الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيصبح الانتقال الديمقراطى مثل حجز الدقائق الاخيرة

محمد مهاجر

2021 / 10 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


-
هنالك عبارة في ثقافتنا السودانية مقابلة لمفهوم حجز التذاكر فى الدقائق الأخيرة وهى ما تعرف بعلوق الشدة, وتطلق على الذى يهمل الأشياء المهمة بما فيها اعلاف الدابة فيتذكره في اللحظات الاخيرة. وحين يفعل ذلك يقال ان هذا العمل ما هو علوق شدة, أي إعطاء العلف في الوقت الذى تهيأ فيه الأشياء كلها استعدادا للرحيل. وفى السودان تبقت للمرحلة الانتقالية أشهر قليلة يرجى ان يسلم فيها الحكم لحكومة منتخبة عبر انتخابات حرة. ولان التحضيرات التي تسبق الانتخابات كثيرة, فاحد الاحتمالات هي ان يسلم رئيس الوزراء الحكم للرئيس القادم فيبادره الأخير بالقول ان ما فعلته هو مثل حجز التذكرة فى الدقائق الأخيرة.

في الحياة العامة يتم الانتقال عادة من مرحلة الى أخرى بطريقة سلسلة. فالطفل يعد للانتقال منذ نعومة اظفاره الى مرحلة الأساس, وهى أطول المراحل وأكثرها صعوبة, تليها الثانوية ثم الجامعة. وفى الوظائف يعمل مهندس الشبكات او مهندس أنظمة الكمبيوتر عادة في وظائف انتقالية مثل مساعدة العملاء والزبائن والتركيب والإصلاح قبل ان ينتقل الى مرحلة مهندس ومن ثم مدير مشروعات. والهدف من الانتقال السلس هو ان يتمكن الفرد من اكتساب المهارات والخبرات والمعارف والاستعداد الفكرى والنفسى الكافى لاداء الوظيفة الجديدة.

لقد حدد القادة السياسيين في السودان 3 سنوات للفترة الانتقالية, ويرتجى ان تمد حسب ما يقتضيه تطور عملية السلام. ولان هذه الفترة قصيرة جدا وتميزت بمشاكسات ومؤامرات ومحاولات انقلابية وتخريبية, فان سيناريو علوق الشدة اقرب للتحقق من اى سيناريو اخر. ان المشاكل التي وضعها المكون العسكرى امام رئيس الوزراء وحكومته المدنية لكثيرة جدا. وهذا الامر يستتبع انى يظل الكثير من الأمور عالقا والكثير من المشاريع في انتظار التنفيذ. والم نعد جيل الجيل الجديد اعدادا جيدا لتولى القيادة بعد المرحلة الانتقالية, فان جيلنا, جيل أكتوبر وابريل, سيكون قد ارتكب خطأ فادحا, والتاريخ لا يرحم.

ان الذى يصور على ان النزاع بين العسكريين والمدنيين على انه نزاع على السلطة بين فريقين انما هو يريد التضليل والافتئات على الحقائق الدامغة, فلا يوجد سوى فريق واحد من المدنيين شكل مع العسكريين مؤسسات الحكم التي ارتضاها الشعب, والذى نكث فانما نكث على نفسه. والسودان مهيئ اليوم اكثر من اى وقت مضى لكى ينتقل من حالة الفقر والقهر والقمع والديكتاتورية الى حالة الرفاه والديمقراطية.

لقد جرب العسكريين في مجلس السيادة كل الحيل من اجل تمديد فترتهم في المجلس ولكن هيهات. فمن ناحية اكتسبت قوى الثورة مثل لجان المقاومة وغيرها مناعة ضد التسلط وإرهاب السلطة, ومن ناحية أخرى أصبحت الإصلاحات الديمقراطية تزداد يوما بعد يوم, ومن امثلة ذلك الإصلاحات في مجال التشريع وفى مجال العلاقات الخارجية وفى مجال تحسين صورة السودان امام المجتمع الدولى بعد ما لطخ المخلوع البشير وزمرته سمعة بلادنا بتصرفاتهم التي تشبه تصرفات العصابيين.

يتميز التحول الديمقراطى السلس بعدة مزايا منها قدرته على توريث تجربة رائدة يقتدى بها الجيل الجديد ويفيد منها. عونا على ذلك فان المواطن السودانى سيصبح مطمئنا على إمكانية رسوخ النظام الديمقراطى الثابت بما يحتويه من سلام وإشاعة للحريات العامة والخاصة وسيادة لحكم القانون والانتخابات الحرة النزيهة والحوكمة وفصل للسلطات واستقلال للقضاء وغيرها. وسترسى مبادئ العدالة وحكم القانون حيث لا ينحى بعض الناس الى تهريب الثروات الى الخارج وسينتظر العسكرى الطامع في الحكم انتهاء فترة حكمه, فيسعى الى تاهيل نفسه سياسيا واداريا مدنيا ثم بعد يترشح للانتخابات.

لقد عانت بلاد كثيرة من الحروب الاهلية لكنها نجحت في نهاية المطاف في اجتياز الصعاب واصبحت رائدة وحرة وثرية والامثلة على ذلك كثيرة منها أمريكا وماليزيا وسنغافورة. واذا تكاتفت جهود نساء ورجال بلادنا فاننا سنجتاز المحن وسننتصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط