الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم يحتظر في غفلة البشر

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2021 / 10 / 24
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


نحن البشر نتقاسم هذه الحياة على الأرض، نأكل من ترابها، نشرب مائها، نستنشق هوائها، نمارس كل انسانيتنا عليها، فالعالم مسكن يسع للجميع، نحن ولدنا اغنياء، لا وجود للفقر في الصغر، كانت تشبعنا حليب امهاتنا جميعا، ونكبر شيئا فشيئا، وتنمو مشاعرنا، وكلما كبرنا اختلفنا وتفرقت طرقاتنا، أصبح البعض اغنياء، شبعت من كل شيء، واستعاضت بحليب الأمهات بالحليب الجاهز والمكملات الغذائية لأطفالهم، يطوفون حول الأرض لا يثبتون عليها، وفقراء تبحث عن لقمة عيش وملجأ يبقيه حيا على الارض! ومضى البعض تحت وطأة الظرف لترك التعليم والعمل الشاق، حمالا، زبالا، صبيا في المحال، عامل طين... ومضى اخرون في التعليم وتنعموا بالوظيفة وشبعوا، واخرون امتهنوا مهن ابائهم ليثروا ويشبعوا من نعمها.. ثم أصبح العالم لا يقبل على القسمة بينهما! التنافس على الغذاء والماء والتراب والهواء، وأصبح الأغنياء ينعمون بالمساكن ورغد العيش، والفقراء متشردين يعانون من شظف العيش، وأصبح المرض والحزن يفتك بالفقير، والثورات والكوارث تحصد بأرواحهم، باحثين عن الأمان. هل يوجد شيء اسمه هذه حياتي وهذه حياتك! نحن في الحياة مثل قطرات المطر، لكل قطرة حجمها وشكلها تختلف عن الاخريات، ولكنها حين تسقط على الأرض تأخذ مساراً مع اخواتها من القطرات وتسيل لتصب في الانهار ثم البحار، الى الحظن التي ولَدت المطر وقطراتها المتساقطة. وكانت مسيرة القطرة منذ ولادتها الى مصبها حياتاً، وهكذا هي الحياة بالنسبة لنا.
ينمو الوعي حين تكون لدينا القدرة على تقدير الأمور خارج مطابع الذاكرة من الصور الفكرية البالية الجاهزة للتوارث، برؤية ثاقبة خالية من التكيفات الشخصية، حينها تكون ذكياً قادراً على الاحتواء، وتصنف من البشر. بعكس ذلك، يفقد العقل وظيفته، لن يفرق الانسان عن الحيوان، فالحيوان لديها المعدة في الأهمية الأولى وبمجرد ملئها يستقر ويكتمل حياتها لتبحث عن الجنس للتوالد ويخلد للنوم مرتاحاً، ولا يشغل بالها اية أمور حياتية أخرى لذلك تتوالد وتنام أكثر من البشر.
تصالح مع نفسك ولا تفقده تتمكن من التأمل وادراك الوعي، بعيدا عن اللغو، ذلك الذي أصبح يطاردك في كل مكان، فتلازمك ثرثرة الهواتف النقالة في السيارة والسرير والحمام والمطعم ومحل العمل والشارع، أصبحت حياتنا كلاما فقط، سلفيات وتعليقات، اخلد الى الراحة قليلا، اخلد لنفسك بالصمت. فحين تلامس روح الانسان الذي في داخلك، تضمحل الامور السطحية من فكرك الخارجي.. تستجمع الطاقة المهمة لتفعل اشياء في ثوان، بينما يأخذ وقتا طويلا للآخرين فعلها، الوقت محدود في هذه الحياة ولا يستحق التشاجر والتكالب عليها بل يستحق العمل من اجلها، والوقت الان هو للتصالح وتظافر الجهود لنحافظ على عالمنا الجميل، ونمنع انتحار الأنهار وتصحر الربوع الخضراء، التي كانت باقية منذ ملايين السنين واليوم لا نرى اغلبها، بسبب قلة الوعي، وما تلبث ما في الطبيعة الا ان تنتحر واحدة تلو الأخرى، فرغم ثبوت كمية الماء على الكرة الأرضية، لا نجد ماءا صالحا للشرب!! وتهدد النفايات الصناعية في العالم الفوضوي التي خلقناه، مستقبل الانسان على الكرة الأرضية.
إنك تخترع الوسائل الصناعية السلمية والحربية، وتتاجر بها لكسب المال، ولكن يفترض ان تتحكم على هذه الصناعات قياسات تقدس الطبيعة في جوهرها واساسها، فالبشرية وصلت الى هذا الحال بملايين السنوات، ولكن هذا العصر جعله ينسى نفسه وذاته ووجوده بكل ما تحويه من مخلوقات وبشر وحجر وشجر! سيوصلنا هذا العصر الفوضوي الى النهاية الكارثية الحتمية! الحياة تمضي بسرعة للجميع، حين ندرك باننا نموت سوف نستغل كل ثانية في دفع العجلة، الافراح تمضي بسرعة والاحزان تطول. ولا وجود لشيء اسمه عالمك وعالمي، انه عالمنا الذي يحتظر وبحاجة الى القليل من الوعي لإسعافه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا