الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء أمل -9-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 10 / 16
المجتمع المدني


كنت أدردش مع المهندسة أمل حول الوضع في لبنان وسورية ، و الوطن العربي، و أخشى على هذه الأمة العربية" العظيمة" من أن تكون ضحية المؤامرة الكونية ، تماماُ كما كانت سورية ضحيتها لولا وجود المهدي المرتضى بالصدفة ! ليس هذا بل أخشى أن تصيغ الصهيونية والماسونية ، والإمبريالية قرارات ، تهدّم بناء هذه الأمة العظيمة.
لم أكن أتصور أن المهندسة أمل سوف تثور .على كلامي ، وكأنها لم تتلقى الدراسة في مدارس الوطن! قالت لي : القضاء و الانتخابات لا يلزمان للأمة العربية ، أما الصهيونية و الإمبريالية، فإن تلك الأمة العظيمة ، تصلي أمام أقدامهما ، لكن حتى الآن لم تضحكا في وجه الجميع. لا تكوني سخيفة مثل زوجي يا صديقتي !
-ما دخل زوجك في الأمر ؟
زوجي يصادر التلفاز ، ويتنقل من أخبار إلى أخبار هي نفسها ، ثم يحلل الوضع السياسي على الفيس بوك. البارحة غيّر صورة بروفايله إلى صورة المحقق العدلي اللبناني طارق بيطار، بعد أن كانت صورة غيفارا ، تحدث لي عن بطولاته الفيسبوكية بينما يروح ويجيء ،وهو يمسح فمه بكم قميصه . زوجي مدمن كحول .القصة طويلة ، هو مهندس ، نعمل معاً في نفس المكتب ، لم أعد أحتمل إدمانه على المشروب ،فهو يشرب في المكتب ، وفي المساء، ولا يضع الكأس علناً إلا في عيد السكارى يقول : ها! امنعونا اليوم أيضاً . اقترحت أن أستعمل الغرفة المطلة على البلكون في بيتنا كمكتب لي كي لا نلتقي كثيرا ، وتفادياً للصراخ ، و المشاجرات. لا أنوي تطليقه ، فحتى اليوم هو أفضل من العودة إلى منزل عائلتي . بل إنّ الجنة هنا ، ولا أريد أن أتخلى عن جنتي ، "-موضوع الجنة نسبي-ولكن!. . .
أقول لك سراً يا صديقتي : السّكران لا يفقد وعيه، بل يفقد حياءه .
أحاول أن أكون راقية في تربية أولادي ، لكن عندما يجعر كي يوقظهم ويضعهم في حالة رعب أخجل مني ، كما أخجل من أهل الحيّ. البارحة بالصدفة رأيت قنينتان من عرق الريان مخبأتان في خزانة الثياب، واحدة في المستودع ، نصف واحدة قرب الياسمينة . شيء لا يطاق . أحسد من التقت بزوج لا يشرب الخمر.
قلت لها : كل شيء له أصول ، لكن يبدو أنّ زوجك خرج عن الأصول ، لكن ماذا يضرّك لو شرب؟ يكفي أنه لا يفرض عليك الحجاب مثلي ، ويزمك بالصلاة و الصّيام .أغلب الزعماء مدمني كحول ، أو مخدرات ، هم يحكمون العالم. الردال أذكياء يا أمل ، ولهذا السبب يحكمون ، يبحث الرجل عن سعادته ، يتخلى حتى عن أطفاله ، بالنسبة لي : أحاول أن أرضي زوجي كي لايتزوج بأخرة ، أي أنني أرقص له شبه عارية ، لكنه وعدني أن لا يتزوج إلا إذا أدى فريضة الحج أولاً ، و أنا أحاول أن لا أترك معه ثمن حجته . لا أعرف إلى متى سوف أتحايل على الأمر.
نظرت إليّ بغضب ، وقالت : هل على الرجل إما أن يكون متطرفاً أو مدمناً ؟ ثم أكملت :
هل تدرين ماحل بغرفتي التي أستعملها كمكتب في المنزل؟ أصبح اسمها غرفة العرق ، يتهامس أولادنا ، يقولون. بابا في غرفة العرق!
لم يعد يذهب إلى المكتب كوننا نعمل في نفس المهنة، وعندما يذهب يغلق الباب عليه ، إما أن يشرب ، أو يستدعي امرأة يمارس معها " العادة الشّمية " ، فهو قد فقد قدرته الجنسية بسبب المشروب ، ماذا تلزمه المرأة؟ إنه يبدد دخلنا فقط .
أفراد عائلته يغارون منّي فهم يستغربون كيف أقضي معه حياتي، ينتظرون أن أطلّقه كي يتشرّد أولادي كي لا يتفوقوا على أولادهم.
غداّ يوم الاستفتاء على دستور الوطن ، وقد دعيت لألقاء كلمة بهذه المناسبة ، ربما المؤامرة من زوجي فهو عضو بارز في تجمع حقوق الإنسان، و يعرف أنني لا أشتمه أام الناس سوف أقرأ لك ما كتبت:
نحن أبناء هذا الوطن الأشمّ ، لن نفرّط بذرّة من ترابه. أدعو النساء و الرجال إلى ممارسة حقهم في هذا اليوم العظيم . أيتها النّساء : اخترن حياة تليق بكنّ ، كما فعلت أنا ، فزوجي هو الدّاعم الأول لي ، وهو فقط من يفهمني . أود أن أشكره من هنا ، و أتمنى أن يكون جميع الرجال مثله.
توقفي يا أمل ! أنت كاذبة. قبل قليل شتمتيه ، و الآن تمتدحيه .
أنا لا أمدحه ياعزيزتي . هذا الخطاب موجه إلى عائلته . ماذا سوف يقولون؟ هل سوف يقولون : عليك بتطليقه. هذا الخطاب سوف يجعلهم لا ينامون الليلة، وكلّهم من أنصار الزّعيم.
و أعصابك ؟
أنا لا مبالية ، ولا تتأثّر أعصابي لدرجة أنني تركت لزوجي غرفة العرق ، أصبحت أدخل زبائني إلى المطبخ . أصلاً لا يوجد زبائن . . .
يالك من قوية؟
ماذا؟ قولي : يالك من مهزومة! ، لكن فنّ الهزيمة يتغيّر حسب الحاجة . داخلي ياعزيزتي كومة قش ، وخارجي طرق شتى . عليّ أن أعوي على زوجي ، و أنهق في وجه أخيه، و أموء في وجه أخته ، و أن أدرس الحالة النفسية لموقفي ، وبعد دراسة متأنية رأيت أن مديح زوجي يجلب لي جزءاً من حربي على الجبهة الخارجية ، أما على الجبهة الداخلية ، فإن لمست يدي يده ارتجفت . قال البارحة فيّ كلمات غزل . أدرت ظهري. قال لي لماذا هجرتني، قلت له لديك غيري . قال: كلّه يصب في مصلحتك ، بصقت على الأرض لأن غثياناً أصابني.على كلّ عليك أن تعرفي أن المهندسة أمل مخلوقة من فخار ، وليس من طين . أحدد هدفي معه: يبعق بأعلى صوت . أختبئ في المطبخ ، ثم أعود فأشتمه ، و أضمن أنه سوف يكون شبه طبيعي لبضعة أيام. مع ذلك فإن ابني ذو العشر سنوات أدخله البارح من البلكون بينما كان يشرب القهوة . قال له : ادخل بابا إلى غرفة العرق ، جميع أصدقائي يعرفون أنك تضع العرق في فنجان القهوة. كم كنت غبيّة ! كنت قد ملآت فنجان قهوتي ، وأردت أن أجلس قربه ، لم أشك أنّه يشرب العرق . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أمل
جوان علي ( 2021 / 10 / 16 - 17:12 )
العزيزة نادية .. تذكرني امل بصديقة لي في الجامعة في بغداد .. كانت لا تشبه بنات الزمان حينها .. لا تثرثر مثلهن .. وتضيق بثرثرتهن فترسم .. غالبا وجه أمراءة يغطي الشعر نصف وجهها .. سألتها مرة لماذا لا ترسمين العين الاخرى .. قالت بفتور كسل .. جان بول سارتر ودائرته من الوجوديين كتابها المفضلين .. لدى اسرتها مكتبة عامرة .. كنز يلبي حاجتي الشرهة للقراءة في ظل ارتفاع اسعار الكتب وقدرتي المتواضعة على شراءها .. المهم اضطررت لترك العراق نتيجة الملاحقة البوليسية من النظام حينذاك .. لكني لم ارد الانقطاع عن التواصل معها .. اتفقنا ان ارسل لها عنواني الجديد باليد وترسل هي الرد برسالة عن طريق البريد العادي دون ذكر عنوانها وباسم مستعار .. قلت سيكون أسمك أمل لاغيضها .. ثارت الصامتة ابدا مستنكرة الاسم .. لان شعارها كان حينها لا جدوى يا يسوع لاجدوى .. المقولة الشهيرة من المسيح يصلب من جديد .. وفي الغربة وصلتني رسائل كثيرة من أمل .. وخدمتنا الكتب والروايات في تشفيرحواراتنا كثيرا .. تحياتي


2 - تحياتي
نادية خلوف ( 2021 / 10 / 17 - 06:34 )
هو أمل ، ولا جدوى ، لا جدوى كما قالت صديقتك . كل الحب لك ولرفيقتك ، و إربما أستطيع فك . شفرة رسائلك
محبتي

اخر الافلام

.. وزير الخارجية الأيرلندي: 100% من الفلسطينيين بغزة يواجهون شب


.. ثورات في الجامعات الأمريكية.. اعتقالات وإغلاقات وسط تصاعد ال




.. French authorities must respect and protect the right to fre


.. تحقيق مستقل: إسرائيل لم تقدم إلى الآن أدلة على انتماء موظفين




.. البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل يتيح ترحيل المهاجر