الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة تشرين اللاارضوية و -قران العراق-؟

عبدالامير الركابي

2021 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


وقعت الثورة اللاارضوية العراقية الحديثة الأولى عام 1920 تاكيدا للذاتيه، وحضورا نموذجيا بلا نطقية، كانت متعذرة وقتها بسبب الانتصار والغلبة الكاسحة الغربية نموذجا وتفكرا على مستوى المعمورة، في وقت كانت فيه الكيانيه المتعدية للكيانيه والمتجاوزة لها، العراقية،في حال انقطاع انهياري منذ عام 1258، خاضعه لاشتراطات الغياب، وان هي قد قطعت وقتها شوطا على صعيد التشكل الثالث الراهن ابتدا مع القرن السادس عشر، وصار شاملا لارض السواد برمتها عبر محطتين : قبلية، ثم دينيه انتظارية، ، وصولا الى مشارف بغداد ومتبقياتها، والامر عاد وتكرر حين أنجزت الثورة الأولى المهمه، وسحقت كليا مشروع الغرب الافنائي الويرلندي، بثورة لاارضوية ثانيه، تفجرت عام 1958، لتتعذر عليها هي أيضا امكانيه النطق عن الذاتيه، في وقت كان فيه نموذج الغرب مايزال كاسحا، لابل وازداد حضورا عبر خطاب ومفهوم حركات التحرر العالمية، ونماذج ثوراتها على امتداد المعمورة، ماقد اعطى للوطنيات الايديلوجية الويرلندية المجافي للذاتيه التاريخيه، وللكينونة، فرصة اسباغ مفاهيمها على الحدث الكبير الفاصل، قبل ان يقع بصورة نهائية من وقتها، الانفصال بين القوى المذكورة، والاليات العراقية، بعد ان كانت بعض هذه القوى قد عرفت نوعا من الاندراج ضمن جبهة ومعسكر الاليات الوطن/ كونيه ودفعها.
اليوم لاثورة، ومن الاستحالة حصولها بلا نطقية، او بلا رؤية ونظرية مطابقة، تفصح عن الذاتيه الغائبة المؤجله، بعدما غدت هذه لزوم وجود ضمن اشتراطات ماقبل كيانيه مفبركه، أي ماهو قابل لان يتوفر منها على متبقيات تعداها الزمن من مخلفات المحطتين القبلية والانتظارية، وصولا للوايرلندية وحثالاتها المتبقية، وهياكلها الموجودة ماتزال خارج زمنها، وبما هي بالاصلن او كما كانت ضمن فتراتها السابقة على النطقية المنتظرة، وهو ماكان يتوقع ان تتمخض الدورة الأخيرة عنه، انما ليس من دون المرور بفترة من الاصطراعية الافنائية المسلطة من ا لتجلي والصيغة الأعلى من صيغ الارضوية، بارفع واخر اشكالها الممكنه الاوربيه الحداثية، الى حين العبور على المراحلية المفترضة ارضويا داخل ماتعتبره هذه تطورية مجتمعية، ذهابا لمقاربة زمن ومحطة الانتقالية على صعيد نمطية المجتمعات، وتحولها من الارضوية للاارضوية، مع حزمة منظورها ومفاهيمها، ونموذجها الواقعي.
فاذا توخينا عينة استدلال، وان تكن مشابهه من بعيد، فنتذكر كمثال الثورة الفرنسية التي استمرت لعشر سنوات من الزمن، ذهب خلالها من البشر مايقارب التمانمائة الف كائن بشري، ضحايا، من اصل 27 مليون كانوا في حينه سكان فرنسا، وكل هذا على سييل الانتقال في حينه داخل النمط المجتمعي نفسه، من زمن الاقطاع ونوع مجتمعيتة، وشكل الحكم فيه، الى النظام الجديد البرجوازي الديمقراطي، نظام ( الدولة/ الامه)، فماذا يمكن توقعه او تصورمجرياته التي سيمر بها، اذا كنا كما نحن اليوم في ارض الرافدين امام انتقالية كونيه منتظرة منذ سبعة الاف عام تقريبا، وكحصيله لدورات ثلاث تاريخيه، وانتهائية نمطية مجتمعية، يفترض ان تنقلب بعدها وبها ظاهرة المجتمعات، بعد ان يصفى كل موروث ومترسخ المجتمعية الارضوية الأحادية، وسطوتها على العقل ومنظومة رؤيتها للاشياء والعالم.
تستحيل الثورة راهنا في ارض الرافدين من دون انفصال مفهومي كلي عن الارضوية، وماينتمي لها، وينتسب لنموذجها، فاما "ثورة لاارضوية وقرآنها"، او لاثورة، او حدث من صنف ونوع يلتحف ثوبا غير ثوبه فيقتل به ويكفن، هذا بينما أبناء ارض مابين النهرين يتهيأون لحمل الشرف الأعظم، استحقاقهم الذي هم به الاجدر، بما يجعل الرؤية والافصاح النطقي المطموس، مساويا، ان لم يكن لازما، لاتححق بدونه للخيام، وللدوي المجلجل في الساحات والطرقات، "نريد وطنا"، لان تلك الماثر لن تكون فعالة، والدماء التي تشرفت بها ارض تعودت تاريخيا على استقبالها من دون توقف، لن تصير هي، وماهي كائنه، وينبغي ان تكون عليه، الا اذا صار النداء "نريد وطنا كونيا لاارضويا" هو وطننا الأصل والكينونه، وقد انبعث وصارحاضرا، والا اذاتلمس الناهضون البواسل عالمهم، وايقنوا بانه قادم، وعلى مشارف الانبثاق الذي سيحملون هم شرف الإفصاح عنه، كما افصح اجدادهم عن غوامض الوجود، ومغلاقات بكورتها عن العقل، ليشيدوا صرح الاعقال الأول، مضطرين لتحمل موجبات الوصول الى اليوم والساعة، حيث يلح النداء وقد صارت قاب قوسين او ادنى، وصار العالم كله معلقا مبهور الانفاس، مرة أخرى، وشاخصا نحو تلك البقعة من الأرض بعد فشل الغرب واندحار مشروعه.
لسنا عند ساعة "البيان رقم واحد"، أو واحدة من انتفاضات الخمسينات، أوحتى الثورة الفرنسية نفسها، فالزمن اليوم على توقف وانتهاء، تنقضي عنده الأرضوية، لينتقل الكائن البشري عابرا الى الزمن الاخر، الامر الذي قد يستغرق عقودا من الوثبات، والمحاولات والاصطراعات مع النفس، ومع فلول وحثالات الارضوية والويرلنديه بكل اشكالها واحتمالات تلونها، التي ستستميت حتى تعيد عقارب الزمن الى الوراء، املا في إيقاف تجلي اللاارضوية في ارضها، حيث إبراهيم غير مضطر للمغادرة وقد عاد عبر احفاده ليبني "بيت الغائية العليا الكونيه الثالث" في ارض سومر اللاارضوية العظيمه، وحيث هوعائد ومنبعث وقد تبدل، وصار مايراه على مشارف التحقق كونيا، دون حاجة لان يخرج من ارضه، وقد نطق صوتا للبشرية والكرة الأرضية كلها، بعدما زالت موانع التحقق، وانطفات الارضوية، وصارت على مشارف النهاية، ماياخذه لان ينزع شكل دعوته المديدة الأولى، دعوة زمن اللاتحقق الالهامية النبوية، صنيعة الحدس الأعلى، حين يأتي موافقا للحقائق الكونيه المضمرة الخافية. مستبدلا إياها بنداء أبنائه ورثته، ناصبي الخيام، المنادين "نريد وطنا" صاعدا الى الاكوان العليا، وطنا يدق ناقوس مغادر الأرض والارضوية.
لن يكون المطلوب من هنا فصاعدا "اصلاحا" على الاطلاق، فلا اصلاح مع الارضوية ومتبقيات الويرلندية، ولا دولة، فالدول زالت اليوم مع الارضوية، ولامجتمعية إرضاء للحاجات والديمومه الفسيولوجيه، بل العمل على اسكاتها والقضاء على وطاتها، لصالح انعتاق العقل، كما لن يكون من المطلوب مجتمعية هي، تجمع وإنتاج للغذاء، بل مجتمعية تحولية، الكائن البشري فيها ولأول مره، حاضر ومساهم متدخل واع لعملية تحوله من الازدواج الجسدي العقلي، الى الغلبة العقلية، بانتظار قفزته التي ستفضي به الى الاكوان العليا، فتفتح ابوابه كسكن بديل، والحوافز والموجبات هنا لازمه، ومن الضروري وضعها بين يدي البشرية كلها، وفي المقدمه الكيانيه الامريكيه المفقسه خارج رحم التاريخ، والتي وجدت مهيئة اكثر من غيرها، وستكون مضطره بسبب ماسيحل عليها من تازم لاحل له، والمنطلق هنا تبيان حقيقة كون الأرض واكثر فاكثر، قد استنفدت اغراضها، وان السكن الأرضي صار على وشك الانتهاء والاستحالة، والطور الانتقالي المجتمعي الحالي، يجب ان يتركز على الاشتراطات المستجدة، ويتفاعل معها متاقلما، تحضيرا لمابعد مجتمعية، وما بعد ارضوية.
وكل هذا لن يكون بالمتناول، لابل لن يتم النظرفيه اذا لم تسهم الحياة نفسها، والاشتراطات الحيوية الموضوعية في تبريره، واصطناع الموجبات الاكراهية الداله عليه، والتي تساعد الكائن البشري، ان لم تصل لحد اجباره على ان يقتنع بالوجهه والمسار الحالي، او المقرر من هنا فصاعدا، وهو مابدات نذره ملموسة، وتظل وطاة ومترسبات الارضوية تستدعي التنوية تفريقا بين عالمين، الامر اللازم حكما مع بدئية مستجدة، لابد ان يعي البشر بانها تؤمي لعالم عقلي مختلف تتصير أسبابه وجهة وتحققا، الى ان يبدا بالافصاح عن ذاته ومكنونه، وتعيينا بما يمكن ان يعرف على انه "النهضة العقلية اللاارضوية"، بمعنى صيغة التفجز العقلي الموائم للاارضوية وقد صارت حقيقة وشيكه، وعالما معاشا، هذا ويجدر بنا هنا ان نتذكر كل الحضور العقلي السابق وتدرجات ومسارات ترقيه، وصولا الى الثورة الكبرى الاعقاليه الأخيرة الارضوية التي رافقت وتمخضت عنها النهضة الغربيه الاوربيه، وقفزتها في المجالات كافة، وان نتذكر كعينه على سبيل المثال، الفارق الذي حصل اعقالا بين حالة الاعتقاد بتسطح الأرض، وبين اكتشاف كرويتها، وكونها سابحة في السماء، تدور حول الشمس وحول نفسها، الامر الذي يتوجب تخيل مايناظره اعقالا، وبشمولية مفارقة للممكنات الارضوية، ولحدود الطاقة والقدرات الاحاطية العقلية الارضوية المحكومه لحضور ووطاة الجسد، ولننتوقع في غمرة المسار الانتقالي الأعظم، بدل الأنبياء، حزمه من الاعقاليين اللاارضويين الافذاذ، ممن سيفتحون أبواب الكون، ومنطوياته، وماهو خاف ومحجوب اليوم عن الادراك، قبل ان يتوصلوا لاكتشاف الحامل الكوني للعق،ل او اشتراطات التحرر العقلي من دون حامل بديل للجسد، ونوع وشكل " العالم الاخر"، وسكانه، ومن سبقوا من الكواكب الأخرى اليه، مالاينبغي استبعاد التواصل الاكواني بموجبه ونتيجه له، فيجعل من بعض التصورات المعروفة عن الاتصال بالعوالم والمخلوقات الكونيه الأخرى، تتحول الى واقع، والى حال معاش بعد توفر اشتراطاته التي كانت غائبة، وظلت الارضوية تحول دونه، وتمنعه من ان يصبح حقيقة، مابعد ارضوية كما هو.
ولسنا نحن فقط، ولايجب ان نعتقد باننا منفردين سننجز مهمة الانتقال الأعظم، من دون مساعدة ورعاية كونية كانت موجوده فيما مضى، وواكبت وجودنا وصيرورتنا، وستكون حتما حاضرة اليوم، ابان لحظة غدت فاصلة وافتراقية بين زمنين وشكلين من الوجود، ولايجوز ان ننسى بالمناسبة، ماكان يشير له الأنبياء اللاارضويون عن "العالم الآخر"، بحسب الطبعة النبوية ابان زمن اللاتحقق، وماكان بالإمكان مقاربته، وصولا لقبوله تحت سطوة الموت وحضوره الطاغي، حين لم يكن واردا الحديث عن أي مسرب اخرغير مابعد الموت، عن عالم هو كينونه لاجسدية، من المستحيل تخيلها آنذاك.
هذا مع ان الأنبياء اللاارضويين، لم يكونوا يسلمون من حكم الارضوية وبداهتها الفجه، فوصموا كما سنوصم ب " الجنون"، وبالخروج من المعقول بمعنى "الارضوي" المعاين والملموس، والقائم عيانا، الامر البديهي والذي لاتلام الارضوية اذا ذهبت اليه، بينما هي وقتها تبدي انسجاما عضويا مع كينونتها.
كما البدء الأول يوم وجدت اللاارضوية المؤجله في ارض سومرجنوب مابين النهرين، ينتهي اليوم امد التاجيل المقرر، والذي اقتضته موجبات التحقق، ليحل البدء الثاني التحققي فتنفتح أبواب الاكوان العليا، مرحبة بالكائن الذي عبر تاريخ تصيّره، من الخلية الأولى، متحولا عضية ولبونا، وكائنا يقف على قائمتين وعقل حاضر، ومجتمعيات ارضوية، قبل ان يغدو العقل مهيئا للتحرر من الارضوية الجسدية، ويصير كائنا جديرا بالانتماء لعالم الاكوان العليا والعيش معها وضمنها، وهو ماتشير نحوه وتدل عليه اليوم ثورة 2019 العراقية السومرية التشرينيه، التي ماتزال على اول طريق الانقلابيه الكبرى، بينما دالات "العيش على حافة الفناء" تبدا بالحلول على المعمورة، والحياة الارضوية تصيراكثر فاكثر مستحيله، والفناء يبدا بالحضور، ملوحا في الأفق؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد