الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لِم العجلة؟ في التأنّي السلامة

امال قرامي

2021 / 9 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تحليل اخباري: لِـم العجلة؟ في التأنّي السلامة
تتباين مواقف التونسيين من طريقة إدارة الرئيس قيس سعيّد للمرحلة وشكل ظهوره، على مستوى اختيار أماكن الزيارات وزمنها وحركات الجسد ومضمون الخطاب والفئة المنتقية لأن تكون في وضع المتقبّل والمصغي الجيّد إلى من صمّم على أن يكون في صورة المعلّم/المؤدّب/المقرّع والناهي والآمروالمتشنّج والمنفعل كلّما تواتر الحديث عن الآخر /العدوّ، وهم كُثر: خصوم سياسيون ورجال أعمال مفسدون يمسكون بمصالح البلاد الأساسية، وأهل إعلام متواطؤن وداعمون للمنظومة الفاسدة...
ولئن رحّب عدد من التونسيين بإزاحة أصحاب الضجيج والعراك ومقتسمي الغنائم والامتيازات والمتطفلين عن عالم السياسية و«أسوأ ما أنجبت تونس» مستشهدين بالأنموذج اللبناني إذ سقطت الحكومة واقيل الوزراء وعاشت الدولة منذ سنوات، على ذلك الوضع «الغريب» فإنّ البعض الآخر رفض هذا الوضع اللاشرعيّ والبعيد كلّ البعد عن مسار ممارسة الفعل السياسي ولازال يطالب بالتعجيل باتخاذ التدابير «القانونية» التي تعيد البلاد إلى الإطار القانوني والشرعية. والمتوقّع أنّ صبر عموم التونسيين سينفدُ إذا ما استمرّ الحال على ما هو عليه وطلب منهم «التعود» و«التكيّف» مع الاستثناء.

ينظر الشقّ الأوّل من التونسيين إلى شخصية الرئيس بارتياح لأنّه يذكرهم بالاستقامة وإيثار الآخر والوقوف إلى جانب المستضعفين إذ تعدّدت زياراته الليلية إلى «الكادحين» و«الغاضبين» من الأوضاع المتردية وغيرهم. غير أنّ هذا التمثّل القائم على استحضار صورة عمر بن الخطاب ليس إلاّ يوتوبيا فلعمر «الفاروق» وجه آخر تكشف عنه السير وكتب التاريخ يناقض تماما صورة عمر العادل والفاروق.. فهل يعي التونسيون تضارب الروايات والبعد السلبيّ والقاتم في شخصيّة عمر؟ وهذا يقودنا إلى استنتاج مفاده أنّ الربط بين الشخصيات التاريخية والشخصيات المعاصرة لاستمالة الشعب الباحث عن القدوة والزعيم العادل لا يمثّل بالضرورة الحلّ الأمثل لإزاحة المنظومة القديمة.

والواقع أنّ عمليات الإزاحة والاستبعاد والإقصاء التي تعيد بناء المتخيّل السياسي وتتعمّد القفز على ركائز التاريخ المعاصر وأساليب ممارسة العمل السياسي و آليات اشتغال الأطر الدستورية تُفسح يوما بعد آخر، مجالا أوسع للاستئثار بالحكم على حساب فاعلين آخرين، ملغية بذلك مبادئ متداولة بين الأمم كالتشاركية، والشفافية، والحقّ في الوصول إلى المعلومة من مصدرها الأوّل والتفاعل بين مختلف الشركاء في الوطن كلّ من موقعه. وتوحي بسيادة منطق الاحتكام إلى الأهواء (الغضب، الحسد، الانتقام...) بدل الركون إلى عقلنة الأحداث والاعتراف بضرورة ممارسة السياسة مع الآخرين واحترام قواعد اللعبة السياسية والأعراف السياسية وأسس المعاملات وغيرها.

وحده المؤدّب الذي يلحّ على اجترار نفس الخطاب القائم على الوعد والوعيد وردع غير المنضبطين وغير الممتثلين والتشهير بهم وتشويه صورتهم أمام الجماهير في أسلوب دعوي/دعائي غايته تبرير الحاجة إلى تأسيس المدينة الفاضلة وأخلقة السياسة ولكنّ نتيجة هذا الخطاب صارت مرئية تُلخّص في الزجّ بالتونسيين في عالم العنف اللفظي والرقمي والمادي والمعنوي وثقافة التشفي والهدم بدل البناء والتجاوزوالاحتكام إلى سلطة القانون.

وحده المؤدب كان يحلم بتأديب الأطفال غير الممتثلين للمبادئ والقيم المعيارية وفي الآن نفسه، يطمح في أن يؤدّب المجتمع برمته ويسوسه وفق رؤيته التهذيبية ولكنّ المفارقة اليوم هي أنّ عددا من التونسيين صاروا يحتذون بطريقة تسيير «سعيد» للبلاد فإذا بهم لا ويُحَاوِلُون أن يكونوا نسخةً منه طِبْقَ الأصل في مستوى الاستقامة وحسن السلوك.. بل عمّت العدوى وتوقّفت المصالح. يكفي أن تدخل بعض المؤسسات والجامعات والوزارات والبلديات لتعاين خطابا جديدا قوامه: لا ترهق نفسك في العمل فالبلاد راكدة والإصلاح متوقّف ولسنا أفضل من الرئيس فلم العجلة نحن على نهج «قيسون» دعها حتى تقع... و«الناس على دين ملوكهم».
أخشى ما نخشاه أن تستشري العدوى وتتعطّل المصالح ويصبح الانتظار والتواكل من العادات المركوزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل