الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء أمل -6-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 10 / 2
المجتمع المدني


أشعر أن جميع ما أراه ليس حقيقياً ، ولا أستطيع القيام به. يبهرني أحدهم عندما يستطيع الصعود في وظيفته ، و أخجل لأنني أتمنى أن أحقق أشياء خاصة . بحثت البارحة عني،و جدتني وهماً يدور بين الحقائق يبحث له عن مكان .لا أعتقد أنّني أشبه النّساء ، على الرغم من أنّني امرأة . لا أتجرأ على قول شيء خوفاً من أن يكون خطأ ، وتحلّ عليّ اللعنة .
لبست خماري ، ركبت الباص كي أذهب إلى عملي ، ربما ليس لي عمل ، لأنني أشعر أنني أسير في منامي . أليس من الممكن أن تكون القصة ليست أكثر من كابوس ؟ كلما تحدثت بأمر حدث لي أمام عيني كذّبني الجميع، ومعنى هذا أن الأمور التي حدثت قد لا تكون حدثت فعلاً . ركبت الحافلة ، جلس قربي شاب ، فتح ما بين رجليه بحرية فانكمشت على نفسي ، لم أصدق متى يصل الباص . كنت بين الفترة و الأخرى أسترق النظر إلى أعضائه التناسلية واضحة المعالم ثم أخجل بشدة، و أخاف. نعم أخاف !
اعتقدت أن رجل الباص حالة فريدة فإذ بهم جميعاً يجلسون مثله غير عابئين بتفاصيلهم، فقط أنا أخجل . نعم أخجل!
البارحة ركلني زوجي برجله لأنني طلبت جزءاً من مرتبي كي أشتري جلباباً جديداً فقد أصبح جلبابي مبرشاً بفعل الغسيل و الشمس . نزفت ، أتت الركلة على بطني ، و أنا حامل في الشهر السّابع ، كان ينظر إليّ بلؤم ، في اليوم التالي وضعت المولود . كنت سوف أسمي ابني سالم ، لكن زوجي قال أن عليه أن يسميه بكر على اسم أبيه ، و أنا أخاف أن يركلني . نعم أخافه!
نظرت إلى نفسي في المرآة . أشبه المدفأة ، فكليّ أسود لا تعرف وجهي من قفاي، بينما أرى أعضاءه التناسلية تظهر من خلال بنطاله – أعني رجل الباص-
لم أسأل نفسي لماذا، فأنا أخجل ، و أخاف!
لا أستطيع سماع أغنية لأنني أشعر أنني فاجرة لو اندمجت في الأغنية ودندندت بكلماتها مع المطرب ، بل أستغرب عندما أرى فتاة صغيرة تعزف الموسيقى ، أحزن عليها لأنهم يدربونها على الفجور !
من أنا ؟
أنا أمل . قادمة من المغارات
أقمت خلف التّاريخ عمراً
انتقلت إلى التّاريخ
ها أنا الآن وسط التاريخ أضيع
أحن إلى تلك المغارة
كنت حرّة
حقيقيّة
كنت امرأة تحاول البقاء
تحارب من أجل البقاء
في قلب التاريخ أصبحت وهماً
أدور حول نفسي ، حول الأحداث
لا أعرفني
ملفوفة بالأسود لأنني شريرة
لو ظهر مني شبر
لدفن الرّجال الرّجال
عندما حاربني آدم
عندما قتلني العرب
عندما جعلني زوجي وهماً
عرفت من أنا
لا تتحدثوا لي عن الحبّ . أنتم كاذبون
لا تتحدثوا عن ألم المرأة
أنتم به مستمتعون
هل أبقى وهماً ملفوفاً بالسّواد؟ ماذا أستفيد لو عرفت أنني حقيقة يقع عليها من الظلم ما يقع؟ لا أريد أن أتغير . لا توقظوني! أن أكون وهماً يمرّ فوق الأيّام فتنقضي أفضل من أعرف الحقيقة . إنني راضية بأن أكون وهماً أجول حول سرير زوجي على رؤوس أصابع قدمي كي لا يستيقظ . ليحرسه الملاك!
الوهم يشبه الجنّة الموعودة التي تنتظر الرجل كي يحظى بمزيداً من الساء. عندما تصبح وهماً لا تشعر بالمعاناة. يقولون أنّي لامبالية ، مع أنني مباليّة جداً لدرجة أنني ركّبت أجنحة لي لأطير مع الوهم، فلا مكان في هذا العالم لي سوى الوهم. تقولون أنّه علي أن أناضل؟
كيف أناضل ، وجميعهن وهمً مثلي ؟
نساء تناضل ، و هنّ ملفوفات مثلي بالسواد
نساء تناضل وهن يقبضن ثمن النّضال
نساء ، نساء ، نساء!
يشبهن قصيدة مطر مطر مطر
يعشن وهم الحياة ، يصلن إلى النهاية ، يبث أبناؤهم صور بؤسهم على الصفحات ظنّاً منهم أنهم يكرموهنّ .
لو قدر لي أن أموت اليوم
لا تنشروا صورتي كي لا تفضح سرّي
عفواً ! ليس لديّ صورة
أنا وهم
الوهم لا يحيا ولا يموت . . .
نعم أنا وهم ، لكنني أخجل، و أخاف . أنا ذلك العيب الأزلي ، والموت الأزلي ، لكنّني على قيد الحياة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون