الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلتي؛ موجة من بحر جيلي

مهند طلال الاخرس

2021 / 10 / 7
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كتاب من تأليف سامي صعيدي يقع على متن ٢٩٠ صفحة من القطع المتوسط، وهو من اصدارات دار الرعاة للدراسات والنشر في رام الله بالاشتراك مع دار جسور ثقافية للنشر والتوزيع في عمان، والكتاب بطبعته الاولى صدر في ٢٠٢١ .

الكتاب سيرة ذاتية لمسيرة مناضل فتحاوي تعمدت سنوات عمره بالبذل والعطاء والتضحية، وهي سيرة طيبة وناصعة وكتبت بلغة بسيطة وبعيدة عن التكلف. فنحن هنا امام سيرة مناضل جسدت رحلة جيل عانى اثار النكبة وشب على هدى الثورة وسيرة الفدائي وصوت العاصفة...تلك الاذاعة التي شكلت بيرقا يهتدى به في ذلك الزمن، كان لسامي ورفاقه نصيب من ذكراها وتوجيهاتها، فكانت عمليته الاولى بفضلها ص ٥٩٦٣.

ليس هذا وحسب، بل انه وفي ص ٥٨ وتحت عنوان فتح مرت من هنا يخبرنا سامي صعيدي كيف استدل على فتح وكيف بدا المشوار: "مر الفدائيون من جبال عتيل، وعبروا كثير من مناطق الوطن، ولم يكن مرورهم مرورا عابرا، اذ تركوا بصماتهم على وعي جيلي واثاروا فيه الاحلام والامال، ووجهوا له بوصلة مستقبل الايام، وقد استهواني الانخراط بالعمل الفدائي مبكرا.... وهكذا ببساطة وبدون الكثير من التفكير والتدبير بدأت الحكاية، عمن يرشدنا لطريق الفدائيين فتشن ونبشت، وسألت، وعلى عدد محدد من الاصدقاء عرضت فكرة جمع ما تيسر من النقود من مصروفنا اليومي لاستعماله حين نهتدي لعمل ما يجب عملن، ومن استفزاز مشاهد المستوطنات الحديثة الماثلة امامنا، .... شعرت بوجوب عمل شيء ما..".

سامي الصعيدي في هذه السيرة "رحلتي، موجة من بحر جيلي" يقدم لنا خلاصة تجربته الشخصية في مسيرة نضالية اعم واشمل من ان تحتوي تفصيلاتها كثير من الكتب والمجلدات، لكنه نجح باضافة كتاب نوعي يثري رفوف مكتباتنا ووعينا، ويسلط الضوء على فترة مهمة من مسيرة النضال وتعرجاته داخل الارض المحتلة. لكن يبقى اهم ما يميز هذه السيرة وهذا الكتاب ثلاث احداث ونقاط هامة:

الاول يتعلق بعائلة الكاتب ذات الاصول المصرية والتي يفرد لها الكاتب عدة صفحات وفصول منقبا ومقلبا عن اصول عائلته وامتداها بالاضافة الى ايراده سبب تواجد العائلة وقدومها من مصر الى فلسطين في اثناء حملة ابراهيم باشا الكبير على بلاد الشام.

الثاني يتعلق بتجربة الكاتب الفتحاوية وباستعراضه كيفية انضمامه لفتح دون تنظيم من احد او توجيه، فيكتب عن اول خطوات انتمائه واسبابها، واتخاذه لزمام المبادرة والفعل والتنفيذ دون توكيل او توجيه من احد، وهذا بحد ذاته جوهر فتح واحد اهم اسباب ديمومتها وبقائها.

الثالث يتعلق بتجربتة الخاصة داخل حركة فتح، وهي تأسيس اول اطار للعمل الطلابي لحركة فتح داخل الارض المحتلة، وفي جامعة النجاح بالذات وفي اول فصل دراسي لها وله، كل تلك الوقائع شهدتها اروقة الجامعة حديثة النشاة والتأسيس في اواخر السبعينيات من القرن المنصرم.

وقد جائت صفحات الكتاب بخصوص هذه التجربة -تجربة العمل الطلابي- وثيقة وشهادة حية وعلى لسان احد روادها، لتوثق وبعناية تلك المرحلة وارهاصاتها ومخاضاتها، واهم منعطفاتها ومحطاتها وباسماء الاشخاص وابطال الحكاية الحقيقيين، موضحة كثير من اللبس ومزيلة كثير من اللغط عن كثير من مجريات تلك المرحلة.

"وهكذا كان القرار..اقامة تنظيم طلابي شعبي لفتح في الارض المحتلة حال الافراج عنا ودون تأخير" ص١١٩.
ومع اختمار الفكرة في ذهن صاحبنا، يتوجه حين الافراج عنه من المعتقل الاسرائيلي الى مكتب تسجيل الجامعة، وتبدا مسيرته مع العمل الطلابي من عند الصفحة ١٢٤ وتمتد تفاصيلها ومجرياتها حتى الصفحة ١٩٤، والتي بعدها يكمل الحديث عن اسباب اعتزاله العمل التنظيمي والقيادي وبقائه ملتزما بصفوف الحركة، ثم يتناول الحديث عن رسالته التي بعثها للقيادة، وحكايته مع ابو جهاد خليل الوزير بخصوص هذه الرسالة بعد سنوات ص ٢٦١، ثم يبرز في اخر صفحات هذا الكتاب صورة عن هذه الرسالة الوثيقة ٢٨٤٢٨٩.

وهذه الشهادة عن تلك المرحلة انصفت الكثيرين ممن اتقنوا انكار ذاتهم تحت اسم الوطن الكبير، كان هؤلاء هم ابطال الزمن الفدائي الجميل، ذلك الجيل الذي يحفظ تفاصيل الوطن اكثر من اسمائهم الحقيفية، ذلك الجيل كان خير مثال على تلك المقولة الشهيرة :" تقتضي منا المروءة ان نمد اجسادنا جسرا لنقل لرفاق الدرب هيا اعبروا".

ليس هذا وحسب؛ بل ان هذه الشهادة ازاحت اللثام عن كثير من الحقائق ونجحت هذه الصفحات بتعرية كثير من الادعياء وسارقي الثورة والتاريخ.

الكتاب جميل جدا ويقرأ بنهم، وينتابك شعور بالفخر والسعادة وان تقرأ سطوره وتقلب صفحاته، فالكتاب غني بالحكم والمواعظ ص ٦٦ الفقرة قبل الاخيرة مثلا، وص ١٢١ الفقرة الثانية، وص ٢٤٢ الفقرة الاولى، علاوة على انه يمدك بكم جيد من التجارب والخلاصات ص ٨٠ وص ٢١٥ وغيرها، والتي لابد من ان يستفاد منها حتما في قادم الايام.

الكتاب وثيقة وشهادة للتاريخ وللاجيال التي سيكون ملقى على عاتقها ازاحة الكثير من عوامل الفشل والاستفادة من كثير من دروس وتجارب الماضي واكمال المسيرة نحو الهدف المنشود المتمثل بالتحرير والنصر والعودة.

لسامي وابناء جيله ، ولمن سبقهم على نفس الدرب؛ ولكل اصحاب الحكاية الحقيقيين؛ اكتبوا كل ما تعرفوه، قبل ان يسرقكم القدر، وقبل ان تضيع الحكاية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط