الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذاكرة السنة النبوية

مصطفي محمود

2021 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السنة النبوية وما ادراك ما السنة النبوية فهي من تحظى بإجلال معظم مسلمي اليوم فهي المصدر الثاني للتشريع بل وقد تكون ناسخة للقرآن كما قال جمهور أئمة المسلمين وبالرغم من أن جل التراث الإسلامي هو نقل بشر عن بشر و بمناهج بشرية في أزمان سحيقة فهي فهي مجرد اجتهادات بشرية قد نتفق معها احياناً وقد نختلف كثيراً , ولكن هناك من تحجرت عقولهم وقدسوا التراث تقديساً لم يناله حتى القرآن فهم يرفضون أي محاولة لقراءة تاريخناً وتراثنا مرة أخرى وفق قواعد علمية ومنطقية سليمة ، وحتى لا نطيل عليكم نستعرض معاكم 4 نقاط تكشف بعض عوار مناهج كتب التراث الإسلامي .




1_ نهي النبي محمد عن التدوين بين التأييد والمعارضة

إن أحد عجائب كتب السنة النبوية أنها تحوي بين دفتيها نهي النبي محمد نفسه عن تدوين أي حديث عنه : فقد روى مسلم والترمذي والنسائي والدارمي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال ( لا تكتبوا عني شيئا غير سوى القرآن ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه) وايَضاً روى لنا مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال ( جهدنا بالنبي أن يأذن لنا بالكتابة فأبى) (2298/4)( كتاب الزهد والرقائق باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم ) فالنبي نفسه يمنع من تدوين أي حديث له فكيف يدون من أتى بعده ويضربون بكلامه عرض الحائط ! بالطبع وجد لها أهل التراث مخرجاً قائلين أن هذه الأحاديث نسخت بحديث (أكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج من هذا إلا حق ) الذي أخرجه أحمد في مسنده ، ولكن من أين لهم أن يعرفوا أن حديث الإباحة أتى بعد أحاديث المنع فقد تكون أحاديث المنع أتت بعد حديث الاباحة وبالرغم من أن قول أهل السنة بأن حديث الاباحة هو الناسخ لا يدعمه أي شاهد فقولنا نحن بأن أحاديث المنع هو الناسخ لحديث الاباحة تدعمه العديد من الشواهد وأهم هذه الشواهد هو منع الصحابة الخلفاء بعد موت النبي من تدوين أي حديث حيث تذكر لنا هذه العديد من المصادر بشكل قطعي الدلالة حيث نجد في : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 صفحة 140 عن عبدالله بن علاء قال (سألت القاسم بن محمد أن يملي عليَّ أحاديث فقال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها، ثم قال: مثناة كمثناة أهل الكتاب، قال: فمنعني القاسم يومئذ أن أكتب حديثا) ونجد هذا ايضاً في العديد من المصادر الأخرى ومنها ما ذكره الحافظ بن عبد البر والبيهقي في المدخل عن عروة بن الزبير: (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنن، فاستشار أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال: إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً، كانوا قبلكم، كتبوا كتباً، فأكبوا عليها، وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً.)
وايضاً يذكر لنا الحافظ حادثة أخرى بثلاثة أسانيد في جامع بيان العلم و الحافظ الذهبي في تذكرة الحافظ (روى عن قرظة بن كعب أنه قال: " لما سيرنا عمر إلى العراق مشى معنا إلى حرار، ثم قال: أتدرون لما شيعتكم؟ قلنا: أردت أن تشيعنا وتكرمنا فقال عمر: إن مع ذلك لحاجة، إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث عن رسول الله وأنا شريككم، قال قرظة فما حدثت بعده حديثا عن رسول الله)
بل وأن عمر منع أبو هريرة من مجرد رواية الحديث رواية شفاهية أبو هريرة الذي هو من كبار الصحابة وأكثر من روى أحاديث عن محمد حيث ذكر( الحافظ ابن كثير : " وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زُرْعَةَ الرُّعَيْنِيُّ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن عبد اللَّهِ، عَنِ السَّائب بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ عمر بن الخطَّاب يقول لِأَبِي هُرَيْرَةَ: لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولألحقنك بِأَرْضِ دَوْسٍ، وَقَالَ لِكَعْبِ الْأَحْبَارِ: لَتَتْرُكَنَّ الْحَدِيثَ عن الأول أو لألحقنك بأرض القردة.)
وايضاً ورد عن الحافظ بن عساكر أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر أنا أبو حامد أحمد بن الحسن أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون أنا أبو حامد بن الشرقي نا محمد بن يحيى الذهلي نا محمد بن عيسى انا يزيد بن يوسف عن صالح بن ابي الاخضر عن الزهري عن أبي سلمة قال سمعت أبا هريرة يقول ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى قبض عمر قال أبو سلمة فسألته بم قال كنا نخاف السياط وأوما بيده إلى ظهره " اهـ .[1]
فأبو هريرة كان يخاف من بطش عمر لمجرد أنه يروي عن النبي
وما ذكرناه هو يكفي ليثبت لنا بشكل قطعي أن كبار الصحابة كانوا يقفون ضد تدوين الأحاديث وهذا يدل بالقطع أن أحاديث المنع وهي أحاديث كثيرة من طرق متفرقة جاءت بعد حديث الاباحة وهو حديث آحاد ، وأما القول القائل أن الخلفاء فعلوا ذلك خوفاً من اختلاط الحديث بالقرآن هو في الأصل طعن في القرآن نفسه أو ليس القرآن هو الكتاب المعجز البليغ فكيف يختلط على الناس الحديث الذي هو كلام بشر بالقرآن المعجز إن كان هذا حقاً هو السبب فهذا يعني أن القرآن لا يختلف عن كلام البشر فالمعجزة واضحة جلية لا يمكن أن تزيغ ، وايضاً نريد أن نتساءل من أين لهم بهذا القول هل نجد تصريح واحد من أحد الصحابة أو النبي بذلك أم هو ضرب من الأوهام والافتراضات التي تزيد الخرق رقعاً .




2_ عدالة الصحابة المطلقة
أن أحد القواعد المتفق عليها بين المؤرخين المسلمين ومن نقلوا لنا الحديث أن الصحابة جميعهم ثقات عدول فهم أصدق الناس وأحفظ الناس ولا يمكن أن يكذبوا أو ينفقوا أو ينسوا ولا أعلم ما الفرق هنا بينهم وبين الأنبياء هل يعني ذلك أن المسلمين اليوم يتبعون أكثر من 100 ألف نبي! وبالرغم من لا منطقية هذا الادعاء إلا أنه لا يخالف قواعد العقل السليم وحسب بل انه يخالف القرآن نفسه والروايات نفسها حيث نجد في القرآن اتهام واضح وصريح لبعض الصحابة بالنفاق وبل وحتى النبي نفسه الذي يجلسهم ويعيش معهم لم يكن يعرفهم بحسب قول القرآن فتقول الآية (101) في سورة التوبة( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ )
والآية واضحة الدلالة أن النبي لم يكن يعرف المنافقين فكيف يعرفهم من أتوا بعد النبي ولم يعيشوهم ولم يجلسوهم و لو للحظة ، و لنقف على أحوال بعض الصحابة الذين نقلوا إلينا الحديث عن النبي محمد ولنرى هل كانوا فعلاً يحظون بهذا التقديس في أزمانهم أم أنه من أوهام أهل السير

أبو هريرة أكثر الصحابة حديثاً عن النبي حيث أنه روى 5374 حديثاً بالرغم من حداثة إسلامه فهو أسلم عام 7 بعد الهجرة ، وعلى عكس الصورة التي رسمها أهل الحديث عنه وصدورها لنا نجد أن أبو هرير كان متهم بالسرقة من عمر و متهم بالكذب من عائشة بخلاف من عمر له من رواية الحديث وهذا ما أوردناه سابقاً فنجد في الأثير في الكامل في الحوادث وابن حديد في شرح النهج وغيرهم :أن عمر بن الخطاب في سنة 21 أرسل أبا هريرة واليا على البحرين، وأخبر الخليفة بعد ذلك بأن أبا هريرة جمع مالا كثيرا، واشترى خيلا كثيرة على حسابه الخاص، فعزله الخليفة سنة23 واستدعاه، فلما حضر عنده، قال له عمر: يا عدو الله وعدو كتابه، أسرقت مال الله؟
فقال: لم أسرق، وإنما هي عطايا الناس لي .

ونقل ابن سعد في طبقاته 4/90، وابن حجر العسقلاني في " الإصابة " وابن عبد ربه " العقد الفريد " الجزء الأول، كتبوا: أن عمر حينما حاكمه قال له: يا عدو الله! لما وليتك البحرين كنت حافيا لا تملك نعالا، والآن أخبرت بأنك شريت خيلا بألف وستمائة دينار!!
فقال أبو هريرة: عطايا الناس لي وقد أنتجت.
فغضب الخليفة وقام وضربه بالسوط على ظهره حتى أدماه! ثم أمر بمصادرة أمواله، وكانت عشرة آلاف دينار، فأوردها بيت المال.

فعمر لم يكن مجرد يشك بل انه كان متاكداً في نفسه وإلا ما كان ضربه وصادر أمواله

بل لم يقف الأمر عند عمر بل إن عائشة رفضت روايات ابو هريرة فقالت عنه كاذباً ورفضت منه الرواية حيث جاء في مختصر تاريخ دمشق(" لابن منظور أن رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فقالا لها: إن أبا هريرة يقول: إن الطيرة في الدار والمرأة والفرس. فغضبت من ذلك غضباً شديداً، وقالت: كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم ما قاله. إنما قال: كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك.)

فأبو هريرة الذي يعتبره أهل الحديث صدقاً لا يأتيه الباطل من بين ايديه او من خلفه هو سارق كاذب عند عمر و عائشة * عبدالله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن كما يدعون من أكثر الصحابة حديثاً روى أكثر من (1660) حديثاً ولكن الكارثة التى يخفونها دائماً أن عبدالله بن عباس ولد قبل الهجرة بسنة أو سنتين أي عندما مات النبي كان طفل لم يتجاوز 12 عام ( كما أورده مسلم والبخاري ) ويحدثنا ما يزيد عن ألف حديث فهل استطاع أن يفهم مراد الأحاديث ويحفظ هذا الكم وهو في هذا السن هل يعقل هذا الكلام !، هذه ليست مشكلة ابن عباس الوحيدة وحسب بل أنه كان متهم بالسرقة من قبل ابن عمه الخليفة علي بن أبي طالب وهذا ما نقله الطبري (تاريخ الطبري الجزء 4) وتبدأ القصة بأن أبي الأسود الدؤلي صاحب بيت المال أرسل رسالة إلى الخليفة علي بن أبي طالب تقول (إنما عاملك وابن عمك قد أكل ما تحت يده بغير علمك) وما أن وصلت الرسالة حتى بعث علي الى ابن عباس ليستوضح الامر يطلب منه أن يرفع حسابه إليه كما يذكر نصها لنا البلاذري في أنساب الأشراف ( وأما بعد فقد بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت ربك، وأخربت أمانتك، وعصيت إمامك، وخنث المسلمين.
بلغني أنك جردت الأرض، وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلي حسابك، واعلم أن حساب الله أشد من حساب الناس، والسلام ) " وما لبث حتى وصل الرد من ابن عباس قائلاً إلى الخليفة علي
( أما بعد فإن الذي بلغك باطل، وأنا لما تحت يدي أضبط وأحفظ، فلا تصدق عليّ الأظناء رحمك الله، والسلام )

ولكن لم يكن جواب ابن عباس إلا هروب وهذا ما دعى على أن يرسل بخطاب ثان إليه يطالبه برفع حسابه إليه فيأتي رد اخر من ابن عباس ولكنه مختلف عن ذي قبل قائلاً (ووالله لأن ألقى الله بما في بطن هذه الأرض من عقيانها ولجينها، وبطلاع ما على ظهرها أحب إلي من أن ألقاه وقد سفكت دماء الأمة لأنال بذلك الملك والإمارة فابعث إلى عملك من أحببت " ):انساب الاشراف البلاذري:

فتأتي الأخبار بأن ابن عباس قد جمع أموال بيت المال وكانوا 6 ملايين درهم واستعان بأخواله من بني هلال في البصرة حيث أوسع على نفسه واشترى ثلاث جوار مولدات بثلاثة آلاف دينار !الأمر الذي دعى على بأن يرسل له قائلاً (((فلما أمكنتك الفرة أسرعت العدوة، وغلطت الوثبة، وانتهزت الفرصة،واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الهزيلة وظالعها الكبير، فحملت أموالهم إلى الحجاز رحيب الصدر تحملها غير متأثم من أخذها،كأنك لا أبا لغيرك،إنما حزت لأهلك تراثك عن أبيك وأمك، سبحان الله!أفما تؤمن بالمعاد ولا تخاف سوء الحساب؟....أما تعلم أنك تأكل حرامًا وتشرب حراماً؟.....أوَ ما يعظم عليك وعندك أنك تستثمن الإِماء وتنكح النِّساء بأموال اليتامى والأرامل والمجاهدين الذي أفاء الله عليهم البلاد؟.....
فاتق الله،وأدِّ أموال القوم فإنك والله إلَّا تفعل ذلك ثم أمكنني الله منك لأعذرن إلى الله فيك حتى آخذ الحق وأرده، وأقمع المظالم،وأنصف المظلم،والسلام)).

فيأتي الرد الصادم من حبر الأمة قائلاً (لئن لم تدعني من أساطيرك لأ حملن هذا المال إلى معاوية يقاتلك به)

ونريد أن ننهي هذا متسائلين كيف نصدق من سرق بيت المال ! كيف نصدق من قال عنه الخليفة على من عاصره وهو ابن عمه أنه يأكل حرام ويشرب حرام ، كيف لمن جاء بعده بقرون أن يجعلوه الصدق الضابط هو السارق في زمانه !





3- النقل بالمعنى

يعلم الجميع أن الرواية الواردة عن النبي إنما نقلت لنا باللفظ والمعنى وهذا ما يصدره دائما رجل الدين دائماً و يتبجحون به في كل مكان مستغلين جهل الكثير بكتبهم ومناهجهم وفي الحقيقة أن القول القائل بأن الحديث نقل لفظً هو كذبً بواح لأن جميع ما ورد لنا من روايات هي نقلت بالمعنى فقط أي و رد لنا هو فهم فلان عن فهم فلان عن فهم فلان عن فهم فلان حتى نصل إلى النبي وهذا ما أورده المازري في المعلم (2/145) (اختلاف ألفاظ الرواية يدل على أنهم كانوا يروون الحديث بالمعنى ولا يراعون اللفظ اذا المعنى واحد ) وورد عن ابن سيد الناس: ((إذا كان المخرج واحداً، والواقعة مما يندر وجودها ويبعد تكرار مثلها. فأمكن رد بعض تلك الألفاظ المختلفة في المعنى إلى بعض، فلا إشكال. ويحمل على أنه خبر واحد روي بلفظه مرة، ربما أدى إليه معنى اللفظ غيرها))(4)اهـ.
وقال أبو إسحاق الشيرازي في اللمع ( والاختيار في الرواية أن يروي الخبر بلفظه، لقوله صلى الله عليه وسلم نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمع)

(حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث أخبرنا زيد بن حباب عن رجل قال خرج إلينا سفيان الثوري فقال إن قلت لكم إني أحدثكم كما سمعت فلا تصدقوني إنما هو المعنى) كتاب العلل(427) لابن رجب


(أخبرنا الحسين بن حريث قال سمعت وكيعا يقول إن لم يكن المعنى واسعا فقد هلك الناس قال أبو عيسى وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم حفظ) كتاب العلل (427) لابن رجب

قال الترمذي ( فأما من أقام الإسناد وحفظه وغير اللفظ فإن هذا واسع عند أهل العلم إذا لم يتغير المعنى) كتاب العلل (427)لابن رجب

(حَدثنَا أَبُو عمار الْحُسَيْن بن حُرَيْث أخبرنَا زيد بن حباب عَن رجل قَالَ خرج إِلَيْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ فَقَالَ إِن قلت لكم أَنا أحدثكُم كل مَا سَمِعت فَلَا تصدقوني إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى ):العلل الصغير للترمذي:

والقول في ذلك كثير ولكن مما تقدم ندرك جلياً أن الرواية لم تكن لفظً وإنما بالمعنى أي بالفهم فهم الصحابة عن النبي والتابعي يروي ما فهمه لما فهمه الصحابة من كلام الرسول وهكذا دواليك ، فنحن لم نقف امام رواية للنبي إنما سلسلة من فهم فلان عن فلان عن فلان .

4 _الإجماع على البخاري ورجال السند


أن من أكثر الأساطير انتشاراً عن التراث الإسلامي والذي يروجها دائماً رجال الدين دون ملل أو كلل أن صحيح البخاري أجمعت الأمة على صحته فالحقيقة أن هذا لم يحدث الا في خيالهم فالحقيقة أن البخاري مطعون فيه من زمانه وأن أول من طعن فيه ومنع الناس من الاستماع والجلوس إليه كان الإمام الذهلي ( إمام أهل الحديث ) في خراسان وتبعه في ذلك كبار أهل الحديث مثل أبو حاتم محمد ابن ادريس بن المنذر و أبو زرعة الرازي حيث قال (إن البخاري متروك، ولا يكتب حديثه ) وقد ألف كتاب بعنوان (بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه ) و أيضاً عبد الله بن الصديق الغماري ( في كتابه الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة) وكذلك من المتأخرين محمد ناصر الدين الألباني قام بتضعيف أحاديث البخاري في كتبه مثل (كتاب ضعيف الجامع الصغير وزيادته) (الفتح الكبير) وكتاب ("غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام) وهناك علماء آخرون قد طعنوا في بعض أحاديث البخاري كالدارقطني قدح في أكثر من 200 حديث رأى أن بهم علة وايضاً أبو علي الحسين بن محمد في كتابه (التنبيه على الأوهام الواقعة في المسندين الصحيحين)

فالإجماع على البخاري ماهي الا كذبة قد اخترعها وصدقها رجال الدين و ليس الا ، واذا تطرقنا الى رجال السند فنكاد لا نجد رجل واحد من رواة الحديث لم يختلف حوله المحدثين فعلى سبيل المثال قد عد البخاري(1525) واعتبرهم من الثقات العدول الذين يؤخذ عنهم الحديث قد ضعف منهم ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري 80 رجل وأقر أنهم لا تنطبق عليهم شروط العدل ، وهناك ما يزيد عن 430 رجل قد ضعفهم البخاري جاء مسلم في صحيحه واعتبرهم من الثقات العدول وأخذ عنهم ولم يكن هذا وحسب بل استدرك على البخاري وضعف اكثر من 100 رجل من رجال البخاري ، والحقيقة أن ما ذكرناه هو مجرد أمثلة على من ضعفوا البخاري ومن ضعفوا رجال ثقات أعتبرهم محدثين آخرين ثقات فمسألة الرجال نسبية بل لا يوجد من هو صادق لا يكذب أبداً ولم يوجد من هو كاذب في المطلق هذا لا يوجد الا في مخيلة المحدثين وأهل الحديث .

أن جميع ما ذكرناه ليس طعن في تراثنا بل هو محاولة من محاولات كثيرة سابقة لمحاولات كشف بعض عوار المناهج التي اعتمدها من نقلوا إلينا هذا التراث ، وهذا بدافع اعادة قراءة التراث مرة أخرى وفق قواعد علمية سليمة بعيداً عن التقديس الذي يقف حائلاً ضد أي محاولة لقراءة تراثنا مرة أخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah


.. #shorts -75- Al-baqarah




.. #shorts -81- Al-baqarah