الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حمار حمورابي وشيخ زياد بن ابيه 2

ابراهيم أحمد السلامي

2006 / 8 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


القسم الثاني

قلنا في القسم الاول من اننا نحن العراقيون سهلو الانقياد لخلفائنا وولاتنا وملوكنا المتجبرين والذين لايرعون عهدا ولاذمة فأن لمسنا فيهم ضعفا او خوارا تمردنا عليهم وقاتلناهم بأسنة الرماح وأنصال السيوف وأعقاب البنادق فأن استردوا قوتهم وجبروتهم وبطشهم عدنا صاغرين مطيعين كتلاميذ نجباء وان هزمناهم عدنا طائعين لمن يأتي بعدهم من الملوك أو الولاة الاقوياء

فهذا زياد بن أبيه والي العراق المستبد يقتل شيخا اعرابيا توسل فيه أن يعفيه لانه برىء فقال له زياد والله أعلم أنك بريء ولكن بقتلك صلاح للامة ّ.

اذا فزياد بن أبيه قتل البريء بجريرة المذنب أوربما بلاجريرة ومن أجل اصلاح الامه ولاندري عن اية امة يتحدث زياد , والعراقيون يسمعون ماتفوه به , فهل انتفضوا ضد هذا الوالي المطعون بنسبه والذي لم يعرف التأريخ له أبا ؟

نعم نحن العراقيين رضينا بولاة انحدروا الينا من مبغى فسبحنا بحمدهم ورضخنا لملوك تم استيرادهم لنا من الخارج تحت ماركة مسجلة فسجدنا لهم واطعنا رؤساء لانعرف لهم أصلا او فصلا أو كم أتخذت امهاتهم من الازواج , فكانوا لنا سادة وكنا لهم العبيد. ورقصنا في أعياد ميلادهم ورقصت الكثير من العراقيات على أنغام الطبل والمزمار للقائد المظفر وهن تحت أنظار أزواجهن وأخوانهن يتمايلن طربا على أنغام (( الله يخلي الريس الله يطول عمره)) ثم نقول عن أنفسنا نحن رجال وتبح اصواتنا بقول الشاعر المقدام الذي صدح صوته قبل الف سنة ونيف (( لايسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى يراق على جوانبه الدم ’)).

وفي أول يوم تولى فيه الحجاج بن يوسف الثقفي ولاية العراق جلس ملثما صامتا في مجلس الخطابه بجامع الكوفه تململ العراقيون في أول برهة لصمت هذا الوالي , ربما ظنوه أخرسا أو أهبلا فرموه بالحجارة والطماطم ’ حينها كشر الحجاج عن انيابه ورمى اللثام بعيدا وصاح في العراقيين قولته الشهيره (( والله أني أرى رؤسا أينعت وحان قطفها )) فعدنا كالاغنام طائعين مطيعين , صاغرين خائفين ,وصلينا له صلاة العفو ورددنا بصلاتنا وباعلى صوتنا وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم ’ فقادنا هذا الوالي المقدس بأسم الدين وبأسم راية الاسلام لتبقى عالية ترفرف على بيت الامارة في حروب بني امية ’ وهو يحمل سوطه ليلهب به ظهور من يتردد عن اللحاق بالجيش الاموي الذي يقاتل في خراسان تحت قيادة المارشال بن ابي صفرة .

وهكذا كان يقودنا الطغاة الى حروبهم وتحت شعارات ومسميات شتى , بأسم الدين تارة أو بأسم القومية تارة اخرى أو باسم الحروب الوطنية المقدسه.

أما ولاتنا الشرفاء فكانوا يحتارون بأية طريقة يحكموننا بها , ولم يسلم أي وال او خليفة أو رئيس الا قتلناه وبابشع أنواع القتل أو ساعدنا على قتله بأبشع أنواع الغدر و وهكذا قتل بين ظهرانينا الامام علي بن ابي طالب بعد ان ملآنا قلبه قيحا وقتل بيننا ابنه الامام الحسين واخوته وابناء عمومته دون ان يرمش لنا طرف للخجل ونحن ننظر الى سبياهم.

وفي العصر الحديث قتلنا ذلك الزعيم المغدور المرحوم عبد الكريم قاسم في شهر رمضان ولم نكتفي بقتله بل تركنا لكل لقيط ومأفون أن يساهم باهانتة تعويضا عما يعانيه من نقص.

في ظل حكم صدام حسين كان الكثير ممن يكلفون بواجبات وظيفية خاصة الامنية والمخابراتية منها يستبسلون بالدفاع عن الواجب والشواهد كثيرة على ذلك ولكن سنتوقف عند أحدها لما فيه من دلالة ومعنى عميق عن سايكولوجية العراقيين , فقد كلف أحد ضباط الامن بالهجوم على أحد الدور لاتهام ساكنيها بمعارضة النظام , وقد أصدر هذا الضابط لمن معه أوامر باقتحام الدار وكان الضابط أول المقتحمين لكن أحد الشبان من ساكني الدار كان قد حاول منع هذا الضابط ويبدو ان هذا الشاب كان مهيئا لهذا الامر فحصل اشتباك وعراك بينه وبين هذا الضابط ولكن هذا الصراع كان قد انتهى عن جثتين هامدتين بعد ان فجر الشاب قنبلة يدوية كان قد أعدها سلفا ليموتا معا.

ترى هل كان هذا الضابط بطلا ؟ الحقيقة ليست كذلك فلم يكن هذا الضابط بطلا أوشجاعا ولاهم يحزنون لانه كان يدافع عن نظام مستبد وعن طاغية لايرحم , فسايكولوجية هذا الضابط المستمده من سايكولوجية المجتمع العراقي برمته هي التي دفعته الى البطولة , لانع يعلم يقينا أن النظام المستبد يقف الى جانبه بكل قدرته وجبروته ومؤسساته القمعيه ولو لم يكن ذلك النظام قويا بمؤسساته الامنيه لكان هذا الضابط أجبن من جرذ. وللحديث بقية.
























التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية