الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول تاريخية التوراة والبحوث الآثارية

سعيد العليمى

2021 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتب رولاند بوير وآخرين حول تاريخية التوراة : ويبرز بينها من وجهة نظره مشكلة الاعتماد على النصوص القديمة غير الموثوقة فى اعادة بناء تاريخية لبنى اسرائيل ، ويشكك مع الاتجاه النقدى المعاصر فى الدراسات التوراتية والانجيلية فى الملكيات التى قيل انها ظهرت ايام داود وسليمان ، ثم المنفى على يد البابليين والاشوريين ، فالعودة من المنفى ويعتبرها جميعا بغير اساس تاريخى ، وانما نتاج خيال ادبى ، وهى عناصر فى اسطورة سياسية شاملة ( اسرائيل قلعة فى السحب – حسب تعبيره - ) ، او النصوص المسيحية ، وهى مسألة فى قلب الدراسات الانجيلية الحديثة . فمن وجهة نظره اذا لم تكن مصادر موثوقة من ناحية وقائعها وترتيبها الزمنى فأى فائدة تاريخية لها ؟ من ناحية اخرى يؤكد ر. بوير على ضرورة التدقيق حول انماط الانتاج عند مناقشته لأطروحة كاوتسكى حول نمط الانتاج العبودى ، وكيفية الانتقال او التحول من نمط لآخر ، و مدى صواب تعميمه له بحيث شمل الشرق الادنى القديم ، والعالم الهيلينى معا ، ورفض اطروحة ماركس حول وجود نمط انتاج مميز لمعظم دول الشرق الادنى القديم اسماه نمط الانتاج الاسيوى . وفى هذا السياق يتعرض للاشكال النوعية للعبودية فى مجتمعات العالم القديم ، ويشير للجدالات التى دارت فى روسيا السوفيتية عام 1933 التى خاضها ف . ف . ستروفه رافضا تعميم الاقطاعية كنمط انتاج على بلدان الشرق القديم . ويتهم كاوتسكى بأنه تحيز منهجيا ببرهناته الانجيلية احيانا ليعلى من شأن اعادة بناء التاريخ الاقتصادى الاجتماعى والسياسي . بينما يرى رولاند بوير ان المسيحية وسمت فترة الانتقال بين مايسميه "الاقتصاد المقدس " ونمط الانتاج العبودى ، كما يناقش فرضية انه اذا كانت المسيحية حركة شيوعية فأى نوع منها كان قائما فى تلك الازمنة القديمة . وان كانت تمثل بالنسبة له على اية حال " اسطورة سياسية " لأنه لم يكن لها اثر على النظام المؤسس على العبودية ، وان بقيث فى الاديرة ونظام الرهبنة حتى الازمنة الراهنة .
.وينتهى ر. بوير بالقول وحسب كلماته : على النقيض فإن كتاب اسس المسيحية كتاب طموح جدير بالقراءة ، رغم انه كان يمكن ان يكون اكثر ايجازا ، وهو ينطوى على جملة من الرؤى ذات قيمة . والقيمة الكبرى لهذا المؤلف تكمن فى انه بدأ مايمكن ان نسميه مشاريع لم تنته : اى اعادة بناء ماركسية للسياق الاقتصادى الاجتماعى الذى ظهر فيه الانجيل . وكذلك اعادة بناء لتاريخ اطول للفكر والعمل الشيوعى الذى يسبق ماركس وانجلز . ان كتابه يتحدى التاريخ كما وصلنا عن اسرائيل والكنيسة ويفتتح ممكنات جديدة لهذا التاريخ . ( 11 )
يبدو انه على ضوء الابحاث الاخيرة فى الكتاب المقدس اليهودى، والاناجيل المسيحية لابد من اعادة النظر فى الكثير من رواياتها . فلم تؤيد الكشوف الاثرية التى جرت بكثافة فى ارض فلسطين المحتلة ماورد فيها . وقد اجريت تنقيبات شاملة فى مناطق الهضاب الفلسطينية ( الضفة الغربية ) بمعرفة جامعات العدو الصهيونى ، وعلى رأسها جامعة تل ابيب وقد جمعت معلومات غزيرة من شتى الاختصاصات المساعدة لعلم الاثار بما يمكن اعتباره ثورة فى اركيولوجيا فلسطين . وكلما كانت تتجمع هذه المعلومات وتشكل صورة مغايرة ، ويدرك مغزاها المناقض ، كلما تبين للمؤرخين والآثاريين صعوبة ملائمة هذه المعلومات مع الصورة القديمة المتوهمة عن تاريخ اسرائيل ويهوذا وتاريخ فلسطين بشكل عام . ومالبث ان نشأ اتجاه راديكالى فى اوساط الباحثين فى الغرب دعا الى اعادة نظر جذرية وشاملة فى الخارطة المعرفية والاثارية والتاريخية لفلسطين ، والفصل مابين المرويات التوراتية والكشوف الاثرية فصلا كاملا بديلا عن نزعة تلفيقية قديمة كانت تحاول التوفيق بين الاثنين .
وبرز من بين هؤلاء الراديكاليين :
( ...... بحاثة متميزين مثل ج .ه هايس ، ج . م ميللر ، وفان زيتر ، ى . ب ليمشه ، ج . جاربينى ، ج . و الشتروم ، ت . ل تومبسون ، ك . وايتلام ، وآخرين . ان مايجمع هؤلاء المؤرحين على احتلاف مشاربهم هو الموقف النقدى من الرواية التوراتية ، والشروع فى استقراء الوثائق الآثارية والتاريخية بعيدا عن الافكار المسبقة التى سيطرت على مجال البحث حتى الان . ويذهب اكثرهم راديكالية الى القول بضرورة صرف النظر نهائيا عن كتاب التوراة باعتباره وثيقة دينية غير تاريخية ، دونت بعد وقت طويل من الاحداث التى تتصدى لروايتها . ......... ويرى ت . ل تومبسون بأن المعلومات الآثارية الجديدة التى صارت متوفرة لدينا الآن تمكننا من صياغة تاريخ لإسرائيل مستقل عن البحث التوراتى ، وان مقدرتنا المتزايدة على بناء تاريخ مفصل لأصول اسرائيل القديمة تجعل من الضرورى اهمال الرواية التوراتية كمصدر تاريخى ، والتخلى بشكل جذرى وواع عن كل المسلمات التى فرضت على المؤرخ من قبل النص التوراتى . يقول تومبسون فى كتابه الجديد الذى صدر عام 1999فى اوروبا تحت عنوان الكتاب المقدس فى التاريخ ....... " ان الرواية التوراتية التى تدور حول صعود وسقوط اسرائيل القديمة مازالت تتحكم بعملية إعادة بناء التاريخ لدى الحلقات الاكاديمية التوراتية . وهذه العملية ، فى الواقع تبخس القصص التوراتية حقها كأدب دينى ذى قيمة فنية عالية ، وذلك بالتركيز على وجهها الظاهرى كأحداث ووقائع وتحولها إلى تاريخ ... إن أصحاب هذا الاتجاه ، فى عدم التزامهم الموقف النقدى التاريخى ، ينتهكون القاعدة الأولى فى علم التاريخ ، الا وهى تمييز الواقعة من الحدث والخرافة ... لقد غدت الحاجة ماسة اليوم لكتابة تاريخ مستقل عن التوراة ، نستطيع من خلال المقارنة معه التثبت من تاريخية أية مروية توراتية . وبدون تاريخ مستقل لفلسطين ، ولإسرائيل القديمة ضمنه ، فإن مسألة تاريخية التوراة تبقى بدون حل . "
من مقدمة كتاب أسس المسيحية والصراع الطبقى فى الإمبراطورية الرومانية - كارل كاوتسكى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك