الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش منع شرطة حماس ارتداء الكوفية الفلسطينية في الجامعات : برنامج -حماس- الاجتماعي مناقض لتقاليد حركات التحرر الوطني

عليان عليان

2021 / 9 / 26
القضية الفلسطينية


على هامش منع شرطة حماس ارتداء الكوفية الفلسطينية في الجامعات : برنامج "حماس" الاجتماعي مناقض لتقاليد حركات التحرر الوطني
أثار موضوع منع ارتداء الكوفية في جامعة الأزهر بقطاع غزة في 21 سبتنبر(أيلول ) الماضي ، ولجوء شرطة حماس إلى تأنيب وضرب الطلاب الذين يرتدونها في الحرم الجامعي واعتقالهم ، موجة سخط واستنكار من قبل مختلف الفصائل الفلسطينية ومن قبل مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الأنسان ، كون هذا السلوك ينم عن عقلية فصائلية حاكمة تريد فرض برنامجها الاجتماعي عنوةً على الآخرين .
واللافت للنظر أن حركة حماس التي اختارت اسماً رمزيا لكتائبها المقاومة منذ انطلاقتها ( كتائب عز الدين القسام ) تيمناً بقائد ثورة 1933 الفلسطينية، ابن مدينة جبلة السورية الشيخ عز الدين القسام ، تجاهلت حقيقة أن القسام أوعز في تلك الفترة لأبناء لشعب الفلسطيني بأن يضعوا الكوفية على رؤوسهم للتمويه، ولحماية المناضلين الفلسطينيين أثناء مطاردة قوات الانتداب البريطاني لهم ، وتجاهلت أيضاَ حقيقة أن الكوفية الفلسطينية بغض النظر عن لونها باتت رمزا لكل حركات التحرر في العالم ، ولا تخص حركة فتح أو كتلة الشبيبة الطلابية وحدهما .
والأمور لم تتوقف على ارتداء الكوفية بل سبق وأن مارس رجال الشرطة اعتداء على الصحفية رواء مرشد في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي بالضرب لعدم ارتدائها الحجاب وسبق لهم أن اعتقلوا مطلع عام 2020 كل من الصحفي أمية كحلوت بعد أن نشر بياناً عل الفيس انتقد فيه إجراءات حماس ضد مزارعي الدواجن ، والناشط صباح كاريبه لتنظيمه مؤتمر على الأنترنت ضد شركة للهاتف المحمول ، حيث تمت مصادرة هاتفه المحمول وحاسوبه المحمول قبل الافراج عنه بكفالة.
هذا كله ناهيك عن الإجراءات التي تحد من دور المرأة ، منها التعميم الحكومي الذي يفرض على الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية القائمة على تنفيذ مشاريع تهتم بقضايا المرأة الفلسطينية، التنسيق المسبق مع وزارة شؤون المرأة قبل تنفيذ أي مشروع ، والتعميم القضائي السابق الصادر في فبراير ( شباط ) الماضي الذي يمنع النساء من السفر دون موافقة ولي أمر، مثل الزوج أو‭ ‬الأب ، الأمر الذي أثار احتجاجات كبيرة ، ما دفع رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي‬ إلى إعادة النظر في التعميم المذكور.‬
وحماس منذ أن تولت مقاليد السلطة في قطاع غزة عام 2007 تفاجئنا بين الحين والآخر بفرض مفردات برنامجها الاجتماعي المتعلق بالمرأة ، وبالعديد من تفاصيل الحياة اليومية التي تمس في الصميم قضايا الحريات والحقوق الفردية والمجتمعية ، إذ أنها لا تكتفي بمحاولة فرض برنامجها ، بل تمارس عبر أجهزتها الشرطية أساليب القمع دون أية رقابة قضائية .
صحيح أن حماس تلعب دوراً مركزياً في المقاومة ، من خلال غرفة العمليات المشتركة والدور النضالي المتقدم لكتائب القسام ، وصحيح أن برنامج حماس يرفض اتفاقيات أوسلو ويؤكد على البديل المقاوم ، لكن تقتضي المصارحة والمكاشفة بين فرقاء الخندق المشترك في مواجهة الاحتلال ، إعلاء الصوت بأن هذا السلوك الأمني الحمساوي يضرب تماسك الجبهة الداخلية في القطاع ، ويؤثر على تماسك عملية التنسيق في غرفة العمليات المشتركة ، إذ كيف لفصيل أن يمارس دوره في هذه الغرفة وهو يرى أعضائه وأبناء شعه تنتهك أبسط حرياتهم الفردية ، هذا كله ( أولاً).
وثانياً : أن هذا السلوك الأمني الحمساوي لا يمت بصلة لتقاليد حركات التحرر الوطني التي تفسح المجال للتعددية الفكرية والسياسية والتنظيمية ، وللحريات الفردية والسياسية على أرضية برنامج المقاومة ، فالثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها في ستينات القرن الماضي وفرت مناخاً ملائم نسبياً للحريات والتنافس ،وحققت نتائج إيجابية على الصعيد الأممي وفي بلورة القضية الفلسطينية بوصفها قضية تحرر وطني وليس مجرد قضية لاجئين في السياق الإنساني، قبل الانحراف الأوسلوي الخطير الذي أنجب سلطة قمعية مهمتها حماية أمن الاحتلال وقمع أي عمل مقاوم أو أية معارضة سياسية.
ثالثاً : إن هذا القمع الحمساوي للحريات يضعف موقفها ، ويضعف دفاع قادتها بأن الحركة لا تسعى لإقامة إمارة إسلامية في قطاع غزة ، وأنها جزء من الكيانية الوطنية الفلسطينية ما يسهل مهمة الأنظمة المطبعة التي تسبغ عليها هذا المسمى لدمغها بالإرهاب خدمة ً للعدو الصهيوني والإمبريالية الأمريكية.
ما يجب الإشارة إليه هنا ، أن قيادة حماس التي ما فتئت تستنكر ممارسات السلطة الفلسطينية القمعية والمنفلتة من عقالها ، خاصةً بعد معركة سيف القدس الظافرة ، وبعد ارتقاء المناضل المعارض نزار بنات شهيداً على يد منتسبي جهاز الأمن الوقائي ، وبعد سحل الرجال والنساء في شوارع رام الله ، باتت تتماهى مجدداً مع نهج السلطة الأمني ، بفارق أن السلطة تقمع ارتباطاً ببرنامجها السياسي والأمني الأحادي الذي جعل منها وكيلاً أمنياً للاحتلال ، وحركة حماس تقمع ارتباطاً بنهجها السلطوي العقدي الإخواني ، ما يدفع بعض المراقبين للقول : من كان بيته من زجاج يتوجب عليه أن لا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة .
لقد صدرت بيانات عديدة من مختلف الفصائل الفلسطينية ومن منظمات حقوق الانسان تندد بما حصل في جامعة الأزهر ، لكن هذه البيانات لن تغير من واقع الصورة المقيدة للحريات في قطاع غزة ، ما يقتضي من كافة الفصائل الفلسطينية أن تتداعى لعقد مؤتمر تشارك فيه حركة حماس ومنظمات المجتمع المدني ، بهدف التوصل إلى ميثاق شرف ضامن للحريات في السياق الوطني المسؤول وبآليات محددة ، يضع حداً لانتهاكات أجهزة الأمن وفي قطاع غزة ، ولإجراءات مختلف الوزارات والمؤسسات ،حفاظاً على السلم المجتمعي وعلى تماسك الجبهة الداخلية في القطاع، باعتبارها عاملاً حاسماً في مواجهة العدو الصهيوني وتحقيق الانتصارات .
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل