الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة مرور مائة وثلاثة سنوات على ثورة اكتوبر العظمى نستعرض أحوال روسيا قبل الثورة

فلاح أمين الرهيمي

2021 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


كتب عالم الاجتماع الفرنسي (جوجيس فريدمان) في كتابه الذي نشره عام/ 1938 عن وضع روسيا قبل ثورة اكتوبر العظمى وعن ثورة اكتوبر العظمى سنة/ 1917 فقال : كانت روسيا القيصرية في عام/ 1913 أبعد من أن تكون بلداً غنياً وكان ثمة تطور صناعي قليل حقيقي منذ عام/ 1880 ولكنه كان لا يزال محدوداً حيث كانت الطاقة المنتجة للمواد الخام (النفط والفحم) فاقت الإنتاج الصناعي الفعلي يضاف إلى هذا أن هذا التصنيع لم يغير بالعمق للبنى الريفية لهذا البلد الشاسع إذ كانت الصناعة القليلة مركزة في مناطق محصورة في (بطرسبورغ وموسكو ودونياس وباكو ومناطق الأورال) كما أن الزراعة بقيت فقيرة ومتأخرة وقديمة الأسلوب بسبب المعدات والتناول غير العلمي بحيث أصبحت المردودات واطئة وكان عدد سكان الريف أكبر بالقياس إلى حجم الأرض المزروعة .. وكتب يقول : إن قوى الظلام مسيطرة على روسيا المقدسة وإذا احتكمنا إلى العديد من ملامح روسيا وأغلب سماتها في الحقيقة فإنها كانت لا تزال في القرون الوسطى وهذا يبدو أكثر صدقاً لو أن المرء يدرس وعي سكانها وعقليتهم وأيديولوجيتهم يعجب كيف استطاع القائد لينين أن يخلق منهم ثورة اكتوبر عام/ 1917 ... ويواصل حديثه فيقول : واليوم عليك أن تذهب إلى الأقطار الفقيرة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأقصى لتفهم هذا التخلف ولتدرك في ظل أي ظروف بالتحديد كان على الاشتراكية أن تبنى .. كانت الدولة القيصرية متميزة بالنزعة الاستبدادية والممارسة التعسفية للسلطة الاتوقراطية ولم تكد ثورة عام/ 1905 تغيير الوضع والحقوق الأساسية مثل حرية الكلام وحرية الصحافة وحرية عقد الاجتماعات وتكوين الأحزاب والمنظمات لم تكن موجودة عملياً ولم تكن ثمة مؤسسات تمثيلية ولا انتخابات عامة ومجلس الدوما لم يكن أكثر من جمعية استشارية منتخبة فقط لنظام معقد يحابي الملاكين الزراعيين على حساب الفلاحين وكذلك العمال ولم تكن هناك مؤسسات ثقافية ولا ثقافة ولا ديمقراطية ولا سلوك ديمقراطي وكانت الصحافة شأنها شأن الأدب والفن مكبوتة وملاحقة من قبل الشرطة السياسية. وكان القيصر لا يزال عاهلاً شرفياً مؤلهاً يحيط به النبلاء والأرستقراطيون المنتسبون إلى الصفوات المختلفة للبيروقراطية القيصرية .. إن الحرية الشخصية لم تكن موجودة لأن الشرطة كانت تستطيع اعتقال من تريد حينما تريد وكان المواطن يحتاج إلى جواز سفر ليسافر ضمن الامبراطورية الروسية وإلى عدد كبير من التأشيرات للخروج والذهاب إلى الخارج وكانت الإدارة المدنية غير كفوءة وفاسدة لممارستها وقبولها الرشاوي وكان القيصر يعظم مثل الآلهة ويعبد مثله في الأقل حتى يوم السبت الدموي والمأساوي في 22/ كانون الثاني/ 1905 عندما أعطى أمراً بإطلاق النار على جمع كبير من المواطنين العزل كانوا يقدمون قائمة بمطاليبهم إليه في قصر الشتاء. وكان يعتبر نفسه على رأس دولة كلية الحضور أشبه ما تكون بالممالك الإغريقية المبكرة والامبراطورية البيزنطية أكثر منها بالدولة الحديثة في أوائل القرن العشرين ذلك هو ميراث الماضي وكان ممكن إزالته في الواقع بإصدار القوانين ولكن لم يكن بالإمكان اجتثاثه من وعي الناس وكان يمكن تحطيمه بالقوة ولكن لم يكن بالإمكان إبعاده فوراً من الروح الإنسانية ولا من السلوك اليومي وهذه هي الحقيقة المزعجة التي تأكد منها البلاشفة عام/ 1922 وقد أضيفت إلى هذه أحداث الثورة والحرب الأهلية في عام/ 1917 تدخلت ثمانية عشر دولة بجيوشها وأسلحتها الحديثة للقضاء على ثورة أكتوبر العظمى عام/ 1917 ففشلت وهزمت وانتصرت الثورة العملاقة.
بعد انتصار الثورة زار وفد صحفي أمريكي روسيا وتجول في أنحائها وعند عودته قابل القائد الفذ العبقري مخطط وقائد الثورة ومؤسس الحزب الشيوعي السوفيتي لينين وسأله أحد الصحفيين عن الواقع الروسي الصعب السياسي والاقتصادي والاجتماعي فأجابه لينين بعبقريته الفذة : زورنا بعد عشرة سنوات وستجد التقدم والعمران في روسيا .. فوصفه الصحفي الأمريكي بحاكم الكرملين .. وكان العبقري لينين قد وضع خطط وبرامج لروسيا تقوم على كهربة البلاد وتشكيل مجلس من الخبراء حسب القاعدة (كهربة البلاد + مجلس سوفيت = الشيوعية).
وبمناسبة الذكرى المباركة لثورة اكتوبر العظمى تحية وإجلال لذكراها المجيدة
يا من رفعت البلايا ---- عن شعوب تهزها ذكراك
كانت الثورة الكبرى لشعب يستنكر الحكم قهرا .. غرقت في دياجير الظلام والجهل أدهاراً فكان لينين لها فجرا .. فهب الشعب في ثورة عظمى أحالت ذوائب الليل جمرا .. خضبت أرض روسيا بالدماء ولم ترحم الأعداء الذين ينحازون للظلم ازرا .. تحالف الشر في ثمانية عشر جيشاً اجتمعوا ضد الشعب نكرا .. يا لها من ثورة ضجت بها الدنيا ودوت بين الشعوب بشرى حفزت كل أمة عضها النير والظلم فهبت في النضال خلعاً وكسرا .. علمت الشعوب انتفاضات وثورات فخطت للعدل سطراً .. يقظة للشعوب تفتح عيونها على النور في سمائك ذرا .. طلعت كوكباً على أفق المعمورة فأصبحت منهلاً للتقدم والتطور ثرا تحمل الخير والوعي والحضارة للشعوب وتنضي إلى البصائر فخراً .. غدر الغادرون بها ولم يبق للتاريخ إلا ما طاب عرفاً وذكرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على