الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور كاظم حبيب والحركة القرمطية ، ح3 والاخيرة

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2021 / 10 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


العدالة الاجتماعية كمفهوم كان قد اكتسب حضورا واسعا في الاوساط الثقافية والفكرية والفقهية في كل المؤسسات المحيطة بالدولة العباسية انذاك ، ومن الامثلة الشهيرة كذلك رفض القاضي ابوجعفر احمد بن اسحق بن البهلول طلب تخطئة الوزير علي بن عيسى الذي لم يحكم بتكفير القرامطة اذ قال " اذا لم يصح عنده كفرهم وكاتبوه بالتسمية لله ثم الصلاة على النبي محمد ص وانتسبوا الى انهم مسلمون وانما ينازعون بالامامة فقط لم يطلق عليهم الكفر" ويعلق كاظم حبيب عن هذا القول " ان الدولة العباسية كانت تريد اتهامهم بالكفر لتستطيع تعبئة الناس حولها في القضاء عليهم" ويكمل في التفاتة ذكية منه " يبدو لي ان اللاذقاني كان مصيباا في تقديره للعوامل التي دفعت العباسيين الى تشديد الخناق ضد القرامطة حين التقط ملاحظة الغزالي واوردها كما يلي" ان الخلافة العباسية لم تحاربهم لتشيعهم لأل علي ،بل لظهورهم بالطعن على السلاطين كما يقول الغزالي" اذ كان الغزالي يضمر الكراهية للاسماعيلية ولكل من كانوا من الباطنية وكذلك لكل من كان بالضد من الخليفة منطلقا في ذلك من القاعدة التي تقبل بالامام الفاسق بدلا عن الفتنة في المجتمع الاسلامي ....
عوامل نجاح ثورة القرامطة من وجهة نظر د كاظم حبيب : وهي بمجموعها اسس كانت مهمة لتنمية الحركة وتوسيع قاعدتها وضمان سرية اعضائها :
1- الاخذ بمبدأ القيادة الجماعية للحركة ، وليس الاعتماد على قائد واحد بمفرده، وشاركتهم في ذلك الحركة الاسماعيلية وحركة الزنج ايضا، اذ اعتمد علي بن محمد صاحب الزنج على مجموعة العقداء ووزع عليهم المهمات بين اعضاء القيادة وفق الاختصاصات التي تميز بها العقداء ، فمثلا اختار حمدان القرمطي اثنا عشر نقيبا من بين اتباع الحركة شكل منهم مجموعته القياديةة وهذا حس رفيع، في السياسة .
2- بادر حمدان الى ارسال افضل دعاة الحركة الى بعض مناطق الدولة العباسية من اجل نشر افكار الحركة وتأمين الدعم السياسي والمادي لها، حيث وصل دعاته الى البحرين والشام واليمن وغيرها وكسبوا الكثير من الاتباع والاعوان .
3- ضمان الدعم المالي للحركة واتباعها (الالفة وغيرها من الاساليب التي اختطوها لصالح حركتهم وديمومتها واستمرارها ) ويتكأ ك حبيب على العلامة عبدالعزيز الدوري قائلا" يشير عبدالعزيز الدوري الى علاقات العمل والتوزيع الممتاز والمنصف بين القرامطة فيقول: واخذ كل فرد يشتغل بجد واخلاص لخير المجموع وذلك ليحتل المركز الذي يليق بخدماته ،فالنساء يأتين بما يحصلن عليه من الغزل وحتى الاطفال يقدمون الجعل الذي يحصلون عليه من نظارة الحقول ، وليس لأحد ملك عدا سيفه وسلاحه، وقد قال حمدان لاتباعه ، انهم في غنى عن المال، لان الارض لهم" عبدالعزيز الدوري ،تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري، م س ، ص98. ولننظر كيف ان كاظم حبيب الماركسي يعتمد على عبدالعزيز الدوري القومي دون ان يتوجس من ذلك وهو بذلك يرفض الارثذوكسية المقيتة التي تحارب الناس بسبب اتجاهاتهم .
4- يشير كاظم حبيب الى ان قرامطة البحرين كانوا قد قدموا انموذجا متميزا وغير معهود في ذلك الزمان حين اقاموا جمهوريتهم او دولتهم المستندة الى بنية اجتماعية جديدة وتنظيم جديد للعمل وعلاقات انتاج غير معهودة ، وخاصة في موقفهم من الارض كوسيلة انتاج اساسية وكذلك من الانتاج وتوزيعه بين افراد المجتمع القرمطي وموقفهم من تربية الاطفال ورعاية الشيوخ والعجزة والمعوقين.
يقول ك حبيب عن دولة البحرين(( ساهمت حركة القرامطة في البحرين في توضيح بعض القضايا الفكرية والاجتماعية التي لم تستطع حركة القرامطة في العراق تحقيقها بسبب عجزها عن الوصول الى السلطة في الكوفة او البصرة او في بغداد)) ويستند في كلامه على الرحالة ناصر خسرو في زيارته للبحرين والتي اشبعناها نقاشا فيما مضى وكذلك في كتابنا المشار اليه.
5- ان لجوء القرامطة الى السرية في العمل انطلق من الرغبة في حماية اتباع الحركة من الارهاب العباسي ويبرر د كاظم حبيب عنف القرامطة بأنه عنف مضاد ضد العنف الاكبر المتمثل بالسلطة العباسية الغاشمة ، يبدو ان القسوة البالغة التي تعرض لها القرامطة في العراق من جانب العباسيين والمحاربة الفكرية من جانب الفكر الديني الرجعي والمحافظ والرسمي وعلى راسهم الغزالي قد دفع بهم الى مواجهة العنف بالعنف، مما دفع المؤرخين (مؤرخي السلطة) الى اتهامهم بالقسوة ايضا ، لكنه لايبرر قسوة القرامطة تجاه الحجيج ويعتبرها كاظم حبيب (اعمال عنف وقتل غير مبررة ضد الحجاج الى مكة والتي اضرت بالحركة وسمعتها وتأثيرها) ويحلل نقلهم للحجر الاسود واستمرار وجوده لديهم 22 عاما ويحوي هذا التحليل عدة مسائل مهمة :
1- ان الحركة في البحرين كانت كما يبدو لاتعتقد بسلامة العبادة لله عبر الحجر الاسود، فهو في وعيها لايعدو كونه صنما من الاصنام.
2- الجانب التجاري الذي كانت تهتم به دولة القرامطة اذ كانت تريد( تحويل مكاسب الحج الى حكام هجر كما اشار لذلك اللاذقاني).
3- رفض الخليفة العباسي المقتدر منح ابو سعيد الجنابي شؤون الولاية على البصرة والاهواز .
4- للتدليل على عجز الدولة العباسية عن حماية رعاياها وبالتالي يمكن ان يتعرض كل انسان فيها لمخاطر غير معروفة العواقب، اذ ان الدولة ضعيفة ومشتتة . ويشير كاظم حبيب الى ان معاركهم في العراق 316هــ كانت في سواد واسط الى عين تمر في كربلاء ويحلل د كاظم الى ان الانسان العراقي كان يرفض الانصياع للقاعدة القائلة (ليس في الامكان ابدع مما كان) او لايمكن تغيير القدر لهذا كانت برامج بعض تلك الحركات تنطوي على فهم للواقع ورغبة في تغييره وسعي كذلك فيآن، كذلك يبين ان الحركة القرمطية لم تتفق مع ثورة الزنج والسبب في ذلك" ان قائد الثورة المؤمن بالاسلام لم يكن قد تخلى عن النص القراني الذي لايحرم وجود العبيد" ولايعرف اذا ما كانت هذه النقطة هي ضمن النقاط الخلافية بينهما اذ لايوجد جزم بذلك.
ان ممارسة العباسيين للاستبداد هو المتسبب الرئيسي لقيام هذه الثورات ضدهم، وغياب العدالة الاجتماعية وتحكم فئة صغيرة بالناس ، كلها عوامل ساعدت بتأجيج الوضع ضد العباسيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة


.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا




.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي