الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال الطبقي مدخل أساسي لتحقيق الأهداف المنشودة

خليل اندراوس

2021 / 10 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



النضال بين الرأسمال والعمل هو نضال عام، يجري في كل مكان، ويتّسم بطابع عالمي، ولذا خلال الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها بشكل دوري الدول الرأسمالية يتعمق التناقض والنضال بين الطبقة العاملة وطبقة رأس المال في مختلف البلدان، وهذا التناقض، بسبب استئجار العمال من قبل الرأسماليين على مستوى عابر للقارات يكتسب في عصرنا الحالي سمات أكثر كوسموبوليتية (عالمي)، وفي العقود الأخيرة يجري تحريض وإثارة النزاعات بين العمال الأجانب والعمال المحليين في كل دول رأس المال، بالإضافة إلى تصدير رأس المال إلى الدول غير الرأسمالية من أجل زيادة أرباح الاحتكارات العالمية على حساب عمل وإنتاج الطبقات المسحوقة في تلك الدول.

وتصدير رأس المال يؤدي إلى زيادة الفجوات بين الدول الرأسمالية والدول الفقيرة والتي تعاني من أزمات اقتصادية شبه دائمة، ومن الفقر والجوع والبطالة وضعف النمو الاقتصادي وسوء الخدمات الصحية والاجتماعية وغيرها من أزمات البناء الفوقي لتلك المجتمعات.

وهذه العلاقات الاقتصادية العالمية تخلق علاقات عالمية بين عمال مختلف البلدان، فلذلك على الأحزاب الماركسية توضيح هذه الحركة وهذه التطورات للطبقة العاملة ووضع أهداف مرحلية ونهائية لنضال الطبقة العاملة في كل بلد وبلد وعلى مستوى عالمي، من خلال أحزاب واتحادات الطبقة العاملة من أجل أن يصبح هذا النضال الاقتصادي المباشر مثابرًا ودائمًا ولخلق علاقات اجتماعية أرفع وأرقى من الناحية التنظيمية.

فكل المجتمعات الرأسمالية تعاني في العقود الأخيرة من ازدياد وتعمق واشتداد التناحر بين طبقة العمال وطبقة رأس المال إلى جانب تطور الموارد الصناعية والثورة التكنولوجية والعلمية. لذلك مهم جدًا العمل من أجل تثوير الطور الحالي تثوير المجتمع خلال هذه المرحلة من التطور التاريخي.

وعلى الأحزاب الماركسية ونقابات العمال نزع الثقة وسحب البساط من تحت أرجل رجال السياسة النفعيين خدمة الطبقة الحاكمة طبقة رأس المال. ففي دول رأس المال وخاصة في العقود الأخيرة، استطاعت عصابات رجال الأعمال والاحتكارات وأصحاب رأس المال السيطرة على مؤسسات الدول وخاصة الهيئات التشريعية وحولت السياسة إلى سلعة للمتاجرة وزيادة الأرباح. وما يجري في أمريكا وإسرائيل من هيمنة اليمين الاقتصادي السياسي على مؤسسات الدولة لأكبر دليل على ذلك.

نحن نعيش الآن في عصر يعاني الكثير الكثير من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. وهذا الواقع لا يستطيع أي إطار سياسي أو اقتصادي التنكر لأزماته وتناقضاته، فمن جهة استيقظت قوى صناعية تكنولوجية إعلامية وعلمية لم تكن لتخطر في بال الناس في أي من العهود السابقة في تاريخ البشرية، ومن جهة أخرى تتبدى علامات وظواهر الانحطاط والتأزم الاقتصادي والسياسي على مستوى عالمي فحتى الولايات المتحدة أصبحت مكونة من مجتمعين، أمريكا الغنية وأمريكا الفقيرة حيث زاد غنى الأغنياء وزاد فقر الفقراء على مستوى عالمي.

وكما كتب ماركس: "وفي زمننا يبدو كأن كل شيء ينطوي على نقيضه. فنحن نرى الآلات التي تملك قوة عجيبة لتقصير مدة العمل البشري وجعله أوفر ثمارًا تجلب للناس الجوع والإعياء. ومصادر الثروة الجديدة، غير المعرفة حتى الآن تتحول، بفضل سحر ما غريب وغير مفهوم إلى مصادر للفقر وانتصارات التكتيك تبدو كأن الانحطاط الأخلاقي كان ثمنها. ويخيل أن الإنسان يمسي إما عبدًا لغيره من الناس وإما عبدًا لسفالته بالذات بقدر ما تُخضع البشرية الطبيعة لنفسها. وحتى نور العلم الصافي لا يمكنه، حسبما يبدو، أن يشع إلا في خلفية الجهل الحالكة. وكأن جميع اكتشافاتنا وكل تقدمنا يؤدي إلى هذا الواقع، وهو أنّ القوى المادية تكتسب حياة فكرية بينما تفقد البشرية جانبها الفكري وتنحط إلى درجة مجرد قوة مادية. إن هذا التناحر بين الصناعة المعاصرة والعلم المعاصر من جهة، والإملاق المعاصر والانحطاط المعاصر من جهة أخرى، هذا التناحر بين القوى المنتجة والعلاقات الاجتماعية في عهدنا هو واقع محسوس ومحتم ولا جدال فيه" (ماركس – كلمة في يوبيل "The People’s Paper" من كتاب ماركس – انجلز بصدد الثورة الاشتراكية).

ولذلك وعلى هذا الأساس أكد كارل ماركس أهمية البحث عن تفسير المجتمع المدني في الاقتصاد السياسي. إن أسلوب إنتاج الحياة المادية يشترط تفاعل الحياة الاجتماعي والسياسي والفكري، بصورة عامة، فليس إدراك الناس هو الذي يعين معيشتهم، بل على العكس من ذلك، معيشتهم الاجتماعية هي التي تعين إدراكهم. وعندما تبلغ قوى المجتمع المنتجة المادية درجة معينة من تطورها، تدخل في تناقض مع علاقات الإنتاج الموجودة أو مع علاقات الملكية وليست هذه سوى التعبير الحقوقي لتلك التي كانت إلى ذلك الحين تتطور ضمنها. فبعدما كانت هذه العلاقات أشكالاً لتطور القوى المنتجة، تصبح قيودًا لهذه القوى. وعندئذ ينفتح عهد الثورة الاجتماعية. ومع تغير الأساس الاقتصادي يحدث انقلاب في البناء الفوقي الهائل، بهذا الحد أو ذاك من السرعة، وعند دراسة هذه الانقلابات، ينبغي دائمًا التمييز بين الانقلاب المادي لشروط الإنتاج الاقتصادية – هذا الانقلاب الذي يحدَّد بدقة العلوم الطبيعية - وبين الأشكال الحقوقية والسياسية والدينية والفنية أو الفلسفية، أو بكلمة مختصرة، الأشكال الايديولوجية التي يُدرك فيها الناس هذا النزاع ويكافحون لأجل حله. فكما أنه لا يمكن الحكم على فرد وفقًا للفكرة التي لديه عن نفسه، كذلك لا يمكن الحكم على عهد انقلاب كهذا وفقًا لوعيه. بل بالعكس ينبغي تفسير هذا الوعي بتناقضات الحياة المادية، وبالنزاع القائم بين قوى المجتمع المنتجة (قوى الإنتاج) وعلاقات الإنتاج.

إن أي تشكيلة اجتماعية لا تموت قبل أن تتطور جميع القوى المنتجة التي تفسح لها ما يكفي من المجال، ولا تظهر أبدًا علاقات إنتاج جديدة أرقى قبل أن تنضج شروط وجودها المادية في قلب المجتمع القديم بالذات. ولهذا لا تضع الإنسانية أبدًا أمامها إلا المسائل التي تستطيع حلها إذ انه يتضح دائمًا عند البحث عن كثب، ان المسألة نفسها لا تبرز الا عندما تكون الشروط المادية لحلها موجودة، أو على الأقل، آخذة في التكون.

إن علاقات الإنتاج البرجوازية هي الشكل التناحري الأخير لعملية الإنتاج الاجتماعية، التناحري لا بمعنى التناحر الفردي، بل بمعنى التناحر الذي ينمو من الشروط الاجتماعية لحياة الأفراد، ولكن القوى المنتجة المتنامية في قلب المجتمع البرجوازي تخلق في الوقت نفسه الشروط المادية لأجل حل هذا التناحر.

ولئن كان هناك ضرورة لتعريف عصرنا الامبريالي المعاصر تعريفًا غاية في الإيجاز، ينبغي ان يقال: الامبريالية هي الرأسمالية في مرحلة الاحتكار (لينين – كتاب الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية). ولكن علينا أن نؤكد بأن كل تعريف بوجه عام طابعه نسبي وشرطي، ولا يمكن أن يشمل جميع وجوه التطور لأي ظاهرة اجتماعية اقتصادية، وهذا ينطبق على الرأسمالية.

ولذلك نستطيع أن نقول بان الأساس العميق الاقتصادي للإمبريالية هو الاحتكار وهذا يؤدي إلى تراكم هائل للرأسمال النقدي في عدد قليل من دول العالم وهذا ما يحدث في عالمنا المعاصر، وتصدير رأس المال وهو من أهم أسس الامبريالية الاقتصادية وعولمتها المتوحشة والطفيلية لأنها تعيش من استثمار عشرات الدول والتي تقع خارج دول المركز الامبريالي.

وفقط النظرية الماركسية هي النظرية المنسجمة والمنطقية والعلمية المادية ومضمونها الرئيسي يعرض ويبحث ويكشف عن القانون الاقتصادي لحركة المجتمع القائم حاليًا أي المجتمع الرأسمالي. فدراسة عملية الإنتاج والبضاعة وإنتاج القيمة الزائدة وتراكم رأس المال وعلاقات الإنتاج من حيث نشوئها وتطورها وزوالها ذلك هو مضمون نظرية ومذهب وفلسفة ماركس الاقتصادية.

وهكذا انقسم عالمنا المعاصر إلى حفنة من الدول المرابية والى أكثرية هائلة من الدول المدينة والتي تعاني من البطالة والفقر والجوع والبؤس والأمراض والعنف. وفي هذا الوضع كما قال لينين: "لا يمكن للتقاسم في ظل الرأسمالية ان يرتكز على أي أساس، على أي مبدأ، غير القوة".

لذلك تسعى الدول الامبريالية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل من فرض هيمنتهما على مناطق مختلفة من دول العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وخير مثال على ذلك احتلال أفغانستان والعراق والمؤامرة على سوريا، وفرض الأمر الواقع منذ قيام دولة إسرائيل على الساحة الفلسطينية من الاحتلال والاستيطان وممارسة التطهير العرقي، وممارسة سياسات الحروب الاستباقية العدوانية الهمجية المتكررة من أجل فرض الأمر الواقع لصالح الهيمنة الامبريالية والمشروع العنصري الشوفيني الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط.

فالصهيونية كأيديولوجية هي من إفرازات وتقيحات الامبريالية العالمية. والرأسمالية الاحتكارية تستخدم كل الوسائل من أجل إزاحة المنافس وهي لا تكتفي بالوسائل السياسية والحروب وحتى إلى الوسائل الإجرامية.

كتب لينين: "ففي السياسة الخارجية وفي السياسة الداخلية على حد سواء، تسعى الامبريالية إلى انتهاك الديمقراطية، إلى الرجعية، وبهذا المعنى، لا جدال في أنّ الامبريالية، هي "إنكار" للديمقراطية على العموم، للديمقراطية بكاملها، وليست البتة إنكارًا لأحد مطالب الديمقراطية أي بالذات حق الأمم في تقرير المصير".

وهذا ما تمارسه إسرائيل ربيبة الامبريالية الأمريكية على أرض الواقع تجاه الشعب العربي الفلسطيني من خلال حرمانه من حق تقرير المصير وحل قضية اللاجئين لا بل والتنكر لكل قرارات هيئة الأمم المتحدة بخصوص القضية الفلسطينية. والولايات المتحدة استعملت حق النقض – الفيتو عشرات المرات دعمًا لإسرائيل.

لذلك نشاهد في العقود الأخيرة وفي العديد من دول العالم وفي إسرائيل زيادة ظاهرة النضال الاقتصادي المختلفة وهذا يجعلنا نتوقع قيام نضال اقتصادي جماهيري عام سيجذب أكثر فأكثر فئات واسعة من الطبقة العاملة وشرائح المجتمع المختلفة. وكل تاريخ الحركات الثورية لم ينبثق الا على أساس مثل هذه الحركات الاقتصادية الجماهيرية. لذلك ينبغي على الأحزاب اليسارية وخاصة الأحزاب الشيوعية أن تولي هذه الظاهرة، أي ظاهرة النضال الاقتصادي الجماهيري اهتمامًا جديًا للغاية، وأن تجمع دراسات اقتصادية اجتماعية حول تركز رأس المال ورأس المال الطفيلي ودراسات عن البورصة وهيمنة رجال رأس المال على رجال السياسة والدولة هنا وهناك وحول البطالة والفقر وحقوق المرأة وغيرها من المواضيع الاجتماعية والاقتصادية وطرحها على جدول أعمال الأحزاب اليسارية والشيوعية خاصة، والعمل على تعميم ونشر هذه الدراسات للجماهير الشعبية الواسعة وتركيز أكثر ما يمكن من القوى الحزبية على التحريض الاقتصادي والسياسي بين الجماهير.

وينبغي اعتبار النضالات الاقتصادية مصدرًا جذريًا والأساس الأهم لكل النضالات الثورية المتنامية في شتى أنحاء العالم، وإلا تحولت الأحزاب اليسارية، ومن ضمنها الأحزاب الشيوعية، إلى فئات ومجموعات وحلقات وكتل معزولة تغطي بالجمل الثورية ورفع الشعارات عجزها عن العمل بين الجماهير وخاصة إذا تواجد داخل هذه الأحزاب حلقات غير ملتزمة بالتنظيم الحزبي، وتعمل بإصرار على مدى سنوات إما من خلال غرف عمليات التجسس والتخريب المخابراتي في هذا البلد أو ذاك بما في ذلك إسرائيل.

فعلى الطبقة العاملة وأحزابها اليسارية وخاصة الشيوعية، معرفة عناصر النجاح في هذا النضال الثوري ألا وهو جمهور يقوده التنظيم وتقوده المعرفة.

إن النضال من أجل مثل هذه السياسة الداخلية والخارجية هو جزء من النضال العام، من أجل تحرير الطبقة العاملة.

• مراجع:

- ماركس انجلز – بصدد الثورة الاشتراكية.

- لينين – الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نضال طبقي
نبيل عودة ( 2021 / 10 / 16 - 13:19 )
نضال طبقي وصراع طبقي وحتمية تاريخية .. الخ اضحت مقولات لا مكان لها الا في أدمغة لم تفقه بعد التطورات العاصفة التي قلبت مضامين عالمنا وقوانين الدول وشروط التعامل بين الدولة ومواطنيها، بغض النظر عن طبقتهم التي لم تعد تذكر ولا تعطى اهمية، لأن القاعدة الاقتصادية للمجتمعات البشرية تجاوزت مقلاتك اعلاه الى نظام يعتمد اكثر وبتزايد على التوزيعة الاجتماعية للثروة.
. حقا لا يود تعادل كامل، لكن مفهوم الطبقة العاملة تغير من طبقة الى مجتمع مدني
الراسمالية القديمة (الماركسية) تميزت بوجود سلطة واقتصاد. اليوم ما يدير الدولة سلطة ،
اقتصاد ومجتمع مدني، بات يؤثر دوليا ايضا وليس باطار دولة محددة جغرافيا.
هل بالصدفة انهار النظام الاشتراكي؟
الم تفقه بعد ان ثورة اكتوبر كانت ثورة فلاحية بمضمونها؟ دولة غير صناعية عاد المقاتلين الفلاحين حائعين بلا ارض وعدهم لينين بالأرض فانضموا للتورة، اول خطأ قاتل كان ابقاء نظام ، الدولة الراسمالية لبناء نظام اشتراكي جديد ، ثم شوه لينين الماركسية بنظريته عن الانبريالية ونظام الدول لقمع البرجوازية الدولية، ودفن ستالين الماركسية ولم يسمح بتطويرها حتى أضحت نظرية لمتحف فكري

اخر الافلام

.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا


.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي




.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل