الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جولات التراخيص وعقود الشراكة انتهاك للدستور

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2021 / 10 / 6
الفساد الإداري والمالي


ان جولات التراخيص التي عقدتها وزارة النفط في الحكومة الفدرالية العراقية، ويماثلها عقود الشراكة التي نفذتها وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان، كانت متسرعة لان الأولى أي الحكومة المركزية كانت تعاني من تقادم البنى التحتية وإعادة هيكليتها بالكوادر المتمرسة التي اضطرتها الظروف السياسية الى الهجرة خارج البلاد، والثانية أي حكومة الإقليم لم تكن لديها لا البنى التحتية ولا الكادر المؤهل... سوف اتناول الإقليم في الاتي من المقال لكي تقوم بحقها الدستوري كما ينبغي، وبعكس ذلك لا يكون لهذا الحق الفعل البراكماتي المقبول على ارض الواقع.
من الضروري تأسيس شركة وطنية للنفط في كوردستان تابعة لوزارة الثروات الطبيعية، تقوم بمهمة وضع السياسات النفطية، فان وجود مثل هذه الشركة من شأنها توحيد السياسات النفطية بين الاقليم والمركز، وعدم الانفراد من قبل الشركات المتعاقدة مع وزارة الثروات الطبيعية في الانتاج او التصدير او عقد اتفاقات جانبية او تهريب النفط وبيعه في السوق السوداء.
ان مشكلة الاقليم هي ان السياسة هي التي تتحكم بالاقتصاد، وهذه مشكلة عويصة، لان السياسة في الإقليم تسير على وفق التوافقية بين الأحزاب المتنفذة، ان هذا سيجلب للإقليم عواقب لا تحمد عقباها، ومن بين ذلك هو القطاع النفطي الذي يخضع للأهواء والامزجة السياسية بعيدا عن الخطط العلمية، في الوقت الذي يحتاج الامر الى سياسة نفطية تقوم على اساس فكر ورؤية اقتصادية رصينة. ان نمط الانتاج في العراق يسير باتجاه مجهول، بسبب غياب الرؤية الاقتصادية، وعدم وجود نمط انتاجي واضح بسبب وجود حالة من التخبط في وضع السياسات النفطية، ناتج عن غياب الارادة السياسية والادارة الحديثة، لتحديد متطلبات الخطط النفطية والاقتصادية..
عقود الخدمة على الرغم من افضليتها، يوجد فيها بعض السلبيات ومنها.. ألمبالغة في تقدير معدلات الذروة للإنتاج PPTs الذي قدمته الشركات، لتسهيل الفوز بعقود الشراكة، والتي خفض معظمها لاحقا بحدود 30%.. كما ان الشركات قدمت معدلات انتاج واطئة لمعدل الشروع بالإنتاج الذي يحدد ابتداء الربحية، حسب التقديرات في عروض المتنافسين. هذه المعدلات كان ينبغي تصعيدها من قبل الدائرة المختصة في وزارة الثروات (دائرة المكامن وتطوير الحقول) لو تم الاشراف الجيد عليها وذلك بافتراض حفر آبار جديدة واعادة اكمال الآبار المعطلة جزئا او كلاً، ولتأخير استحقاق الشركات لجني الربحية عند اجتياز خط الشروع.. فضلا عن الضرر الذي اصاب الاقليم بسبب تحمل تكاليف مُبالغٌ فيها لتطوير الحقول..
كل ما يقوم به الطرف الاجنبي هو الاعتماد على مقاولين لتنفيذ الاعمال الحقلية وشركات لعمل التصاميم والتوريد، والذي كان من الممكن للإقليم توليها تحت ادارة كفؤة تضمن اقل التكاليف بهدف اختيار جهات رصينة لمثل هكذا اعمال، بدلا من استمرار زيادة كلف حفر واكمال الآبار التي تصاعدت من حوالي 7 مليون دولار للبئر الواحد في عام 2003 الى أكثر من 25 مليون دولار، دون تدخل جهة في الإقليم في صناعة القرار العلمي الصائب، ويذكر ان أحد الآبار في الاقليم قد كلف 100 مليون دولار بسبب صعوبات الحفر التي جابهت الشركة المنفذة!!! والتي يبدو انها محدودة الخبرة.. كما ان أفضلية عقود الخدمة على عقود المشاركة بالنسبة لمكافئة التوقيع واحتساب معامل الربحية.. بالاستناد الى ارقام التدفق المالي المحسوم لحالة تطوير حقل ينتج بمعدل 100 ألف ب/ي، وجد بأن القيمة الحالية لمستحقات الشركات، المحسومة بنسبة (10%)، تكون بحدود (2444) مليون دولار، في نهاية مدة العقد بعد 20 سنة، حسب عقود اقليم كردستان. وتكون بحدود (596) مليون دولار حسب عقود الوزارة. بمعنى ان الشركة المتعاقدة مع الاقليم تجني ربحا" يقدر بأربعة أمثال ما تحققه من حقل مماثل في الجنوب، بموجب حسابات القيمة الحالية. أقول ذلك رغم المثالب الكثيرة على عقود جولات التراخيص التي هي خارج موضوع بحثنا.
ان الاقليم قد تكون بحاجة الى عقود الشراكة في الحقول التي تحتاج الى استكشاف، اما الحقول المستكشفة (الغالبية) انما يستحسن تطويرها بعقود خدمة، وهي تتضمن ايضا غازا مصاحبا وبالتالي فان لم نجد النفط فسنجد الغاز الذي لا يقل اهمية عن النفط، ومعنى هذا ان نسبة الاستفادة 100 في المائة والحقول العراقية هي الحقول الوحيدة في العالم التي تخلو من المخاطرة على الاطلاق، فلماذا ندخل في الشراكة؟
وبشأن الوضع النفطي للإقليم، فهناك 41 بلوك عرضت لعقود التقاسم بالكامل، كما ان هناك في المناطق المتنازعة عليها 28 حقلا من أصل 52 حقلا في عموم الإقليم، جميعها حقول معروفة ومكتشفة ولا حاجة لان تمنح كعقود مشاركة! ان كلفة تطوير 17 حقلا بلغت (220) مليار دولار فاذا اردنا تطوير (254) تركيبا فان الكلفة ستكون (3) ترليون دولار!!
ان العقود التي تم توقيعها من قبل حكومة اقليم كردستان كانت تتم وفق منظور سياسي وليس اقتصادي.. ان هناك اختلاف في المعايير المعتمدة في تحديد حجم الحقل بين العراق والعالم.. ففي العراق تعد الحقول الصغيرة من الحقول العملاقة عالميا.. يوجد في العراق اكثر من (524) تركيبا نفطيا في العراق اكثر من نصفها توجد في كوردستان والمناطق المتنازعة عليها بين المركز والاقليم، كما ان هذه الحقول هي الاقل تحديا في العالم وهي الاكبر على الاطلاق في العالم.. فلماذا نعطيها عقود مشاركة اذ لا يوجد اي سبب منطقي لاعتماد عقود المشاركة.. وهناك (33) حقلا عراقيا فقط بإمكانها ان تنتج (13) مليون برميل يوميا بحسب جولات التراخيص ولكنها خفضت الى (9) ملايين برميل، ان العقود يجب ان تكون وفق الحاجة بغض النظر عن نوع العقد، والعقد يجب ان يكون على اسس اقتصادية وليست سياسية فالأسس السياسية تفقد العقد الموضوعية تماما.
ان هناك عدد من الدول اعتمدت عقود المشاركة وهذه لها اسبابها فحقولها النفطية فيها الكثير من انواع المخاطرة المتمثلة باحتمال عدم وجود النفط بكميات مناسبة.. ان هناك مايقارب الـ(266) عقد مشاركة في العالم، اي مايمثل (10-12) بالمائة من احتياطي النفط العالمي، ان عقود المشاركة هي عقود مجازفة في مناطق ليس المؤكد وجود النفط فيها، اما المجازفة في العراق غير موجودة على الاطلاق وهناك 7 ابار من 10 هي ابار ناجحة واحتمالية المجازفة فيها اقل من 30 في المائة، كما ان الحقول العراقية في اغلبها هي حقول معروفة ومكتشفة منذ امد بعيد، ومنها مثلا حقل طقطق، وبوجود مثل هذه المعطيات فان الامر لايتطلب الذهاب باتجاه عقود الشراكة، انما المفروض ان تكون عقود خدمة، وهذه العقود يتم بموجبها صرف المستحقات للشركات على وفق جداول صرف أصولية تعد آليتها من قبل لجان متخصصة، وليس منحها حصة من الإنتاج! والمقصود هنا صرف نفقات البنى التحتية التي تشمل الطرق والماء والكهرباء وغيرها من الخدمات، هذه النفقات يتم صرفها للشركات بنسبة 100 في المائة وهي بالنتيجة تعود للإقليم او للعراق.. الا اننا نلاحظ وجود تدخل امريكي واقليمي في قضية توقيع العقود النفطية، والسير باتجاه ان تكون عقود شراكة.
المطلوب منا اليوم دراسة انماط الانتاج النفطي في العراق وخصوصا فيما يتعلق باتفاقيات الشراكة. فهذه مسألة خطيرة وهي تتعلق بمستقبل العراق.. وهناك اهمية لإصدار قانون النفط والغاز وبصيغة تضمن المحافظة على الثروات الطبيعية، لان هناك قانون نفط في كوردستان، وتوجد عدد من المسودات لهذا القانون منذ 2007 لحد الان في وزارة النفط العراقية.. يمكن ان تتمخض عنها قانون لإدارة الثروة النفطية والغاز بعد التعديلات، ان العراق لن يتطور مالم يضع سياسة نفطية واضحة تضمن حقوق الاجيال المقبلة.
لماذا الاصرار على عقود المشاركة على الرغم من معرفة الجميع بانها تمثل مساس بالسيادة؟ وهي تمثل عودة الى اسلوب الاربعينات والخمسينات يوم كانت تحصل الشركات على امتياز مطلق في البحث والتنقيب وبالتالي فإنها هي صاحبة القرار الاخير..
عقود المشاركة وان اختلفت عن الامتياز، ولكنها في النتيجة تعطي للشركة الحق في استملاك جزء من الثروة، وهذه تجاوز على الدستور الذي نص على ان النفط هو ملك الشعب وليس من حق اية جهة مهما كانت ان تمنح مثل هذه العقود....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ