الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كِيمياء السِّياسة بالكِيميَاء

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2021 / 10 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


مسرحية سياسية من ثلاثة مشاهد بقلم #راوند_دلعو

♦️♠️♥️♣️

المشهد الأول :

المكان : أروقة الدولة العميقة في بريطانيا حيث المركز السري لصناعة القرار الدولي.

الزمان : 2015 م

(حوار في المكتب الأميري لقداسة السيد مورفين ، الزعيم الأسمى للمحفل القداسي الأعلى الذي يتحكم أعضاؤه بكوكب الأرض )

◻◼◻◼◻◼

البواب : قداسة النور المحفلي الأعظم سيدي مورفين ، أود أن أخبركم أن السيد توبليكسيل يقف عند الباب طالباً التشرف بلقاء حضرتكم ... فهل آذن له ؟

قداسة المورفين : نعم أدخله لنرى ما وراءه ... لعله خيراً !!

البواب : فلتأذنوا للسيد توبليكسيل بالدخول على قداسة النور المحفلي الأعظم.

توبليكسيل بين يدي القداسة :

تحية إجلال إليكم يا قداسة النور المحفلي الأعظم ، سمو سيدي مورفين تعالى مجده القُدّوس .... أتمنى أن تكونوا بصحة جيدة ...

قداسة المورفين :

أهلاً بك يا توبليكسيل ، أرجو أن تدخل بالموضوع فوراً فجدولي مزدحم بالمواعيد اليوم ، فكما تعلم إن كوكب الأرض مزعج هذه الأيام حيث يغلي بالأحداث التي يجب أن نُديرها جميعاً لتبقى الأمور تحت السيطرة !!

توبليكسيل :

عذراً سيدي لأنني سآخذ من وقت قداستكم ، لكنني في الحقيقة مضطر لذلك ... مممم ... هناك مشكلة كبيرة ... بل يؤسفني أن أقول لقداستك إنها كارثة برأيي يا سيدي ... و أرجو أن لا تغضب مني فأنا مجرد ناقل للرسالة ، و ناقل الكفر ليس بكافر !!

قداسة المورفين :

ما هي هذه الكارثة يا توبليكسيل ؟ هيّا تكلم ما الأمر ؟

توبليكسيل :

سيدي ، التقرير الأخير الذي أرسله كبير الاقتصاديين السيد فولتارين تحاميل ...

قداسة المورفين مقاطعاً :

ما به فولتارين ؟

توبليكسيل :

فولتارين تحاميل سيدي !

قداسة المورفين :

فولتارين ... فولتارين تحاميل ... عرفتُه ... المهم تكلم ! هيا انطق !

توبليكسيل :

مممم سيدي بصراحة .... التقرير لا يبشر بالخير ! آ آ ... مممم .... نعم نعم لا يبشر بالخير و كذلك تقرير السيد أنازول.

قداسة المورفين :

أتعني أنازول 200 كبسول ، كبير المستشارين في قسم الأمن الجيواستراتيجي ؟

توبليكسيل :

نعم سيدي ، تقريره أيضاً لا يبشر بالخير 😖 !

مورفين :

ابتلعتك الأفاعي و نعاك الناعي كلما دعا للرب داعي ، ليتك تفحَّمتَ و لا أتيتني بهذه الأخبار السوداء عند جهجهة هذا الصباح الذي بات كطعم الأشباح ....

ثم التفت السيد مورفين إلى سكرتيره ديكلوفيناك البوتاسيوم و قال :

ديكلون .... قم بتعديل جدول مهامي و أجّل اجتماعات اليوم إلى الغد ...

ديكلوفيناك : حاضر سيدي ...

قداسة المورفين :

أتدري يا توبليكسيل ما خطورة الذي تقوله ؟ أنت تتحدث عن أسماء كبيرة !! ... بل كبيرة جداً ... ثكلتك أمك !

توبليكسيل مع ابتسامة شاحبة :
مقبولة منك يا سيدي فسموُّكم يمون على الرقبة .... لحم أكتافنا من خيركم .... هل تأذن لي بأن أكمل كلامي يا سيدي ؟

فقاطعه قداسة المورفين قائلاً :

لدينا في هيئة القيادة العليا لكوكب الأرض ثقة عمياء لا تتزعزع بقدرات السيد فولتارين و السيد أنازول التحليلية ، كما أننا نثق ببراعتهما في إدارة الأزمات !! فهما لا يتكلمان كيفما اتفق ... و إنما يتكلمان بشكل علمي و بدقة و احترافية تُشهَد لهما ....

نعم أكمل هيّا ... ما بهذه التقارير ؟

هيا انطق !!!

توبليكسيل :

مممم آممم هوِّن عليك يا سيدي ... هون عليك ... في الحقيقة لا أدري ما أقول ، و لكن !

قداسة المورفين :

لعل المشكلة تكمن في إدارة الناتو ( باراك أوباما و عصابة البيت الأبيض ) مثلاً ؟ ... أو في بقايا حلف وارسو ( بوتين و عصابة الحزب الشيوعي الصيني ) ؟ هل قررا أن يخرجا عن طاعتنا يا ترى ؟ هل تمرد أحدهما علينا ؟ هل تنازعا من جديد ؟ هل هددا باستخدام الأسلحة النووية ....

توبليكسيل :

توقف يا سيدي أرجوك ... لماذا تستصغر و تستسخف الأمور .... ؟

قداسة المورفين متعجباً :

أستصغر ، أستسخفُ الأمور !!؟؟؟؟؟

توبليكسيل :

سيدي إن ما تتحدث عنه أمورٌ تافهة أمام ما جاء في التقارير ... فالقصة أكبر من وارسو و ناتو و هواجس الحرب النووية بكثير بكثير .... !!! يا إلهي لو تدري ما جاء في هذه التقارير !! لو علمت ما بالتقارير لأدركت أنها القيامة ...!

أنت تعلم يا سيدي أن حِلْفَي الناتو و وارسو عبارة عن بيدَقَين بأيدينا نحركهما كما نشاء لنوهم البشر بوجود أقطاب متصارعة في هذا الكوكب ، و بالتالي نجعلهم يتوهمون وجودَ توازن دولي ما بين معسكر رأسمالي و آخر شيوعي ... لكنك تعلم يا سيدي ، أن حِلفَي الناتو و وارسو لا يجرؤان على تحريك ساكن و لا يستطيعان أن ينبسا ببنت شفة دون موافقة جلالتكم .... فكلنا يعلم أنكم أنتم من صنعتم حلفي وارسو و الناتو بعد الحرب العالمية الثانية ، فلحم أكتافهم من خيركم و فضلكم ، و المثل يقول : الكلب لا يعض صاحبه ، أليس كذلك يا قداسة سيدي المورفين !

قداسة المورفين :

نعم لا شك بذلك ، فقداسة والدي الكوكائين الأعظم هو من خطط لكل شيء بعد الحرب العالمية الثانية ... و الأمور تسير إلى يومنا هذا كما خطط ....

توبليكسيل :

لكن للأسف يا سيدي ... أمامي تقارير علمية دقيقة تؤكد العجز المتنامي لإدارة هذين الحِلفين ( أعني الناتو و وارسو ) عن التحكم بكثير من الأشياء التي يفترض أن تبقى تحت قبضتهما الحديدية !! اعذرني ... فالتقارير العلمية المتخصصة تؤكد ذلك !!

قداسة المورفين :

هيّا ، توقف عن الثرثرة و أخبرني ما الذي جاء في التقارير و أفزعك إلى هذه الدرجة ...؟

توبليكسيل :

سيدي ، القصة تتعلق بالنمو الهائل المرعب للموارد البشرية حول العالم .... فالبشر يتكاثرون بشكل انفجاري و ستستحيل السيطرة عليهم في المستقبل القريب ، و ذلك مهما كانت حجوم الجيوش و القنابل النووية و الهيدروجينية المستخدمة لكبحهم و ضبطهم !!!

فنحن أمام كارثة توشك أن تقع خلال العقود القليلة القادمة .... وهي عدم قدرة جيوشنا على التحكم بعشرات مليارات الغوغاء من البشر ... مما يعني قدرة هؤلاء على قلب النظام الدولي بسهولة !!!

أضف إلى ذلك التكدس المتنامي للتكنولوجيا و رؤوس الأموال في خزائن الشركات الأمريكية و الأوروبية و الصينية الكبرى مما يؤدي إلى تضخم أحجام هذه الشركات بشكل أُسِّي مرعب !!! و هذا يعني أننا بدأنا نفقد السيطرة على رأسمال و موارد هذه الشركات لأنها أصبحت تمتلك مواردَ بشرية و طاقات و ثروات هائلة .... و هنا تؤكد المنحنيات الرياضية التي زودتنا بها هذه التقارير قدرة هذه الشركات و خلال ثلاثين سنة فقط على التمرد و الخروج عن سيطرة النظام الدولي الذي أسسه قداسة والدكم الكوكائين الأعظم و رفقاؤه السادة الأقداس لهم السمو و المعالي و المجد !!

قداسة المورفين :

توقف توقف .... فلتبتلع لسانك قليلاً !! هل هذا يعني أننا سنكون في خطر و قد نفقد السيطرة على الجنس البشري في المستقبل ؟

توبليكسيل :

نعم سيدي ، هذا بالضبط ما تقوله التقارير ...!

قداسة المورفين :

يا ويلي ! ... يا ويلي ! سيتزعزع حكمنا لكوكب الأرض !! لم يكن ينقصني إلا خبراً كهذا أيها المعتوه ... لقد اكتمل حظي و أشرق سعدي ... ثم أرعد رعدي ، لا قبلي و لا بعدي ، فهل أَفلَ عَهدي ؟

توبليكسيل :

هون عليك يا سيدي ، ما هكذا تورد الإبل ، جلالة قداستكم !!!

قداسة المورفين :

اسمع يا غراب الشؤم ... فلتطلب اجتماعاً بالغ السريّة لقداسة الهيئة الاستشارية المحفلية العليا ، و إياك أن تستدعي إلا زعماء الطبقة الأولى من حملة ألقاب سمو القداسة المحفلية الأعلى ، أولئك الذين ثبت إخلاصهم فنالوا ثقة جلالة والدي صاحب المقام الأقدس عز و جل .... أريدهم هنا بأقرب وقت ممكن ... فلتجمعهم من كل أصقاع الأرض !! مهما كلف الأمر ! هل فهمت ؟

توبليكسيل :

حاضر سيدي ....

طائرات خاصة ستُرسَلُ إليهم لتجلبهم فوراً أينما كانوا ....


⚫⚪🔴🔵

المشهد الثاني :

الزمان : بعد ثلاثة أيام.

المكان : أروقة الدولة العميقة في بريطانيا حيث المركز السري لصناعة القرار الدولي.

◻◼◻◼◻

مُقَدِّم الاجتماع :

فليقدم قداسة مولانا المورفين الأعظم جل جلاله بالتحدث متفضلاً ....

قداسة المورفين :

أُوجّه خشوعي لجلالة قدس الأقداس سمو الكوكائين الأعظم حضرة والدي صاحب المقام الذي تبارك و تسامى و تعالى ، ثم أقول :

يا أعضاء القداسة المحفلية العليا ، لقد أمرت بعقد هذا الاجتماع المستعجل لورود تقارير استخباراتية خطيرة لا تبشر بالخير ... تقارير كالزفت ... تصيب بالزكام و الموت الزؤام !

في الحقيقة نحن أمام حالة انفلات وشيك و فقدان للسيطرة على هذا الكوكب !! و قد يحدث ذلك خلال ثلاثين سنة من الآن فقط ، و ذلك إن لم نجد حلاً !!! صدقوني إن نظامنا الدولي الذي بنيناه بدمائنا و دموعنا معرض للانهيار .... !! هذا النظام الذي أتاح لنا حكم كوكب الأرض منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى اليوم ، يوشك على الانهيار !!! هل تصدقون هذا ؟

و سأنقل المايك إلى البروفسور سيتاكودائين ، رئيس الهيئة العلمية الأعلى التابعة للمحفل القداسي ، و الذي وكلنا إليه مهمة متابعة التقارير السرية ، فسيلخص لكم جميع الأزمات و المشاكل التي جاءت في هذه التقارير عالية الخطورة ... !

تفضل بروفسور سيتاكودائين حب.

سيتاكودائين :

أتوجه خافض الجناح خاشعاً إلى روح جلالة مولانا القدير و ولي نعمتنا مقام حضرة الكوكائين الأعظم دامت قداسته ، ثم أقول :

أصحاب القداسة و المعالي ، لقد ظننا _ مخطئين _ أن سيطرتنا على المشاهد السياسية و العسكرية و رؤساء الشركات و البنوك حول العالم ستكفل لنا قبضة حديدية مستدامة على تلابيب هذا الكوكب !! لكن و للأسف ، لقد اتضح لنا مؤخراً من خلال التقارير الاستخباراتية عالية السرية ، أن هناك انفجاراً بشرياً ضخماً قد لا تقف الجيوش بوجهه ، و تراكماً مهولاً للطاقات البشرية و الرأسمالية في يد الشركات العملاقة مما يجعل مهمة رؤساء هذه الشركات _ بل حتى رؤساء الدول و المنظومات السياسية و العسكرية _ في السيطرة عليها شبه مستحيلة .... !

فهناك قوة هائلة تقتحم مسرح اللاعبين الكبار على هذا الكوكب ، إنها سلطة جديدة كلياً ، مكونة من تعملق المارد البشري متحداً مع الرأسمال المالي في يد الشركات الكبرى !! فالتقارير التي بين أيدينا تؤكد و بالأرقام عدم قدرة أي سلطة عسكرية على ضبط و كبح سلوكيات هذه الكتل البشرية الهائلة و تلك الشركات المتعملقة في حال قررت العصيان و الثورة ، و سيغدو _ في القريب العاجل _ من الممكن جداً قيام حركات تمرد تهز هيبة العرش النوراني الأقدس للهيئة الحاكمة للكوكب ... مما سيزعج مولانا قدس الأقداس الكوكائين الأعظم في قبره الشريف !

و كذلك يؤسفني أن أقول لكم أن مشكلة أخرى لا تقل خطورة عن المشكلة الأولى تلوح بالأفق !!! مشكلة تهددنا جميعاً جميعاً ... فنحن نعاني من مشكلة جديدة في ملف المناخ !!

نعم المناخ ... الذي سيؤثر على كوكب الأرض بمن فيه ...

و فجأة يستيقظ الدكتور ترامادول من غفوته و يقاطع السيد سيتاكودائين :

ما علاقة موضوع المناخ بموضوع الشركات يا سيد كودائين ؟ لماذا تقفز من موضوع لموضوع آخر ... لقد تشوشت و لم أعد أستوعب !!

السيد سيتاكودائين :

أولاً لا يحق لك أن تتكلم قبل أن تتوجه بخشوعك المطلق إلى قداسة مولانا الكوكائين الأعظم الذي أنت بحضرة جلالته الآن !!! أليس كذلك يا دكتور ترامادول السكران ، أم أنني مخطئ ؟

الدكتور ترامادول :

نعم نعم ، أنا آسف ... الحق معك يا سيد كودائين ، لكنك تعرف أنني نؤوم كثير الغَفْو و الغثيان ، فأرجو من قداسة الحاضرين غفران زلَّتي .... أتوجه مُطرقاً خافض الجناح خاشعاً إلى مقام حضرة الكوكائين الأعظم ، ثم أقول :

ما علاقة موضوع المناخ بموضوع الشركات يا سيد كودائين ؟ لماذا تقفز من موضوع لموضوع آخر !

السيد سيتاكودائين منفعلاً :

دكتور ترامادول ، دعني أكمل لو سمحت كي أوضح لحضرات الأقداس مشكلة المناخ ..

مشكلة المناخ يا سادتي أن الحركة الصناعية في كوكب الأرض أصبحت هائلة ، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية و الصين ... و هذا يزيد الانبعاثات الحرارية و الكربونية مما يزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري و يدفع بطبقة الأوزون إلى مزيد من التحلل ... و هي اليوم على حافة التلاشي !!!

و كما يعلم السادة الأقداس أن طبقة الأوزون تحمي الجنس البشري من الأشعة الشمسية المسرطنه و ذلك من خلال حجب و امتصاص الإشعاع الفوق بنفسجي الضار .... أضف إلى ذلك أن التلوث الصناعي و الاحتباس الحراري قد أثرا بشكل كبير على المناخ و الغطاء النباتي و الحياة البرية بل ساهما بانقراض الكثير من الحيوانات في السنوات الأخيرة !!

الدكتور ترامادول :

أمِن بين كل هذه المشاكل السياسية و العسكرية لم يهمكم إلا مشكلة المناخ ؟

هل المناخ أهم من مشاكل أميركا و روسيا و سباق التسلح النووي ؟ هل المناخ أهم من مشكلة سلاح إيران النووي ؟ أهم من تهديدات زعيم كوريا الشمالية المريض ؟ أهم من قضية فلسطين ؟ أهم و أخطر من انتشار الأصولية المحمدية الجهادية المتطرفة يا سيد كودائين ؟

السيد سيتاكودائين :

أجل سيدي ، لأننا _ كما يعرف الجميع هنا _ نحن من خططنا لهذه الأزمات التي تتحدث عنها ، و لذلك نستطيع التحكم بها و بنتائجها .... فالسادة الأقداس على علم بأن العداوة الكائنة بين أمريكا و أوروبا من جهة ، و الصين و روسيا من جهة أخرى إنما هي مجرد عداوة ظاهرية ليس إلا !! و كلنا يعرف أن ذلك نتاج مباشر لما صدر عن ثعالب المكتب القداسي المتخصص بهندسة السياسات الظاهرية بين الدول العظمى التي تتبع بحقيقتها لنا بشكل أو بآخر ...

أما ملف إيران النووي فمجرد بروباغاندا إعلامية ، إذ كلكم يعلم أننا نحن من أتينا بالإرهابي المدعو خميني من باريس إلى سدة الحكم في طهران ... بغية إقامة نظام أصولي شيعي بهدف دعم و تكثير الأقلية من المحمديين الشيعة حول العالم ، و ذلك على حساب الأغلبية من المحمديين السنة .... أما هدفنا من ذلك فواضح جداً ، و هو تقسيم و تشظية العالم المحمدي إلى عدة أقسام متكافئة تقريباً ، فندعم الأقلية الشيعية حتى تكافئ الغالبية السنية بحيث نُنَاطِحُهما كالأكباش إذا استدعى الأمر ، مما يسهل عملية التدمير الذاتي للأصولية المحمدية عند الضرورة .... و لا ننسى أن الأصولية المحمدية بشتى مشاربها من القاعدة إلى داعش و الإخوان و الطالبان و النجباء و الحشد و حزب الله و حزب التحرير و و و فكلها عبارة عن بيادق بأيدينا نحركها كيف نشاء و نقلم أظافرها عندما نشاء ...

أما قضية فلسطين ، فهي قضية تافهة ثانوية لا قيمة لها ... صممناها و أنشأنا التوازنات الإقليمية بناء عليها كي نستطيع التحكم بجميع اللاعبين على الساحة الفلسرائيلية ... و قد قمنا بتصميمها أصولاً من أجل الأكشن و الإثارة في نشرات الأخبار ، و لا يخفى على السادة الأعضاء أننا نستخدمها لنشر الكراهية بين المحمديين و اليهود ، فهذا من شأنه أن يخلق سوقاً لاستهلاك الأسلحة و تطوير البحوث العسكرية عند الضرورة .... و قس على ذلك قضية الكرد و الترك و البورميين و الأفغان و البوليساريو و حلايب و جنوب السودان و اليمن و و و و

فلكل قضية من هذه القضايا _ التي هندسناها بعناية _ ملف في مكاتب ثعالبنا السياسيين راسمي السياسة الدولية ..... !

لكن يؤسفني أن أؤكد لكم أن كل ما سبق من سياسات دولية إنما هي من تصميمنا و تحت أعيننا و سيطرتنا باستثناء قضيتين بدأنا نفقد السيطرة عليهما للأسف :

⬅️ التضحم المهوول للموارد البشرية و حجوم الشركات من جهة ...

⬅️ و التغير المناخي من جهة أخرى !!!

للأسف يا حضرات الأقداس !قضيتان بدأتا بالإفلات من بين أيدينا و قد تؤديان إلى هلاكنا .... فلا بد من حل إسعافي سريع.

دكتور ترامادول :

نعم لقد أقنعتني يا سيد سيتاكودائين ، إن كلامك صحيح فعلاً ! كلها قصص سخيفة تحت سيطرتنا و تحكمنا باستثناء المناخ و الموارد البشرية العملاقة ... لكن أرجو أن تتفضل و تكمل حديثك عن كيفية التعامل مع هاتين الأزمتين ... فقد بدأ الخوف يوقظ دماغي الذي اعتاد على النوم و الشخير !!

السيد سيتاكودائين :

لقد شرحت للتو معضلة الشركات العملاقة ... و للأسف لا نمتلك أي خطة للحل !!

أما بالنسبة للتغير المناخي و تلاشي طبقة الأوزون فالكارثة أكبر لأن مصير البشر جميعاً عندئذ هو الموت ... بما فيهم نحن _ زعماء الكوكب الأقداس _.

فلا بد أن نتحرك فوراً لإيجاد حل جذري لمشكلة المناخ و الأوزون قبل أن يستفحل الانقراض في الأجناس الحية ، فنحن في سباق مع الزمن.

و المصيبة الأكبر أننا لا نستطيع منع الاحتباس الحراري و ما ينتج عنه من تغيرات مناخية إلا من خلال إيقاف جميع المعامل و وسائل النقل حول العالم و من ثم العودة بحياة البشر إلى بدائيَّتها .... و هذا مستحيل ! فالبشر يذهبون لأعمالهم يومياً لتحصيل قوت يومهم ، و لا يدركون خطورة هذه الانبعاثات السامة التي يتسببون بها و التي ستؤدي إلى اختلال التوازن البيئي و تلاشي طبقة الأوزون و بالتالي انقراض الكثير من الكائنات الحية بما فيها الجنس البشري ...

ثم تدخّلَت السيدة أسبيرين ( كبيرة المستشارين السياسيين ) قائلة :

أوجه خشوعي لقدس الأقداس حضرة صاحب المقام القداسي الأعلى سمو الكوكائين دامت ظلاله الوارفه ... ثم أقول :

لقد قدَّمْتُ هذه الفكرة موضحة في تقريري القانوني و سلمتُها إلى حضرة معالي النور المحفلي الأعظم السيد مورفين .... حيث بينت استحالة سن قانون نمنع من خلاله الناس من ممارسة جميع النشاطات التي تؤدي إلى انبعاثات حرارية ، لأن هذا سيعني منع الناس من الذهاب للعمل !! ... و هذا مستحيل ، لأن العمل هو مصدر الحياة و الدخل ... كما و يستحيل إصدار هكذا أمر في وقت واحد لجميع البشر !!

ثم قاطع قداسة المورفين الجميع قائلاً :

أتشكر السيدة أسبيرين و السيد كودائين .... لكن ملخص الحوار يا سادة أننا نعاني من مشكلتين كبيرتين :

❇ الأولى : تعاظم حجوم الموارد البشرية و الشركات العملاقة بحيث يصعب السيطرة عليها مستقبلاً مما يعني قدرتها على التمرد على نظامنا الدولي.

✴ الثانية : كارثة الاحتباس الحراري التي أدت إلى التغير المناخي و بالتالي انقراض الكثير من أصناف و أجناس الحياة البرية بالإضافة إلى تلاشي طبقة الأوزون ، مما يهدد التوازن البيئي و الحياة على سطح كوكب الأرض.

ثم أطرق قداسة المورفين برأسه و قال :

يا ويلاه !!! فعلاً أيها السادة الأقداس ، نحن أمام معضلتين كبيرتين جداً .... أخشى أن الكوكب ينزلق من بين أيدينا !

أدركنا يا أبتاه ! يا قداسة الكوكائين الأعظم ... أدركنا أرجوك !

و لكن قل لي يا سيد سيتاكودائين ، ألا نستطيع التحكم بالشركات من خلال تحكمنا بالسيولة المالية ؟! ... كأن نسحب السيولة المالية من الشركة التي تفكر بالتمرد علينا مما يعيدها إلى طوق الطاعة و يجبرها على الالتزام بأوامرنا و هي صاغرة ذليلة .... بينما نكافئ تلك الشركات المطيعة بإغداق السيولة المالية و منحها امتيازات القروض المريحة ... !

السيد سيتاكودائين :

سيدي ، تؤكد التقارير العلمية أن استمرار الشركات بالتعملق الأسي على هذا النحو ، سيجعلنا غير قادرين على ضبط حجومها و التحكم بها مالياً ... إذ لا تنسى أنها تمتلك التكنولوجيا الأحدث و الثروات الهائلة و الموارد البشرية المهولة ... و لو نظرنا إلى هذه الإمكانات للاحظنا بأنها تطغى على أهمية السيولة التي تتحول إلى مجرد حبر على ورق إذا حدث تمرد أو اضطراب سياسي أو نزاع عسكري ...

قداسة المورفين :

أواثق أنت من أن التقرير يؤكد بلهجة الجزم و الحزم على عجز من قلدناهم زمام الحكم من الملوك و الرؤساء و قادة الجيوش عن السيطرة على هذه الشركات العملاقة في المستقبل ؟ أم أن الأمر مجرد احتمال و توقع ؟

السيد سيتاكودائين :

نعم سيدي ... بلهجة الحزم و الجزم و القطع ... فالأرقام و الإحصائيات و التوقعات الرياضية لا تخطئ ...

إن ولاء الملوك و الرؤساء و الجيوش لحضرتكم أمر مفروغ منه ، لكن المصيبة تكمن في تضخم الموارد البشرية و اقتراب خروج الشركات المتعملقة عن سيطرتكم !

قداسة المورفين :

يا للهول !! ما الحل إذن ؟

السيد سيتاكودائين :

حالياً لا نمتلك أي رؤية للحل ... ! لذلك أقترح على السادة الأقداس أن يطرحوا هاتين المشكلتين على الخبراء السياسيين و الاقتصاديين الذين يعملون تحت إمرة قداساتهم ، و أن يطلبوا منهم هندسة حل للأزمتين المفاجئتين اللتين لم ترِدَا لا على بال و لا على خاطر قط !!!

قداسة المورفين :

ما رأي السيدات و السادة الأقداس ؟ أتوافقون على أن نطرح المشكلة على خبرائنا ؟

المستشارون بالإجماع :

نعم يا قداسة النور المحفلي الأعظم ، سنبذل قصارى جهدنا في البحث عن عقل ماكر ينتشل الحل بشكل عبقري من فم السبع ... لا تقلق ...

السيد سيتاكودائين :

إذن يا قداسة المحفل العظيم ، نتمنى من السادة الأقداس تنفيذ أوامر قدس الأقداس سيدنا النور المحفلي الأعظم مورفين تبارك و تعالى ... و لتبارككم روح قداسة الكوكائين الأعظم ... رفعت الجلسة.

🔴🔵⚪⚫

و بعد عرض القصة على كبار المستشارين من ثعالب السياسة و ذئاب الاقتصاد في كوكب الأرض .... تم استقبال ما يزيد عن خمسين أطروحة لحل هاتين المعضلتين !!!

ثم تناقش المستشارون حول هذه الأطروحات فيما بينهم ، إلى أن اتفقوا بالإجماع على تطبيق السيناريو الكيميائي للسيد هيرويين عرصيصيان ...

فمن هو هذا الهيرويين العرصيصيان و ما هو السيناريو العرصيصياني الذي اتفقوا على تطبيقه ؟

#الحق_الحق_أقول_لكم .... هيرويين عرصيصيان رجل داهية ابن ستين كذا و كذا ....

مُقَطّع مُوصّل ملون ابن حرام ، ابيضت لحيته و تقلَّعت كل أسنانه من كثرة ما خاض من معارك في غمار العلوم السياسية و العلاقات الدبلوماسية ( فنون الكذب و المكر و الدجل و اللعب على الحبال ) ....

هيرويين عبارة عن مكر خالص على هيئة بشر ، بخمسين وجه و ستين لسان ، و كل لسان فيهم بسبع شفرات ، و كل شفرة تقص الحديد ببريق خبثها و لمعان احتياليًّتها ...

رجلٌ على استعداد تام لإقناعك و بسهولة أن الحليب أسود اللون ، بينما البحر أصفر ! يحدثك بطريقة تجعلك تندم على كل لحظة توهمت فيها أن الحليب أبيض و البحر أزرق .... !

باختصار ... الرجل مزيج من ثعالب على ذئاب على بنات آوى على أنماس برية ... تعج سيرته الذاتية بفنون إشعال الحروب و ترويض الجيوش و إسقاط الأنظمة و تحكيم الأقليات بالغالبيات و تأسيس الأحزاب و الطوائف و قيادة القطيع و توجيه الرعاع ... !!! و فوق كل هذا يحمل جائزة نوبل بالسلام ....

يا له من عرصيصيان !

أما السيناريو العرصيصياني فسيشرحه السيد هيرويين عرصيصيان بنفسه في المشهد القادم .... فلنتابع ...

⚪⚫🔴🔵

المشهد الثالث :

الزمان : 2015 م

المكان :

قاعة اجتماعات المركز السري لصناعة القرار في دهاليز الدولة العميقة في بريطانيا.

◻◼◻◼◻

السيد سيتاكودائين :

أوجه خشوعي لقدس الأقداس حضرة القدوس الكوكائيني الأعظم ، صاحب المقام السامي عز و جل ، ثم أقول :

السيدات و السادة الأقداس ، يشرفنا اليوم الثعلب المتثعلب المكار ، الذي ينضح خبثاً و يغلي مكراً و يفور احتيالاً ... السيد هيرويين عرصيصيان و هو أكبر و أهم خبير اقتصادي سياسي كيميائي احتيالي في كوكب الأرض ... و سيشرح حضرته إلى السادة الأقداس و معالي النور المحفلي الأعظم تفاصيل ذلك السيناريو الكيميائي الخبيث ، السيناريو الابن الحرام الذي أجمع الخبراء عليه ، و الذي ستتم المصادقة عليه بشكل رسمي اليوم و سيتم تطبيقه مع بداية عام 2020 ...

هذا السيناريو الذي سيعيد لنا هيبتنا و سيمكننا من القبض على تلابيب هذا الكوكب مدة مئتي سنة بل ألف سنة إلى الأمام و نحن نضحك و نلعب بمصائر خلق الله أجمعين ...

تفضل سيد عرصيصيان فلتتمعرص و لترينا أقذر و أخبث ما عندك يا سيدي .... فكلنا آذان صاغية !

هيرويين عرصيصيان و هو يُشِعُّ خبثاً و مكراً :

احم احم .... أوجه خشوعي لقدس الأقداس جلالة المقام السامي الأقدس حضرة الكوكائين الأعظم تبارك و تعالى :

سيداتي سادتي الأقداس ، أعضاء المحفل النوراني الأعظم ، أصحاب السيادة المطلقة على النظام الدولي الحديث ... أقدم بين أيديكم أحر التحايا المعطرة بولاءات الطاعة المطلقة لكم و لسيدنا المقدس سمو و معالي النور المحفلي الأعظم السيد مورفين جل جلال وجهه الكريم ... أما بعد :

فسأتشرف و أشرح لكم الحل السحري الذي اقترحته لمُشكِلَتَي الموارد البشرية في الشركات المتعملقة و التغير المناخي :

هذا و بكل وضوح و بساطة و بعد أن أجريت دراسات معمقة على هاتين المشكلتين ، و بعد كثير و كثير من الاستنتاجات و التحليلات و الأخماس و الأسداس ، اكتشفت قاسماً مشتركاً في غاية الأهمية .... قاسماً لو انطلقنا منه لأتاح لنا إيجاد حل عبقري للمشكلتين معاً ، أي بضربة واحدة ، و بالتالي اصطياد عصفورين بحجر واحد ...

يقوم هذا الحل على تطوير نظام عالمي جديد نتحكم من خلاله بتحركات البشر ، جميع البشر !! فلو استطعنا وضع سياسة دولية جديدة تتيح لنا التحكم بتحركات الناس و روتينهم اليومي ، بحيث نحبسهم في بيوتهم عندما نريد ، ثم نسمح لهم بالخروج عندما نريد فسنحل المشكلتين معاً ، بل و سنحكم قبضتنا على الشعوب بشكل غير مسبوق .

الدكتور ترامادول مقاطعاً :

ممكن أن تشرح لنا كيف سيتم ذلك ؟

هيرويين عرصيصيان :

لا تستعجل على رزقك يا سيد ترامادول ، فسأشرح لك كل شيء و بالتفصيل ... ثم ستستطيع العودة إلى نومك شاخراً حتى الصباح.

أيها السادة الأقداس ، لقد سبق و قلت لكم للتو أن جوهر خطتي مبني على التحكم الدقيق و المرن بتحركات الناس ....

فلو افترضنا أننا امتلكنا الطريقة التي نتحكم من خلالها بتحركات الناس لاستطعنا التحكم بنسبة التلوث و الاحتباس الحراري و جميع المشاكل البيئية ... حيث ستنخفض نسبة التلوث و تتعافى طبقة الأوزون عندما نمنع الناس من الخروج إلى العمل ، بينما ستزداد نسبة التلوث و تتراجع طبقة الأوزون عندما نسمح لهم بالخروج للعمل ... ( معادلة بسيطة ) !

ثم لاحظوا معي أننا كلما تحكمنا بتحركات الناس بدقة و مرونة أكثر ، كلما حصلنا على مزيد من التحكم في منحنيات نسبة التلوث المتراكم في الغلاف الجوي .... !

و لو تمعنَّا في مسألة التحكم بتحركات الناس للاحظنا أنها الحل الجذري للخطورة التي قد تنتج عن الحالة الانفجارية الطارئة على أعداد البشر و حجوم الشركات و المعامل ... إذ ستزداد مداخيل و حجوم الشركات و المعامل عندما نسمح للناس بالخروج للعمل ، لأن مزيداً من العمل سيؤدي إلى مزيد من الأرباح و بالتالي تعملق الشركات و تضخمها .... بينما العكس سيحدث عندما نمنع الناس من الخروج للعمل ، و بالتالي انكماش حقيقي لحجوم الشركات ...

كما أن تحكمنا بتحركات الناس سيضمن سيطرتنا المطلقة عليهم ، مما يعني فرض حظر تجول كامل في حال شممنا رائحة ثورة أو اشتبهنا بحركة تمرد هنا أو هناك !! أي أن قبضتنا على الشعوب ستبقى حديدية مهما ازدادت أعدادها ، بل حتى لو تجاوزت أعداد البشر عشرات المليارات ....

و بهذا نجد أن تحكمنا المرن و الدقيق بحركة الناس سيؤدي إلى تحكمنا بكل المشاكل معاً !!! فسنحافظ على صحة كوكب الأرض من خلال ضبط المناخ ، و سنضرب طوقاً من حديد على حجوم و تعملقات الشركات ... كما سنشل حركة الموارد البشرية في حال اشتبهنا بقيام ثورة أو تمرد ...

و هكذا نكون قد عدنا و سيطرنا على الاقتصاد العالمي و نحن نضحك و نلعب و نشرب أنخاب الأسياد على أجساد العبيد.

فجوهر الحلِّ إذن أن نطور سياسة تحكُّمِيَّة بتحركات البشر بحيث نُقعد الناس في بيوتهم عندما نريد ، ثم نخرجهم للعمل و المآرب الأخرى عندما نريد !!!

و لكن كيف نُقعد الناس في بيوتهم ؟

دكتور ترامادول :

نعم نعم كيف نقعد الناس في بيوتهم يا سيد عرص ... عرصي ... عرصري ... عذراً عرصيصيان ؟

هيرويين العرصيصيان :

لو سكت و صبرت يا دكتور ترامادول السكران لجاءك الجواب .... أرجو أن تعود إلى نومك.

أيها السيدات و السادة الأقداس .... أنتم تعلمون أننا اعتدنا في الماضي أن نلجأ إلى إشعال الحروب كي نُقعد الناس في بيوتهم عند الضرورة ، لكنها أمست طريقة تقليدية دموية بدائية قديمة ، فلا أُفضِّلُ فعل ذلك في حالتنا اليوم ، لأننا نريد حظراً نتحكم به بدقة و مرونة عاليتين كأن نعلنه اليوم ثم نرفعه غداً ... بينما الحرب لا نستطيع إيقافها بسهولة إذا ما أشعلناها ... ثم إننا بحاجة إلى نظام تحكم يتيح لنا السيطرة على كل الناس دفعة واحدة .... و من المستحيل خلق الحروب في كل الكوكب للسيطرة على كل الكوكب !!! كما أن خلق الحروب من شأنه أن يزيد الاشتباكات العسكرية و ما ينتج عنها من انبعاثات كربونية و بالتالي إلى مزيد من التهديد لمستقبل كوكبنا !!

و من هنا و بعد طويل تفكير ، رأيت الحل الجذري الرائع من خلال توظيف فكرة ( السيطرة بالوَهم ) ....

يقاطعه السادة الأقداس بصوت واحد :

السيطرة بالوهم ؟؟؟ كيف ذلك ؟؟

كوهين عرصيصيان :

نعم السيطرة بالوهم من خلال إيهام الناس بوجود عدو كيميائي قاتل يتربص بهم خارج المنزل ... مما يجبرهم على البقاء فيه !

حضرات الأقداس باستغراب :

ما هو هذا الوحش الكيميائي الذي سنطلقه و نخيف الناس به ؟

كوهين عرصيصيان :

وباء عالمي .... ببساطة.

تخيلوا معي لو استخدمنا معلوماتنا الطبية و الكيميائية في نشر وباء قاتل في كل الكوكب ... عندها سيخاف الناس و يجلسون جميعاً في بيتوهم خشية التقاط العدوى !!! بل سيصبح عندها حبسنا للناس في بيوتهم قانونياً من باب الخوف عليهم ، و سيغدو الخروج من المنزل دون إذن من الحكومة جريمة يعاقب عليها القانون ...

حضرات الأقداس :

وباء عالمي ؟ أتريد أن تقتلنا بالأمراض و الكيمياء يا سيد عرصيصيان ... فالوباء سينتشر و سيقتل الجميع !

هيرويين العرصيصيان :

لا طبعاً لن أقتلكم .... فأنا منكم ... أيعقل أن أقتل نفسي مثلاً ؟

أرجو أن تستمعوا إلى خطتي حتى النهاية ....

المشكلة _ كما قلتم للتو _ أننا إن نشرنا وباءً قاتلاً في كل الكوكب فسيستحيل التحكم بانتشاره و سيؤثر على الموارد البشرية و سيصيبنا نحن ... و بالتالي لا مصلحة لنا في نشر وباء قاتل ... !

فكيف أحل هذه المعضلة ؟

حضرات الأقداس باستغراب شديد :

نعم نعم كيف ذلك ؟

هيرويين عرصيصيان :

فكرت و فكرت و فكرت ثم قدَّرت ... فوجدت نفسي أطلُبُ الاطِّلاع على البيانات السرية لمنظمة الصحة العالمية ... و عندما زرت المنظمة بالتنسيق مع رئيستها السيدة غابابانتين كبسول ، وجدت أن الفكرة التي أبحث عنها هي ( وهم الوباء ) لا الوباء نفسه .... أي أن نوهم الناس بوجود وباء قاتل .... لا أن ننشر وباء حقيقياً قاتلاً !!

و لكي نوهم الناس بوجود شيء غير موجود فلا بد من الإعلام ( أساتذة الكذب ) !!! فإذا ما جيّشنا الإعلام بهذا الاتجاه ، صدَّق الناس حتماً بوجود هذا الوباء .... خاصة إذا طلبنا التعاون من منظمة الصحة العالمية ذات المصداقية العالية لدى المثقفين من البشر ....

فإذا ما صدّق الناس بوجود وباء خافوا ، و دفعهم الخوف من الوباء إلى الجلوس في بيوتهم للفترة التي نريدها ...

و لذلك قررت أن أخلق تحالفاً بين هيئة الاتصالات العالمية المهيمنة على الإعلام ، و منظمة الصحة العالمية المهيمنة على الطب و الصحة في كوكب الأرض ....

لكن لاحظوا معي أننا لن نستطيع أن نخلق وهماً دون أساس من واقع .... فأنا لن أستطيع أن أقنع الناس بوجود و انتشار وباء هكذا فجأة من لاشيء !! أليس كذلك يا قداسة الحضور ؟

حضرات الأقداس :

نعم كذلك !!

كوهين عرصيصيان :

إذن فالأفضل أن ندّعي بأن تطوراً كيميائياً قد طرأ على المادة الجينية DNA لمرض موسمي منتشر مسبقاً بين البشر مما حوّله إلى مرض قاتل .... و عندئذ تنحصر مهمتنا بإقناعهم أن هذا المرض العادي و الموجود مسبقاً قد تحوّر كيميائياً و تطور إلى وباء قاتل ! و هي كذبة سهلة و قابلة للتصديق ... فادّعاء تطور المادة الجينية البروتينية DNA لفيروس موجود مسبقاً ثم تحوله إلى نسخة جديدة قاتلة ، أكثر قابلية للتصديق من إقناع الناس بانبثاق وباء قاتل فجأة على أرض الواقع !!!

و لذلك بدأت البحث عن مرض موسمي منتشر بين الناس بحيث أستطيع إقناعهم أنه تحور بشكل كيميائي إلى وباء قاتل !! فحضَّرت قائمة بمواصفات المرض المطلوب كي أستطيع اختيار ما يناسبني ....

و بعد التمحيص و التدقيق لاحظت أن مواصفات المرض المطلوب كالتالي :

🔵 موسمي و موجود مسبقاً.

🔴 سهل و سريع الانتشار في كل الكوكب ، كي لا ننفق الأموال الطائلة من أجل نشره ..

🔴 أن يؤدي إلى الوفاة في نسبة من الحالات لا جميعها ، و ذلك كي لا تكون خطورته عالية ، فنحن نريد أداة لإرهاب الناس و حجزهم في بيوتهم مؤقتاً ، لا لحبسهم في البيوت مدى الحياة أو قتلهم !

⚫ و أن ينتقل بالتنفس و الرذاذ كي يحقق هدفه من منع اختلاط الناس .... لأن الأوبئة التي تنتقل بالدم أو السوائل الجنسية لن تمنع الناس من الذهاب للعمل و الاختلاط الاعتيادي !!

⚪ له أعراض عامة منتشرة بين معظم البشر ، مما يساعد على إيهام الناس بأنهم مصابون به ....

بحثت في سجلات الأمراض عن مرض معد بالتنفس و الرذاذ ، كثير الانتشار بحيث نقنع الناس أنه وباء ، فلم أجد أفضل من فيروس الرشح ( الإنفلونزا ) الذي نعرفه جميعاً .... فجميع المواصفات المطلوبة تنطبق عليه .... فما علينا إلا أن نخدع البشر بأن نقنعهم عن طريق الإعلام بطروء تحور كيميائي على المادة البروتينية لفيروس الإنفلونزا مما حوله إلى فيروس قاتل !! و بناء على هذه الإشاعة الكاذبة سيظن مريض الرشح و الزكام الاعتيادي نفسه مصاباً بوبائنا القاتل ، و سيخبر شبكة معارفه بالوجود الفعلي للمرض مما يرسخ فكرة وجود و انتشار الوباء القاتل بين الناس ... و عندما يُشفى سيظن بأنه من النسبة المحظوظة التي تغلبت على الوباء القاتل ، بينما الواقع أنه قد تغلب على فايروس الرشح الاعتيادي !!

كما يتمتع فيروس الرشح بأنه واسع الانتشار ، إذ مَن مِنّا لم يُصب به مرة في السنة على الأقل ؟

و بما أن العالم لم يعد يؤمن إلا بالأرقام ، فستزودنا هيئة الصحة العالمية بإحصائيات جميع ضحايا الأمراض الرئوية حول العالم ، كالسل و ذات الرئة و الخانوق و الربو و التدخين و الشيشة و غيرها ... فسنبرز هذه الإحصائيات و نسلط عليها الإعلام ثم سنقوم بإيهام الناس أن ضحايا هذه الأمراض الصدرية الحقيقية ما هم إلا ضحايا للوباء الجديد .... و بذلك نطلق عداداً لهذا الوهم الوبائي الجديد في وسائل إعلام كل دولة لنلقي في قلول الناس مزيداً من الرعب !

و كما يعلم السادة الأقداس أن نسبة وفيات الأمراض الصدرية مرتفعة بين البشر ، لكن الناس غير المتخصصين لا يعلمون ذلك إذ لم يسبق أن نقل الإعلام تلك الإحصائيات على المحطات الفضائية .... فكل ما سنقوم به هو أن نسلط الضوء لحظة بلحظة على نسب الإصابات و الوفيات بالأمراض الصدرية و التنفسية مع قليل من المبالغة و كثير من المكر ، و بهذه الطريقة سيصدق الناس وجود وباء جديد قاتل ! فها هي الإحصائيات العلمية أمامهم ... فنطبق بدورنا الحظر الدولي الذي خططنا له ثم نقوم بتميرير أجنداتنا من خلال تخفيض الرواتب بحجة قعود الناس في بيوتهم ، و رفع الضرائب بحجة تعطل التجارة العالمية ، و بذلك نجني الأموال الطائلة ، و هكذا نكون قد ركِبنا موجة الأزمة التي خلقناها بأيدينا .... !

و في سياق ذلك سنؤسس مجلساً لخلق الأزمة حول العالم و إدارتها ثم حلها ثم إعادة خلقها من جديد ... و هكذا ، و ستكون أولى مهامه في مطلع عام 2020 التنسيق مع إدارة الإعلام العالمي لإقناع الناس بأن فيروس الإنفلونزا الخطير قد تطور كيميائياً و تحول إلى وباء عالمي قاتل يصيب البشر ...

ثم سنبالغ باختراع التفاصيل عن هذا الوباء كأن نعطي هذا الفيروس رقماً و اسماً علمياً تفصيلياً و مكان صدور ... كما سنخبر الناس أنه انتقل إلى الإنسان من الضفدع أو الخفاش مثلاً !!

فأنتم تعرفون أن منح الكذبة مزيداً من التفاصيل و التفريعات سيؤدي إلى ترسيخها في اللاوعي البشري ... كأي أسطورة نبني عليها أحداثاً و أساطير جديدة لكي نرسخها و نحولها إلى حقيقة في الوعي الجمعي.

فسنقنع البشر أن هناك وباءً مميتاً قد انتشر في مدينة ما في الصين ، ثم انتشر في كل العالم ... و قد اخترت الصين كي نوظف هذه الأزمة في التحريض على هذا البلد عالمياً ، لأنه البلد الأكثر محاولة للخروج عن سيطرة نظامنا الدولي الذي تم تأسيسه بفضل السادة الأقداس الأوائل من العرق الأبيض حصراً ...

و بهذه الفكرة العبقرية نكون قد سيطرنا على حركة الموارد البشرية في كوكب الأرض بنسبة 100% و تحكمنا من خلالها بالقطاعات الأخرى لتصبح جميع المعامل و الشركات تحت إمرتنا دون أن نحرك عسكرياً واحداً أو نريق نقطة دم واحدة !!

و لا يفوتني أن أذكر السادة الأقداس أن يحضروا أنفسهم للأرباح الطائلة التي سنجنيها من وراء الأزمة الوبائية التي سنفتعلها في بداية عام 2020 ، و ذلك من خلال استثمار الكثير من الأموال في مجال تصنيع و تطوير المعدات و الأدوات الطبية لاسيما الكمامات و المعقمات و أجهزة التنفس الاصطناعي ... حيث سيتم استهلاكها بشكل رهيب في منتصف ال 2020 ...

و لا يفوتني أن أذكركم بأن الخطوة التالية تتضمن تنسيقنا مع وسائل الإعلام لإيهام الناس بأننا طورنا لقاحاً للوباء ... ثم سنفرض على الناس شراءه ، من خلال فرض العقوبات و تقييد حريات من لا يأخذ اللقاح بحجة أنه يشكل خطراً على البشر ، و بهذه الطريقة سنتمكن من سحب آلاف المليارات من الدولارات و حقن البشرية بما نشاء من مواد كيميائية !!

و لكي نشجع الناس أكثر و أكثر على أخذ اللقاح سيقوم ذراعنا الإعلامي بتصوير قادة الدول و المشاهير واحداً تلو الآخر و هم يأخذون اللقاح ، و بذلك نضمن ولاء القادة لنا أيضاً ، فها هم و قد تحولوا إلى ممثلين ساذجين و فئران تجارب مضحكة في سبيل تنفيذ مخططنا العظيم ... !

و هكذا نكون قد نفذنا وصية مولانا قداسة الكوكائين الأعظم بأن نكون كالمنشار الذي يأكل على الطالعة و النازلة !!! نربح آلاف المليارات بافتعال الأزمة ثم نربح آلافاً جديدة من المليارات عندما نوهم الناس بحلها ....

و بذلك نُغرق دول العالم بالدَّيون فنضمن تابعيتها و ولاءها المطلق أكثر و أكثر .

و كي يتحول سلاحنا الوبائي من سلاح مرحلي مؤقت إلى سلاح متجدد مؤبد ، سنصدر أمراً إلى الهيئات الصحية بإعلان تحوُّر الفيروس و تغير مادته الكيميائية البروتينية مرة أخرى ، فسندّعي ظهور سلالات جديدة قاتلة لا ينفع معها اللقاح الموجود .... لنرهب البشر من جديد و نجبرهم على القعود في بيوتهم كلما أردنا ذلك ، فنعطل الثورات قبل وقوعها ، و نعطل المعامل و الشركات و وسائل النقل عندما نريد ... لتعود الاقتصادات المتمردة إلى الانكماش ، ثم سنُغرق أسواق هذه البلدان المتمردة باللقاح الجديد المناسب للنسخة الجديدة المتحورة ، و بذلك نعود فنسحب المزيد من الأموال من جيوب هذه الدول أو الشركات كعقوبة على محاولات التمرد لتزداد مديونيتها و تابعيتها لنا...

فإذا نجحنا بذلك نكون قد طورنا سلاحاً جديداً نسيطر من خلاله على كامل الجنس البشري ، وهو سلاح أقوى من الأسلحة النووية ألا و هو { السيطرة بالوهم الكيميائي } ؟

و في سياق ذلك أقترح إصدار جواز سفر طبي لمنع الناس من السفر حول العالم إلا بموافقتنا و رضانا .... مما سيدعم استخباراتنا الدولية و سيزيد من قدرتها على تعطيل سفر البشر.

و شكراً لكم سيداتي سادتي الأقداس على حسن الإصغاء ..... و أرجو أن تستمتعوا بسلاحكم الجديد ( السيطرة بالوهم الكيميائي ) و باستمرار سيطرتكم المطلقة المؤبدة على كوكب الأرض ....

⚫⚪🔴🔵

و ما أن انتهى السيد هيرويين العرصيصيان من شرح الفكرة ، حتى انفجر محفل السادة الأقداس بالتصفيق الحار الذي استمر لأكثر من عشرة دقائق ، فالكل مصاب بالذهول من عبقرية هذا السلاح الناعم المتجدد الذي من شأنه أن يسيطر على جميع البشر في الأرض دون إطلاق رصاصة واحدة !!

و عندما انتهى الجميع من التصفيق انتشر صمت رهيب في المكان ، و فجأة عطس السيد هيرويين عرصيصيان عطسة قوية جداً رجّت القاعة منها رجَّّاًً ... فقال له الدكتور بيتاميتازون حب ، أخصائي الأمراض التنفسية :

حاذر يا سيدنا العرصيصيان ، لعلك مصاب بوباء الكورونا الذي اخترعته للتو 😉 ؟؟؟

فرد عليه السيد هيرويين عرصيصيان بمقولته التاريخية الشهيرة :

على بابا يا ماما ! .... لقد دفناه سويَّاً يا صديقي البيتاميتازون 😁 .... !

قال كورونا قال ...

هامش :

القصة لا تعني أن الكاتب ينكر وجود فيروس ( #كورونا _ #كوفيد_19 ) ، لكنه يميل إلى الاعتقاد بأن الهيئة الحاكمة للكوكب قد استثمرت هذا الوباء بشكل كبير و ضخمت من أمره بشكل مهوول لتحكم قبضتها على الشعوب ....

قلم #راوند_دلعو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر