الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة التشرينيه ووطاة حثالات -الويرلندية-؟؟؟/1

عبدالامير الركابي

2021 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


اندلعت شرارة الثورة اللاارضوية الكبرى التشرينيه 2019 في موجتها الأولى، كمفتتح ومحفز، ومن ثم عامل اشاره غير عادية، لضرورة أساسية غائبة، من غير الوارد للثورة ان تتوفر على الاكتمال عناصرا ومقومات، من دون اماطة اللثام عنها، ولم يكن سهلا بالطبع، ولا مما هو عادي بين الاحداث، ماقد حصل من هبة استثنائية ضمن اشتراطات النقص والفقر المفهومي، اضطلعت بها الشبيبه العراقية الرافدينيه، متجاوزة ذاتها، وشروطها "الثورية"، مستبقة ممكناتها التاريخية، ومقدمة المئات من الشهداء والمفقودين المغيبين، والاف الجرحى والمصابين الذين حفروا بدمائهم والامهم عميقا والى الابد، في الوجدان الجمعي، نداء "نريد وطنا"،وتمكنوا بذلك من رسم حدود وملامح عالمهم المنفصل كليا عن عالم الانهيار الانحطاطي الأقصى، ودولة حثالات الويرلنديه.
وكان مما يلفت النظر الى الافتتاج التشريني، انه حدث بعد 16 عاما على قيام سلطة الانحطاط الأقصى، وماتمثله، وهذه حالة اختلاف اذا قارناها قياسا على ثورة 1920 قبل قرن من الزمن، والتي تفجرت فورا بعد ثلاث سنوات على اعلان احتلال بغداد، مع عمق دلالة الفرق بين الحالتين على هذا الصعيد، لجهة امكان الثورة بلا "نطقية"، واستحالتها اليوم الا بشرط تحقق النطق، مايجعل من مهمة الإفصاح عن الذات في اللحظة الراهنه عنصرا أساسا من عناصر الثورة ومكوناتها، ان لم يكن هو مكونها الأول، فلا ثورة عراقية لاارضوية تاريخية اليوم، بلا نطقية / نظرية/ تفصح عن الذات المغيبة والموحلة.
بذلك فقط تصير ثورة، بمعنى امكان التحقق الواقعي. وبالعودة الى ثورة العشرين الام، فانها لم تكن قادرة، او متاحا لها في حينه، سوى ان تنجز رسم الحدود والفواصل، بين الذاتيه العراقية غير الناطقه، وماهو طاريء عليها اليوم مع حضور الإنكليز والغرب العسكري الاحتلالي، اما الاهداف كما يمكن ان تتمثل وقتها في طرد القوات الغازية، فقد ظلت مؤجله، تنتظر لعقود من الزمن، اقتضت تحورات وتاقلمات فرضتها الاشتراطات الداخليه العراقية، والعالمية الغالبة والمهيمنه وقتها بظل الغرب السائد على المعمورة نموذجا وتفكرا، ماقد اضطر الثورة ودينامياتها التاريخية لاستعمال تاكتيك تاريخي عادة ماتلجا اليه، يتجلى بحالة استبدال تبنت بموجبها شكلا، نمطا من الأفكار تنتمي في العمق لنفس ترسانة أفكار الغرب، باسم "الأفكار الحديثة"، المرتكزه الى المنظور الاستعماري الويرلندي، وفق طبعة ماعرف بافكار "حركة التحرر"، الغالبة هي الأخرى في حينه، من داخل الترسانه الغربيه ذاتها، وهو ماقد برره تعذر، ان لم يكن استحالة النطقية المستمرة، وقبول ماعرف آنذاك ب"الحركة الوطنيه الحديثة " الايديلوجية الطابع، الحزبية، التي لم تأخذ أصلا بالتبلور الا منذ الثلاثينات، بعد اكثر من عشر سنوات على الثورة الأساس، لتغدو "الوطنيه الويرلنديه" من يومها معتمدة كاطار نطقي استبدالي، وان يكن زائفا قياسا على الاشتراطات الذاتيه، وعلى الكينونة التاريخيه المتعذرة على الإحاطة والادراك في حينه، ماكان من شانه، او اورث الواقع، واحدة من اكثر الظواهر في تاريخ العراق غرابه، وجدة غير مسبوقة، ولم يحدث ان جرت مواجهة مايشبهها والتعامل معه، ومع مايترتب عليه.
هذا بينما لم تكن "الوطنيه" الويرلندية وقتها تحتاج الى جهد خاص، فكري ونظري، كانت عناصرة ومقوماته متوفرة أصلا، و وجاهزه مسبقا كنموذج يوفره الاخرالمحتل نفسه، سواء في المنطقة، او على مستوى العالم، ماجعل الحركة المشار لها تقوم بملء الخانات القليله الفارغه وحسب، بلا أي توقف، ولاتلبث عند أي معطى تاريخي او تكويني، في حين راحت تصر على نفي، لابل مسح وتحريم أي احتمال "خصوصية" اعتبرتها من باب "المروق" والخروج على الحقائق العصرية الطاغية وقتها، فكانت بهذا ترسم لوحة ذهنيه مستجلبة للواقع، لتجبره على الرضوخ لها ولاحكامها، مستغلة ماسبق وكررنا التنوية به من استحالة النطقية الذاتية من جهة، والحاح الحاجة للاطار الممكن استعماله من لدن الاليات الوطنيه غير الناطقة في معركتها، وحالة اصطراعها مع الطاريء الغربي الاستعماري، الهادف الى افناء الذاتيه التاريخيه.
وضع من هذا القبيل استمر لقرابة قرن من الزمن، يميز الحال العراقي افتكارا وصراعية افنائية، الذاتيه العراقية مضطرة اثناءه لسرقة وسائل عدوها لاستعمالها كسلاح في معركتها ضده، بعد اخضاعها، بغض النظر عن ماتقوله عن نفسها وواقعها، لقوة دفع المحرك البنيوي، والكينونه المتخفية وراء الأداة البرانيه المذكورة. وهكذا عرف العراق المتشكل اليوم في دورة تاريخيه ثالثة، بعد الأولى السومرية البابلية الابراهيمه، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، بدات مع القرن السادس عشر، ومرت بفترين: قبلية، وانتظارية دينيه، قبل مجيء الغرب وظاهرته الحداثية، وانعكاسها ضمن حالة طغيانها العامه، الشاملة للمعمورة، وماتولد عنها من اصطراعية افنائية ـ بين كينونه ازدواج مجتمعي امبراطوري لاارضوي/ ارضوي، امبراطوري /سماوي، متعد للكيانيه المحلوية "الوطنيه" المطابقه لاشتراطات الأحادية الارضوية، واعلى نماذجها، الغربي الراهن بصيغة ( الدولة / الامة) ـ استمرت لقرابة قرن من الزمن، وانتهت بانهيار البنيه الويرلندية، واضطرار الغرب الذي اصطنعها وارسى أسسها عام ،1921 لان يجهز عليها، ويسحقها مزيلا اياها تحت طائلة قوة الدلالات على احتمال تعديها الخطر نموذجا، لما ممكن ومتاح من اشتراطات الهيمنه المفهومية والكيانيه السائدة، والمكرسة كنظام "عالمي"، بدا عجزه عن احتوائها، او اجبارها على الالتزام باشتراطاته، لاحل له الا بتصفيتها، ووضع البلاد تحت طائلة "الكيانيه المعطله".
وكما فعل الإنكليز عام 1921 يوم ركبوا الفبركة الكيانيه في موضع مخالف ومغاير لها كينونة، ليجيئوا بثلة من الأشخاص من خارج النصاب المجتمعي، ومقتضيات التشكل الحديث الصاعد من الأسفل، من ارض السواد منذ قرابة ثلاثة قرون، اعتمد الامريكيون راهنا على حثالات وفلول الويرلنديه المنهارة، التي ثبت قصورها التاريخي، ولاصلاحتها، في غمرة الاصطراع الغربي الرافديني، مستندين الى طبعة هي الأخيرة من طبعات "اللانطقية" غير القابلة للاستمرار، او للاستبدال بظل تراجع، ان لم يكن انهيار النموذجيه الغربية، وبالأخص بصيغتها الأعلى الإمبراطورية الامريكيه، بما هي كيانيه مفقسه خارج رحم التاريخ.
لم يعد مقبولا باي شكل كان من هنا فصاعدا، استمرار غياب "قرآن العراق"، الدال على الذاتيه، وعلى الكينونة المضمرة المؤجله منذ قرابة السبعة الاف عام، بالاخص مع انهيار الوطنيه الويرلندية وافتقادها لاسباب الادعاء التشبهي بالغرب كيانيا، فلا كيانيه عراقية اليوم الا بالحدود الجغرافية، وليس الوطنيه، والبلاد تعيش منذ عام 1980 مع الحرب العراقية الإيرانية، أطول حرب بين دولتين بعد الحرب العالمية الثانيه، وماتلاها من كوارث يصعب وصفها، لم تتوقف الى الساعة،اشتراطات "العيش على حافة الفناء" الثانيه، بعد الاصلية البيئية التي وجدت المجتمعية الأولى السومرية بمواجهتها بفعل طبيعة النهرين العاتيين المدمرين، ووطاة الحدود شرقا وغربا وشمالا، حيث الانصباب السلالي الاقوامي باعث "جنون الحدود"، المستمر باتجاه ارض الخصب، من قوس الجبال الجرداء والصحاري، وصولا لماانتهت اليه ارض الرافدين اليوم من طبعة ثانيه أخيرة، من حال العيش على حافة الفناء، الشاملة لعموم ارض الرافدين، لا لارض السواد لوحدها كما كان الحال ابان الدورتين التاريخيتين، الأولى والثانيه.
ليس هذا وحسب فالانقلابية المفهومية تذهب اليوم الى ماهو كوني، مع فعاليّة متوقعه، هي من الأسس البنيوية الرافدينيه طبيعة ودورا، فالعالم وبمقدمه الغرب والولايات المتحدة الامريكيه، بحال انتقال مطرد باتجاه تراجع جدوى وصلاحية النموذجيه التي تعتمدها، وهي توشك على دخول حال "العيش على حافة الفناء"، الذي يأخذ بالحضور نتيجة الاختلال الانتاجوي البيئي الذي ارساه الغرب، وكرسة منذ الانقلاب الالي، مع العحزعن ادراك وتدارك النتائج المترتبه عليه، واثاره على حياة الكائن البشري على الكوكب الأرضي، وممكنات استمرارها، مامن شانه إعادة حضور اللاارضوية الرافدينيه كمصد،ر وموئل للبدئية الثانيه الانتهائية المفضية الى مابعد مجتمعية، والى وقوف ارض مابين النهرين مرة أخرى، بموقع "البؤرة" الكونيه، ومصدر للرؤية الختاميه، بعد الرؤية الكونيه الابراهيمه الأولى، بطبعتها النبوية الالهاميه المنتهية الصلاحية، بعد النبوية المحمدية الختام، وبالتحديد مع اعلان "الانتظارية" من ارض الرافدين من سامراء بل الف عام ، وتشوفها مابعد النبوي "العلّي".
لا عراق اليوم من دون نطقية كونيه متعدية للكيانيه، ولايجب ان نتوقع او نتصورانها سوف تكون بالمتناول اليوم، اوغدا، وان توفرت بعض مقدماتها، فلاينبغي ان نتصور امكان تحولها الى قوة حاضرة في الاذهان، فضلا عن ان تكون قوة مادية فعالة بين ليله وضحاها، مع ماتنطوي عليه من انقلابيه مخالفة لكل مادرج عليه الاعقال حتى الان كوكبيا وعراقيا، وماقد توطن على التعايش معه، وهو مالايزال كمثال يعطي حتى متبقيات ونفايات الويرلندية، مامتبق لها من أسباب ومبررات الوجود الواهية البداهية، المضطرة للانتقال للعنف المجاني لادقاعها التبريري المفهومي، وجنونها إزاء مايضادها لتفاهتها ازاء ذاتها أولا، قبل غيرها. فاذا بدات "الدعوة" اللاارضوية الانقلابيه الأخيرة، فانها لن تجد في الغالب طريقها الى القبول والاعقال عراقيا وعلى مستوى المعمورة، وستعامل باعتبارها لحظة جنون وشطط خارج عن "المعقول"، ربما لسنين قبل ان تكرس الحياة، والاشتراطات ونضجها، بعض المقبوليه التي تشجع على التوقف عندها .
ولن نحتسب هنا مايمكن ان يكون مصير، او حال من هم، او من سيكونون بموقع الدعاة، او حاملي الرسالة الأخيرة، وماسيواجهونه من اعراض، ومن كل مايمكن تخيله من صنوف النبذ، بينما البشر يموتون عطشا اعقاليا، تحت ثقل ووطاة متبقيات تفكر صارت بائدة، لابل معباة بخطر مميت افنائي،ومنذرة باحتمالات الانقراض.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير