الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النصبُ على الناس بالحُسنى

فاطمة ناعوت

2021 / 10 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في صبيٌّ على أبواب العشرين من عمره. يرتدي بدلة أوروبية ونظارة طبية كبيرة الحجم، كدلالة على العلم وكثرة الاطلاع. يقف في الصورة ممشوقًا شابكًا أصابع يديه شأن المفكرين الكبار.
‎في إعلانه عن الكورس الذي يقدمه للناس مقابل آلاف الدولارات، نقرأ العنوان التالي:
‎ "لكل اسم من الأسماء الحسنى أكلات وثمار تنشيطية". تحت  عنوان "الحسيب"، نقرأ: “هل تعلم أن أكلك فصوص البرتقال بوعي ينشّط لديك اسم الله الحسيب ويجعل لديك كل شيء بحساب؟ ومن مصلحتك أن تأكل نباتات بها اسم الحسيب قبل القيام بعمل يحتاج حسابات ودقة وأرقام.”  ثم سهم يشير إلى أن هذا الكورس مناسب لكل من: محاسب – "محامي"(هكذا كتبها)- مبرمج.
وتحت عنوان "ذو الفضل"، نقرأ: “هل تعلم أنك لو أردت زيادة رزقك أو علمك أو علاقاتك فإن أكثر النباتات التي يتوفر بها هذا الاسم هو الرمان؟ لأنك بعد أكل ثمرة الرمان لا تدري كم بذرة أكلت رغم كثرتها، وبالتالي لو فعلت ذلك بوعي، تكون قد نشّطت بداخلك اسم "ذو الفضل". وهذه الثمرة مناسبة لكل من: “رجل الأعمال – التاجر – الباحث.
‎في كل كورس نتعلم "ثمرة" من الثمار، و"اسمًا واحدًا" من "أسماء الله الحسنى". الكورس أونلاين، مدّته يومان، وسعره 500 دولار. ‎
إعلانات لا حصر لها تتفنّن في دغدغة مشاعر البسطاء بمفردات الدين. مثل: "زيتٌ زيتون مقروء عليه" يُباع بمئات الدولارات، رغم أن بوسعك أن تقرأ بنفسك ما شئت من آي الذكر الحكيم على أي طعام وشراب. إنها اللصوصية واستغفال البسطاء وسرقة قوت يومهم بادعاءات كذوب، تشوّه سمعتنا كمسلمين وتحاول تشويه الدين في عيون الناس!! ‎يزعم هذا الطفل أن ثمرة الرمان لا تستطيع أن تحصي عدد بذورها من كثرتها، فإن أكلتها فقد أحييتَ اسم "ذو الفضل" من أسمائه الحُسنى!!! وماذا عن ثمرة المانجو ذات البذرة الواحدة، أفي أكلها جحودٌ لفضل الله سبحانه، لقلّة عدد البذور في الثمرة؟! وماذا عن ثمرة الفراولة التي لم يمنّ اللهُ عليها بأية بذور؟! هل أكلُها إثمٌ لأنك لا تذكر فضل الله حينها؟!
‎العقلاء لا يقعون في فخاخ تلك الثعالب التي تقتاتُ من النصب على الغافلين. وبالفعل هاجمت أقلامٌ شريفة ذلك الدعيّ الكذوب، فأصدر بيانًا أشدَّ إضحاكًا وركاكة في الصياغة من الإعلان الأول، ويصوب فيه رصاص الوعيد والنذير على صدورنا نحن منتقديه! قال في بيانه ما يلي:
‎1- إن الهجوم على شخصه تعطيلٌ لاسم الله "السلام" وهذا سيصيبنا بمرض في الرئتين أو سرطان محتمل.
‎2- قذفنا له بالتهم والكلمات العنيفة تعطيلٌ لاسم الله "الرؤوف"، وتعطيل هذا الاسم سوف تصيبنا بالتهاب المفاصل وجفاء الأرحام .
‎3- هروبنا من معلوماته الجديدة للمعلومات القديمة بحجة أن الجديدة مضللة هو تعطيلٌ لاسم الله "الودود"، وتعطيل هذا الاسم سوف يفقدنا أعمالنا ووظائفنا.
‎4- التعالي على الكورس بحجة أننا في غنى عنه، هو طغيان الميزان في اسم الله "المتكبر". واسم المتكبر مفترض أن يُفعّله الإنسان في الصغائر التي لا تضر ليترك مساحة لغيره، أما أن يفعله وهو فاقدٌ لاسم العليم، فسوف يتكبر أن يسمع معلومة تفيده، وبالتالي يكون قد طغى في ميزان الأسماء الحسنى الدقيق والواضح! والله قال: لا تطغوا في الميزان!
‎5- كل من لم يستطيع (هكذا كتبها) أن يحضر الكورس لارتفاع سعره، فهو يستمد "الرزاق والغني" من نفسه ونسى أن الرزاق هو الله. فحاول  إما أن تدعوه بالعليم ليعطيك العلم الذي في الكورس، أو تدعوه بذي الفضل ليؤتيك من فضله وتستطيع حضور الكورس الخاص بي.
‎6- كل من اتهمني بـ (الشراء بآيات الله ثمنًا قليلا) , كأنه يريد أن يُبيح ويبخسه حقه لكي لا يعطي أجره. لو دقق في الآية لعلم الرد الجميل له،  فالله يقول "لا يشترون بآياتي ثمنًا قليلاً", ولم يقل "لا يشترون بآياتي ثمنًا". لو فهمت الفرق بينهما لعلمت كم أن آيات الله غالية ونفسية (يقصد نفيسة) وأغلى من أن تُطرح للكل بأقل مقابل أو بدون أجر، ارجع إلى سلسلة الأجور في القرآن أو اليوتيوب وتعلّم.
‎ولا ينسى في الأخير أن يضع استمارة الاشتراك في الكورس، وإيميله وأرقام هواتفه للتواصل مع “الزبائن” الغُفْل.
***
‎ويا أيها القارئ الكريم، لا يسعني في نهاية هذا المقال المضحك المُبكي، إلا أن أقول لك: لا تنس قبل طي الجريدة أن تقول: "سلامًا"، كما علّمنا ربُّ العزة أن نقول في مخاطبة هؤلاء، وأولئك. "الدينُ لله، والوطنُ على من يحترم عقل أبناء الوطن".
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة


.. #shorts - 49- Baqarah




.. #shorts - 50-Baqarah


.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا




.. #shorts -21- Baqarah