الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة قيس سعيّد ... تباشير لإصلاح حقيقي للربيع العربي

آدم الحسن

2021 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


سطر الرئيس التونسي قيس سعيّد نهضته لإحياء ثورة الربيع العربي السلمية الأولى التي فجرها الشعب التونسي من أجل بناء نظام يحكم فيه الشعب التونسي نفسه بنفسه بالعبارة القصيرة التالية :
(( أمّا أنْ تتحدَثْ عنا أجيالُ مِنْ أحفادِنا بفخر , أو أنْ نكون سطرا مُخْجلا يُدَرِّسُونَه في كتبِ التارِيخ )) .
هذه المقولة تشبه الى حد كبير المقولة الشهيرة :
(( إما أن نكون أو لا نكون ....)) .
فأما أن يكون نجاح قادة اول انتفاضة في الربيع العربي التي انطلقت من تونس نجاحا حقيقيا أو أن يعلنوا قادتها بكل صراحة و جرأة عن فشلهم في تحقيق اهداف ثورة الربيع العربي و انهم اصبحوا بعد الثورة مجرد ديكورات جديدة لعهد قديم يبقى فيه الفساد مع تَغِيرْ الفاسدين , و بقاء الظلم مع تَغِيرْ الظالمين , و أحزاب تشارك في العملية الديمقراطية و هي غير مؤمنة بالديمقراطية .
أن الديمقراطية بمعناها الحقيقي هي حكم الشعب لنفسه بنفسه , و ليست صناديق اقتراع و انتخابات تكون مخرجاتها اسلوبا جديدا لمسك السلطة من قبل حزب أو تحالف أحزاب لها قدرات تنظيمية و مال سياسي , قد يكون مصدره اجنبي , هذه ليست الديمقراطية التي ارادتها ثورة الربيع العربي .
أن الذي ساهم في رسوخ انتفاضة قيس سعيّد هو الموقف المشرف للجيش التونسي الذي اثبت مرة اخرى انه جيش الدولة التونسية و ليس جيش لحفنة من السياسيين و ذلك من خلال ضبط و تثبيت حالة الاستقرار الأمني خلال مراحل تنفيذ اجراءات الانتفاضة التصحيحية و إعادة ثورة الربيع العربي لمسارها الصحيح حيث شملت هذه الإجراءات ايقاف العمل بمخرجات العملية الانتخابية السابقة و تعليق عمل البرلمان التونسي و رفع الحصانة عن اعضائه و حل الحكومة السابقة و تشكيل حكومة جديدة برئاسة الأستاذة الجامعية نجلاء بودن حيث ضمت هذه الحكومة وزراء مستقلين تكنوقراط اكفاء قبلهم الشارع التونسي بغالبيته و عَبرَ الشعب التونسي عن هذا القبول بمسيرات تأييد شعبية مليونية في عدد من المدن التونسية رُفَعتْ فيها شعارات واضحة و مشجعة تدعو لمواصلة مسيرة الإصلاح الجريئة دون الاكتراث للسياقات الدستورية الملغات و المطالبة ايضا بسن سياقات دستورية جديدة يختارها و يقبل بها الشعب التونسي .
لقد أدى التأييد الشعبي الواسع للعملية الإصلاحية الى خفوت الأصوات المعارضة لها في خارج تونس و في الداخل التونسي .
لقد أفرزت الانتخابات التونسية السابقة برلمانا لا يمثل الإرادة الشعبية بل كان مجلسا لجماعات سياسية متناحرة لا يهمها سوى المكاسب الحزبية الضيقة .
الكثير من اركان النظام السياسي السائد في الغرب اعتبرت الحركة التصحيحية التي أقدم عليها رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد انقلابا على الشرعية و تطالبه بالعودة للمسار السياسي السابق المبني على السياقات الدستورية السابقة , هذه السياقات التي أصبحت هي المشكلة بالنسبة للشعب التونسي و ليست الحل .
سلوك و تصريحات قادة النظام السياسي الغربي اثبتت ان مصالح و رغبات الشعب التونسي هي أمور ليست ذات اهمية بالنسبة لهم و إن ما يهمهم هو أن تسير العملية السياسية في تونس وفق المقاسات و القوالب الجاهزة التي يختارها الغرب لهم .
إن هذا النظام الغربي الذي يقف الآن ضد الإصلاحات في تونس هو نفسه ذلك لنظام الغربي صاحب التاريخ غير المشرف في تكليف اجهزته المخابراتية لتنفيذ الانقلابات العسكرية الأكثر دموية في التاريخ المعاصر كانقلاب بينوشت في تشلي الذي اسقط حكومة الليندي و انقلاب 8 شباط الأسود 1963 في العراق الذي اسقط حكومة عبد الكريم قاسم و عشرات الانقلابات الأخرى التي أسقطتْ حكومات في مختلف قارات العالم لا لسبب إلا لكونها حكومات وطنية عملت لصالح شعوبها .
لقد اختار قيس سعيّد أن يكون قائدا حقيقيا للسير بتونس نحو الإصلاح بما يخدم شعبه اذ لم يَعر هذا القائد اهتماما يذكر للتحذيرات التي انطلقت من بعض العواصم الغربية و كان رده حاسما و واضحا و ملخصه هو عدم الرضوخ لإرادة الخارج و أدان محاولات بعض القوى السياسية التونسية بالاستقواء بالخارج .
لقد جندت حركة النهضة التونسية التي هي العمود الفقري للإسلام السياسي في تونس و هي الفرع التونسي لحركة الإخوان المسلمين كل امكانياتها في الداخل التونسي و في الخارج للنيل من المسيرة الإصلاحية بحجة أنها مخالفة للسياقات الدستورية و كأن السياقات الدستورية الملغات هي أمر مقدس ...!
إن هذه الانتفاضة التونسية أعادتْ للواجهة دور القائد في التاريخ , فتاريخ أي بلد لا يسير دائما وفق مسارات تحددها الظروف الموضوعية فقط , فقد يكون للعامل الذاتي احيانا دورا أكبر في صنع التاريخ , فالقائد هو ركن مهم من اركان العامل الذاتي , و قد يكون للقائد تأثيرا سلبيا أو إيجابيا كبيرا في تحديد مصير شعبه .
و تأكيدا و اضافة لما قاله قيس سعيّد فإن كان القائد فاشلا فستكون مرحلته مجرد سطرا مُخْجلا يُدَرِّسُونَه في كتبِ التارِيخ و إن كان القائد مقتدرا جريئا مخلصا لشعبه فستتحدَثْ عنه الأجيال القادمة بفخر ...!
إن من اهم الخطوات القادمة للحركة الإصلاحية في تونس هي كتابة دستور تونسي جديد يشارك في كتابته ممثلي الشعب التونسي بقطاعاته الشابة و نقاباته المهنية و كفاءاته الوطنية بعيدا عن تدخل البرلمان الحالي و عمليته السياسية الفاشلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل