الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنشاءات العملاقة، والحرية

حسن مدبولى

2021 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


عندما نتحدث عن حق الشعب المصرى فى الحرية والكرامة والمساواة والعدالة وتداول السلطة ، يحتد البعض دفاعا عما يرونه عصر الإنجازات والبنايات العملاقة ، موردين بخطابهم الإنشائى الركيك بيانات لا حصر لها عن العواصم الجديدة، ومدن الساحل ، والمشروعات الضخمة ، والقصور الفخيمة المنيفة؟
ونحن نؤكد أن هناك مشروعات ضخمة بالفعل ،وسنفترض ان تلك المشروعات تقام بالأساس من اجل صالح عموم المصريين، لكن هل هذه الإنشاءات الضخمة هى منتهى آمالنا وغاياتنا والحل السحرى لكوارثنا ؟ وهل تلك المشروعات والإنشاءات ستغنى المصريين عن حقهم الطبيعى فى الحرية والديموقراطية والعدالة والكرامة ؟
وهل الإنفاق الضخم الذى يتم على هذه المشروعات وما يترتب عليه من الإستدانة والقروض وفوائدها ، ليست له أية آثار سلبية على مستقبل مصر كشعب ودولة ؟

لدينا مثالين رائعين ردا على هذه الأسئلة والإستفسارات الطبيعية ، نوردهما بعيدا عن اية تفاصيل حتى لا نطيل:-

أولا :- هل تحقق تلك المشروعات الكبرى كرامة وعزة وحرية الشعوب وتغنيها عن حاجتها للديموقراطية ؟

الإجابة كوريا الشمالية ، ففى كوريا الشمالية يمكنك ان تتحدث عن اضخم المشروعات ، ويمكنك أن تتحدث عن المبانى الشاهقة والمدن الحديثة ، كما يمكنك ان تتحدث عن القدرات النووية واكبر خامس جيش فى العالم وأضخم الصواريخ الباليستية، وأعلى فندق فى العالم( رايو جيونج) وعن أسر سفينة حربية امريكية وهى السفينة يو اس اس بويبلو وإعتقال فعلى لقادتها(فعليا وليس هجصا كقصة أسر قائد الإسطول السادس عندنا) ،
لكن كل تلك الإنجازات لم تنتج إحتراما لإرادة الكوريين، ولا حفظا لكرامتهم، ولا مكانتهم الدولية ،فقد انتج النظام القمعى هناك توريثا قميئا للحكم بداية من الجد الى الأب ثم الإبن وصولا إلى الحفيد المختل الذى يقتل معارضيه وغير معارضيه داخل وخارج كوريا ؟
واصبح عامة الشعب فى كوريا الشمالية لا يملكون من أمرهم شيئا ، فيتم التعامل معهم و كأنهم أشياء و وآلات، أو على أفضل تقدير بإعتبارهم عبيد لا رأى ولا كيان لأى منهم وعليهم الإلتزام بما يملى عليهم فقط ، وجزاؤهم الموت إن هم خالفوا تعليمات الإله الاعظم ؟ حتى وصلت الأمور الى إصدار التعليمات بالإلتزام بقصات شعر محددة للرجال وقصات معينة للسيدات(الحلاقة والكوافير ) بل ووصل حجم التزييف والتزوير إلى إستحداث تقويم زمنى جديد يلتزم به كافة ابناء كوريا الشمالية،يعتمد على تاريخ ميلاد الجد الأكبر كيم إيل سونج كبداية للتاريخ الإنسانى هناك ،فالكوريون حاليا ليسوا في عام 2020 لكنهم في السنة ال109، حيث يعتبر تاريخ ميلاد القائد والجد كيم إل سونج الذى ولد فى 15 إبريل عام 1912 هو بداية التوقيت المحلى والرسمى في كوريا الشمالية كما اشرنا ؟

ثانيا :- هل الإنفاق الضخم و الإستدانة والقروض المتتالية ليست لها أية آثار سلبية على المستقبل ؟

الإجابة هنا هى مصر نفسها ، فلم تشهد مصر مشروعات ضخمة فى تاريخها كالتى شهدتها فى عهد الخديوى سعيد والخديوى إسماعيل ، وكان من أهم واخطر تلك المشروعات على الإطلاق هو مشروع إنشاء وإقامة قناة السويس ، وكانت أهمية ذلك المشروع دافعا ومبررا كبيرا لزيادة ضخمة ومتتابعة فى عمليات الاقتراض من الخارج، على أمل أن عوائد هذا المشروع ستفى بسداد كافة الأعباء الناتجة عن تلك القروض، لكن النتيجة التى يعلمها الجميع كانت نكسة على مصر كلها، لإن المشروعات الضخمة ينبغى أن تتم وفق أسس علمية ودراسات جدوى اقتصادية وتوافر شروط موضوعية تستهدف تحقيق المصالح الوطنية وحدها، بعيدا عن أية أغراض شخصية مثل ترسيخ الزعامة والنفوذ وتحقيق المصالح الخاصة أو الفئوية كما أراد الخديوى إسماعيل ، لذا كانت النتيجة الطبيعية والمردود الحتمى هو الدخول فى دوامة كارثية ، فإقتربت البلاد من الإعلان عن الإفلاس التام ، وبالتالى ضغط الديانة أصحاب القروض ، وفرضوا وصايتهم على البلاد حتى تم رهن أسهم ملكية القناة نفسها لصالح الأجانب سدادا لتلك القروض وعوائدها ،وكانت هذه الصفقة التى تمت عام 1875 كارثة مدوية على البلاد مهّدت للاحتلال الإنجليزي، عام 1882،
بمعنى أن الإنفاق على الإنشاءات أضاع إستقلال البلاد وجعلها رهنا لسيادة الأجنبى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو