الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في قصيدة إجابة للشاعر السمّاح عبد الله.

السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)

2021 / 10 / 20
الادب والفن


قراءة في قصيدة (إجابة) للشاعر السمّاح عبد الله.
بقلم: فتحي محفوظ

أولا: القراءة
ذكرنا من قبل أن اشعار السماح عبد الله تنتهج النهج التعبيري، وهو النهج الذي يعتمد علي قيامه بالتعبير عمدا عما يعتبره الأساس الجمالي لصياغة جملة كلية، وباعتبار أن النص كله يعادل جملة كبري (بارت)، ومن ثم فنحن نواجه في نصوصه بنيانا تعبيريا يتضافر داخل تكوين جمالي يختص بإنشائه ويقتصر عليه، وقلنا إن النظر الي أشعار السماح لا بد من اعتماد النظر إليها بعين المشاهد لإحدى اللوحات المجسمة، وهو تعبير يعني قيامه بعرض إنشاء تعبيري مجسم داخل مساحة يحيط بها إطار (حيز)، واللوحة المرسومة بتفان تحتوي عليه هو المحب، ومحبوبته خديجة، وهي محصورة داخل ستار من التعمية " نحن لم نر خديجة ولم نعلم عنها شيئا "، ترسل الأسئلة عبر وسيط والذي يقوم بدوره بحمل الرسالة بصيغة لا تنتهج نهجا صريحا من الطرح لكنها تبدو أقرب الي عرض متوال لبعض التساؤلات، دعونا نتحدث عن المشهد الرئيسي داخل اللوحة، وذلك يعني أننا سوف نتحدث عن المكان وهو بتعبير صادق مكان مميز، ولا سبيل الي التقدم، فهو يتخاذل في السير الي بيته:
تقتصد الخطوَ
كأنْ ترجو الشارعَ
ألا يختصر الطولا "
وبذا فالطريق الي البيت محكوم بإرادة التوقف عن السعي الي المقر، كما أن خط الرجعة الي نقطة البداية كان في وضع الاستحالة:
" ومقفولٌ خَطُّ الرجعة في عينيك "
وبذا نحن نتطلع الي وضع سكوني لجسم لا يرغب في التقدم كما أنه لا يستطيع النكوص، هذا عن المكان المرسوم داخل الإطار، عادة ما تكون الأطر في أعمال السماح أطرا محصورة داخل حيز مثل الغرف الضيقة أو محصور داخل جدران : قصيدة نذر (حجرة في الدير )، وطلاب خمر الليل (حجرة في خمارة) وفي قصيدة أربعاءات الشقة الضيقة اختزال للمكان علاوة علي اختزال الزمان الي يوم واحد، إن تحديد المكان داخل الإطار يدفعنا الي الاعتقاد بوجود أزمة يعاني منها وهي أزمة تتعاق بمشاعر الحصار.
كانت التساؤلات المطروحة تدور علي لسان المخاطب وهو لم يكن شخصا مجهول الهوية علي الرغم من اختفائها من اللوحة:
" لكأنْ حاصرتَ القاهرةَ الكبرى بالدّخانِ
فصارت كل طريق
زاهيةً
حانيةً
وبهيجةْ
وتردّ على أسئلةِ خديجةْ."
فالتساؤلات المطروحة علي لسان خديجة تختص بتساؤل عن زيف المشاعر:
"هل تسترق الفرحة أم ترشو شفتيك "
وتساؤل مفعم بالريبة عن حالته الآن وهو يعاني من آلام الوحدة لدرجة انه يتسلل آخر الليل، ويعقب ذلك تساؤل استنكاري عما إذا كان يعرف طريقه إلي أين يمضي ، ثم تساؤل هل يعرف الزهو علي الرغم من انه لم يكن جميلا، وعن حلم الهيمنة والاستقطاب هل يصوّب بالطوبِ أجراسَ الكنائس لتصحو القاهرةُ وتأتي في كفيه، هل يقوم بتأجيل أحزان القلب علي أمل انه سوف يعيش طويلا، وتساؤل لا يخلو من السخرية والعجب هل أصبح الآن جميلا.
تحتمل اللوحة الكثير من التأويلات، فالمشهد برمته يحتويه فراغ فيما عدا وجود ذلك الرجل تحيطه تساؤلات تبدو قاسية، لا أثر لخديجة فيما عدا خطابها المرسل الجامع لقسوة المواجهة، ولا تكاد العواطف فيما بينه وبينها مشتعلة الأوار، فالعقلانية هي الخط الأساسي في فحوي الخطاب، لأنه خطاب يكشف عن مواجهة القروي القادم من الجنوب وهو يلتمس أهدافا عظيمة تتعلق بحلم السيطرة علي العاصمة الكبرى، وما كانت دقات أجراس كنيسة في سوهاج والمسموعة في القاهرة إلا ذلك الصوت الوافد من أعماق الجنوب، لتدق الأجراس في الجنوب لتستمع العاصمة إلي وجيب قلب الوافد الجديد وطموحاته، ليحاصر العاصمة بالدخان حتي يعلن عن قدومه
لأنه صوت جدير بأن يسمع، جدير بأن يقدم تعليلاته عن تساؤلات خديجة بعين البصيرة.

ثانيا: القصيدة

إجابة
شعر:
السمّاح عبد الله

هل تسترقُ الفرحةَ
أم ترشو شفتيكْ؟
تتسلّلُ في آخر ساعات الليلِ
وحيدًا
ترشو حرّاسَ الطُرُقاتِ
وتقرأ وِرْديكْ
تخطو
لكأنْ تعرفُ سِكَّتكَ
ولستَ جمِيلا
لكنك تزهو
والقلبُ فراغٌ إلا من هسهسةٍ راجفةٍ
وكنائسُ سوهاجَ مُغَلَّقَةٌ في الليلِ
ومقفولٌ خَطُّ الرجعة في عينيك
تفترضُ حدوثَ الصبحِ الطازجِ
وتنطّ على سور كنائس سوهاجَ
تصوّب بالطوبِ الأجراسَ
لتصحو القاهرةُ
وتأتي في كفيكْ
تمشي فرحانا بمحاولة حدوث الفرح المتعجلِ
وتؤجّلُ أحزانَ القلبِ
كأنْ سوف تعيش طويلا
تقتصد الخطوَ
كأنْ ترجو الشارعَ
ألا يختصر الطولا
تبتسمُ
كأنْ أصبحتَ جميلا
لا ترغبُ في التبغِ
وتفرحُ
لكأنْ حاصرتَ القاهرةَ الكبرى بالدّخانِ
فصارت كل طريق
زاهيةً
حانيةً
وبهيجةْ
وتردّ على أسئلةِ خديجةْ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني