الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انطباعات حول مستودعات الكتب المستعملة في كندا ومعارص الكتب في الشرق

جاكلين سلام
كاتبة صحفية، شاعرة، مترجمة سورية-كندية

(Jacqueline Salam)

2021 / 10 / 23
الادب والفن


انطباعات حول تداول الكتب والمعرفة بين شرق وغرب

1
تحتفل البلاد العربية بين فترة وأخرى بمعارض الكتب، وهذه ظاهرة مهمة لإيصال الكتاب إلى القراء، وتشجع على القراءة وتدعم دور النشر. يبقى هناك سؤال مهم لدي، هو العلاقة ما بين مقدرة الفرد المادية على اقتناء الكتب في الوقت الذي يعجز فيه الناس عن تأمين أولويات العيش الكريم من خبز وماء وكهرباء، وأدوية. وبخاصة في الآونة الاخيرة وفي البلاد التي تستعر فيها الحروب والسرقات (من جهة السلطة) وحماتها وحواشيها.
2
منذ هجرتي إلى كندا لم أزر معرضاً للكتاب العربي، ونادراً ما حضرت هنا معارض كتب بالتنسيق المتعارف عليه عربياً، لكنني دائماً أعثر على كتب عربية وانكليزية تثير شهية القراءة لدي وتدفعني لعرضها في الصحافة العربية حين أجد إلى ذلك سبيلاً. وأحيانأً أقوم بترجمة مقتطفات أتقاسمها مع القراء الباحثين عما ليس في متناول أيديهم سواء في المكتبات أو المعارض الدورية العربية.
3
بعدي عن كل الأنشطة العامة عربيا لم يفقدني الصلة بالكتاب العربي وإعلامه. ما زلت أثابر على زيارة أكبر مكتبة جامعية في تورنتو للبحوث والدراسات الشرقية( روبرتس). هناك أقضي ساعات للبحث عما أرغب في قراءته. هذه المكتبة غنية وشاملة على كل أنواع الكتب التراثية والحديثة، النقدية والإبداعية ومن كل أنحاء العالم العربي. أما من جهة الكتاب الانكليزي، فقد سعيتُ خلال هذه السنوات أن أتعرف على الكتاب الكندي على وجه التحديد والأمريكي بوجه عام. أحضر قراءات وحفلات توقيع ومهرجانات دورية تقام في تورنتو. كتابتي عن هذه المناسبات صارت طريقتي المثلى في إقامة "معرض" متواضع لما يثير اهتمامي كصحفية. سأقوم بجمع هذه المقالات في كتاب.
4
إذا عدت بالذاكرة إلى الوراء أجد أن المعارض التي زرتها في البلاد كانت معدودة. أول كتاب اشتريته حين كنتُ طالبة في المدرسة الإعدادية كان بعنوان "بيانات السريالية" من معرض أقيم في مكتبة المركز الثقافي في مدينتي المالكية-سوريا ، بالاضافة الى كتاب بعنوان " ايبلا منعطف التاريخ" وكتاب بعنوان "ساعة الحقيقة- مترجم". في المرحلة الجامعية كنت أزور المعارض التي تقام في المكتبة المركزية لجامعة حلب. ولكن كانت وما تزال الاستعارة من الأصدقاء والمكتبات العامة معيني في الحصول على الكتاب.
المكتبات العامة تشدني للدخول إليها كلما استطعت. أجمل المعارض التي أداوم اليوم على زيارتها هي معارض ومستودعات الكتب المستعملة.
وبالتأكيد لو كنت قريبة من أي بلد يهتم بمعارض الكتب لوجدتني هناك أبحث عن زوادتي وربما أشعر بالزهو والطاووسية إن وجدت أيّ من مجموعاتي الشعرية على طاولة عرض ما. لأنني"محرومة" بحكم المسافة من الوصول إلى كتابي حين صدوره، وأنتظر ما يجود به الناشر علينا بعد ذلك. لدي الان نسخة واحدة مطبوعة من مجموعتي الشعرية الأولى "كريستال" التي صدرت عن دار الكنوز الأدبية عام 2002. ونسخ قليلة جدا من المطبوعات الأخرى.
5
في مخازن الكتب المستعملة، أعثر على إصدارات ممتازة ونظيفة وبأسعار زهيدة. هناك مكتبات عامة تقوم بالاستغناء عن كتب كثيرة على رفوفها وتعرضها للبيع بسعر زهيد تشجيعا للقراءة، والعمل على (( تدوير المنتج) بدل اتلافه في القمامة.
تعجبني رائحتها وفوضاها ومفاجآتها.
مرة حضرت في تورنتو حفل توقيع كتاب (عشرة الاف وردة) للكابتة والناشطة النسوية ( جودي ريبيك) ويخلص المسيرة النسوية ومراحلها في كندا، ولم يكن معي ثمن الكتاب في حينه(2006) فلم اشتر الكتاب بل استعرته من المكتبة العامة وأعدته بعد أن كتبت عنه مقالا نشر في صحيفة ( الشرق الأوسط اللندنية)
وبعد ذلك حدث أن مررت بمكتبة للكتب المستعملة ووجدت الكتاب ينتظرني على أحد الرفوف بغلافه الأحمر أنيقا ونظيفا فاشتريته.
6
من ناحية أخرى أعتقد أنني بدأت اسمح لنفسي بالتخلي عن كتب قرأتها وهي لدي على الرف ولن أعود إليها، لذلك تبرعت بالكثير منها لأصدقاء يرغبون بالقراءة، ولا يملكون إمكانية شراء الكتب وهم في بداية حياتهم للاستقرار في بلد اللجوء. أضف إليه أن مساحة البيوت في هذه البلاد لا تسمح لنا بالاكثار من الرفوف في البيت.
7
في زمن الكورونا وحين بدأت البرامج التلفزيونية واللقاءات تجري من البيت وتنقل إلى شاشات التلفاز حول العالم أو عبر ( تطبيقات زووم ويوتيوب) ، لاحظت حضور المكتبات المنزلية كخلفية للقاء، مسألة مهمة وتدلنا على هذا المشترك الجمالي الإنساني المعرفي الذي يتقاطع فيه الشرق مع الغرب.
وهناك بيوت تخلو من أي كتاب، وهناك بيوت، تكاد تصبح مكتبة غنية ومتنوعة المعارف. البيت يدل على اهتمام أهله.
8
يقولون ستختفي الكتب الورقية، ويحل مكانها الملفات الالكترونية قريبا. هذا ما بدأ يحدث عمليا، ولكن سيبقى للكتاب الورقي رائحته وملمسه وغلافه الفني وعلاقتنا الخاصة به. التوثيق الالكتروني مهم طبعا لأنه سيحمي ( الكتاب) من الاحتراق والضياع حين تقع الحروب والغارات وتشتعل أحقاد شعب على آخر. وهناك أفلام تحتفي بالكتب والمعرفة قد أعود إليها لاحقا.


بكلمة أخرى، لا تكن بخيلا في التنازل عن كتبك إذا كانت فقط للعرض بين جدران بيتك. الغرض من الطباعة والمطبوعات هو نشر المعرفة وتداولها من يد الى يد، ولتحفيز التفكير والسعي الى التغيير الايجابي، والتعرف على أصناف العلوم والفنون والحضارات. طبعا هناك كتب تشد نحو القطب المتخلف السلفي القبيح، وهذه ما لا يفيد الحضارة في شيئ.
ويقال أن العرب لا يقرأون كثيرا في هذا العصر. ربما لأسباب مادية، ولأسباب أخرى منها استهلاكية الإعلام، وليس حصرا.


مدونة جاكلين سلام
www.jacquelinesalamwritings.blogspot.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه المقالة جدا مفيده للعرب في كندا-اكثري رجاءمن ا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 10 / 24 - 00:56 )
اكثري رجاء من امثالها-عرب كندا للاسف بلا حياة ثقافية رافعه وجلهم =ربي كما خلقتني-جاري يقيم بكندا عالية التمدن وبارقى مدنها منذ اكثر من 40عاما ولا فرق بينه وبين اي بدو جاهل في بلداننا-وطاهرة غريبه لااستطيع تفسيرها-ان العرب يهرب واحدهم من الاخر-من اجل تفادي المشاكل كما يقول البعض وانا اعرف العديد من حملة الشهادات العليا في كندا تصل للدكتوراه لا توجد مناسبه معهم للدردشه عن كتاب او مناسبه ثقافية او حدث اجتماعي فرحت فرحا طفوليا حينما ساءلت حفيدتي الصغرى وهي بعمر ال12 سنه عن الهدية التي تريدني ان اجلبها لها بعيد ميلادها فساءلتني وكم مخصص من الدولارات لهافقلت لفرح عالاقل 500 دولار فكلمت ابوها لياخذنا لمتجر كبير في جناح كبير لبيع الكتب وهناك هي تنتقي وانا احسب وظهر ان هنالك كتبا باجزاء قراءت بعضها ولكنها تحب ان تمتلجها بجميع اجزائها-فرح هذه مثال طيب في اسرتنا ونتوقع لها مستقبلا تعليميا ممتازا ولانها دخلت الثانويهفقد اتفقت معها انها ستحصل منيعلى 100دولار على كل درجه اكسلنت او جائزة تفوق-بس رجاء لاتفهموا ان الامر مادي فقط الاختصار اوجب التعبير المختصر علما ان الربط بالتعلم الجيد والهدايا حسن


2 - علموا الصغار قراءة الأدب
جاكلين سلام ( 2021 / 11 / 5 - 13:57 )
حين نهتم بتعليم الصغار، قراءة الشعر والقصة وتذوق الفنون، نكون قد ساهمنا في خلق جيل متفتح القلب والبصيرة.

شكرا لكم
جاكلين

اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه