الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينه يحكمها الغرباء /2

علي العجولي

2021 / 10 / 7
الادب والفن


اصبح شعيط على يقين ان ما يعيشه حقيقة وليس حلما او خدعة فقد مرت عليه عدة ايام وهو يعامل كحاكم .. الخدم تنحني لمقدمه.. الحرس يؤدي له التحيه في ذهابه وأيابه ..
قال هامسا بصوت خافت .
اذا انا الحاكم فعلا لا حلما قالها وظل ابتسامه عريضه غطت ملامح وجهه.
ثم غرق في تفكيره واحاديثه الداخليه.. وللحاكم حقوق على رعيته فهو ظل الله فوق الارض.. وارتسم الحسم والتصميم على وجهه حيث غابت الابتسامه..
فماذا يفعل ليثبت سطوته كحاكم.. سأل كأنما يحاور شخصا امامه ..فالناس تقدر من تخافه وتخشى سطوته...هكذا علمتني الحياة قال وهو غارق في افكاره فكان هو من يسأل وهو من يجيب على الاسئله.واستمر في حواراته الداخليه..
وساقوم بدور الحاكم (الذي البسوني ردائه ) دون خوف فكما اصبحت حاكما بلا علم او معرفه ولا ابالغ ان قلت رغما عني... لكنه يقينا بأرادة الله.. فمن صعلوك.. لص.. محتال الى حاكم على بلد يأمر وينهي فيه اليس هذا أمر الله..
استمر في حواراته مجادلا محاورا ولكن مع ذاته ..
جميلة هذه (بامر الله )..فهي مثل كلمة الخليفه عثمان عندما طلب الناس منه ان يتنحى عن الخلافه بعد ان اركب بني اميه على رقابهم (لن اخلع ثوبا البسني اياه الله ) وقد وردت البسني في بعض الكتب التاريخيه (سربلني) وهذا دليل على ان مانقله التاريخ صحيح ولم يكتب بالهوى وعلى موائد المتنفذين والحكام... ولكونه .. وفجأة اوقف هذا الحوار الداخلي وانتبه الى نفسه فالانظار كلها عليه ..كانت تصارع عقل شعيط هذه الافكار وهو جالس على كرسي السلطه والحشم والخدم تنتظر منه امر لتنفذه ..
لكني ...قال بصوت سمعه من كان قريب من مجلسه ..لااملك الخبره في ادارة الحكم .. هكذا قال ثم انتبه لنفسه فقد اعاده صوت تفكيره العالي الى الواقع التفت ليرى ان كان احد انتبه لاصواته الداخليه التي تتنازع مع افكارا طالما سيرتها الغرائز ..لم يجد من انتبه او هكذا تبين له فهو لم يعرف ان هذه الوجوه المحيطه به تدربت على ان تطبع على قسماتها مايرغب الحاكم به تحزن لحزنه وتفرح لفرحه ..اطمأن بان افكاره لم يقرائها احد سواه... فعاد من جديد الى حواراته الداخليه ..
لذلك سافعل كما كان يفعل هارون عندما كان يقوم بجولاته التفقديه والتفتيشيه في المدينه .. تفقديه لاتعرف على المدينه ومداخلها ومخارجها مافيها من اسواق وعمران طباع الناس تعاملهم فيما بينهم و الاهم في كل هذا هو الاطلاع على احوال ساكني دولته فهم رعيته حاليا بصفته الحاكم الجديد وهذه الجولات ستكون ليس كجولات هارون الرشيد وسيافه مسرور التي كان يجريها ليلا بدعوى اطلاعه على احوال الرعيه من خلال زياراته للحانات والخانات والمواخير وكأن سكان بغداد يعيشون في هذه الاماكن وليس في بيوت صنفت درجات حسب قرب الساكن من هارون وكبار حاشيته رحما او خدمة واخلاصا.. هكذا قال وكأنه يحاول اقناع سامعيه
اما التفتيشيه فهي للاطلاع على عمل مكاتب الحكومه ودواوينها فهذه مهمه لشعيط فهو لم ينسى انه ارسل مستكشفا من قبل جرار الخيط وتابعه معيط وهؤلاء اهله وعزوته رافقهم ورافقوه في الرخاء والشده (ولو ان الحياة معهم كانت كلها شده فاين الرخاء الذي عاشه معهم مع الرخاء الذي يعيشه الان ) فهؤلاء يعرفهم جيدا ويعرف ان الرحمة بعيده عن قلوبهم فلا يعرفونها ولا تعرفهم فهي في وادي وهم في واديا اخر لايرحمون احدا وقد مسهم الضر وعظهم الجوع بانيابه الحاده من جراء كشف اهل مدينتهم الاعيبهم وحيلهم التي يحتالون بها على الناس ويسلبون اموالهم فطردوهم كما يطرد الكلب العقور ورموهم كما يرمي طفل عابث نواة التمر بعد ان أمتص حلاوتها من فمه لاهيا .. اذا لابد من ايجاد وسيله.. فكر في نفسه فقد ارسلت لابتغي الوسيله فهل أخذلهم وأعيش حياة الرخاء والدعه والتي ربما لاتدوم فما يأتي بالسهل يذهب بالسهل فكم كسبوا من الاموال التي ذهبت كلها فلم يبقى لديهم ما يقوت انفسهم ويسد رمقهم حتى انهم لم يجدوا في النفايات التي شاركوا فيها الكلاب مايسد جوعهم فحسدوا الكلاب الضاله في الطرقات لانها قد تجد من يعطف عليها اما هم فلا باب يفتح لهم ولا ظل يحميهم ولا احد يعطف عليهم ..لكن قال في نفسه (ونحن نستحق ) لاننا لم نرحم الناس فسرقناهم واحتلنا عليهم ولم نترك موبقه او خطيئه الا وكانت ملعب لنا..
لكن الله من علينا فجعلني حاكما فهل انسى اصدقائي بل اخوتي..
وفي احدى جولاته والحرس يحفون به من كل جانب شاهد بابا مغلقا من دون ابواب المدينه فأثار فضوله وسأل رئيس الحرس.
لماذا هذا الباب مغلقا دون ابواب المدينه جميعا..
رد كبير الحرس.
ساخبرك سيدي عندما ننتهي من جولتنا.
سال شعيط..لماذا لاتخبرني الان ونحن امام الباب.
رد كبير الحراس.لان لهذا الباب خاصيه ترتبط بك وبمن سبقك من الحكام.
قال الحاكم شعيط ..ولتكن ولو اني لا اعلم من اين جائت هذه الخاصيه التي تربطني ببابكم هذا فانا لم اراه من قبل .
قال رئيس الحرس. وهذا لايمنع ان تكون هناك خاصيه ما فأنت لم تكن من المدينه ولم تكن حاكما من قبل لكنك اصبحت حاكما للمدينه... ... وعندما نصل الى مقر اقامتك فسأحكي لك عن مايربطك بهذا الباب سيدي الحاكم.
سكت شعيط على مضض لكن (الفار بداء يلعب في عبه) كما يقال..
مالذي يخطط له هؤلاء الناس.سأل نفسه..
بداء الحاكم شعيط مضطربا قلقا خائفا مما ينتظره فهو لم ينسى حكاية سندباد والعملاق التي سمعها من القصه خون في (مقهى السودة ) والتي تحكي كيف اسرهم العملاق بعد ان كسرت الرياح العاتيه سفينتهم وقد نجى سندباد وبعض التجار من الغرق بعد ان تعلقوا ببعض الواح السفينه المنكوبه التي اوصلتهم الى جزيره وقد فرحوا بنجاتهم من الغرق الا ان فرحتهم لم تستمر طويلا فقد ظهر لهم كائن عملاق اخذهم مقيدين الى قصره ثم حبسهم فيه واخذ يطعمهم بطريقة كالتي يطعم الدجاح والخراف فيها في الحقول التي تسمنها بسرعه لتبيعها او لتذبحها وتبيع لحومها وفعلا دخل عليهم في احد الايام ليرفع اكثرهم اكلا ويقضمه بين اسنانه ..فهل سيفعلون به كما فعل العملاق .
ارتعشت فرائصه من الخوف ..
لكني لم ارى انهم من اكلي لحوم البشر .رد على افكاره ومن اين عرف ان هؤلاء من اكلي لحوم البشر ام لا ..
استمر في هواجسه.ثم قال..
لانتظر وارى فلم يبقى الكثير لنصل..
وصل موكب شعيط وقبل ان يستقر في مكانه سأل رئيس الحرس عن الباب الذي رأه وماعلاقته هو بالباب .
اجابه رئيس الحرس .،سيدي الحاكم انت تتذكر كيف اختارك مجلس الامناء حاكما.
اجابه شعيط..نعم لقد كنت سائرا فجر ذلك اليوم فستقبلني مجموعه من الناس مخاطبيني بجناب الحاكم .كيف حدث هذا ومتى فهذا مالااعرفه.
اجابه رئيس الحرس..هذا هو ماحدث فعلا .فقانون هذه المدينه ان تغير حاكمها كل اربع سنوات والتعين يتم ان يخرج مجلس الامناء فجر اليوم الذي يحدد لتغير الحاكم الى مكان يتفق عليه واول شخص يصل هناك يصبح هو الحاكم .
قال شعيط وهذا هو ماحدث معي..لكن لم تخبرني ماذا يحدث للحاكم القديم،
سكت رئيس الحرس لحظه ثم قال... اما الحاكم القديم فنخرجه من ذلك الباب الذي رأيته وبنفس الحاله التي وجدناه فيها.
ماذا صرخ شعيط .. بنفس الحال الذي كان عليه قبل تنصيبه.
اجاب رئيس الحرس..نعم فحتى ملابسك التي كنت بها نحن نحتفظ بها لترتديها بعد انقضاء فترة الحكم التي منحها لك القانون.
ساد المكان صمت خانق وغرق شعيط في تفكيره ..هكذا اذا تعلمون الناس على الرفاهيه ثم تخرجونهم منها حفاة عراة انها نظرية السقوط من الاعلى..لكن خسئتم سترون مني اكثر من الذي رأته القرية التي اتفق شيخها مع الشيطان ان يتركها اربعين سنه ويعود ليفعل بها مايشاء من الاعيب ليغري بها الناس بعد ان تنتهي مدة الهدنه .
اما انا فسأبداء من الان فلا اتفاق بيني وبينكم ...
جال هذا في خاطره..
ثم خاطب رئيس الحرس بنبرة صوت تختلف عما كانت عليها سابقا..
احضرلي ورقة ودواة فاني اريد ان اكتب رساله .
يتبع.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا