الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب الرئيس بطعم ورائحة الكوفية

عائد زقوت

2021 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


انعقدت الدورة السادسة والسبعون العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي يُقدّم فيها كافة رؤساء دول العالم إحاطةً برؤيتهم وتطلّعاتهم تجاه دولهم ومواقفهم تجاه القضايا الاقليمية والدولية المختلفة، وكالمُعتاد استثمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذه الاجتماعات كي يواجه المجتمع الدّولي بما عليه من واجبات لجهة الحقوق السياسية الفلسطينية حيث أنه لم يعترف حتى اللحظة بدولة فلسطين وفق قرار التقسيم 181 لعام 1947!!، وكذلك وفق اعتراف الجمعية العامة بدولة فلسطين على حدود 1967 كعضو مراقب في الأمم المتحدة، والتي يواجهها الاحتلال بصلَفه وتنكّره لها، وكذلك بعنجهيّته وتمرّده على القرارات الأُمميّة جميعها بما فيها القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، فقد كانت كلمة الرئيس بطعم الكوفية الفلسطينية ورائحتها والتي كانت رمزًا لنضال الشعب الفلسطيني وصموده وعدم رضوخه للاحتلال مهما كانت الصعوبات والتحديات أيًّا كان مصدرها ومكانها وزمانها منذ الثورة الفلسطينية 1936، ففي الوقت التي اعتقدت فيه دولة الاحتلال وراعِيَته الولايات المتحدة الأمريكية، أنه قد حان الوقت لاستقرار الشرق الأوسط وذلك باستسلام الفلسطينيين وقبولهم والأمة العربية بدولة الاحتلال كدولة يهودية، جاء خطاب الرئيس الذي يحمل روح التحدّي المستمد من رمز الكفاح الفلسطيني وموشحًا بوثيقة الطابو التي يحملها الملايين من الفلسطينيين، ليزلزل أوهام الاحتلال باعتقادهم أنّ الفلسطيني سيستمر في تقديم التنازلات إلى ما لا نهاية أو أن يقبل بالأمر الواقع، فجاء التحذير للعالم أجمع بأنّ الفلسطينيّين على استعداد لأنْ يُغّيروا قواعد اللعبة ويخلطوا أوراقها من جديد وعندها لن يجد الاحتلال موطئًا لقدٍم على أرض فلسطين التاريخية، ولكنَّ هذا الخطاب التحذيري جاء في وقت غايةً في التعقيد على الصعيد الداخلي الفلسطيني، فالنظام السياسي الفلسطيني في تراجع ولا بد له من وِقْفَةٍ جادّة حاسمة لمواجهة أعظم كارثة أحلّت بالفلسطينيّين بعد كارثة الاحتلال، ولكيْ يستثمر الفلسطينيّون مهلة العام التي أطلقها الرئيس في خطابه للاحتلال والمجتمع الدولي، ليكونوا مستعدين لكافّة المُتغيّرات والتحديّات وليواجهوا العالم بصوت واحد ورؤية موحدّة تكون محل توافق فلسطيني، وبعد مرور خمسة عشر عامًا من عمر الانقسام وما شهدته تللك السنين من محاولات لإنهاء الانقسام عبر التفاهمات والاتفاقات والوساطات العربية وغير العربية، والتي باءت جميعها بالفشل لأنها لم تعالج جذور المُعضلة الحقيقيّة، بل انصرفت جميع المحاولات لعلاج التداعيات الناجمة عن الانقسام، وكيف يُكْتبُ لها النجاح وقد تخطت الأسس والأبجديات التي انطلقت منها الثورة الفلسطينية، تحت ستار الشراكة وإعادة تفعيل المؤسسات الفلسطينية، فلقد بذل المتحاورون ووسطائهم جهدًا مُضنيًا في حواراتهم لتجاوز هذه المرحلة العَفنة من تاريخ شعبنا، وأيضًا قد سئِم الكُتّاب والسّاسة والمُنظّرون والباحثون من طرح الأفكار لما هو ممكن للخروج من المحنة الحالكة ولكن دون جدوى، وإذا ما أردنا طرح ما هو ممكن للخروج من هذه الحالة لا بدّ من تشخيص الأسباب الحقيقية لهذا الانقسام المُدمّر، إذ يتمثّل أولها في عدم اعتراف حركات الإسلام السياسي بشرعيّة ووحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني وما لازمها من تشكيك دائم ومستمر في رموزها وقادتها، وأيضًا قدرة مؤسساتها على إدارة شؤون الفلسطينيين السياسيّة والحياتية، وثانيها الخلاف حول قيام دولة فلسطينية على حدود عام 67 على قاعدة الاعتراف المتبادل مع دولة الاحتلال وفق مُقررات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والإجماع العربي، وثالثها الاختلاف حول ماهيّة الدولة الفلسطينية وهويتها وطنيّة أم أمميّة وفقًا لرُؤى وأفكار تلك الحركات، وحيث أنّ إجراء الانتخابات التشريعية المزعومة لا تملك خاتم سليمان لوضع نهاية جذريّة للانقسام لأسباب متعدّدة معروفة للجميع، ولا يمكن لها أيضًا أن توحّد الشعب الفلسطيني على برنامج سياسي قادر على مواجهة الاحتلال ومخططاته التهويديّة والاستيطانيّة باعتبارها أحد أهم أسباب الانقسام، ولكي لا نستمر في تجريب المجرَّب وتبقى محاولاتنا حبيسة في ذات الصندوق الأسود المظلم ونبقى لقمة سائغة للاحتلال يبني على تناقضاتنا، فلا بدّ لنا أن نعكس القواعد، فبدلًا من أنْ نبدأ من القاعدة وصولًا إلى رأس الهرم نبدأ من أعلى الهرم وصولاً إلى القاعدة ،وذلك لنتمكّن من وضع النقاط على الحروف، ووقف نزيف فقدان الشعب إيمانه بعدالة قضيّته وثقته بتاريخ نضالِه وصموده، وكذلك وضع حدٍ للأُطروحات الهزيلة الداعية إلى اعتماد ما عرضته صفقة القرن الترامبية بإقامة دولة فلسطينية على 12% من أراضي الضفة الغربية وغزة كأساس لبناء خطة سلام جديدة يُقدّمها الفلسطينيّون للمجتمع الدولي، أو من يعتقد أن الانقسام جاء نتيجة لتفرّد الرئيس بالقرار متجاهلًا عمدًا اختلاف المنطلَقات والأجندات، وتأسيسًا على ما سبق فإنه يمكن وضع خارطة طريق برعاية عربيّة وفي مقدمتها مصر تبدأ بتشكيل حكومة مؤقتة انتقالية تمهيدًا لإجراء استفتاء للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج على البرنامج السياسي الذي تستند عليه المنظمة في جهودها لدحر الاحتلال والبرنامج السياسي الآخر الذي تتبناه حركات الإسلام السياسي، وذلك للقضاء على أيِّ محاولات تستهدف وجود المنظمة لصالح أيدولوجيات مختلفة، ولقطع الطريق أمام الاحتلال وأميركا لفرض إقامة دولة فلسطينية في غزة تتوسع جهة سيناء المصرية، وفي ضوء النتائج يُصار إلى وضع دستور لدولة فلسطين أو نظامًا أساسيًا للمنظمة يُعرض أيضًا على استفتاء شعبي، حينها ينضج المشهد الفلسطيني ويصبح مُهيّأً لإفراز أحزاب قادرة على صياغة برامج سياسية واقتصادية واجتماعية على أسس ومرجعيات واضحة ليست محلًا للخلاف أو الاختلاف حولها أو عليها، توطئةً لإجراء الانتخابات سواءً للمجلس الوطني أو برلمان دولة فلسطين أو المجلس التشريعي للسلطة، وقتئذ تجف الأقلام، وتُرفع الصحف، وتُكْشَفُ الحجب، وتتطاير أوراق التوت، وتُتاح الفرصة من جديد لتحشيد القوى الفلسطينية والعربية والدولية لتوسيع دائرة الاشتباك مع الاحتلال لانتزاع حقوقنا السياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب