الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الاقتصادي في الصين يدخل مرحلة جديدة - 1

آدم الحسن

2021 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


مرتْ الصين منذ انتصار الثورة الشيوعية فيها بقيادة الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ سنة 1949 و لحد الآن بمرحلتين رئيسيتين , و قد بدأت التجربة الصينية بالدخول في المرحلة الثالثة لتحديث نظامها الاقتصادي الذي اساسه بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بحزمة جديدة من الإصلاحات الجوهرية تحت مسمى ( الرخاء المشترك ) .
المرحلة الأولى : ابتدأتْ مع انتصار الثورة الشيوعية في الصين و لغاية تسلم الإصلاحيين بقيادة دنغ شياو بنغ مقاليد قيادة الحزب الشيوعي و الدولة في الصين سنة 1978 , كانت السمة الرئيسية لهذه المرحلة من عمر التجربة الصينية هي فرض نظام ديكتاتورية البروليتارية حيث تم تأميم و مصادرة جميع الأراضي و وسائل الإنتاج و الممتلكات الخاصة للطبقات الرأسمالية و الإقطاع و شملت تلك الإجراءات الصارمة البرجوازية الصغيرة ايضا , حيث اصبحت كل الأراضي الزراعية منها و غير الزراعية ملك للدولة و لم يبقى أي شيء من وسائل الإنتاج أو وسائل توفير الخدمات لدى القطاع الخاص بعد أن سيطرت الدولة على كل مفاصل العملية الإنتاجية و الاقتصادية بشكل كامل .
كان الناتج المحلي للصين في هذه المرحلة منخفضا جدا و غالبية الصينيين يعيشون تحت خط الفقر حيث يمكن وصفها بأنها مرحلة مشحونة بالثورية و تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة ( الناتج المحلي ) على افراد الشعب الصيني بعد أن تم القضاء على كل اشكال الاستغلال الطبقي لكن ذلك لم يؤدي الى تحسين و تطوير حياة المواطنين فقد اخذت وتائر النمو الاقتصادي تتحقق بمعدلات منخفضة و كأن الهدف الوحيد للاشتراكية هو الغاء الاستغلال الطبقي و ليس تحسين المستوى المعاشي لغالبية الشعب , و من اكبر مساوئ تلك المرحلة هو البطيء الشديد في نمو اجمالي الناتج المحلي للصين ...!
المرحلة الثانية : ابتدأت هذه المرحلة بعد سيطرة الإصلاحيين على السلطة في الصين و اتخذت لها اسما له دلالات واسعة و مهمة و هو ( الثراء اولا ) و المقصود بالثراء في هذه التسمية هو اجمالي الناتج المحلي للصين فقد تم التخلي عن نظام ديكتاتورية البروليتارية الذي آتى به الحداثيون المبهورون بمخرجات الغرب الفلسفية و السياسية , حيث نجح التحديثيون من تثبيت طروحات جديدة للحزب الشيوعي الصيني لغرض بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية التي اساسها قيام الدولة الصينية بكل مؤسساتها في تنفيذ خطة شاملة لزيادة الناتج المحلي الإجمالي للصين من خلال عمل مجتمعي واسع النطاق يشترك فيه كل طبقات المجتمع الصيني حيث وجد الصينيون أن ذلك يتطلب اطلاق نشاط القطاع الخاص و إعادة بنائه من جديد بعد أن تم تهشيمه و انهاء وجوده في المرحلة السابقة من التجربة الصينية .
إن تطور و توسع نشاط القطاع الخاص كان عاملا حاسما في زيادة وتائر نمو اجمالي الدخل المحلي بعد أن نشأت طبقة رأسمالية صينية وطنية لها تأثير ايجابي عالي في تحقيق نمو سريع للناتج المحلي الإجمالي للصين و تضمنت خطة الإصلاحيين التحديثيين تطبيق اساليب تعاون مكثفة و مدروسة بعناية بين نشاط القطاع الخاص و القطاع العام الحكومي التي أدت الى دوران عجلة التطور بمعدلات عالية و بذلك أخذ اجمالي الناتج المحلي للصين يزداد يوما بعد يوم حتى وصل الى مستويات قياسية في فترة زمنية قصيرة اذهلت كل خبراء الاقتصاد في العالم و خصوصا خبراء الاقتصاد الغربي لكونهم خريجي مدرسة أخرى مختلفة نوعيا .
لقد نجح القادة الصينيون التحديثيون في هذه المرحلة المهمة و الحاسمة من استنهاض موروثهم الثقافي و الحضاري لبناء و تطوير البنية الاقتصادية لبلدهم .
من أجل التوضيح يمكن تناول المثل التالي :
لو افترضنا أن لدينا قالب كيك صغير و اردنا تقسيمه بعدالة بين مجموعة اشخاص فأن الجميع سينال قطع متساوية الحجم لكنها قطع صغيرة , و لو استبدلنا قالب الكيك الصغير بقالب كيك آخر كبير فحتى لو تم تقسيمه الى اجزاء غير متساوية , اي لو انعدمت العدالة أو المساوات في التوزيع فأن من الممكن أن تكون اصغر حصة في هذه الحالة اكبر من الحصص المتساوية في الحالة الأولى التي كان فيها قالب الكيك صغيرا .
لذلك قد يكون الحصول على قالب كيك كبير و توزيع غير عادل افضل من قالب كيك صغير و توزيع عادل , و هذا هو السبب الذي جعل المهمة التي لها أولوية أولى في المرحلة الثانية من التجربة الصينية هي زيادة حجم قالب الكيك و كتعبير عن هذا الهدف الحقيقي اطلق عليه الثراء أولا .
لقد كانت المرحلة الأولى اشبه بتوزيع قالب كيك صغير لكن بعدالة أما في المرحلة الثانية فقد حصل نمو في أجمالي الناتج المحلي ( قالب الكيك ) مع انعدام العدالة أو المساوات في توزيع الناتج المحلي الإجمالي لذا يمكن اعتبار انعدام المساوات في المرحلة الثانية كالشر الذي لابد منه , لكنه شر مؤقت لأن حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة قادمة ضمن المرحلة الثالثة ( الرخاء المشترك ) .
من النتائج الإيجابية للمرحلة الثانية هي :
اولا : تم انتشال 850 مليون مواطن صيني من تحت خط الفقر , و هذا يعتبر اعظم انجاز يحققه اقتصاد في العالم في فترة زمنية تعتبر من معجزات النهضة الصينية الحديثة .
ثانيا : ارتفع عدد المواطنين الصينيين المصنفين على انهم من الطبقة الوسطى الى حدود 400 مليون مواطن , و هذا مؤشر ايجابي جدا .
ثالثا : تم امتصاص البطالة في فترة قياسية حيث وصل عدد العاملين في القطاع الخاص الى حوالي 300 مليون مواطن و باقي القوى العاملة الصينية يعملون ضمن القطاع الاقتصادي الحكومي .
رابعا : تمكنت الدولة الصينية من الاستحواذ على 60- 70% من اجمالي الناتج المحلي خلال سنين هذه المرحلة حيث تم انفاقها على البنى التحتية في الصين شبكة قطارات متطورة , سدود , موانئ , مدارس , جامعات , محطات لتوليد الطاقة الكهربائية , صناعات استخراجية و تحويلية حديثة , مصانع في شتى القطاعات , القضاء على الأمية , مراكز للبحوث العلمية و التكنولوجية , تطوير تكنولوجية الفضاء , تطوير الصناعات العسكرية ... و امور عديدة أخرى يصعب حصرها ..... لكن هنالك ايضا امور سلبية عديد و خطيرة رافقت هذه المرحلة اهمها :

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار