الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسعار النفط تتصاعد في الاسواق العالمية .. كيف على العراق التعامل مع ايراداته ؟

محمد رضا عباس

2021 / 10 / 25
الادارة و الاقتصاد


تصاعدت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية منذ حلول العام الحالي حتى وصل سعر البرميل النفط من نوع برنت الى 84.37 دولار كما هو عليه يوم 25 تشرين الأول 2021 بعد ان كان 55 دولار في بداية شهر كانون الثاني من هذا العام. أسعار النفط من المتوقع ان تستمر بالتصاعد , حيث تتوقع المؤسسات المختصة بسوق النفط ان سعر النفط سيكون بحدود 85 دولار للأشهر المتبقية من هذا العام , وقد تتجاوز الأسعار في العام المقبل 2022 سقف 90 دولارا للبرميل الواحد.
هذه الأرقام سيكون لها تأثير مباشر على ميزانية الحكومية الاتحادية , ولكن هذه المرة إيجابيا. هذا الارتفاع سيزيد من حجم الإنتاج المحلي , سيزيد الواردات المالية للخزينة العراقية , وسوف يزيد من النمو الاقتصادي للبلاد هذا العام والعام المقبل بعد ان سجل الاقتصاد الوطني تراجع اقتصادي بنسبة 10.4% في العام الماضي.
ما هو تأثير الإيرادات المالية الجديدة على الايدي العاملة؟ الجواب يعتمد على كيفية استخدام الأموال الجديدة من قبل الدولة العراقية. لان من صفات الاقتصاد الريعي هو قدرته على النمو الاقتصادي بدون تأثير كبير على حجم الطبقة العاملة. القطاع النفطي في العراق يشكل مستعمرة داخل البلد يستخدم تكنلوجيا متقدمة لا تستخدم في قطاعات اقتصادية أخرى , وكل ما في الامر هو اغلاق بعض الخطوط الإنتاجية في أوقات الركود , وزيادة الخطوط الإنتاجية عند زيادة الطلب عليه , دون الحاجة الى زيادة في عدد العمال. وبذلك , نقول بكل اطمئنان ان هذا القطاع يعمل منفردا عن الاقتصاد الوطني وليس له علاقة به.
اما إذا قرر أصحاب القرار استخدام الفائض المالي لخدمة التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعاشي للمواطن العراقي , فعلى الحكومة وضع برنامج تنموي يتضمن تلك المشاريع التي تستوعب أكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل , وعلى راس هذه المشاريع هي مشاريع اعمار الطرق والجسور والتي اصبحت داعش الثانية في العراق , حيث اصبحت الطرق الخارجية مصائد لقتل البشر. مشاريع لحماية الثروة المائية من الهدر والتي ستكون مصدر للحروب في الشرق الأوسط بعد الحروب مع العدو الصهيوني , وسبب في تقليص الأراضي المزروعة للموسم القادم. مشاريع لإنتاج الطاقة الكهربائية محليا لا مستوردة من دول الجوار والتي تكلف العراق اعلى بكثير من منافعها ,ويتحكم بها المصدر متى شاء. إيران وتركيا بدءا يتحكمان بحجم المياه المتوجهة للعراق , واثيوبيا بدئت تتلاعب بالحصص المائية للسودان ومصر بعد انشاء سد النهضة. وهكذا إذا أصبح تصريف المياه والتي تحكمها القوانين الدولية لعبة يلعب بها بلد المنبع , فكيف الحال اذ قرر مصدر الطاقة الكهربائية بقطعها على الدولة المستوردة لها؟ في السياسة لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة. مصدر الطاقة الكهربائية الى العراق سوف يقطع التجهيز مع أي خلاف سياسي صغر او كبر. قاد الدول العربية معروفون بقصر باعهم في السياسة.
العراق يحتاج العمل بسرعة وقبل انفجار الشارع العراقي مرة اخرى الى توفير سكن للمواطن. لا يوجد مبرر معقول ببقاء هذه الازمة الا اللهم ان الحكومات الماضية والحالية تريد ان تقضي على نصف المجتمع العراقي. لان من ليس له سكن ليس له امان ولا راحة نفسية. المستأجر يغشى من اخلاء منزل في أي وقت يرغب المؤجر ذلك , ومن يسكن في المناطق العشوائيات يخشى من بلدوزرات الحكومة من هجم مسكنه على راسه. العراق يحتاج الى 3 ملايين وحدة سكنية , وصدقوني اذا قررت الحكومة بأنشاء 250 الف وحدة سكنية في السنة الواحدة , سوف لن يبق عاطل عن العمل , وسوف تكثر الزواجات , وتقل الجرائم , ولا حاجة للحكومة من تعيين شرطة إضافية , ولا تحتاج الى سجون كثيرة , وكل ما تشاهده في شوارع بغداد والمدن العراقية وجوه فرحة مستبشرة وشباب وشابات وفي اعينهم نظرات التفائل للمستقبل. توزيع أراضي بمساحة 600 متر الى كبار المسؤولين في العراق سوف لا يحل مشكلة السكن , ولكن سوف يزيد من نقمة الفقراء على الدولة , ولربما زرع الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.
مشاريع صناعية كثيرة ما زالت مغلقة , البعض منها قد انتهى زمنها وأصبحت سكراب. من الاحسن للحكومة العراقية بيع هذه المشاريع بأسعار رمزية الى رجال الاعمال من اجل اعادتها الى الحياة. بيع المشاريع الصناعية الحكومية الفاشلة بأسعار رمزية ليست بدعة جديدة. لقد مارستها الكثير من الدول الرأسمالية والاشتراكية بعد تحولها الى نظام اخر. ان بقاء مشروع خاسر يعني خسارة الى المجتمع وتبديد ثروته. انا لا أشجع على ان تكون جميع المشاريع الصناعية تحت يد القطاع الخاص , لان هناك مشاريع تمس الامن القومي وقوت المواطن ولابد للدولة الاستمرار بإدارة البعض منها. صحيح ان العراق ليس له تاريخ في الصناعة مثل تاريخه بالزراعة , ولكن البدء بتصنيع السلع ذات الاستخدام الكبير للعمال سوف يقلص البطالة في البلاد , يقلل من استيرادها من الخارج , ويوفر على الدولة العملات الأجنبية.
جميع دول النمور بدأوا مع هذا الطريق , طريق صناعة المواد الاستهلاكية البسيطة، ولكن بضرف 50 عاما بدأوا يناطحون البلدان الصناعية العريقة. بالحقيقة صناعات دول النمور أصبحت العمود الفقري للدول الصناعية. هناك مبدئ في الاقتصاد يسمى Learning Curve او خط المعرفة , بمعنى كلما استمر العمال على انجاز الاعمال البسيطة , كما أصبح من السهل عليهم تعلم الاعمال الكبيرة. العراق بطاقاته الشبابية , بثقافة ابناءه , ووفرة رأسمال فيه , يؤهله ليكون من الدول الصناعية بشكل أسرع من المتوقع. اعتقد كثرة التدخلات الأجنبية في شؤونه بعد التغيير هي أحد طرق تأخير انطلاقته نحو التقدم والازدهار. الأحزاب والكتل السياسية والتي تتظاهر الان من اجل إعادة العد والفرز وإضافة مقاعد برلمانية قليلة لهم , يجب عليهم غلق الموضوع وتقديم التهاني الى الرابحين وان يضعوا مصلحة البلد فوق مصالحهم الحزبية , لان حماية الوطن وتقدمه وازدهاره يعود على جميع افراد المجتمع بضمنهم الأحزاب والكتل السياسية التي ما زالت تغلق الشوارع وإيقاف حركة العجلات وتضيف اوجاع إضافية للمواطن البغدادي خاصة من جهة الجادرية والبياع.
بقى ان نقول ان المتوقع من الايرادات النفطية للعام المقبل هو مبلغ 102 مليار دولار على فرض ان الطاقة التصديرية للعراق هي (3.25 مليون برميل حصة بغداد و نصف مليون برميل حصة كردستان) وان سعر البرميل الواحد هو 75 دولار , وهو اقل سعر متوقع للعام القادم . ان هذا المبلغ ليس بالقليل , وطالما ونحن نتحدث عن البطالة وطرق القضاء عليها , فان تخصيص 20 مليار دولار للمشاريع الاقتصادية بضمنها البنى التحتية يكفي لخلق فرص عمل تعادل النصف مليون فرصة على فرض ان كل مليار دولار توفر فرص عمل الى 25 إلف عامل. يضاف الى ذلك وحسب قانون الاقتصادي الأمريكي Arthur Okun فان زيادة الإنتاج المحلي بسبب هذه المشاريع الجديدة سيضيف نمو اقتصادي قدره 2% عن كل 1% زيادة في نسبة العمالة. بكلام اخر , عندما تنخفض نسبة البطالة الرسمية من 15% الى 8% , فان النمو الاقتصادي سوف يزداد بنسبة 14% , أي بضرف خمسة سنوات سيتضاعف معدل دخل المواطن العراقي , فاذا كان معدل الدخل ما يقارب 6 الالاف دولار الان, بعد خمسة أعوام سيكون 12 إلف دولار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قاض بالمحكمة العليا البريطانية يحدد شهر أكتوبر للنظر في دعوى


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024




.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال


.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة




.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام