الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين العلم والبيزنيس

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 10 / 23
العولمة وتطورات العالم المعاصر


من مميزات العولمة انتشار العلم والمعرفة بصورة كبيرة حول العالم مما أدى بالفعل إلى الرفاهية وتطوير العلوم التطبيقية فى شتى مجالات البحث العلمى فى معظم دول العالم فأفادت البشر كثيرا فى مجالات الصحة والصناعة والزراعة . ولكن العولمة تعتمد أولا وأخيرا على الشركات المتعددة الجنسيات وعلى البيزنيس العالمى الذى امتد إلى العلم وربما تحكم فى مقدراته بصورة كبيرة ، فالكثير من البحوث التطبيقية أصبحت تعتمد على ممولين من شركات ورجال أعمال لهم مصالح أيضا ومطامع فى المكاسب عبر احتكار الإبداع مما جعل بعض مكاسب بيزنيس العلم قد تصل إلى أن يكسب الدولار الواحد 140 دولارا وهو أعلى مكسب فى التاريخ خاصة فى قطاعات أصبحت رئيسية مثل قطاع الأدوية والمستحضرات والمستلزمات الطبية وكذلك قطاع الذكاء الاصطناعى وحتى فى القطاعات غير القانونية مثل تجارة المخدرات ، فجميع تلك القطاعات موادها الخام منخفضة التكلفة ولكنها مرتفعة الملكية الفكرية.
لقد حاولت العولمة شيئا فشيئا تحييد بحوث العلوم البحتة والعلوم الإنسانية غير المتعلقة بالمال لصالح بحوث العلوم التطبيقية التى يمكن أن تدر مالا عن طريق الشركات الممولة للبحوث مما أدى بالفعل إلى تراجع مكانة معظم العلوم الإنسانية مثل التاريخ والفلسفة والاجتماع التى لا يستطيع البيزنيس استخدامها بسهولة ، بل وأدى أيضا إلى تصاعد بعض العلوم التطبيقية للقمة فى أوقات معينة جين يرتفع البيزنيس الخاص بها كما يحدث الآن مع علوم البيولوجية الجزيئية وأجهزة القياس الطبية فى أوقات بيزنيس الفيروسات مثل الانفلوانزا وكورونا وغيرها . لقد استطاعت الشركات اختراق الجامعات ومراكز البحوث والمستشفيات والمعامل لتسيطر بصورة واضحة على العلم وتغير مساره لصالح تلك الشركات ورجال الأعمال الذين يستخدمون أحيانا أدوات العولمة مثل الانترنت والإعلام لتنفيذ مآربهم وتسويق منتجاتهم العلمية أيضا وقد يكون ذلك فى صالح رفاهية الإنسان ولكنه أحيانا لا يهتم بالإنسان كما حدث مع شركة فيسبوك التى تم اتهامها بأنها تسوق معلومات تؤثر على الأطفال والشباب وقد تضر المجتمع مستخدمة خوازميات تقنية سرية لتعظيم المكاسب , وربما تفعل ذلك معظم مواقع التواصل الاجتماعى التى لا تهتم بالأخلاقيات كثيرا وتكسب معظم مكاسبها من إعلانات الشركات . إن تدخل البيزنيس فى العلم يبدو واضحا فى مجال الطب والصيدلة والمستحضرات والمستلزمات الطبية حيث أن مكاسب شركات الأدوية وما يتعلق بها كبيرة جدا قد تجعل البعض منهم يلجأ لمختلف أنواع الفساد بل ورشوة الأطباء فى دول العالم الثالث لتسويق الأدوية والمنتجات المختلفة حتى لو كانت أقل فاعلية أو أعلى سعرا بل قد يصل الأمر إلى التغطية على الآثار الجانبية لبعض الأدوية وطمس أى بحوث علمية تؤثر على المكاسب ومساعدة البحوث التى تدعم المكاسب لمنتجات معينة مثلما حدث سابقا مع الشوكولاته التى تضاربت البحوث العلمية حول فوائدها وأضرارها بما يشبه الفوضى العلمية نتيجة تدخل الشركات فى البحوث العلمية.
وبالطبع شهدت الكثير من دول العالم فى ظل عولمة العلم إنتاج مركبات كيميائية وبيولوجية متعددة تصل إلى العالم وكائناته الحية بإنسانه وحيوانه ونباته فى صورة أدوية و مبيدات ومضافات غذائية وزراعات نباتات معدلة جينيا GM ومركبات نانوتكنولوجية غير معروف تأثيرها السرطانى على المدى البعيد ولكنها بأبحاثها وإنتاجها وتسويقها تجد تمويلا كبيرا من الشركات العالمية التى تعمل فى تلك المجالات .
إن عصر العولمة قد جعل الشركات العالمية هى التى تتحكم فى العالم بصورة غير مباشرة وليس الحكومات ، فهى التى تستحوذ على معظم ما يستخدمه ويتداوله البشر حول العالم سواءً فى الغذاء و الدواء والأجهزة المختلفة بل وتسيطر على أذرع العولمة المتمثلة فى الانترنت والفضائيات والإعلام ووصلت إلى العلم والبحث العلمى أيضا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في