الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعث السوداني وتطرف بعض قوى الاختطاف

علاء الدين أبومدين

2021 / 10 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بقلم: علاء الدين ابومدين

بعض أعضاء حزب (البعث الأصل) من الناشطين في بعض وسائل الإعلام وبعض وسائط التواصل الاجتماعي، لديهم خلافات قديمة مع حزب (البعث السوداني) الذي ينادي بالتجديد والديمقراطية.. وكذلك خلاف جديد بسبب اختطاف قوى الحرية والتغيير (قحت) من طرف اربعة قوى رئيسية ضمن قحت الاختطاف. حيث يشكل البعث (الأصل) الذي تنتمي إليه بعض العضوية المتطرفة لحزب (البعث الأصل) أحد أضلاع (قحت) جناح الاختطاف..

لذا سارت بعض عضوية البعث (الأصل) بشكل صريح في ركاب قافلة عدم الصدق التي تصف التيار المعارض لقوى الاختطاف - وفيهم البعث السوداني - بخيانة الثورة والعمالة.. وذلك لتحقيق هدف رئيسي هو الاغتيال السياسي واغتيال الشخصية. وتلك ممارسة اعتادت عليها بعض قوى اليسار العقائدي المتطرفة.. ويساعد على انتشارها في اوساط عضويتهم سيادة الديمقراطية المركزية التي تقوم على طاعة عمياء للقيادة (شبه المقدسة) وتمنع مناقشة اوامرها وتكليفاتها، إذ حيث تغيب ممارسات الشفافية والنزاهة والتحقق من المعلومات التي تدعيها قيادات تلك الأحزاب، تحاول نفس القيادات (عبثا) تبرير عدم رفع تلك الاتهامات والمعلومات (المزعومة) إلى القضاء ليحكم فيها!؟ وطبعا من أسباب الخلاف القديم مع حزب (البعث الأصل) أن حزب (البعث السوداني) قد تجاوز النظرية التنظيمية التي تعرف باسم الديمقراطية المركزية لصيغة أكثر ديمقراطية، وطور نظرته للهوية السودانية إلى هوية مزدوجة (عربية و افريقية و ديمقراطية) كما وصل إلى صيغة تنظيمية تؤكد على أنه حزب سوداني وبدون قيادة (فوق – السودانية) من خارج السودان. هذا من جانب.. ومن جانب آخر، يحدث كل ذلك، فقط لأن تيار معارضة الاختطاف وقف ضد احتكار الدولة لصالح 4 قوى رئيسية في مجموعة الاختطاف؛ ووقف ضد الفساد، كما وقف ضد السير في طريق الإسلامويين (الكيزان) سواء من ناحية البرنامج الاقتصادي او الاجراءات الفاسدة أو نزعة الاستبداد التي أفصح عنها منع قيادات قحت (الإصلاح) من الظهور والتحدث على شاشة التلفزيون الرسمي او حتى إقامة مؤتمرات بوكالة السودان للأنباء، وغير ذلك من الممارسات اللاديمقراطية..

جدير بالذكر أن الباشمهندس والكاتب الصحفي محمد وداعة، القيادي في البعث السوداني، له دور مشهود ومعروف في كشف ملفات فساد الإسلامويين والتعبئة ضدهم منذ عهد نظام عمر البشير.. حيث ظل يعمل في ملفات الفساد في السدود والكهرباء وغيرها منذ ذلك الوقت. وقد عين عضوا في لجنة إزالة التمكين بسبب نضاله ضد الفساد وخبرته في البحث والاستقصاء، لكنه اضطر للانسحاب منها مبكرا جراء رفض قياديين بها لأداء القسم وإصدار شهادات براءة ذمة حول ممتلكاتهم!؟

ويتعرض وداعة وبعض قيادات قحت (الإصلاح) لاستهداف شخصي من طرف قوى الاختطاف عموما، بسبب نشاطهم الكبير في تجميع القوى المعارضة للاختطاف والمعارضة لأي تمكين بديل، وايضا بسبب معارضتهم لتوجه قحت (الاختطاف) للاستقواء بجهاز الدولة تحت مبررات وذرائع شتى تنتهك في النهاية اسس وممارسات النزاهة والعدالة والشفافية والحوكمة..

ومن المعروف للكثيرين ان البعض يقف خلف/ أو يعمل مع آخرين لاغتيال شخصية وداعة سياسيا، لأنه قيادي نشط في البعث السوداني، ولأنه نشط للغاية في مقاومة قحت الاختطاف. كما يعمل غالبية المختطفون بوجه عام، على وصف كل توجه معارض للاختطاف والتمكين البديل بالخيانة والعمالة، بل وصل ذلك إلى حد تأليف مسرحية محاولة قحت (الإصلاح) تنفيذ انقلاب عسكري بالتنسيق مع الجيش!! إلى آخر ذلك من تكتيكات طفولية إدعت فيها بعض قوى قحت (الاختطاف)، في رواية أخرى، أن قوى قحت (الإصلاح) إنما خططت لانقلاب عسكري عند اجتماعها مع الفريق عبد الفتاح البرهان، عضو مجلس السيادة.. مع إغماض متعمد لبصرها وبصيرتها عن مقابلة ذات قوى قحت (الإصلاح) لدكتور عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني. ناسين او متناسين ان قوى قحت (الاختطاف) ظلوا شركاء للعسكر لحوالي سنتين، وأن ثورة ديسمبر 2018 إنما هي ثورة وعي، وأن شباب ثورة ديسمبر لم تعد تنطلي عليه مثل تلك الحيل والألعاب السياسية الساذجة التي تقول بانقلاب الحكومة على نفسها وتسليم سلطتها للإسلامويين (الكيزان) حتى يعدم الكيزان قيادة الجيش الحالية جراء ما قد وصفوه (مسبقا) بخيانة المكون العسكري لهم!!!

والجميع يعرف أن قحت (الاختطاف) تريد من كل ذلك تحقيق هدف وحيد وأخير لها: هو تكوين مجلس تشريعي موال لهم يوافق على النهج الاقتصادي الحالي ويوافق على تمكين جديد بإعادة نفس نهج وقوانين واجراءات وممارسات الفساد والاستبداد الكيزاني، التي تفتقر إلى أسس ومعايير وممارسات النزاهة والعدالة والشفافية والحوكمة.. وسواء اكانت المسوغات التي تسوقها قحت الاختطاف للقيام بتجاوزات معيبة، تقع تحت ذرائع إزالة تمكين الكيزان او تقع تحت ذرائع ميكافيلية اخرى قائمة على اساس فرض تمكين بديل - ولو باجراءات كيزانية فاسدة - وبما يكفل الفوز على الكيزان في الانتخابات عقب انتهاء الفترة الانتقالية.. إلى آخر ذلك من تبريرات تدور بداخل قحت (الاختطاف) وتعبر عن نزعة فاسدة واستبدادية.. فإن تلك الممارسات في النهاية لا يمكن وصفها سوى بأنها إقصائية وشمولية وتهدف ذرائعيتها إلى تبرير انتهاك أسس ومعايير وممارسات النزاهة والعدالة والشفافية والحوكمة، وهي محض محاولة رخيصة لإيجاد مسوغات لانتهاكات أشمل في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان، بما يعنيه كل ذلك من مفارقة جدية لخط ثورة ديسمبر 2018 إلى الوقوف (عمليا) ضد مدنية الدولة السودانية..

كل ذلك واضح بشكل كاف حتى الآن. يعضده فشل مجموعة قحت الاختطاف في تحقيق أي من شعارات الثورة وطرحها لمشروع قانون الأمن الداخلي المعيب واقصائها لصوت قحت (الإصلاح) من التلفزيون القومي الذي يساهمون كغيرهم من مواطني السودان في دفع رواتب موظفيه.. إلى آخر ذلك من ممارسات يفترض أن ثورة ديسمبر 2018 قد تجاوزتها بمراحل.. كما يجب أن لا يغيب عن البال أن أي قراءة مقارنة، موضوعية وعلمية، لكل من تصريحات وبيانات المجلس المركزي لقحت (الاختطاف) وقياداتها؛ مقروءة مع ممارسات قحت (الاختطاف) كافية جدا لرؤية كل ذلك..

هكذا فإن من نافل القول الصحيح تصريحنا بأن ممارسات قحت الاختطاف الحالية: بيانا بالعمل، هي أبعد ما تكون عن شعارات ثورة ديسمبر 2018 في الحرية والسلام والعدالة، بل تمثل ممارساتها التي ترفض العودة إلى منصة التأسيس وإصلاح المسار الذي صار مطلبا ثوريا وجماهيريا مستحقا؛ ردة حقيقية وانقلابا فعليا على مسار الانتقال والتحول الديمقراطي وعودة إلى ممارسات فساد واستبداد نظام المخلوع عمر البشير مما لن يسمح به الثوار..

فالأمر رهين وعي الثوار الذين تظاهروا في مليونية 30 سبتمبر 2021 دعما لمدنية الدولة، وليس دعما لقحت (الاختطاف) أو حتى قحت (الإصلاح). وحدث ذلك تلبية لما ظل يختلج داخل عقول وقلوب الثوار، وتلبية لدعوة تجمع المهنيين (الجديد) الذي التقط اللحظة التاريخية ودعا إلى مليونية داعمة للتوجه المدني، والتي حاول بعض مناصري جناح قحت (الاختطاف) في وسائط التواصل الاجتماعي إدعاء أنهم أول من دعوا إليها.. ثم جاء إعلان قحت (الإصلاح) من قاعة الصداقة في قلب الخرطوم في يوم الجمعة 1 أكتوبر 2021 تحت عنوان (ميثاق التوافق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير) مقدما لكشف حساب حي وملموس يعكس مدى جدية قحت (الإصلاح) في إعادة توحيد قوى إعلان الحرية والتغيير على أساس العودة إلى منصة التأسيس وإصلاح المسار اللذين صار شعارا تردده جماهير الثورة، كما تردده حكومة الانتقال وعلى رأسها د. عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني و الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني. علاوة على تأييد مسؤولين سياديين وقياديين ضمن قحت (الاختطاف) للعودة إلى منصة التأسيس وتصحيح المسار. والمهم في نجاعة هذا التوجه أنه يعبر عما ظل ينادي به الثوار، وأن الجبهة الثورية السودانية بثقلها الرئيسي وكلا من السيد مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور؛ (حوالي ربع مساحة السودان) و د. جبريل إبراهيم، وزير المالية الاتحادي وعدد من الوزراء الاتحاديين، قد صاروا عمليا جزء من هذا التوجه للعودة إلى منصة التأسيس وإصلاح المسار وتنفيذ برنامج الانتقال. بما يعنيه من تكوين مجلس تشريعي ثوري وتكوين المفوضيات والسير نحو دولة الرعاية الاجتماعية وتحقيق السلام ونبذ الإقصاء وتحقيق العدالة.. إلى آخر ذلك مما ورد في ميثاق التوافق الوطني الذي رفضته قحت (الاختطاف) في بياناتها وتصريحات قادتها معتدة بسلطة حكومة الأمر الواقعde facto government وإحكام السيطرة على تلفزيون السودان القومي ووكالة السودان للأنباء (سونا) دون تحسب لما فاجأ الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في أول طلق الربيع العربي. لكن وقع الحدث على بعض متطرفي قحت (الاختطاف) كان مزيجا من الخوف والغيظ، انفجر تخوينا وأوصافا غير لائقة بحق رفاقهم في النضال، رغم أن سخونة الصدور جراء الخوف والغيظ الشديدين طبيعية للغاية إزاء ثبات قحت (الإصلاح) على مواقفها وتخطي كل المساومات والإغراءات المقدمة من قحت (الاختطاف)، بل نجاح قحت (الإصلاح) في كسب مناصرين لتيار العودة إلى منصة التأسيس وإصلاح المسار من داخل مكوني الحكومة بشقيها المدني والعسكري.

استطرادا على صحة ما أقوله حتى الآن في هذا الصدد، فإن حزب (البعث السوداني) لم تكن لديه مشاكل مع حزب (البعث الأصل) قبل وصوله للسلطة في السودان، ولم يتعرض (البعث السوداني) لحملة إعلامية مثل تلك التي افترعها (البعث الأصل) في افتتاحية سابقة لصحيفة الهدف حفلت بالغمز واللمز لقيادات بالبعث السوداني ولجناح قحت (الإصلاح) الذي يدعو إلى العودة إلى منصة التأسيس. بل استمرت علاقات الحزبين عادية طيلة أيام الثورة واعتصام القيادة وما تلاه.. ولم تأخذ منحى هجوميا من طرف (البعث الأصل) إلا حين شرعت بعض قوى قحت المجمدة والمغادرة، ومنها (البعث السوداني) في تأسيس تحالفات بديلة تدعو إلى العودة إلى منصة التأسيس وتصحيح المسار.. وأعني هنا على وجه الخصوص، أنه لم تكن هنالك مشاكل تذكر بين (حزب البعث السوداني) الذي يقوده المحامي/ يحيى محمد الحسين و (حزب البعث الأصل) الذي يقوده علي الريح السنهوري، في الفترة الأخيرة، خارج إطار الاختلاف الفكري والسياسي الطبيعي والموجود بين مختلف القوى السياسية؛ أي أن الغمز واللمز في افتتاحية صحيفة الهدف التابعة لحزب (البعث الأصل) وتصريحات الباشمهندس عادل خلف الله، الناطق الرسمي باسم (البعث الأصل)، غير الموفقة والمخونة لرفقاء النضال والتي وردت في صحيفتي الهدف والتغيير، جاءت كردة فعل على شروع البعث السوداني وبعض قوى قحت في تأسيس تحالف للإصلاح وتصحيح المسار والذي رأى فيه حزب (البعث الأصل) تهديدا لوجوده على كرسي السلطة.. تشهد بذلك الوقائع، لدرجة ان ممثل حزب (البعث السودانى) في لجنة الترشيحات السابقة قبل حوالي سنتين، كان قد دعم ترشيح مرشحي (البعث الأصل) للمناصب السيادية على أساس السيرة الذاتية والمعايير الفردية المجازة من قحت.. وكان ذلك (بالطبع) قبل وصول (البعث السوداني) إلى قرار بتجميد عضويته في قحت وتبنيه مع قوى أخرى لمشروع العودة إلى منصة التأسيس وإصلاح قحت، والذي لم يجد آذانا صاغية من أطراف قوى قحت، إلا لاحقا؛ وبعد تجميد البعث السوداني وقوى اخرى لعضويتهم وخروج بعض القوى من قحت وشروع القوى المجمدة والمغادرة في تنظيم تحالفات جديدة.. كذلك، فإن (البعث السوداني) قد التزم حتى النهاية برأي غالبية قوى قحت القاضي بتكوين حكومة كفاءات مستقلة وغير حزبية إلى أن تغيرت رؤية قحت إلى مشاركة قوى قحت في السلطة.. وحدث كل ذلك ضمن التزام (البعث السوداني) بالديمقراطية وقرار الأغلبية ومعايير الترشيح للمناصب الدستورية المجازة، رغم ان الموقف الأساسي (للبعث السوداني) كان وما زال: تكوين حكومة من كفاءات حزبية وكفاءات سياسية ناضلت ضد الإسلامويين ولها مواقف معروفة ضد نظام البشير، حتى وإن لم تكن تلك الكفاءات محزبة بالضرورة..

وختاما أرجو أن يكون هذا السرد كافيا لتوضيح أسباب وملابسات بعض البيانات والتصريحات الخشنة والمخونة من طرف بعض متطرفي حزب (البعث الأصل) والمؤيدين له، وايضا من طرف المتطرفين المؤيدين لاختطاف قحت من بعض القوى السياسية واصحاب المصالح الشخصية من المستقلين وأيضا المستفيدين من تعكر الأجواء بين فرقاء قحت، لا سيما أولئك الذين يحلو لهم الصيد في الماء العكر.. كذلك بدورنا، ندعو الجميع إلى إعمال العقل في كل ما يصدر في الإعلام، لا سيما حين يصدر من قوى متطرفة ذات توجهات شمولية؛ حريصة على إقصاء وربما إنهاء حياة المختلفين معها من شركاء النضال ضد نظام البشير الفاشي. وهي قوى جرى اختبارها على مدار عامين كاملين من مسلسل الفشل المتواصل، مما دعا قوى وشخصيات كثيرة، إلى تقديم مبادرات عديدة للإصلاح، آخرهما: مبادرة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك و مبادرة ميثاق التوافق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة