الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدافع المعرفي (Cognitive Motive)

سعد سوسه

2021 / 10 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعد الدافع المعرفي من الدوافع البشرية الرئيسة . وقد تطور هذا المفهوم منذ مدة طويلة على يد علماء النفس الكشتطاليون . وقد كان كوهين وستوتلاند وولف (Choen , Stotand & Wolf , 1955) أول من ميز مفهوم الدافع المعرفي وقاموا بدراسته تجريبياً . وقد وصفوه بأنه حاجة الفرد الى بناء مواقف مناسبة بطرائق متكاملة وذات معنى (هادف) ، فهو الحاجة الى فهم عالم مليء بالخبرات وجعله منطقياً ومعقولاً ، وانه عند تعرض هذه الحاجة للإحباط ينشأ عن ذلك مشاعر التوتر والإحباط والتي تؤدي فيما بعد الى بذل محاولات فعالة لبناء الموقف وزيادة الفهم .
وللدافع المعرفي تعاريف كثيرة منها
1 . هو دافع ورغبة لملاحظة الأشياء ومعرفتها ،وهوأساس حب الاستطلاع والسلوك الاستكشافي ( 1 ) .
2 . هو الدافع إلى فهم طبيعة الأشياء والبيئة عن طريق العقل والاتصال ( 2 ) .
3 . رغبة الفرد في المعرفة والفهم وإتقان المعلومات وصياغة المشكلات وحلها ، ويتضح هذا الدافع من خلال الرغبة بـ:
1- الحصول على المعلومات بسرعة .
2- الاستزادة من المعرفة عن موضوع ما .
3- الترحيب بالمخاطرة في سبيل الحصول على المعرفة ( 3 ).
4 . الحاجة إلى الاستكشاف والرغبة في القراءة والسعي للمعرفة وحب الاستطلاع وطرح الأسئلة (4 ) .
5 . هو الرغبة لملاحظة البيئة المحيطة ومعرفتها ، وهو أساس حب الاستطلاع وسلوك الاستكشاف ، وهو من شأنه أن يُحدث فحص الكائن للأشياء المحيطة ( 5 ) .
6 . الحاجة للتنظيم أو البناء ،ويطور الأفراد بناءً للعالم من خلال عمليات تفاعلهم مع البيئة ، ويتوقعون أن يعمل هذا العالم على وفق أنماط منظمة ( 6 ).
يعد موضوع الدافعية من اكثر موضوعات علم النفس أهمية ،إذ يتصل بجميع الموضوعات الأخرى التي يدرسها هذا العلم ، فهو وثيق الصلة بعملية الإدراك والتذكر والتخيل والتعلم ، فالدوافع هي تلك القوى الذاتية التي تحرك سلوك الفرد وتوجهه لتحقيق غايات معينة يشعر بالحاجة إليها او بأهميتها المادية او المعنوية بالنسبة له . وتستثار هذه القوى المحركة بعوامل تنبع من الفرد نفسه (حاجاته ،خصائصه، ميوله ، واهتماماته ) ، أو من البيئة المادية او النفسية المحيطة به ( الأشياء ، الأشخاص ، الموضوعات وغيرها ) ( 7 ) .
ان لكل سلوك دافعاً ، وان حالة الدافعية المترتبة عن سيطرة الدوافع على تفكير الفرد وأدائه تجعله دائما في حالة نفسية غير متوازنة ويبقى يعمل ويجتهد بهدف تحقيق الدافع ، لذلك يوصف سلوك الفرد المدفوع بأنه سلوك هدفي يكون فيه حيويا ونشطا( 8 ) . وبذلك تلعب الدافعية دورا مهما وفاعلا في السلوك الإنساني ، فهي تقوم باثارته وتحريكه وتحافظ على دوامه واستمراره مادامت الحاجة قائمة لذلك . وتشمل الدافعية تلك الحالات والعمليات الداخلية التي تحفز النشاط وتوجهه وتدعمه . وهي تكوين افتراضي لا نلاحظه بشكل مباشر وانما نلاحظ سلوك الأفراد والبيئة التي يحدث فيها السلوك . ومن هذه الملاحظات نقوم بعمل استدلالات في دافعيتهم . وتؤثر الدافعية في معدل التعلم واستبقاء المعلومات والأداء .
الدافعية من الشروط الأساسية التي يتوقف عليها تحقيق الهدف من عملية التعلم في أي مجال من مجالاته المتعددة ( 9 ) ، إذ تعمل على المبادرة في السلوك واستمراره . وهي تؤثر في الإدراك وتتأثر به بالمقابل. وأيا كان مسارها فستؤثر في القرارات حول أي السلوكيات سيتم استعمالها ، وأي الأهداف يتم البحث عنها ،وأي الأحداث سيتم إدراكها وملاحظتها .
الدافعية أحد أبعاد شخصية الفرد ،لكن الفرق يكمن فيما إذا كان هذا البعد نشطا أو خاملا . وقد تؤدي عوامل عدة إلى تعميق هذا الاختلاف ،فما يمكن ان يعد ظروفا تنشيطية لبعض الأفراد قد تكون نفسها ظروفا محبطة للبعض الأخر . لهذا يأتي موضوع الدافعية والظروف المساعدة والمهيأة لها دائما في مقدمة الدراسات التنموية ( 10 ) .
ويشير برونر ( (Bruner , 1967 إلى وجود ما يعرف بدافع التعلم لدى الإنسان الذي لا يتوقف على إثابة خارجية ،إذ تكمن إثابة هذا الدافع في إشباعه،ويشير برونر إلى إن هذا الدافع يمثل التعامل مع البيئة لتحقيق ذاتية الفرد من خلال ما اسماه بإرادة التعلم ،ويتضح في الرغبة في التنافس والتفوق ،وحيث نجد بعض المتعلمين الذين يتصفون بدافعية تعلم عالية يخرجون أحيانا عن المنهج الدراسي إلى ما يرتبط به من معلومات يحصلون عليها بنشاط ذاتي .
وقد يكون الدافع المعرفي أقوى دوافع التعلم المدرسي على الإطلاق ، وقد يكون مشتقا بطريقة عامة من دوافع الاستطلاع والاستكشاف والمعالجة. ويرى إوزبل (Ausubel) إن هذه الدوافع لها خصائص دافعية احتمالية ،كما إنها غير محدودة في محتواها 0 وتتحقق قوتها الدافعية في التعبير وتتحدد في الاتجاه مع نمو الفرد نتيجة للممارسة الناجحة وتوقع النواتج المشبعة من الممارسة التي ستؤدى في المستقبل . وبذلك يعد الدافع المعرفي من دوافع التعلم المدرسي والتي من شانها ان تسهل عملية التعلم ( 11 ).
وتعد القدرات المعرفية من العمليات الأدراكية الحسية والعمليات العقلية التي تتضمن التفكير والتجريد وهي تمثل النمط المعرفي الذي يركز على كيفية اكتساب المعرفة وتقويمها واسترجاعها من الأفراد ( الطلبة ) ، ومن ثَمّ يمكن تعديلها وتغييرها من خلال مقررات المناهج الدراسية وأساليب التدريس ( 12 ) .
ويتألف تصنيف بلوم من ستة مستويات رئيسة هي :المعرفة ،والاستيعاب ، والتطبيق، والتحليل ، والتركيب ، والتقويم ، وهي مستويات متدرجة في الصعوبة تتضمن في الوقت نفسه مستويات فرعية متدرجة في الصعوبة أيضاً .
وتعد الدوافع من أهم العوامل التي تسهم في التربية بوجه عام والتعلم بوجه خاص، فالتعلم الناجح هو التعلم القائم على دوافع المتعلمين وحاجاتهم ، وكلما كان موضوع الدرس مشبعا لهذه الدوافع والحاجات كانت عملية التعلم أقوى واكثر حيوية، ولذلك ينبغي ان يوجه نشاط المتعلم بحيث يشبع الحاجات الناشئة لديهم ، ويتفق مع ميولهم ورغباتهم .
ويلجأ المدرس إلى استعمال الدوافع ليضمن استمرارية المتعلمين في مواجهة المشكلات التي تقابلهم في الموقف التعليمي ومن ثم العمل على حلها ،فقد يقود الدافع المتعلم إلى موقف ينتج تعلما حقيقيا ، كما قد يسهم الدافع مباشرة في التعزيز ،وقد يثير الدافع استجابات نافعة ومفيدة للمتعلم. ويمكن القول إن للدوافع تأثيرات مهمة في عملية التعلم ويكفي أن يشعر المتعلم بأهمية شيء معين ليكون كافيا لتحفيزه على تعلمه .
أن مفتاح السيطرة والضبط لسلوك المتعلم وتوجيهه يكمن في فهم دافعيته ، لذلك فأن كثيرا من عمل المدرسين يتركز في مشكلة الدافعية ، ويكاد يكون إخفاق المدرسين وفشلهم راجعا إلى ضعف قدرتهم على فهم الدور الذي تؤديه الدافعية في عملية التعلم كونها تمثل الطاقة التي تسهم في توجيه سلوك المتعلمين ونشاطهم نحو تحقيق هدف معين في البيئة التي تحيط بهم كأهتمامهم بالدرس على سبيل المثال . ولاشك ان فهم هذا الدور وكيفية الإفادة منه يؤدي إلى اهتمام المتعلمين بالدرس وإقبالهم عليه ورغبتهم فيه .
وعلى ذلك فإذا وجد المرء في موقف غامض تعوزه المعلومات الكافية للوصول إلى الفهم ،فـأن هذا الموقف يحول من دون إشباع هذه الحاجة ،ويؤدي إلى ظهور مشاعر سلبية إزاء الموقف ،وقد يؤدي إلى جهود إيجابية لأعادة بناء الموقف وتنظيمه وزيادة فهمه ( 13 ).
المصادر
1 . الحفني ، عبد المنعم . (1975) . موسوعة علم النفس والتحليل النفسي ، بيروت : دار العلم للملايين .
2 . الخولي ، محمد علي . (1980) . قاموس التربية ، بيروت : دار العلم للملايين .
3 .الفرماوي ، حمدي احمد . (1980) . "الدافع المعرفي وعلاقته بالتحصيل الدراسي لدى طلبة المرحلة الثانوية" ، (رسالة ماجستير) ، جامعة عين شمس ، كلية التربية .
4 . مرعي ، احمد وبلقيس ، توفيق . (1983) . الميسر في علم النفس التربوي ، عمان : دار الفرقان .
5 . دسوقي ، كمال . (1988) . ذخيرة علوم النفس ، المجلد الأول ، القاهرة : الدار الدولية للنشر والتوزيع .
6 . قطامي ، يوسف . (1990) . تفكير الطفل تطوره وطرق تعليمه ، عمان : دار الاهلية للنشر والتوزيع .
7 . ابو جادو ، صالح محمد علي . (2000) . علم النفس التربوي ، عمان : دار المسيرة للنشر.
8 . مصدر سابق
9 . قطامي يوسف 2000 نمو الطفل المعرفي واللغوي ، عمان ، دار الاهلية للنشر .
10 . العمر ، بدر عمر . (2000) . "علاقة الدافعية نحو العمل ببعض المتغيرات الشخصية والوظيفية لدى الموظفين في دولة الكويت" ، مجلة مركز البحوث التربوية ، العدد (17)، جامعة قطر ، ص. ص. (79-104) .
11 . الداهري ، صالح . (2000) . علم النفس التربوي ، بغداد : دار الحرية للطباعة والنشر
12 . زيتون ، عايش محمود . (1989) . "انماط التفضيلات المعرفية عند معلمي العلوم في المرحلة الأساسية" ، مجلة دراسات ، سلسلة العلوم الانسانية ، المجلد (16) ، العدد (6) ، ص. ص. (133-163) .
13 . ابو علام ، رجا منحمود . (1986) . علم النفس التربوي ، الكويت : دار القلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة