الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا قلبى دليلى قاللى ده أنور وجدى

منى نوال حلمى

2021 / 10 / 9
الادب والفن


-------------------------------------------

أجلس مستغرقة فى أدائه السلس الممتع المدهش ... شاهدته مرات كثيرة لا أستطيع حسايها ، وفى كل مرة له بريق متجدد .
وُلد ليكون متفردا ، لن نجد مثله ..
هو مثل بصمة الاصبع ، لا شبيه لها ، الا نفسها .
بصمة اصبع ، وبصمة دأب وارادة ، وبصمة كاريزما ، ماركة مسجلة
باسمه .
بصمات عالية الجودة ، قصيرة العمر ، ترث الوسامة ، والموهبة ، ومرض قاتل
لعين .
أنسحب من زمن الكورونا المتيبس الجاف، وألتف حول عوالمه لها رشاقة الماء، وتمايلات قلب فى بدايات العشق.
أمد يدى اليه، لأغريه بأن يرقص معى بدلا من "ليلى"، على أنغام فالس "القصبجي، قلبى دليلى.
ولأنه "جنتلمان" بجد، وليس ادعاءً، فانه لا يكسر قلبى، ويعدنى وعد الحُر، برقصة أخرى فى فيلم جديد.
ولا ألومه، فلم يُخلق بعد الذى يستطيع أن يترك "ليلى" من أجل أى حواء أخرى ، خاصة اذا كان " القصبجى " الجامح، الفريد، حاضرا فى المشهد.
ولا أعاتبه، فالرجل العاقل لا يترك "ليلى بنت الأكابر"، و"ليلى بنت الأغنياء"، من أجل امرأة، لا ترتاح لسيرة الأكابر، ولا تنتمى الى سلالة الأغنياء.
لكننى على يقين، أنه مثلى، يشعر بأقصى قدر من الألفة، والراحة، والمتعة، مع غير الأكابر، وغير الأغنياء.
ألم يتزوج فى النهاية "ليلى بنت الفقراء"، وكانت رقصة الختام هى رقصة الزفاف لزواج حقيقى، وليس مجرد المشهد الأخير ؟؟.
أتكلم عن فنان جعلنى أحب السينما، وأحب الرقص الفالس، وأحب الرجل الذى يرتدى بدلة ضابط البوليس.
كم من الأدوار التى ظهر بدرا منورا، وهو يرتدى تلك البدلة المشرفة، له وللوطن، يضنيه البحث عن عصابات الاجرام ، يحاول الوفاء لواجب الوطن الذى أقسم عليه، دون الاخلال بالوفاء لواجب القلب المحب، وينجح فى المهمتين، بامتياز وجدارة فيحصل على وسام الوطن، وتكريم المرأة.
انه "أنور وجدى"، الذى تمر ذكرى ميلاده 117 ، بعد أيام قليلة، بالتحديد يوم 11 أكتوبر .
كان يسكن فى غرفة فوق السطوح، لقلة الفلوس، ولزيادة الموهبة النارية، الباحثة عمنْ يفهم، ويقدر، ويعطى الفرصة للشرارة الأولى، للطلقة الأولى .
أو ربما أراد السكن فوق السطوح، لأنه أراد مكانا قريبا من السماء، لتأكده أنه سيصبح نجما من نجومها.
أكتب عن "أنور وجدى"، النجم الاستثنائى متعدد المواهب، متعدد القدرات، متعدد الابداعات.

وليس لنا أن نندهش من هذا التعدد، الذى كان مقدرا عليه.
حتى فى المرض . قتله الداء الموروث فى العائلة، "الكِلية متعددة الأكياس".
كان بالضبط فنجان القهوة "المضبوط"، الذى تحتاجه السينما المصرية فى أربعينيات القرن الماضى، لكى تعدل مزاجها المتعكر... ونقصد الموهبة، الجسارة، خفة الدم، الابتكار، التجديد، الوسامة، المغامرة، المعافرة، فورة الشباب، الدأب، الذكاء، الثقافة، الطموح غير المحدود، الكاريزما الطاغية، الشغف بالغناء والموسيقى والاستعراض والرقص.
من كومبارس صامت، على خشبة المسرح، وأدوار صغيرة قانعة بالقسمة على شاشة السينما، الى البطولة المطلقة، والنجومية التى لا ينافسه فيها أحد، والتى تدهش زملاءه، وجمهوره الذى تقبله، وصفق له، وتوجه ألقاب مثل:
"الفتى الأول"، " معشوق النساء " ، "الشرير خفيف الظل"، "عاشق المطربات"، " المستهتر الطيب " ، و"شارلى شابلن المصرى"، بعد أفلامه مع الطفلة فيروز . وطبعا لا ننسى " شاربه " المميز الذى موضة للشباب .
مع "ليلى مراد"، صنع الثنائى الجميل، الذى أنتج لنا مجموعة من الأفلام الغنائية الاستعراضية الفاخرة، وسلسلة الأفلام الممتعة، حملت اسم "ليلى" .
والموهبة الفذة للطفلة "فيروز"، هل كان بالامكان أن تجد فرصتها النادرة فى الانتاج الثرى، الا مع فنان له شخصية، "أنور وجدى"، لها حِس فنى أصيل، وحدس ابداعى يستشرف الوجوه الجديدة، والمواهب التى لا يلتفت اليها أحد، ليعطيها الدعم الأدبى، والمادى ؟؟.
وكان حريصا على تخصيص مساحة من أفلامه، لاسماعيل يس، ومحمود شكوكو، بعد أن لمس موهبتهما الفريدة، واستحسان الناس .
رغم عمره القصير، الا أن "أنور وجدى"، ترك لنا، كنوزا ابداعية، متفردة، تقدر بسبعين فيلما، ما بين التمثيل، والتأليف، والاخراج، والانتاج.
وكلها تتناول مشكلات اجتماعية، وقضايا ثقافية، نشهدها حتى اليوم.
فيلم واحد منها، بعشرات، ومئات الأفلام التى مرت بعده، وليست الا خسارة فى الذوق، وخسارة فى الفلوس، وخسارة فى الوقت.
يدهشنا التنوع فى أدواره، وتلك الطاقة العجيبة المحيرة، المتجددة .
وهى من أسرار"أنور وجدى"،الذى تتوجه أميرا، يجلس على عرش السينما المصرية، بلا منافس، أو شبيه، محليا أوعالميا.
وصل الى ذروة التألق ، فى فيلم "أمير الانتقام"، عام 1950، اخراج هنرى بركات، عن قصة الكونت دى مونت كريستو، للأديب الفرنسى الكسندر ديماس الأب.
هو الأمير الثرى الكريم العاشق الرومانسى، وهو أيضا المنتقم الجبار الذى يخطط لابادة منْ أودعوه السجن ظلما لمدة عشرين عاما.
هذا الفيلم احتل المركز التاسع فى قائمة أفضل 100 فيلم مصرى من بداية السينما فى 1896 حتى 1996.
ولا ننسى أفلامه الأخرى، التى دخلت هذه القائمة، مثل التحفة العبقرية غزل البنات، ريا وسكينة، والعزيمة، وغرام وانتقام، الوَحش.
كان أنور وجدى ، هو الممثل الوحيد ، الذى عمل مع مطربات عصره الشهيرات ، أسمهان ، أم كلثوم ، ليلى مراد .
عندما اشتد عليه المرض ، الذى قضى على أبيه وشقيقاته ، سافر الى
استوكهولم – السويد ، عله يجد علاجا ، و كانت معه ، الفنانة ليلى فوزى ، زوجته.
عادت به الى مصر ، فى صندوق مغلق ، بعد أن لفظ أنفاسه فى يوم 14 مايو 1955 ، بعيدا عن وطنه ، وجمهوره ، ولم يكمل عامه الواحد والخمسين .
من شقة فوق السطوح ، الى سماء عنفوان الطموح ... انه عنوان مسيرة كفاح
واصرار على التفوق . انه أنور وجدى ، الذى لن يعوض ، ولا نريد له تعويضا .
هو واحد من عظماء الفن ، الذين لا تكررهم البشرية ، تنجبهم مرة واحدة فقط.
لأنها تعلم علم اليقين ، أن مرة واحدة مع أنور وجدى ، تكفى الزمان كله .
------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شاعرة.. وأديبة
أنور نور ( 2021 / 10 / 10 - 15:17 )
عندما تكتبين عن الفن والفنانين فأنتي شاعرة .. وأديبة جميلة

اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .