومة أفغانستان المساعدة من جارها الشمالي الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، فقد سبق ان حدث ذلك في عهد الرئيس الافغاني تراكي وبعده.

وقد استجاب الاتحاد السوفييتي لهذا الطلب وأرسل إلى أفغانستان قوات عسكرية محددة وضعت أمامها مهمة واحدة، ألا وهي مساعدة الشعب الأفغاني في نضاله ضد المعتدين مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذه القوات ستغادر الأراضي الأفغانية فور انهاء مهمتها.

ان الخطوة السوفييتية الأفغانية المشتركة في ذلك الوقت كانت تحمل طابعًا دفاعيًا، وقد فرضتها الحاجة الملحة لقطع دابر العدوان الخارجي العسكري وغير العسكري بشكل جازم.

وخصوم السلام وقوى العدوان الامبريالي في ذلك الوقت قاموا بشن حملة من الكذب والتحريض ضد الاتحاد السوفييتي. وفي حقيقة الأمر خلق في ذلك الوقت التدخل العسكري المتواصل وتآمر قوى الرجعية الخارجية خطرا فعليا، خطر فقدان أفغانستان لاستقلالها وتحولها إلى ركيزة عسكرية امبريالية على الحدود الجنوبية للاتحاد السوفييتي وهنا لا بد وأن نذكر بأن الحكومة الأفغانية الديمقراطية في ثمانينات القرن الماضي احترمت المعتقدات الدينية لسكان أفغانستان. وأطلقت سراح رجال الدين الذين كانوا معتقلين في سجون عميل المخابرات الامريكية أمين، كما وضعت الإسلام رسميًا تحت حماية القانون. تبدو مضحكة محاولات الامبريالية العالمية وخاصة أمريكا حماة المعتدين الإسرائيليين، ومنظمي الإرهاب ضد إيران وضد الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني، الظهور بمظهر المدافعين عن الإسلام.

وهنا أذكر الاعتداءات الدينية اليومية التي تقوم بها الحركات الدينية اليمينية الصهيونية ضد الأماكن المقدسة للإسلام، وخاصة المسجد الأقصى، والأماكن المسيحية، دون أن نسمع أي ادانة أو تنديد من قبل الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة. حاولت واشنطن سابقًا والآن اللجوء إلى خطوات انتهازية استفزازية ديماغوغية للتأكيد بشتى الوسائل بأنها "الصديق" المخلص للعالم العربي والإسلامي وحلفها الاستراتيجي مع السعودية ودعمها لحرب "التحالف" العربي لا بل الأمريكي على اليمن أكبر مثل على ذلك، ولكن في حقيقة الأمر سياسة الولايات المتحدة هي سياسة عدائية ضد الشعوب العربية والاسلامية وضد الشعب الأفغاني، لأنّها تدعم أنظمة الاستبداد الرجعي العربي، وتعمل بكل الوسائل بهدف اضعاف وتهميش دور الشعوب العربية والإسلامية والشعب الأفغاني لا بل تمزيق هذه الشعوب إلى انتماءات دينية وأثنية وخلق الصراعات المحلية في هذه الدولة العربية والإسلامية أو تلك، وتدعم تثبيت الاغتصاب والاحتلال الاستعماري الكولونيالي الصهيوني العنصري الشوفيني للضفة الغربية وتدعم حصار غزة.

الولايات المتحدة هي التي تفعل ذلك. وهذا هو نهج الغرب الامبريالي وخاصة الأمريكي تجاه الشعوب العربية والإسلامية. وصفقة كامب ديفيد الخيانية بالنسبة للشعوب العربية، تؤكد ذلك. لأن مصر غدت نتيجة لهذه الصفقة مشدودة كليا للعجلة الامريكية – الإسرائيلية. وتُرى من الذي حرم ملايين الفلسطينيين من الأرض والوطن ولقمة العيش وتركهم يتعرضون لمعاناة إنسانية هائلة لا بل كارثية؟ ومن الذي يعيق احقاق الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وأولها حقه في إقامة دولته المستقلة؟ الولايات المتحدة والغرب الامبريالي. الولايات المتحدة استعملت حق النقد الفيتو عشرات المرات دفاعا عن سياسات إسرائيل العدوانية غير الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني المناضل.

إسرائيل وبمباركة ودعم واشنطن تقف عائقا امام السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط. فالتطبيع مع الأنظمة الرجعية في المنطقة وخاصة الامارات التي أصبحت مستوطنة إسرائيلية منذ عام 1971، لا يمكن ان تجلب السلام مع شعوب المنطقة وخاصة الشعب الفلسطيني. فسلام الشعوب بحق الشعوب.

لا لن تستطيع واشنطن اجبار الشعوب العربية والعالم الإسلامي على الاقتناع بصدق نوايا الامبريالية العالمية وخاصة الولايات المتحدة تجاهه واتجاه دوله.

وهنا لا بد وأن نذكر بأن الولايات المتحدة التي أشعلت العدوان ضد أفغانستان الديمقراطية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي مثلت تهديدا مباشرا لأمن واستقلال شعوب الشرق الأوسط والأدنى وجنوب آسيا. لا شك بأن أفغانستان تشغل موقعا استراتيجيا هاما في أواسط آسيا، وقد كان ذلك سببا في تعرضها باستمرار للعدوان من جانب الدول الاستعمارية والامبريالية الغربية. في حين كان دائما نشاط الاتحاد السوفييتي كما قال لينين: "في أفغانستان والهند وغيرها من البلدان الإسلامية خارج روسيا هو كنشاطنا بين الكثرة من المسلمين وغيرهم من القوميات غير الروسية داخل روسيا. فقد مكنّا مثلا الجماهير البشكيرية من تأسيس جمهورية ذات حكم ذاتي داخل روسيا، ونحن نساعد بشتى الطرق كل شعب على انماء ونشر أدبه بلغته، ونترجم ونروج دستورنا السوفييتي الذي من سوء حظه انه يطيب لأكثر من مليار نسمة من سكان الأرض ينتسبون إلى قوميات مستعمرة وتابعة ومظلومة وغير متساوية في الحقوق، أكثر مما يطيب لهم الدستور "الأوروبي الغربي" والدستور الأمريكي في الدول البرجوازية "الديمقراطية" اللذين يوطدان الملكية الخاصة للأرض والرأسمال أي يوطدان نير القلة من الرأسماليين "المتمدنين" على شغيلة بلدانهم في المستعمرات في آسيا وأفريقيا وخلافها. ولكن نحن نعلم ان الجماهير الشعبية في الشرق ستنهض مستقلة بوصفها صانعة الحياة الجديدة". الغرب الامبريالي – الصهيوني ما زال ينظر شعوب الشرق (بما في ذلك الشعب الأفغاني والشعوب العربية د.خ) "بكونهم غنمات حيال الذئاب الامبريالية" (لينين من خطاب في جلسة دورة سوفييت موسكو لنواب العمال والفلاحين- لينين حركة شعوب الشرق الوطنية التحررية ص 418) فمصير الغرب الامبريالي يتوقف اليوم إلى حد كبير على انجرار جماهير الكادحين – الطبقة العاملة في الشرق إلى الحياة السياسية. وكل نشاط وعمل وسياسة الغرب الامبريالي تسعى إلى تهميش دور الشعوب في الشرق وابعادها عن النشاط السياسي العلماني التقدمي الثوري، من خلال خلق ودعم حركات سياسية رجعية أثنية طائفية دينية. وهنا لا بد وان نقول بأنّ اخفاق الأديان كل الأديان ارتباطها بالسلطة الامبريالية وأنظمة الاستبداد العربي. والصهيونية العنصرية – الثالوث الدنس – وتبريرها السياسي والايديولوجي لشتى أنواع الهيمنة. ومخطط الصهيونية العالمية للشرق الأوسط لا يقتصر على فلسطين انما استشرف تخريب الدول المحيطة، وخاصة سوريا، بتمزيقها إلى دويلات طائفية متصارعة يسهل السيطرة عليها وتسخيرها لإنجاز دولة إسرائيل الإقليمية.

وإسرائيل تعتمد وتستثمر مظاهر تخلف المجتمعات العربية وهياكلها بهدف تحقيق المزيد من اضعاف المجتمعات ونخرها وتقويضها. فالصهيونية العالمية وإسرائيل تعملان على اغراق المجتمعات العربية المحيطة في أزمات وفتن وتعطيل تطورها الديمقراطي التقدمي التنموي. وان أمكن تخريب الدول والمجتمعات. وهذا ما فعله الغرب الامبريالي في أفغانستان بعد انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية التي بدأت في أفغانستان في نيسان عام 1978.

وهنا لا بد وأن نقول بأن العرض الموجز للأحداث السياسية والعسكرية، التي جرت بعد الحرب العالمية الثانية، يشهد على أنّ الامبريالية العالمية وبالدرجة الأولى امبريالية الولايات المتحدة الامريكية أقدمت على العدوان المسلح السافر ضد حركة التحرر الوطني ساعية بذلك إلى الحفاظ على الأوضاع الاستعمارية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وقد سخرت لهذا الهدف الحروب المحلية والنزاعات العسكرية التي اشعلتها سوية مع ربيبتها – القاعدة الأمامية للإمبريالية العالمية – إسرائيل وخاصة في الشرق الأوسط وغرب آسيا، غير ان الامبريالية كانت تلجأ إلى القوة العسكرية، تقابل بمقاومة حازمة من جانب قوى التحرر الوطني وتصاب بالفشل. والهروب الأمريكي الأخير من أفغانستان أكبر دليل على ذلك.

وهنا علينا أن نذكر بأنه منذ بدء التدخل الأمريكي في شؤون أفغانستان الداخلية، أنيط بباكستان دور المعاون الرئيسي للولايات المتحدة ففي أراضي باكستان، وبمشاركة سلطاتها أنشأت دوائر التجسس والتخريب الأمريكية في الباكستان ألية للعدوان والتدخل المسلح. وهذه الآلية لا تشمل مجموعة من المراكز والقواعد والمعسكرات لاختيار الإرهابيين والمخربين وتدريبهم وتسليحهم وحسب، بل تشمل كذلك العديد من المنظمات والتكتلات الأفغانية المعادية للثورة والتي اتحدت سبع منها في نيسان عام 1985 فيما يسمى "حلف السبع" واشتركت في ذلك الوقت سلطات اسلام أباد مباشرة في توزيع الأسلحة والذخائر الحربية التي تتدفق على القواعد الجوية والمرافئ الباكستانية من الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من البلدان الغربية والعربية الرجعية. وبعد انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان بتاريخ 15 شباط عام 1989، بموجب اتفاقية جينيف، استمرت الولايات المتحدة بدعم الحركات والمنظمات والتكتلات الأفغانية المعادية للثورة الوطنية الديمقراطية، إلى أن سقطت أفغانستان الديمقراطية بأيدي طالبان التي حكمت أفغانستان حتى بداية الاحتلال الأمريكي لأفغانستان. وفترة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان عمقت التمزق والصراعات والفقر والأمية داخل المجتمع الأفغاني. وعودة طالبان إلى السلطة تضع أمامها مسؤوليات صعبة عديدة ومنها: الاقتصادية والسياسية، والثقافية، والاجتماعية، وحرية المرأة. والعمل على إقامة حكومة تمثل الشعب الأفغاني بكل مكوناته وانتماءاته، وإقامة نظام ديمقراطي يسعى إلى مشاركة الشعب الأفغاني في نضاله من أجل حريته.

ومن القضايا المهمة في هذا المجال، التعامل مع مسائل الاعلام وحريتها وحرية التعبير أحد التحديات الأساسية التي تواجه حكم طالبان الجديد في أفغانستان فلم يعد الأمر كما كان في أيام الحكم الأول للحركة في تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت في البلاد إذاعة واحدة حكومية. وقد غيرت طالبان اسمها من إذاعة أفغانستان إلى صوت الشريعة وأغلقت التلفزيون الرسمي الوحيد ومنعت النساء من العمل في الوظائف الرسمية، بما فيها وزارة الاعلام والإذاعة.

واليوم بعد السيطرة الجديدة لطالبان فإنّ الإعلام في أفغانستان لم يعد كما كان. فهناك أكثر من 100 قناة تلفزيونية ما بين فضائية ومحلية، وأكثر من 150 محطة إذاعية والعشرات من الصحف والمجلات، و8 وكالات أنباء ومئات المنصات ومواقع الانترنت ويتجاوز عدد العاملين في قطاع الاعلام الأفغاني اليوم 10 آلاف شخص (نسبة كبيرة منهم من النساء). كما يبلغ عدد المستخدمين للهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي الملايين.

ومن الصعب أمام هذا الواقع لحكومة طالبان منع أو فرض رقابة مشددة على وسائل الاعلام غير الحكومية. ولعل زعامة طالبان تدرك جيدا تبعات التعرض لحرية الاعلام ووضع قيود صارمة على العاملين في هذا القطاع الذي شهد تطورا وتقدما كبيرا خلال السنوات الماضية. ويعد ملف المخدرات والتعامل معه من التحديات الكبرى لحكم طالبان، لأن أفغانستان بعد الغزو الأمريكي صارت أكبر دولة منتجة ومصدرة للمخدرات في العالم، وتعد زراعتها مصدر رزق للآلاف من المزارعين، وتشكل المبالغ الحاصلة من زراعة وتجارة المخدرات نسبة مهمة من دخل البلاد.

وعلى الرغم من الدعاية الكبيرة للحكومة القائمة في كابل منذ عام 2001 – وهي مدعومة وتعمل تحت سيطرة دولة الاحتلال الولايات المتحدة ودول حلف الناتو – بأنها تعمل ضد تجارة المخدرات، توسعت في هذه السنوات أي سنوات الاحتلال الأمريكي لأفغانستان زراعة المخدرات وتصنيعها وتهريبها في ومن أفغانستان، وأصبحت مصدر دخل للكثيرين من رجال الدولة وبعض الجهات الأجنبية، ومن المثير للسخرية ان التظاهر بمكافحة المخدرات أيضا كان قد تحول إلى تجارة مربحة للمهربين وشركائهم داخل الحكومة وشبكات مافيا المخدرات الدولية. وكل هذا يجري قبل وخلال فترة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وهنا لا بد وأن نذكر بأن هذا الوضع لتجارة المخدرات موجود في دول أمريكا اللاتينية وخاصة المكسيك. وهنا يطرح السؤال بأنه لو أرادت الإدارات الأمريكية المتتالية خلال فترة احتلال أفغانستان القضاء على هذه الظاهرة لفعلت ذلك ولكن برأي كاتب هذه السطور الامبريالية العالمية وخاصة الولايات المتحدة تسعى لإبقاء الشعوب بعيدة عن الوعي والعمل السياسي، بهدف الاستمرار في الهيمنة على هذه الشعوب من خلال نشر وتعميق التجارة بالمخدرات واستعمالها من قبل شرائح الشعب الفقيرة والمستعبدة والمُحيدة عن الفعل والعمل الاجتماعي السياسي. وهذا ما تفعله إسرائيل هنا اتجاه الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل. فالاحتلال الأمريكي لأفغانستان لم يفعل شيئًا في مجال النهوض باقتصاد أفغانستان في صورة الاهتمام الجاد بالبنية التحتية وتوفير فرص العمل للشباب وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين من تعليم وعلاج وكهرباء ومواصلات، ومكافحة الفقر ما يشكل تحديا كبيرا وخطيرا لحكومة أفغانستان القادمة.

ولا شك أنّ ضعف أداء طالبان أو فشلها في اصلاح الوضع الاقتصادي المتردي ستكون له انعكاسات كارثية على أفغانستان وعلى حركة طالبان.

هذه بعض التحديات التي تواجه الحكومة القادمة في أفغانستان سواء تقود هذه الحكومة حركة طالبان أو غيرها، ولا شك أن مواجهة تلك التحديات تتطلب درجة عالية من المعرفة والخبرة والدراية والحنكة، إضافة إلى رعاية التوازن بين الخلفية الدينية والفكرية للحركة وبين مقتضيات الواقع الداخلي والدولي.

والسؤال الذي يشغل بال المهتمين بالشأن الأفغاني هو: هل ستنجح حركة طالبان في مواجهة هذه التحديات وتحويلها إلى فرص بإشراك الأفغان الآخرين من أهل الاختصاص والخبرة والتعاون مع جميع مكونات الشعب الأفغاني لدفع عجلات الدولة نحو التقدم والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومن أجل تعميق وعي الذات للإنسان الأفغاني لكي يأخذ دوره في عملية التقدم هذه... وفي النهاية أريد أن أذكر الشعوب العربية والإسلامية بكلمات نيلسون مانديلا بأن "فلسطين أعظم قضية ضمير في العصر الحديث... تظل حرية جنوب أفريقيا منقوصة إلى أن تنال فلسطين حريتها" وأقول أيضا بناء مملكة الحرية على الأرض.



(انتهى)

مراجع:

الحقيقة عن أفغانستان – وثائق حقائق وشهادات- إصدار وكالة نوفوستي- موسكو 1980.
الحروب المحلية الامبريالية: ماضيها وحاضرها – للمؤرخ العسكري السوفييتي اللواء لارينوف – اصدار دار التقدم موسكو 1989.
بلفور وتداعياته الكارثية.. من هم الهمج: نحن أم هم- للمؤلف سعيد مطية.
الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن- د. أمل يازجي- أ.د محمد عزيز شكري.
لينين – حركة شعوب الشرق التحررية الوطنية.
روجيه جارودي – الإرهاب الغربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإيراني يحتفل بيومه الوطني ورئيسي يرسل تحذيرات جديدة


.. زيلينسكي يطلب النجدة من حلفائه لدعم دفاعات أوكرانيا الجوية




.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 14 جنديا جراء هجوم لحزب الله الل


.. لحظة إعلان قائد كتيبة إسرائيلية عن نية الجيش اقتحام رفح




.. ماذا بعد تأجيل الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية؟