الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنا البحرين… على شرف الشِّعر واللؤلؤ

فاطمة ناعوت

2021 / 10 / 13
الادب والفن


مرّت خمسةُ عشرَ عامًا، منذ صعدتُ "قلعة البحرين" مع أصدقائي الشعراء من جميع أنحاء العالم، حاملين أقفاصَ اليماماتِ البيضاء لنكسرَ قضبانَها ونُطلق الطيرَ حُرًّا في سماء مملكة البحرين! كان ذلك في مارس 2007، في "مهرجان ربيع الشعر"، وكأنه بالأمس فقط! فلا يزالُ صوتُ خفقِ أجنحة الطّير يطِنُّ في أذني، ورحيقُ القصيدِ يسيلُ في قلبي، وحلاوةُ تمر "المنامة" تذوبُ على لساني. ليس أجملَ من اللقاء على شرف الشِّعر والجمال والحرية مع قلوبٍ وعقول تعرفُ أن الثقافةَ والفنونَ هي طوقُ النجاة وملاذُ البشرية لارتقاء سُلَّمَ التنمية والحضارة.
بدعوةٍ طيبة من النيّرة معالي الشيخة "ميّ بنت محمد آل خليفة"، رئيس الهيئة العامة للثقافة والآثار بالمملكة البحرينية، طِرتُ من القاهرة إلى المنامة أول أمس، لألقي شطرًا من قصائدي في "مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث" بالبحرين. وللشيخة ميّ مكانةٌ رفيعة في قلوب الأدباء المصريين والعرب، وفي مدوّنة الثقافة بشكل عام، نظرًا لدورها الريادي في تعزيز العلاقة الوثقى بين الثقافة والآثار والسياحة، إيمانًا منها بأن كلَّ رافدٍ منها يصبُّ في الآخر، وأن جُماع تلك الروافد يدفع عجلة التنمية المستدامة لدى المجتمعات التي تصبو للإشراق. لهذا اختارتها لجنة "فوربس" كواحدة من بين النساء الخمسين الأكثر تأثيرًا في العالم العربي؛ ممن أثرَين الثقافة العربية وأثّرن فيها.
هذا المساء بإذن الله في السابعة بتوقيت القاهرة، الثامنة بتوقيت المنامة، سوف أقرأ مختاراتٍ شعريةً من دواويني في بيت الشاعر "إبراهيم العُريّض"؛ الذي تحوّل إلى "صومعة للشعر" بعد رحيله عام 2002. البيتُ الذي عاش فيه "شاعر عشق اللؤلؤ" الذي أتقن لغاتٍ عديدةً من بينها الفارسية والهندية والإنجليزية والأردية، وعبر ترجماته الثرية تعرّفنا على الجوهر النشط لقصائد الشاعر والفيلسوف الفارسي العظيم "عمر الخيام"، إذْ نجح "العُريّض" في القبض على "روح" الشعر المراوغة في قصائد الخيام الفلسفية، بعيدًا عن الترجمات الحَرفية الأخرى. في "بيت الشعر"، أحد أهم المزارات الثقافية في البحرين، ثمة "خُلوة" يدخلها الزائرون ليُنصِتوا إلى تسجيلات حيّة من أشعار الذي قال: “كنّا كغُصنَيْ بانةٍ حملتْ/ من كلّ لونٍ زاهرٍ زَهْرا/ والعيشُ في روض المنى رَغِدٌ/ في ظلّ سَرْحٍ ينثر الدُّرّا".
ومثلما تحوّل "بيتُ الشاعر" إلى "بيت للشعر" ومركز ثقافي يحجُّ إليه السياحُ ويجتمع تحت ظلّه الشعراء، توالت بيوتُ الثقافة والفنون والتراث في أرجاء البحرين تحت مظلة "مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث"، منها: “بيت عبد الله الزايد" لتراث البحرين الصحفي، و“بيت محمد بن فارس" لفنون الصوت، و"بيت الكورار" الذي يعمل على إحياء الحِرفة التراثية المشهورة بين نساء مدينة المحرّق البحرينية، و"بيت بن مطر" لذاكرة العمارة، و"بيت القهوة" الذي دمج منازلَ قديمةً ثلاثة لإحياء طقس القهوة العربية الشهية، و"بيت حِرف الديار" لإحياء الحِرف اليدوية مخافة اندثارها، وكذلك "بيت اقرأ" الذي يضمُّ مكتبة غنية لتشجيع النشء على ثقافة القراءة والسعي للمعارف، وغيرها من بيوت تخدمُ الثقافة والتاريخ والآداب وفلسفة إحياء التراث البحريني.
لي في البحرين الشقيقة أساتذةٌ من الشعراء الكبار وأصدقاءُ اقتسمتُ معهم شطيرةَ الشِّعر. وكتبتُ سنواتٍ طوالا عمودًا صحفيًّا في "جريدة الوقت" البحرينية. لهذا أشكرُ الشيخة "مي" على تمسيد حبل الوريد الذي يربطني بالبحرين، التي تقتسم مع مصرَ الطيبةِ شطيرةَ الحُبّ والحضارة. كما أشكر سفيرَنا المصري بدولة البحرين د. "ياسر شعبان"، الذي هاتفني قبل سفري من القاهرة، ليرحّب بي والسيدةُ قرينتُه، وفاجأني بخطاب ترحاب لطيف كان بانتظاري في غرفتي بالفندق فور وصولي البحرين. كما أشكرُ الجميلة "أزميرالدا قباني"، مديرة البرامج الثقافية لمركز الشيخ إبراهيم، التي اصطحبتني في جولة ثرية صافحتُ خلالها وجه البحرين التراثي البهيّ. وأختتمَ مقالي بمقاطع مما سألقيه الليلةَ في “ بيت الشعر”:
"شاعرةُ الحيِّ الفقيرةُ/ تستقبلُ الصباحَ بفتحِ نوافذِ دارِها/ حتى تدخلَ اليماماتُ/ اللواتي يسعين من جذوع الشجرِ الناشفِ من كلّ فجٍّ عميق/ لكي يُطوِّفنَّ في صحن دارِها/ يلتقطَنّ حبوبَ القمح وزهرَ السوسن/ ثم يطرن إلى فراخ اليمامات الوليدة/ في قعورِ الأعشاش الجافة/ تفتحُ مناقيرَها الجوعى/ لتأكل من مِنقار اليمامةِ الأمّ/ مما رزقها الله.” “ تسألُني العصافيرُ: لماذا بشرٌ يضعون في صدورِهم أحجارً/ محلَّ القلوبِ/ ويرسمون على وجوهِهم عُبوسًا/ بدلا من البسماتِ/ ويحملون في أياديهم سكاكينَ وجنازيرَ وأفخاخًا/ بدلَ أن يحملوا أزهارًا/ يُهدونها للصبايا الحِسان/ يخطُرنَ في فساتينهن/ وسكاكرَ حلوى/ يوزعونها على أطفال الحيّ الفقراء/ وحفناتِ قمحٍ وشعير/ يوزعونها على عصافيرِ السماء واليمامات؟!”
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألف شكر للمقال الرائع
محمد علي حسين - البحرين ( 2021 / 10 / 13 - 12:17 )


أقدم للشاعرة والكاتبة الصحفية القديرة فاطمة ناعوت، روابط ذات صلة بالمواضيع التي تطرقتي إليها في مقالك هذا اليوم، وأرجو أن تنال إعجابك.

يا شيخة مي.. يا جبل ما يهزك ريح – الحوار المتمدن
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=305503

منح (جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي) للباحثة والناشطة الثقافية الشيخة مي آل خليفة
http://al-ghorba7.blogspot.com/2019/09/blog-post_80.html

الأزمة المالية قضت على صحيفة الوقت
http://al-ghorba7.blogspot.com/2019/12/blog-post_19.html

اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه