الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل خذلت المرجعية الدينية من قبل الشارع العراقي في الانتخابات الاخيرة كما يشاع ؟

احمد عبدول

2021 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ان خاض العراقيون تجربتهم الانتخابية البرلمانية الخامسة لهذا العام 2021 ، والتي كان فيها اداء المفوضية المستقلة العليا للانتخابات اداء ضعيفا ومرتبكا ، على الرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها المفوضية ذاتها
بعد ان اثبت العراقيون ايمانهم بضرورة التغييرعبر صناديق الاقتراع
ابتداء من عام 2005 ولغاية هذا العام حينما كانوا يخرجون زرافات ووحدانا ، شيبا وشبابا ، نساء ورجالا ، للانتخاب في أ شد الظروف خطورة ودموية ، عندما كان الانتحاريون يترصدون مراكز الاقتراع بينما تجوب السيارات الملغمة المدن بحثا عن تجمعات الناخبين لتحصد أرواحهم البرلمانية الخامسة لعام 2021 والتي كان فيها أداء المفوضية أداء مرتبكا متسرعا يبعث على الريبة والغموض على الرغم من كل الجهود التي بذلتها المفوضية ذاتها
بعد ان أثبت العراقيون إنهم على أتم الاستعداد لتكرار
لقد قدمت الجماهير العراقية أروع الأمثلة على التحدي والصمود عندما كانت تقطع الفيافي والقفار مشيا على الإقدام لغرض الإدلاء بأصواتها لا سيما بعد ان أكدت المرجعيات الدينية على ضرورة وأهمية وشرعية الانتخابات كل ذلك بات يشكل قوة دفع نحو التوجه لصناديق الاقتراع كل أربعة أعوام إلا ان الناخب العراقي لم يتلمس تلك النتائج المرجوة بعد انتهاء كل دوره انتخابية فقد أخذت الأمور تزداد سوءا عندما اخذ الملف السياسي بالتعقيد ، فترسخت الأعراف المنافية للدستور ، وتعمقت التخندقات ، وتجذرت الأزمات واتسعت رقعة الفساد المالي والإداري ، ناهيك عن ان الناخب العراقي صار إزاء معادلة غير معهودة في سائر التجارب الديمقراطية المعاصرة والتي تمثلت في مصادرة إرادته إثناء عملية الانتخاب فقد كان الناخب العراقي يصوت ل(س) من المرشحين لكنه يتفاجأ بأن صوته قد جير بالكامل ل (ص ) منهم وهذا يعني مصادرة إرادته ، وتلاشي سعيه ، وضياع صوته لصالح التوازنات والتفاهمات السياسية والحزبية الضيقة.
مصادرة إرادة الجماهير إضافة الى اصطفافات الأحزاب ضمن مربعات نفعية ومصلحية اخذ يسير بسفينة العراق والعراقيين نحو المجهول كانت ابرز محطات ذلك المجهول سقوط ثاني اكبر محافظة في العراق من حيث النفوس على أيدي تنظيمات إرهابية لا تمتلك من السلاح إلا بنادق الكلاشنكوف والسيارات البيكب تلا ذلك السقوط المدوي سقوط ثلث الأراضي العراقية تحت سيطرة ذات التنظيمات
كل تلك الإخفاقات والانكسارات جعلت الناخب العراقي يعيد حساباته في اندفاعه نحو مراكز التصويت والمشاركة لا سيما ان المرجعية الدينية المتمثلة بمرجعية السيد السيستاني (دام ظله) قد أعلنت غلق أبوابها بوجه الساسة وهو اعتراف صريح ومباشر منها بفشلهم وعدم مصداقيتهم ، قبالة هكذا معطيات بات الناخب العراقي متيقنا من صحة ما يذهب إليه من رأي في ضرورة مقاطعة أي انتخابات مقبلة
مسلسل المقاطعة أخذت ملامحه تتوضح أكثر ابتداء من عام 2018 حيث كانت نسب المشاركة متدنية للغاية اقل من18./. وكانت تلك رسالة مهمة للطبقة السياسية بضرورة إعادة حساباتهم ، ، ومعالجة إخفاقاتهم ، إلا ان مثل ذلك الأمر لم يحصل بل ان الجماهير تفاجأت برئيس وزراء جديد جاء على خلفية توافقات سياسية (مرشح تسوية ـ مستقل ) (السيد عادل عبد المهدي ) وهو ما عزز قناعات الشارع العراقي مجددا بعدم المشاركة في انتخابات 2021 وبما ان المرجعية الدينية قد أوصدت أبوابها بوجه الساسة فأن الشارع العراقي بات محبطا منكسرا يائسا من أي تغيير حقيقي وواقعي يلوح في المستقبل القريب والمتوسط .
عندما نأتي للأشهر القليلة التي سبقت انتخابات عام 2021 نجد ان الناخب العراقي قد وطن نفسه ، وحسم أمره ، وحدد وجهته ، في عدم المشاركة لكنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأخيرة لهذا العام ، سرعان ما أحس بشعور داخلي ملح بضرورة عودته مجددا للبحث عن مخلص ينتشله من واقعه السياسي والاجتماعين والاقتصادي المزري ، وهذا ما يحسب للناخب العراقي ويدلنا على دينامكيته وحركيته ووطنيته ، لقد سارع الناخب العراقي لتقصي الوجوه الجديدة والقوى الجديدة، فراح يسأل وراح يبحث وراح يستفهم لكنه لم يجد ضالته ، ولم يدرك غايته إلا في الأسبوع الأخير الذي سبق الانتخابات ، عندما توالت بيانات المرجعية لا سيما مرجعية السيد السيستاني ( دام ظله) على ضرورة المشاركة الفاعلة والاختيار الواعي والمسؤول
عندئذ تنفس الشارع العراقي مجددا وتجددت لديه بوادر الأمل فراح يجتهد في اختيار الشخصيات المستقلة ، لكنه كان يحتاج الى توضيح اكبر، وتوجيه اعم وأعمق ، فالناخب لا يعرف عن هذا المستقل أو ذاك شيئا يذكر أي وحتى لو افترضنا انه يعرف مقدارا ما عن نزاهة هذا المستقل أو ذاك فما الضامن ان يأتلف ذلك النزيه فيما بعد بقوى غير نزيهة أو يصطف مع قوائم غير مؤتمنة ’ لذلك كانت الجماهير سواء على صعيد مقلدي السيد السيستاني( دام ظله ) أو من غير المقلدين تنتظر إشارة مباشرة أو غير مباشرة للإسراع بالتصويت لهذه الجهة أو تلك ، وهذا ما حصل على ارض الواقع عندما علمت الجماهير بارتياح أوساط مقربة من المرجعية لقائمة معينة واسم معين قائمة (اشراقة كانون) وهي القائمة التي انبثقت على ضوء تأكيد المرجعية على الكفاءات الوطنية والدخول في العملية السياسية بعد خطبة الجمعة في شهر كانون الأول علم 2019 لذلك جاءت التسمية مرتبطة بتاريخ خطبة المرجعية لتسارع جماهير غير قليلة لانتخاب تلك القائمة التي حصلت على مقاعد لا بأس بها في المجلس النيابي الجديد وهذا دليل واضح على التفاف الشارع وتفاعله مع مرجعيته الدينية
من وجهة نظري المتواضعة ان هناك مسؤولية كبرى تترتب على موقف المرجعية الأخير من الانتخابات ، فقد كنا نأمل ان تباشر المرجعية بحملات موسعة لغرض التعبئة والتثقيف والتوجيه لقواعدها الجماهيرية عبر إشارات مباشرة وغير مباشرة ، عن مقبوليتها لهذه القائمة أو تلك لانتشال الناخب من حيرته واضطرابه ، إلا مثل ذلك الأمر لم يتحقق إلا بعد أيام قلائل من الانتخابات ولو ان مثل ذلك الأمر حصل قبل الانتخابات بسنوات أو أشهر على أقل تقدير، لكنا اليوم إزاء نتائج وأرقام وتوازنات وقوى مختلفة وبالتالي حكومة مختلفة .
لست مع الذين يذهبون لخذلان الشارع العراقي لمرجعيته الدينية بل على العكس من ذلك فأنا أرى ان الشارع العراقي كان تواقا متحمسا كعادته ، لانتخاب الأصلح والأكفأ والأفضل ، لكنه كان في وضع لا يحسد عليه جراء احباطات وانكسارات فضلا عن ضبابية المشهد فكان لزاما على المرجعية الدينية ان تهديه السبيل وترشده الطريق بوقت مبكر، وهو الشيء الذي لم يحصل إلا بوقت شبه ضائع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر