الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل والدولة الفلسطينية: من الإقرار الظاهري للرفض القاطع(1)

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2021 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


نهاد أبو غوش
لسنوات طويلة خلت، كان الحديث عن حل الدولتين، أو شعار "دولتين لشعبين" محورا للصراع والمواجهات السياسية والفكرية، بين من يسمون أنفسهم انصار السلام في إسرائيل أو قوى اليسار عموما، ومعارضيهم من الأحزاب اليمينية ودعاة أرض إسرائيل الكاملة. وبدا أن القبول بدولة فلسطينية تعيش إلى جانب إسرائيل، وبصرف النظر عن طبيعة هذه الدولة وحدودها ومدى تمتعها بالسيادة أم لا، من المستلزمات الضرورية لإظهار الرغبة في السلام، حتى أن بنيامين نتنياهو اضطر لمجاراة هذا الميل في خطابه الشهير بجامعة بار إيلان. ولكن مع الوقت، ومع استقرار حكم اليمين في إسرائيل، والتغييرات العملية على أرض الواقع نتيجة توسيع الاستيطان والزيادة المطردة في أعداد المستوطنين، تراجع هذا الشعار تدريجيا، وخبا بريقه حتى لدى من يصنفون انفسهم على أنهم "قوى السلام" في إسرائيل، فغاب عن المعارك الانتخابية الأخيرة، إلى حد الجهر بمعارضته الصريحة من قبل رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينيت.
رفض قاطع
بينيت كما هو معروف، استبق لقاءه الأول مع الرئيس الأميركي جو بايدن بإعلان رفضه القاطع لقيام دولة فلسطينية، وأعرب في عدد من اللقاءات المتتابعة مع كل من صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في 25/آب الماضي، و"معريف" العبرية في ايلول الماضي ولعدد من محطات التلفزة الإسرائيلية أبرزها حواره مع القناة الحادية عشرة في 15/9/2021 حيث اعتبر أن قيام دولة فلسطينية سوف يشكل خطأ فادحا، محذرا مما أسماه استيلاء عناصر متطرفة على هذه الدولة مفترضة كما حصل عند استيلاء حركة "حماس" على قطاع غزة عقب انسحاب إسرائيل من هناك، وأكد بينيت بشكل قاطع رفضه لقيام دولة فلسطينية، بل رفضه حتى اللقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مستبعدا أن يتم الوصول إلى سلام مع الفلسطينيين في الوقت الحاضر ولا حتى في المدى المنظور، وأعاد بينيت التأكيد على موقفه بحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في العاشر من تشرين الأول الجاري، إذ ادعى أن قيام دولة فلسطينية يعني قيام دولة إرهابية على بعد سبع دقائق من بيتي (في رعنانا) ومن أية نقطة في إسرائيل.
وعلى الرغم مما يثيره طرح حل الدولتين، أو بشكل أدق الحديث عن قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، من إشكاليات وخلافات بين مختلف قوى الطيف السياسي في إسرائيل، فيبدو أن طبيعة حكومة بينيت- لابيد الفضفاضة تتيح لبعض أقطابها الحديث بحرية عن تأييدهم المبدئي، او رفضهم القاطع، لقيام دولة فلسطينية، من دون أن يكون لهذا الحديث أية تبعات عملية، أو أن يؤثر حتى على تماسك هذه الحكومة. فرئيس الوزراء المناوب ووزير الخارجية يائير لابيد قال خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل في الثاني عشر من تموز الماضي، أنه شخصيا يدعم حل الدولتين، لكنه يرى أن هذا الحال غير قابل للتطبيق حاليا. وهو في معرض إبداء سعادته لموجات التطبيع واتفاقيات السلام بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، قال أن هذه الدائرة يجب أن تشمل الفلسطينيين في نهاية الأمر، وعن الدولة الفلسطينية التي يفكر بها قال لا بيد أمام مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي " إذا كانت هناك دولة فلسطينية فيجب أن تكون ديمقراطية ومحبة للسلام"، مضيفا وكأنه يسارع لقطع الطريق على أية توقعات عملية " لا يجب أن يطلب منا أن نبني تهديدا آخر لحياتنا".
تأييد لفظي بلا تبعات
وزير الدفاع بيني غانتس هو الآخر نقلت عنه مواقف مشابهة لدى لقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في شهر آب الماضي، فقد نقلت القناة 12 عن صحفيين عرب من الداخل اجتمعوا مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أن غانتس قال للرئيس عباس " أنا اؤمن بحل الدولتين واعتقد أنه الحل المناسب"، وأضاف غانتس بحسب المصادر عينها " أريد أن اكون رابين الجديد، ولكن في هذه الحكومة هناك حدود".
لكن مكتب غانتس، وجريا على عادة إسرائيلية قديمة تفضل أن تبقي الموقف من الدولة الفلسطينية محاطا بالغموض، سارع إلى التشكيك في هذه التصريحات من دون أن ينفيها ولا أن يؤكدها، واكتفى بالقول أن الاقتباسات المشار لها أعلاه غير دقيقة.
إذن الموقف الإسرائيلي من الدولة الفلسطينية، انتقل من الخلاف بين من هو مع الدولة ومن هو ضدها، إلى من يواصل رفضها رفضا حازما كما يفعل بينيت وزميلته اييلت شاكيد، وبين من يقبل فكرتها نظريا مع استبعاد إمكانية تحقيقها في المدى المنظور، نذكر أن شاكيد أعلنت من ابو ظبي خلال زيارتها لدولة الإمارات مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بينيت، أو لابيد حين يتولى السلطة، لن تناقش موضوع إقامة الدولة الفلسطينية، وأكدت أن أطراف الحكومة اتفقت على عدم الخوض في قضايا يمكن لها أن تتسبب في حدوث انشقاق داخلي بما في ذلك موضوعات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ترجمة للانتصارات في الحروب
ترتبط تحولات الموقف الإسرائيلي من الدولة الفلسطينية بمساعي إسرائيل الحثيثة لتصفية القضية الفلسطينية سياسيا واخلاقيا، عبر جملة من اتجاهات العمل التي رصدها تقرير مدار الاستراتيجي السادس عشر الصادر في عام 2020 وهو من إعداد مهند مصطفى، عن المشهد السياسي الإسرائيلي في العام 2019، ويفرد التقرير مساحة واسعة لعرض صفقة القرن وظروف طرحها الدولية والإقليمية والمحلية، باعتبارها محصلة لانتصار إسرائيل في حروبها مع العرب والفلسطينيين، وإقرار الفلسطينيين بهزيمتهم بكل ما يستدعيه ذلك من تبعات سياسية أبرزها قبول السردية الإسرائيلية عن الحق التاريخي التوراتي لليهود في فلسطين، ونفي السردية الفلسطينية التي تبنتها الحركة الوطنية الفلسطينية ودعمتها أوساط دولية واسعة باعتبارها حركة تحرر وطني. ويلحظ التقرير أن إسرائيل تركز جهودها لتعزيز الاستيطان، وتضغط على السلطة لتقزيم دورها واختزاله في ثلاثة مسائل رئيسية هي التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي وتقديم الخدمات المدنية للسكان، كما تسعى إسرائيل للوصول إلى تسوية بعيدة المدى مع قطاع غزة بما يضمن الهدوء وفصل قطاع غزة عن الضفة وإدامة الانقسام. وفي حال إقرار الفلسطينيين بهزيمتهم، وقبولهم بما تعرضه عليهم صفقة القرن من أجزاء مقطعة الأوصال من الأراضي الفلسطينية المحتلة، يمكن لإسرائيل أن تعترف بدولة فلسطينية على هذه الأجزاء إذا ما منحت ضمانات بأن تكون هذه الدولة منزوعة السلاح، وتوفرت التدابير الأمنية اللازمة لإسرائيل، وإذا ما اعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي، وبعد كل هذه الشروط العسيرة يبقى الاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية هذه مرهونا بجملة من الشروط ضمن تسوية سلمية مستقبلية.
وليس ثمة اي مؤشر على أن حكومة بينيت- لابيد سوف تحيد عن الخطوط الرئيسية لما تضمنته صفقة القرن، أو سياسات حكومات نتنياهو المتعاقبة تجاه الموضوع الفلسطيني، طالما أن القواسم المشتركة بين الحكومتين تتصل بالقضايا الجوهرية، وأهمها مواصلة الاستيطان والتنفيذ العملي لخطة الضم من دون الإعلان الصاخب عنها، وإدامة الانقسام الفلسطيني مع العمل على الأرض للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية مستقلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير