الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي بن أبي طالب، قديس أم مهووس سلطة؟؟

حاتم بن رجيبة

2021 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لقد نشأنا وترعرعنا على الإعتقاد بقداسة علي بن أبي طالب إمام الشيعة والخليفة الرابع، الإعتقاد بمهاراته الحربية الخارقة للعادة ، بعصمته عن الخطأ وكماله مثل النبي محمد وخاصة كونه مظلوما وضحية غدر الآخرين و خيانتهم: عائشة و القراء و معاوية و أشراف الكوفة و العراق . في عهده نشبت الفتنة الكبرى التي كانت حادثة مفصلية في التاريخ الإسلامي اللتي انتهت بموت علي وانتصار معاوية بن سفيان. انتهت الخلافة ،،الديمقراطية،، لتترسخ الملكية الوراثية، انتهت الحوكمة الرشيدة ليحل التعسف والظلم والجبروت.

ما يسطع في شخصية علي هو جنونه المحموم على السلطة. فرغم صغر سنه وقت موت الرسول و وجود عمالقة من صحابة محمد اللذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم وذويهم من أجل الدين الجديد أمثال أبي بكر وعمر وعثمان والزبير وغيرهم فإنه لم يتورع ولم يستح و طالب بخلافة محمد صاحب الدعوة مباشرة بعد موته ولولا مباغتته باختيار أبي بكر لما كان منشغلا بتأبين محمد لكان صراعا محموما وعنيفا بينه وبين بقية الصحابة على السلطة ولكانت الفتنة والإنقسام مباشرة بعد موت محمد. لقد تشبث بوعد أطلقه محمد بأن يكون خليفته ولولا صرامة عمر وبقية الصحابة لاستحال الحكم وراثيا في أهل محمد من الوهلة الأولى.

قبل علي بأبي بكر على مضض وبقي يتربص. قبل مرغوما رغما عن أنفه وإرادته ورغبته.

حسب رأيي هذه الرغبة الملحة في خلافة محمد مباشرة رغم اعتراض المنطق والعقل لذلك: حداثة سنه، وجود قامات قيادية شامخة تفوقه كفاءة وأحقية لقدمهم في النظال والجهاد، وتلك الثقة الهائلة في النفس حتى وإن كان محمد هو من بث الأمل في نفسه بإعلانه أحقيته في الخلافة، تقدم دليلا على شخصية علي: الغرور والطموح الكبير، الهوس بالسلطة وإرادة القيادة كلف ذلك ما كلف . فهو إنسان متسلط ، يريد قيادة الآخرين بطبعه وسليقته ويكافح بكل قواه من أجل ذلك. هو ليس بخادم القوم، بالمتواضع و الذي يضحي من أجل المجموعة بل بالمتعطش للسلطةو باللاهث خلفها يطاردها دون هوادة ، بالماكر والصبور والمثابر من أجل تحقيق حلمه وهدفه في أن يصبح الرجل الأول والزعيم الأعلى.

قمة الدهاء والمهادنة والتربص وحتى النذالة والخسة تجلت بوضوح وبشكل سافر وفاضح في حادثة قتل الخليفة عثمان بن عفان. فالقراء كانوا مرابطين زمنا بالمدينة، لم يهاجموا غرة وبشكل خاطف ويقتلوا الخليفة بل رابطوا وحاصروا منزل عثمان زمنا طويلا وتناقشوا معه وكانت جريمة بطيئة على مرأى ومسمع من علي بن أبي طالب و من سكان المدينة كلهم. كان له الوقت الكافي كشخصية سياسية مرموقة للذود عن الخليفة خاصة عندما أقر هذا الأخير بأخطائه وذنبه من محسوبية ومحاباة وظلم. لم يتدخل حتى للتهدئة، بل كان كالحيوان المفترس، كالنسر الغادر يحلق حول الفريسة بكل هدوء، يختفي ويحبس أنفاسه وينتظر بكل دهاء وصبر وعند ورود الفرصة السانحة ينقض على الفريسة: كرسي الخلافة= السلطة والجاه والقيادة. هو لم يثر في عهد أبي بكر أو عمر أو عثمان لأن فرصه في الفوز كانت منعدمة. فهو سياسي ذكي وحاذق. ترك القراء الخوارج يجهضون على غريمه ويفتحون أمامه الطريق نحو العرش، حلمه الأبدي وهدفه الأكبر.

علي بن أبي طالب بعيد كل البعد عن القداسة و عن الصورة النمطية التي ورثناها كونه ضحية لغدر وخيانة الآخرين، هو أيضا خان عثمان وتركه فريسة للقراء ينكلون به أبشع تنكيل أمام أنفه و على بعد خطوات من داره.

أما بعد اعتلاء الحكم فإن علي الذكي والداهية اقترف خطأ ثانيا قاتلا، الخطأ الأول هم إحجامه عن نجدة عثمان، أما الخطأ الثاني فهو تسرعه وعدم انتظار التئام مجلس الشورى الذي يضم الأشراف والأعيان ليعينوه رسميا خليفة للمسلمين، أعماه زهوه عن بروتوكول محوري، هذا الخطأ وظفه معاوية المهووس الآخر بالسلطة أحسن توظيف للطعن في شرعية تعيين علي.

لكن عكس هذا الوجه القاتم لشخصية علي فقد برز مدة حكمه وخلال أكبر محنة عرفها الإسلام في طور نشأته: الفتنة الكبرى كسياسي فذ و استراتيجي رائع وقائد يتقد ذكاء وفطنة وبراغماتية وليونة وحلم.

لقد وظف علي في محنة الفتنة الكبرى كل قدراته ومواهبه أحسن توظيف ، فعل أحسن وأكمل ما يمكن فعله . فالخسارة لم تكن بسببه بل كانت لعوامل خارجة عن سيطرته . العامل الأكبر كان فقدان الخليفة لجنود تحت تصرفه، فالجيوش لم تكن قارة بل تجمع من القبائل قبل الشروع في الحروب.

حقيقة مدهشة هي قدرة علي على مواكبة التغيرات ومجابهة العقبات : يواجه عائشة بعد نقاشات وجدال مضني لحقن الدماء ولم يلجأ إلى العنف و مجابهتها في موقعة الجمل إلا مكرها، لكن حينما يضطر لخوض الحرب فإنه يقودها ببسالة وبكفاءة عالية. قضى على عائشة وقضى على الخوارج المتشددين وكاد يقضي على معاوية لو كان له جيشا قارا ومركزيا . لكنه كان رهينة لعرب العراق من أشراف وعشائر ، هم من يتكرمون عليه بالجنود والسلاح، فكان شبه أعزل بينما كان خصمه معاوية قائد جيش قوي ومعزز ودائم التأهب. علي الخليفة الأعزل يحارب على ثلاث محاور: معاوية والخوارج وعائشة ولكن لا ينهزم البتة، ينتصر مرتين وتتوقف معركة صفين ضد معاوية حتى لا يبيد العرب بعضهم بعضا وتنتهي الخلافة تماما.

حقيقة سياسي عظيم وقائد محنك واستراتيجي فذ يمكن أن يكون قدوة لكل سياسي يحارب ضد جهات عدة مثله مثل السياسي بسمارك الألماني الذي كان يحارب الإمبراطورية الروسية والنمساوية والبولونيين والنرويج و فرنسا وانتصر عليهم كلهم. كان علي يمزج بكفاءة باهرة مثل بسمارك التفاوض والسياسة مع الحرب والعنف. لم تكن الحرب غايته بل كانت آخر وسيلة لحل صراع ، كانت آخر حل . كان مرنا يتنازل دون أن يبالغ في المرونة فيكون ساذجا غرا. كان يفعل كل ما يمكن فعله قصد تجنب الحروب والتقاتل بين فصائل الأمة الواحدة. كل ذلك قيم نبيلة وخصال حميدة.

هذا هو علي بن طالب : إنسان بعيوبه وخصاله: داهية ومتعطش للسلطة والقيادة مستعد للسير فوق الجثث من أجلها وبعيد كل البعد عن القداسة والعصمة لكنه أيضا سياسي واستراتيجي فذ يحارب أعداء كثر وينتصر في الغالب رغم شح الموارد وانعدامها أحيانا. صبور ومثابر ويستميت ليجنب أمته التقاتل فيما بينها. بارع كمحارب وكقائد حربي وكسياسي يجيد التفاوض والسجال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سيبك من علي وعائشة وتعال نشوف حكايتك مع الاستعمار
جلال عبد الحق ( 2021 / 10 / 27 - 01:14 )
نشرت مقالة بعنوان
الاستعمار العربي البشع

طيب وماذا تنتظر ؟
لما لاتنسق مع اقرانك وتعلنوا تأسيس الجبهة الامازيغية لتحرير المغرب او لتحرير شمال افريقيا
وتصدرون البيان رقم 1
انا متأكد ان منظمات دولية عدة مثل الصهيونية العالمية ستدعمكم وتؤيدكم وكما ستدعمكم الادارات الاسبانية لكل من سبتة و مليلة المغربيتين الخاضعتان للاستعمار الاسباني الاستيطاني الغير بشع طبعا
وسوف تدعمكم ايضا بالمال والسلاح كي تخوضوا حرب عصابات لاهوادة فيها ضد الاستعمار العربي البشع
تبدأ هذه الحرب من النوبة المصرية حتى سواحل اغادير
ولاتنسوا ابدا تحرير امازيغ اليمن في اقليمي المهرة و سقطري من الاستعمار اليمني فليس من المعقول ان تنادوا بتحريرامازيغ شمال افريقيا من الاستعمار العربي البشع وتتجاهلون تحرير امازيغ اليمن من الاستعمار اليمني الشديد البشاعة
في انتظار اعلان تأسيس الجبهة الامازيغية لتحرير امازيغ المغرب واليمن
وفي انتظار البيان رقم 1
وفي انتظار الرصاصة الاولى في حرب التحريرالتي لاهوادة فيها
وفي انتظار العقل
نعم
في انتظار العقل ياعديم العقل


2 - نحن أمازيغ، لسنا عربا
حاتم بن رجيبة ( 2021 / 10 / 27 - 10:38 )
أفترض أنك عربي، من الخليج مثلا. تصور أن تستعمركم فرنسا مثلا كما فعلت في الجزائر، وتنجح فرنسا في ترسيخ اللغة الفرنسية وفي أن يستحوذ مواطنوها على مواطن القرار وعلى أخصب الأراضي وعلى خيرات البلاد من مناجم ومصانع ألخ كما تنجح فرنسا في ترسيخ الديانة المسيحية في بلادك . بعد مدة زمنية تصبحون كلكم تتكلمون الفرنسية وتدينون بالنصرانية. تستفيق أنت وتدرك أنك عربي ولست فرنسيا، وأن فرنسا لم تكن فاتحة وانما غازية مستعمرة. و لم تأت إلى بلادك لتحرركم بل لتمص خيراتكم وتستعبدكم. ألن تثور ضدها، إن كان في دمك قطرة من الرجولة و العزة ؟؟؟؟؟ هكذا نحن الأمازيغ، لسنا عربا ، لم يأت العرب لتحريرنا بل لاستعبادنا واستغلالنا ككل مستعمر، اعتنق أجدادنا الإسلام عن قناعة وهروبا من دفع الجزية، كما فعلوا من قبل باعتناق المسيحية. شمال إفريقيا بدأ بالفعل بالتحر من غسيل دماغ الأعراب و تخطى خطوات عملاقة ، وسننجح بإعلان شمال إفريقيا بلدان أمازيغية بالأساس. لكنا لا نكن لمواطنينا ولجيراننا العرب أي كره، بل بالعكس يجمعنا دين وثقافة مشتركين. وسنبقى حضارة واحدة وسنقاوم كل الغزاة: اسبان واوروبيين وعرب...

اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب