الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسطورة والحاجة إلى المرأة في -تمرين بي- أكرم فارس عريج

رائد الحواري

2021 / 10 / 20
الادب والفن


الأسطورة والحاجة إلى المرأة في
"تمرين بي"
أكرم فارس عريج
"تمرين بي
كما يمرُّ على البيت العتيق دوريٌّ
طاردته السنونْ
فأعاد ترتيب عشِّه قشةً قشَّةْ
تمرِّينَ فيهرع القلب
يُلملم حجارةَ عمرٍ مضى مسرعاً
تَناثُرَ عطر زروعهِ
أشلاءَ موسيقا الصبا ..
تمرِّين
فيَقطِرُ عنبُ الصدرِ نبيذَ انتظارهِ جمراً
تشعلينَ المشيبَ بصخبِ الندى
فتنبعثُ الحياةُ من رمادها المستكين
تمرِّين بي كما الغجريات
حين يجدنَ قريةً نائية
يُخيِّمنَ بين منازلها الهادئة
فتوقظ خلاخيلهن قمراً شارداً
هديلَ شبابيكها النائمة
يراقصنَ أزقَّتها
فيغتسل الترابُ من حزنهِ ويستفيقْ ..
تمرِّينَ بي .. تعبرينني
فأبعثُ من جديد .."
عندما يتكرر لفظ/فعل فهذا يشير إلى الحاجة/الرغبة التي يمثلها هذا اللفظ، وبما أن العنوان "تمرين بي" تكرر أربع مرات، من هنا يمكننا تأكيد حاجة الشاعر إلى المرأة.
قبل التوقف عند مسار القصيدة، نتوقف عند "تمرين بي" والذي جاء العنوان كجزء من المتن، لهذا نجد الفاتحة: " كما يمر على البيت العتيق دوري" وكأنه من خلال جعل العنوان جزء من النص أراد أن يؤكد على وحدة البناء القصيدة/النص، وأيضا يؤكد على ما يريده/يرغبه من مرورها.
المرور الأول جاء متبوعا "فيهرع القلب"، فتقديم فعل "فيهرع" على الفاعل "القلب" كناية عن الإندفاع نحوها/إليها، من هنا تم تأخير التابع/القلب.
المرور الثاني، "فيقطر عنب الصدر" يمثل حالة التجلي والتأمل التي أصابت الشاعر بعد (القاء)، وكأنه بعد الفعل الشديد "فيهرع" أخذ استراحة، وتأملها فكانت هذه الصورة الناعمة ناتجة عنها/عن تأملها.
في المرور الثالث ـ وبعد أن اكتفى بالتأمل والتغني بها، وأشبع رغبته منها ـ اعادها إلى (العادية/الطبيعية) فوصفها كالغجريات، كالنساء العاديات.
المرور الرابع، "تعبروني" يتماهي معها، ليحصل الخلود/الحياة الجديدة، وهنا يكون قد اعطاءها صفة (ربة)/مقدسة.
سنحاول الوصول إلى رغبات الشاعر من خلال الألفاظ التي استخدمها، فعندما تحدث عن "الدوري" كرر لفظ "قشة قشة" وكأنه يذكرها بالتعب الذي هو فيه، ومن ثم إلى ضرورة من يساعده/يعينه على أنجاز "عشه" واتمامه، كما أن التكرار، يشير ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى رغبة الشاعر بها، فبدا وكأنه من خلال "قشة قشة" يدعوها لتكون متماثلة معه/شريكة معه.
الشاعر يجمع بين التخيل/الإيحاء "عشه" وبين الواقع "البيت العتيق" ورغم هذه (الواقعية)، إلا أن استخدمه للفظ "يلملم" التي يتكرر فيه حرفي اللأم والميم، ويتلاصقان، يشير أيضا إلى رغبته وحاجة إليها.
وإذا ما توقفنا عن ما يتبع فعل "يلملم" نجد "تناثر، أشلاء" وكلاهما يحملان معنى (التفتيت/الكثرة) بمعنى أن الفعل (مُتعب/صعب) وبحاجة إلى (معونة) منها، بهذا يكون قد أشار إلى (تعبه/جهده) الكبير في "قشة قشة"، لوجود (الجهد/التعب) في "تناثر/أشلاء".
من جمالية النص الجيد استحضار الأسطورة بطريقة مغايرة عن الآخرين، وأن تاتي ضمن مسار (طبيعي/عادي) ولا تقحم في النص أقحاما، "أكرم فارس عريج" يقرن المرأة بعشتار بطريقة متميزة، فهو يمر عليها مرورا خاطفا/سريعا، لكنه يبقى أثره حاضرا.
فبعد أن تحدث عن الخصب: "فيقطر عنب الصدر نبيذ انتظارة جمرا" ثم عن الغياب/الموت: "تشعلين المشيب" يعود إلى الحياة من جديد: "فتنبت الحياة من رمادها المستكين" فرغم أنه لم يذكر "عشتار" ولا "البعل" رمز الخصب والنماء والخير والجمال، ورغم أنه لم يذكر طائر الفينيق" المنبعث من الموت/الرماد، إلا أن المتلقي تصله فكرة الموت والحياة الفينيقية.
والمقصود هنا أن حضورها/المرأة يتماثل مع حضور "عشتار" وفعلها/دورها في تخليص "البعل" من الموت.
مسألة "قمرا شاردا" تشير إلى المخزون الأسطوري عند الشاعر، وما استخدمه "فيغتسل التراب من حزنه ويستفيق" إلا تأكيد على عودة الحياة على الأرض بعد أن يعود "البعل" إلى الوجود بفضل "عشتار" وفعلها.
وما جاء في خاتمة القصيدة: "فأبعث من جديد" إلا تأكيدا إلى حاجة "البعل/أكرم فارس عريج" إلى المرأة/عشتار.
كما أن الأفعل المضارعة والمتبوعة بفاء (السرعة) التي استخدمها الشاعر في القصيدة، تخدم أيضا فكرة الحاجة الملحة إليها، من هنا خلت القصيدة من الفعل ماضي، وركزت على الفعل الحاضر والمستقبل.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة