الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيكون لدى الحكومة العراقية المقبلة بعد انتخابات اكتوبر برنامجا لتغيير السياسة الاقتصادية في العراق ؟

عادل عبد الزهرة شبيب

2021 / 10 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في كثير من الاحيان تلجأ الدول النامية ومنها العراق الى القروض كوسيلة لسد العجز في الموازنة وتغطية النفقات العامة. ولهذه القروض كما هو معروف آثار سلبية على اقتصاد البلد وعلى الاجيال الحالية والاجيال القادمة. وقد لجأ العراق الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي لأسباب تتعلق بانخفاض موارده المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط الخام في الاسواق العالمية . واقتصاد العراق اقتصاد وحيد الجانب يعتمد كليا على تصدير النفط الخام وان اي تذبذب في أسعار النفط عالميا ينعكس على انخفاض الايرادات النفطية التي تمثل المورد الرئيس في تغطية النفقات العامة , لذلك يتم اللجوء الى القروض. كذلك فان من الاسباب الاخرى لقلة الموارد المالية للعراق هو انخفاض حجم الايرادات الضريبية حيث أن هذا الجانب غير مفعل حاليا , وتعد الايرادات الضريبية مؤشرا على مدى تطور الاقتصاد من عدمه. كذلك الحال فيما يتعلق بتهميش العديد من القطاعات الاقتصادية المهمة كالزراعة والصناعة والتعدين والسياحة وغيرها والتي يمكن أن يساعد تفعيلها على زيادة الموارد المالية للعراق وتغطية النفقات العامة دون اللجوء الى القروض. الا أن العراق مع الاسف يفتقد للاستراتيجية الاقتصادية والى التخطيط معتمدا على سياسة اغراق السوق المحلية بالمنتجات الزراعية والصناعية الاجنبية على حساب منتجاتنا الوطنية والتي ليس لها القدرة على منافستها. كما أن العراق لم يعمل على زيادة النفقات الاستثمارية بل بالعكس خفضها من 39,81 % في عام 2013 الى 34,49 % و27,14 % من اجمالي النفقات العامة في عام 2015 و 2016 على التوالي واستمر في زيادة حجم النفقات التشغيلية من 60,18 في عام 2013 الى 75,68 % من اجمالي النفقات العامة في عام 2016 وخصوصا النفقات العسكرية لمواجهة داعش الارهابي . وهذا سيبقي حالة العجز في ميزان المدفوعات.
لم يساهم العراق الجديد بعد 2003 في بناء قاعدة انتاجية متنوعة فاعلة وتفعيل الضرائب العادلة وتنويع مصادر الدخل القومي في ظل انخفاض اسعار النفط حتى يستطيع مواجهة انخفاض العائدات النفطية التي تعتبر في الوقت الراهن الممول الرئيس للموازنة العامة. ومن جانب آخر فإن عامل الفساد الاداري والمالي والاقتصادي والقانوني تسبب هو الاخر بهدر الموارد المالية وعدم فرض الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم العقوبات الرادعة بحق كبار الفاسدين ومافياتهم مما شجعهم على الاستمرار في هذا النهج المدمر لاقتصادنا الوطني ولقيمنا الاخلاقية .
القروض التي يلجأ اليها العراق من صندوق النقد الدولي لها آثارها السلبية على اقتصادنا الوطني حيث أن هذه المؤسسة الرأسمالية الدولية تفرض شروطا من حيث الفوائد وحجم الاقساط السنوية والشروط الواجب تطبيقها من قبل الحكومات من أجل الحصول على القرض . ويكمن خطر هذه الشروط في خضوع الاقتصاد العراقي للمؤسسات الدولية وفقدان استقلاليته. غير أن القروض التي حصل عليها العراق , من يضمن استغلالها بالشكل الامثل لانعاش وتطوير الاقتصاد العراقي دون أن تمتد اليها يد السياسيين المتنفذين وكبار الفاسدين ؟ وهل توجه القروض نحو الانشطة الاستثمارية التي يحتاجها البلد حاليا ؟ أم يتم توجيهها نحو الجانب التشغيلي ؟؟ ثم لماذا أصبح العراق بالقروض التي اقترضها أكثر فقرا؟
فعلى الرغم من المساعدات والقروض التي حصل عليها العراق سابقا وحاليا فإنها لم تستغل في تحسين مستوى المعيشة للسكان ولم تحسن مستوى التعليم وبناء المزيد من المدارس ومحو الامية وبناء المصانع وتطوير الزراعة والنهوض بالسياحة والقضاء على البطالة وحل ازمة السكن وتحقيق التنمية الاقتصادية –الاجتماعية...الخ, فأين ذهبت الاموال اذاً؟
ان المؤسسات الرأسمالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول الرأسمالية الكبرى لا يقدمون المساعدات والقروض للدول الاخرى الا لتستفيد منه الدول الكبرى . فبرامج صندوق النقد الدولي قد يترك البلد في بعض الاحيان فقيرا كما كان من قبل لكن مع مديونية أكبر وصفوة سياسية حاكمة أكثر ثراءً . كما تشير الى ذلك تجارب الدول الافريقية مع هذه المؤسسة . اضافة لذلك فإن لهذه المؤسسة الرأسمالية وصفة جاهزة تطبقها على كل البلدان على الرغم من اختلاف ظروف كل بلد عن الاخر. وبالطبع تجعل هذه القروض العجلة الاقتصادية في البلد تدور ولكنها تخرب الاقتصاد نهائيا وتجعل الديون أعلى وأكبر, الى جنب ذلك ما الذي يدفع أية دولة غنية لمساعدة دولة فقيرة؟ اذا لم تكن ستستفيد منها ؟ اذا كانت دولة غنية تريد تقديم المساعدات لدولة اخرى فيفترض أن تجعلها تمتلك زمام أمورها وأن تعلمها كيف تدير نفسها وكيف تصنع وكيف تقود وكيف تنتج. ولكن اذا صرفت الاعانات والقروض على الجوانب الاستهلاكية غير المنتجة , عندها فلن تكون الدولة الفقيرة قد استفادت بأي شيء . وهذا ما تفعله المساعدات والقروض .
في الاقتصاد الريعي كما هو حال اقتصادنا الوطني يعتمد على مصدر طبيعي واحد وهو النفط حيث ليس للتخطيط والتصنيع دور فيه بعكس الدول ذات الاقتصاد الانتاجي , وبطبيعة الحال تكون الدول المحتاجة للمساعدات والقروض من الدول الريعية , فالقروض والمساعدات فيها تصرف ولن تعطي أية أرباح , وبهذا تظل الديون تتراكم وتتراكم حتى تبدأ الدول في الاقتراض من اجل سداد القروض القديمة , وهكذا تدخل الدول المدينة في دوامة لانهائية من الديون وفوائدها . ولهذه الاسباب لا تفيد المساعدات والقروض التي تقدمها الدول الغنية بأي شكل حيث يظل الاغنياء يزدادون غنىً والفقراء يزدادون فقراً . والعراق اليوم بحاجة الى تجنب القروض من خلال تنويع مصادر دخله وتفعيل القطاعات الاقتصادية غير النفطية وتفعيل دور الضرائب العادلة ووضع حد لسياسة اغراق السوق بالمنتجات الاجنبية المختلفة واصلاح القطاع العام المنتج واعادة تأهيله ودعم القطاع الخاص وتحسين وضع الطاقة الكهربائية ومحاربة الفساد ومراجعة رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث وتقليص حماياتهم والتي ستوفر مبالغ كبيرة للموازنة العامة . ويبقى المهم : لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد وكيف اصنع وكيف انتج وكيف استثمر مواردي الطبيعية وكيف ادير اقتصاد البلاد لتحقيق النهضة والتقدم الاقتصادي الاجتماعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط