الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء أمل -7-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 10 / 5
المجتمع المدني


يعاتبني ابني عن قلّة حيلتي ، يقول لي : أنت فقط ماهرة في الصراخ وتوجيه النصيحة ،و مقارنتي بأولاد الآخرين . لا أحبّ ذلك يا أمّي !
لا أسمح له بالكلام ، كالعادة ، أمارس دكتاتوريتي : عليك أن تخرس ، لأنّك لا تعرف كم أبذل من جهد لإعالتكم!
-هل تمننيني أنّك أمي ؟
-لا . فالقطة، و الكلبة ، و البقرة ، وجارتنا سمارة كلهنّ أمهات ، لكن أشرح لك معاناتي مع الحياة . أقول لك عن درب السلامة حتى لا أصبح منافقة ، و ألوم نفسي عندما تقع في الخطأ .
-توقفي أرجوك . لم أعد أحتمل . أردت أن نفتح حواراً ففتحت معركة . سوف أذهب إلى سريري .
-اذهب إلى سريرك، اكتئب بدلاً من السّعي للنّجاح . . .
هل صحيح أنني أصرخ؟
في الحقيقة : نعم، لا أستطيع أن أوقف نفسي، وفي كل مرة أعيد سيرتي الذاتية عشرة مرّات ظناً منّي أنني أؤكد لأولادي أنني ضحية والدهم . . .
في الحقيقة: أقنعني والدهم أنّني مختلّة ، أصبحت مختلّة فعلاً .
أصبحت ضحية لأنّني اقتنعت أنّ العالم بدون رجل ظلام. أردت أن أصنع منه رجلاً ، فصنع مني ضحية. اقتنعت بدور الضّحية .
سوف أضرب نفسي . أنتف شعري . أرغب في حلّ يستطيع جعلي قادرة على العيش . أبكي ، أمسح دمعي ، أصفني بالمجنونة .
أصف سمارة أمام ابني بأنها ليست أماً كما يجب ، هل أنا أمّ كما يجب؟
سمارة تدلّل أولادها ، توصلهم بسيارتها إلى مدارسهم" الرّاقية " ، أما أنا فأصرخ، و أصرخ أرغب أن يسمع العالم ما جرى لي . ماذا جرى لي؟ لا شيء ! تزوجت أحدهم ، أردته رجلاً ، لم يوافق ، ترك الجمل بما حمل .
لماذا تستطيع سمارة العيش أفضل مني رغم أن زوجها عاطل عن العمل؟
يقولون أنها عاهرة !
قد تكون مهنة الدعارة قاسية ، لكنّني لا أجيدها ، لا أحد يقتنع بي كداعرة ، فأنا لا أعرف أن أبتسم حتى لنفسي. إذا كنت امرأة ولا أصلح " لبيع الجنس" لأنّني غير مقنعة ، فلماذا أصلح إذاً؟
قد أصلح للطبخ!
ولا أصلح للطبخ ، ولا حتى إقامة العلاقات الاجتماعية ، ولا لكسب ثقة أبنائي . أعرف السبب . قد يكون الأمر لأنّني حزنت لأنّه تركني على الرّغم من أنّني أفضل منه ، لكن سمارا لا يتركها زوجها ، وهو من عائلة مرموقة كما يشير له المجتمع له، لكنهوقع في فخ داعرة . البعض يقول هو من كان يبحث عن الفخ ليقع فيه ، و يعتقد أن كونه ابن عائلة يمكّنه من المتاجرة بنفسه ، وهكذا حصل على الزواج المستقر.
أبتسم لنفسي : لمت زوجي يوماً لأنّه كان يجلب أصدقاءه ليتسلى معهم ، لو جاملتهم ، و أعطيتهم بعض الابتسمات ، وفتحت لهم الشمبانيا ، لكانوا أغدقوا عليّ بالمال . ما أغباني ! كان عليّ فعل ذلك ، وعندما أجد ثرياً منهم أترك زوجي.
حديثي يتمحور حوله مع أنه ولى إلى غير رجعة . هل أحبّه ؟
في الحقيقة أحتاجه كي أستطيع الظهور اجتماعياً. اختبأت منذ رحل . أخاف من تشفي البشر.
أعتذر من سمارة أمام نفسي لأنّني لم أعتبرها أمّاً . اعتقدت أن الدّعارة عيب ، هكذا تعلّمت، وصدّقت ، سكتّ عن تعريص زوجي ، وهي دعارة أكثر من الدعارة العادية، رغم ذلك غادر إلى امرأة أخرى .
لماذا يغادر الرجال؟
الموضع بسيط: لا ،هم لا يرغبوا أن يكونوا رجالاً ،و إن كنت امرأة تفهم " الزلم" عليك أن تعتبريه موجود لتسليتك ، و جواز سفر اجتماعي ، تعتمدين على نفسك في الدّخل ، ولا تبخلي عليه بالطعام و الشّراب . في تلك الحالة لن يرحل أبداً.
عذراً يا أولادي . أخطأت في مفهوم الرّجل . اعتقدت -كما أفهمني المجتمع -أنه الشّخص المسؤول في العائلة عن جميع الأمور، ومهمتي ثانوية ، اكتشفت اليوم أنني كنت مخطئة ، فعلى المرأة أن تحافظ على مستواها المادي و الاجتماعي ، أي أن يكون لها عمل ، ليكون لها سلطة في العائلة، و إن كانت سلطة أم . في هذه الحالة يلتزم الرجل في عدم الرّحيل .
إن كنت ترغبين في رجل مقيم. . . الأمر سهل
كوني منتجة
كوني كريمة
لا تطلبي منه الرّجولة، فالرجولة كالبطولة نادرة
اجعليه ظلاً لك ولعائلتك .
إن كنت مصّرة أن يكون رجلاً
تحمّلي نتيجة خطأك
واقبلي رحيله
لا تندبي حظك
هكذا فسّرت الأمور . عدت إلى العمل ، سوف أبحث عن " الحب ثانية، لكنّني سوف أسميه " الرجل الظّل بيني وبين نفسي طبعاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف قارب أبو عبيدة بين عملية رفح وملف الأسرى وصفقة التبادل؟


.. الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد




.. حريق يلتهم خياما للاجئين السوريين في لبنان


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ




.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال