الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم (بعد الحب) لا يتعلق بالإيمان بقدر ما يتعلق بالحزن والخسارة والحب والهوية

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2021 / 10 / 27
الادب والفن


Film - After Love
لا يوجد سوى القليل من المؤلفات حول تصوير حياة غير المسلمين الذين تحولوا سابقًا إلى الإسلام بشكل عام ولا يوجد أي منها في إنتاج الأفلام الوثائقية على وجه التحديد ، ومن خلال الأفلام الوثائقية التي تعد على الاصابع التي تتناولت ظاهرة تحول النساء إلى الإسلام ، وكذالك من وجهة نظر مجموعة من الأبحاث التي تتعامل مع السؤال التالي، "لماذا المرأة الغربية التي نشأت في سياقات مجتمع ليبرالي تتحول إلى الإسلام؟ ، على سبيل المثال، في الفيلم الوثائقي الذي عرض على القناة الرابعة في المملكة المتحدة والذي كان بعنوان(أسبوعي كمسلمة) والذي تظهر فيه أمرأة أنكليزية بيضاء تدعى" كاتي " تتنكر حين ترتدي الحجاب وتركب أنفًا اصطناعيًا وتغطي وجهها بكميات كبيرة من المكياج وكريم الأساس لإخفاء نفسها وتظهر في صورة إمراة مسلمة باكستانية حتى تتمكن من قضاء أسبوع في تجربة الثقافة الإسلامية . وعلى الرغم من أن الفيلم (إسبوعي كمسلمة) كان محاولة في تحدي العديد من الصور النمطية السائدة عن النساء المسلمات الموجودة في الكثير من وسائل الإعلام الغربية ، إلا أنه الطريقة التي قدمت بها التجربة بأكملها كانت إشكالية للغاية ، لانها قدمت الفكرة أوالموضوع بطريقة الأفلام الكوميدية. واختتم هذا الفيلم الوثائقي عند كشف كاتي لشخصيتها الحقيقية حيث خلعت كاتي حجابها وأنفها الصناعي ومسحوا المكياج البني عن وجهها لتُظهر لأصدقائها المسلمين الجدد أنها كانت تؤدي دور إمرأة إسلاميًة على مدار الأسبوع الماضي . لم يؤد هذا العرض فقط إلى تعزيز المفاهيم الخاطئة بأن هناك اختلافات كبيرة بين الشعب البريطاني والإسلام ، ولكن الكشف وبطريقة كوميدية ومثيرة للسخرية في قصة ارتداء الملابس الاسلامية والذي أشارة إلى التفوق في التمثيل من فنانة مقارنة بالأغبياء الذين خدعوا بهذا الفعل والذين إنطلت عليهم الخدعة ردة فعل عكسية . ورداً على ظاهرة تحول النساء إلى الإسلام . يمكن تفسير هذا الافتتان بالنساء اللاتي اعتنقت الإسلام من منظور الاتجاه الواسع لتصور الإسلام كدين يضطهد المرأة ، وبالتالي يقف في توتر مع "الثقافة الغربية" كقوة دافعة في تحرير المرأة. هذا النموذج من المجتمع الغربي العلماني باعتباره "متحررًا" والدين (خاصة الإسلام) على أنه "قمعي" قد تم التنازع عليه على نطاق واسع . بالإضافة إلى ذلك ، غالبًا ما يتم وصف النساء على أنهن "مستودعات رمزية للهوية الوطنية" في الخطاب العام . ربما ليس من المفاجئ إذن أن وسائل الإعلام الأوروبية وكذلك البحث الأكاديمي يجب أن تهتم بتحويل "رموزها الوطنية" إلى دين يُنظر إليه على أنه يتعارض مع المعايير الغربية للمساواة بين الجنسين . هناك ثلاثة مسارات سائدة لتفسير ظاهرة تحول المرأة إلى الإسلام في كل من الروايات الإعلامية والخطاب الأكاديمي حول اعتناق المرأة للإسلام. أولاً - تم تأطير تحول المرأة إلى الإسلام من منظور خطر "التطرف" المحتمل ، ثانيًا - غالبًا ما يتم تفسير التحول إلى الإسلام من منظور السير الذاتية الفردية المتعلقة بالروابط الأسرية ، ثالثًا- يسعى العلماء لتوضيح كيف يمكن أن تجد النساء المتحولات في الإسلام شكلاً مميزًا من المساواة بين الجنسين . ولابد هنا من الاشارة الى نشر مجموعة من الأبحاث التي تتعامل مع السؤال ألأنف الذكر "لماذا يتحولن إلى الإسلام النساء الغربيات اللواتي ترعرعن في سياقات ليبرالية ؟". في السنوات الأخيرة تعرض ألاشخاص المتحولون إلى الإسلام تركيزاً شديدًا في وسائل الإعلام الرئيسية في جميع أنحاء أوروبا. في وسائل الإعلام البريطانية السائدة ، هناك ميل للتركيز بشكل حصري تقريبًا على الانعكاسات السلبية المحتملة للتحويل ، بدلاً من الاعتراف بالفروق الدقيقة في روايات التحويل المختلفة. في فيلم (اجعلني مسلمة ) تسافر عارضة الأزياء المسلمة البريطانية المولد شانا بخاري في جميع أنحاء المملكة المتحدة ، وتجري مقابلات مع شابات اعتنقت الإسلام ومشاركة قصتها الخاصة. لكن على مدارالفيلم الوثائقي البريطاني ( إجعلني مسلمة عام 2014)، يبدو أن بخاري في الوقت نفسه قد تعرضت نفسها الى التهديد من قبل المتشددين للخطاب الإسلامي، عندما شعرت بالقلق من أن المتحولين الذين تلتقي بهم يمارسون الإسلام بصرامة أكثر منها ، وأنها تشعر بإنها"محكوم عليها" بأنها "مسلمة سيئة". تدافع "شانا بخاري "عن نفسها بالقول ، "أنا بريطانية. نعم ، أنا مسلمة ، لكننا نعيش في مثل هذا المجتمع الغربي". يشير استخدام كلمة "لكن" هنا إلى انقسام بين أن تكون امرأة مسلمة وأن تعيش في المجتمع الغربي ، وأن الإسلام يجب أن "يتكيف" مع هذا النموذج الغربي للمساواة بين الجنسين . فيلم (بعد الحب) يتناول موضوع المرأة المتحولة الى الأسلام ، وهو فيلم بريطاني إخراج "عليم خان " وتدور أحداثه حول "مارى حسين" وتقوم بالدور(جوانا سكانلان)، وهى امرأة متحولة من المسيحية الى الاسلام بعد أن أحبت أحمد حسين الباكستاني المسلم ويقوم بدوره البريطاني من أصل إيراني(ناصر ميمارازيا) . ماري والتي أصبح اسمها فهيمة أمرأة ذات البشرة البيضاء ترتدي الحجاب والزي الباكستاني وتعيش في مدينة دوفر مع زوجها . الزوج يعمل قبطان على عبارة تبحر القنال الإنجليزية بين دوفر وكاليه الفرنسية . ماري راضية وسعيدة بزواجها وحريصة على أداء صلاتها وتعيش بساطة زوجها. يبتدأ الفيلم بالأية رقم 6- من سورة التحريم "ياأيها الذين أمنوا قوا أنفسكٌم وأهليكٌم ناراً وقودها الناسٌ والحجارة"، ثم يفتتح بمشهد ويظهر فية ماري وأحمد وهما في المطبح ، ماري بالزي الباكستاني (سلوار كاميز) وهي تعد الغداء، أحمد يجلس على الاريكة ويستمع الى أغنية هندية من فيلم يحمل نفس الاسم وتم إنتاجه عام 1976 ، تتحاور فهيمة مع احمد في عادة حلاقة شعر راس الطفلة الرضعية عندهم ، فيرد عيها احمد وكذالك الاطفال هي لغرض تقوية شعر الرأس التي ستنمو مرة أخرى وهي نفس فكرة غطس راس الطفل عند تعميده في المسيحية . بعده تعد لهما كوبين من الشاي وتحمل الشاي الى احمد لتجده قد فارق الحياة ، تصعق ماري-فهيمة، أصيبت بالفزع ، سقطت دمعة واحدة على خدها. غير قادرة على الكلام ، عيناها تعوض عن كل الكلام . بحيث يكون من الصعب التعبيرعن حجم الحزن والخسارة ، فقط نسمع صوتها في صلواتها اليومية، امرأة إنجليزية اعتنقت الإسلام لتتزوج الرجل الذي أحبته منذ سنوات وهي جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي يحضر المسجد في دوفر، بعد الجنازة ، فهيمة محاطة بأفراد من عائلة أحمد (ناصر معمارزيا) جلست بينهم ، مرتدية من رأسها حتى أخمص قدميها اللون الأبيض وعلى وجهها ترتسم صورة ألم وفقدان . في هذاالمشهد الذي تظهر فيه أرملة حزينة محاطة بأسرة زوجها ولكنها ليست جزءًا منها. من الملاحظ عدم وجود أي من أفراد عائلتها لدعمها ، ولهذا لاترد على إتصالاتهم الهاتفية ، مما يوحي بأنها تخلت عن أكثر من مجرد اسمها عندما تزوجت من أحمد ، وبعد دفنه تقف فهيمة على حافة القنال ألانكليزي في دوفر تستحضر صورة زوجها القبطان في رحلته الى الطرف الاخر كاليه في فرنسا . وصورة البحر التي تظهر بشكل بارز في الفيلم على أنها المكان الذي تترقب فيه ماري عودة الزوج الغائب أحمد وتنتظر الآن شيئًا آخر ، تأخذ مكانًا في سلالة من القصص التي تتناول الحداد على النساء واللواتي ينتظرن رجالهن للعودة من البحر. يمكنك رؤية كاليه في يوم صاف لكن ماري لا تعرف شيئاً عن الحياة المنفصلة التي عاشها أحمد هناك . إنه يثير التساؤل حول مدى معرفتنا بالأشخاص الأقرب إلينا ، وإلى أي مدى يمكننا معرفة شخص ما بشكل كامل؟. تبدا معاناتها من الوحدة بغياب أحمد فتستذكر شريط حياتها الطويل من خلال مجموعة من الصور الموجودة في محفظة زوجها، صورة لها وزوجها وابنهم الصغير الذي فقدته(لم يكشف الفيلم كيف فقدته ) ، ولكنها تفاجئ بوجود هوية لأمراة فرنسية شقراء"جينيفيف لونجيه" ومن العنوان المثبت فيها يتبين أن المرأة تعيش في الجانب الفرنسي كاليه، تبدأ في البحث في أوراقه الخاصة للوقوف على سر تلك المرأة ، ثم تفتش تلفونه لتجد رسائل من تلك المرأة وهي تسأل عنه وعن سر غيابة واسباب عدم الرد على رسائلها، من هول الصدمة تصاب بالخرس ، زواج ماري وأحمد أمتد لعقود طويلة ، ولم تكن علاقته بجنيفيف مثيرة للريبة والشك . بدأت ماري وأحمد علاقتهما كمراهقين ، إنه تاريخ يحمل الكثير من الايام الحلوة والصعبة ، مواجهة التحيز الثقافي ، وخسارة (طفل ميت ، أب غائب ، أسرة مبعثرة)، بالإضافة إلى فجوة ثقافية كبيرة . تقرر ماري السفر الى كالية للتعرف على المرأة الفرنسية، وبينما كانت تستقل العبارة عبر القناة ترى جزءًا كبيرًا من المنحدرات البيضاء في دوفر تتساقط ، كما لو أن أسس هويتها قد انهارت في حياة وذكريات زواج تنهار من حولها ، المنحدرات وصورة البحر بين هاتين القطعتين هي مظهر مادي لأفكار الناس في حياتنا ومدى قربنا ومدى اعتقادنا أننا نعرف الناس. كانت منحدرات دوفر البيضاء رمزًا للعديد من الأشياء خاصة للوطن والأمل ولكنها أيضًا صورة للهشاشة ، سطح من الطباشير القابل للذوبان الذي تراه ماري ينهار في البحر،هذا ما يحدث فعليًا لزواجها في فيلم "أفتر لوف" للمخرج عليم خان ، حيث تواجه أرملة صامتًة الخيانة وذكرى رجل تكتشف أنها لم تكن تعرفه حقًا . تقف فهيمة بزيها الباكستاني أمام باب غريمتها (جينفيف) تطرق الباب ولا يأتي الجواب، تحاول الاتصال بها فلا تجرأ على الحديث ، في مشهد مؤثر حين تكون ماري في الفندق تعمل كوب من الشاي لها ولكنها تنتبه أنها وضعت كوبين من الشاي كما اعتادت مع أحمد فتنهار في موجة من البكاء . مرة أخرى تعود الى عنوان جينيفيف (ناتالي ريتشارد). تطرق الباب مرتين ولم تسمع جواب وتلفت لتجد أمامها أمراة شقراء ترتدي الجينز وتحمل أكياس التسوق، تصدر جينيفيف حكمًا سريعًا جدًا على ماري عندما تراها حين تفترض أنها عاملة النظافة لأنها ترتدي الحجاب وان الوكالة أرسلتها حسب طلبها لتقوم بالتنظيف وحزم الحقائب لانها( جينفيف) تستعد للانتقال الى بيت جديد مع عشيقها أحمد ، وتظن الأخيرة أن الأولى بحجابها هي عاملة نظافة من فقراء شرق أوروبا ، تقرر ماري مسايرة جينفيف وتتقمص دور عاملة النظافة حتى يتسنى لها استكشاف حياة هذه المرأة . وعندما دعتها إلى منزلها للمباشرة في عملها، سرعان ما أدركت أن هناك ألفة بينهما . وتبين أن أحمد معها عايش معها مساكنة مدة ستة عشر عاما وأنجب منها فتى مراهق وبدون أن يتزوجا !.تنبغي الإشارة هنا إلى أن الممثلة الانكليزية "جواناسكانلان" تقدم أداءاً تمثيلاً إيحائياً رائعاً معتمدة على تعابير وجهها في مشاهد يملؤها الصمت. تصبح ماري منظفة ومساعدة منزلية لا غنى عنها، إلى درجة أنها صارت جزءاً من عائلة جينفيف التي تعيش مع ابنها المراهق "سولومون"أو سليمان (تاليد أريس)، الذي يكره والدته ويريد الانتقال للعيش مع والده مهما كان الثمن . وفي مشهد للأرملة ماري اوفهيمة بطلة الفيلم وهي تنظر إلى نفسها في مرآة وتتفحص جسدها المترهل . هناك معنيان للمشهد وربما أكثر: المعنى الأول من أنا؟ والثاني: هل بدأ أحمد علاقة مع جنفيف بسبب جسدهاالمترهل؟ . وهناك مشهد تخبر فيه جينفييف ماري أن أحمد أخبرها أن زوجته باكستانية . تنفعل ماري وتتحدث عن أحمد كأنها تعرفه بضع كلمات قبل أن تتذكر أنها متخفية في شخصية منظفة. بمهارة نشاهد تغير اداء سكانلان في لحظة تنقل لنا كيف أن ماري ذهلت جزئيًا من الموقف لدرجة أنها لم تخبر جينفيف بالحقيقة ، ولكنها أيضًا تدرك جزئيًا أن مثل هذاالوحي من شأنه أن يتسبب في إغلاق جينفيف الباب بوجهها ولن تخرج ماري بالحقيقة منها أبدًا. لذا أصبحت ماري عن طيب خاطر أكثر نظافة وحميمية ومساعدة ومجتهدة وطبيعية مع غريمتها كي تتعرف على كل شيء بخصوص علاقة جينفيف وعلاقتها بأحمد ، ماري - فهيمة هي عنصر التشويق في الفيلم، هي القنبلة الموقوتة التي ينتظرها المشاهد أن تنفجر، هي كنز الأسرار التي جاءت إلى كاليه لتغوص في بحر الأكاذيب أوالحياة السرية التي عاشها أحمد دون أن تشك فيه ، وهناك مشهد تكتشف فيه ماري سراً في بيت جينفيف يخص إبنها المراهق وعلاقته الشاذه مع مراهق بعمره ، وتحتفظ به لنفسها، وهنا تنشأ علاقة صداقة بين هذين الشخصين . ماري تتألم كلما عرفت تفاصيل أكثرعن حياة جينفيف وزوجها أحمد التي اتخذت طابعاً سرياً ونتج عنها ولادة المراهق سليمان (تاليد أريس)، أحمد الذي تعرفه ماري اكتشفت بانها لا تعرفه قد مات، وفهيمة ماتت وهذه إمرأة أخرى وحتى ماري نفسها لا تعرفها. تشعر ماري بالذل تجاه كل لحظة تكتشف فيها معلومات جديدة عن الحياة السرية لأحمد ـ مرة أخرى ، هناك مشاهد مؤثرة ومعبرة ، وفي هذه المشاهد الانعكاسية حيث نحصل على فهم كامل للغيرة والأحكام المسبقة التي قد تكون لدى ماري وجنيفيف لبعضهما البعض . فيلم "بعد الحب" أو بعد الحياة أو بعد الموت، ثلاثة عناوين تصلح لهذا الفيلم هو التجربة الإخراجية الأولى لعليم خان (بريطاني من أصل باكستاني) يطرح فيه سؤالاً: (ماذا نعرف عن بعضنا بعضاً؟) ـ وماذا تعرف امرأة عن زوجها بعد علاقة زوجية ناجحة ومستقرة؟ ، وكأن خان نظر إلى المسألة بالمقلوب، فبدلاً من أن يكون الفيلم عن ملحمة تنتهي بانتصار الحب، فإن الموضوع يبدأ بانتهاء الحب وبدء انكشاف الأسرار . يوظف خان لغة الرموز في الفيلم ، فعندما تغادر ماري دوفر ترى جرفاً ينهار أمامها، وهو ما يرمز لحياتها أو لقيمها أو لثقتها بأحمد ، وتتراجع إلى الخلف وبالطبع لا يلتفت أحد سواها في المشهد ما يعني أن ذلك يحدث في رأسها فقط . ماري هي الشخصية المحورية في فيلم عليم خان الأول "بعد الحب "، هي امرأة إنجليزية بيضاء التقت بزوجها الباكستاني عندما كان مراهقًا في عقار سكني في لندن حيث كان يعيش كلاهما. بعد أن تزوجا انتقلوا إلى ساحل كنت. اعتنقت ماري الإسلام وبدأت في ارتداء الزي التقليدي ، وتعلمت كيفية طهي الكاري من الصفر والتحدث باللغة البنجابية وتشبه الى حد ما حياة الكاتب ومخرج الفيلم (عليم خان) الذي إستوحى منه المخرج والكاتب "عليم خان" الإلهام ، والدته هي امرأة إنجليزية بيضاء التقت بزوجها الباكستاني عندما كان مراهقًا في عقار سكني في لندن حيث عاش كلاهما وبعد أن تزوجا وانتقلوا إلى ساحل كنت بعد أن إعتنقت الإسلام ، وبدأت في ارتداء الزي الباكستاني التقليدي(سلوار كاميز) وتعلمت كيفية طهي الكاري من الصفر والتحدث باللغة البنجابية . قلة من الأفلام لديها الشجاعة لتمثيل تداعيات الخيانة الزوجية بطريقة صريحة وثابتة . عندما ترقد ماري لاحقًا في مياه القناة يبدو الأمر كما لو أنها تحاول تطهير نفسها من الجروح العاطفية . يرتكز هذا العرض الرائع لسكانلان وهو أول ظهور ناجح للكاتب والمخرج "عليم خان" الذي يستخدم مشاهدعاكسة أنيقة وتكرارًا لاستكشاف الخيوط التي تربط المرأتين . إن ارتدائها للحجاب في غالبية الفيلم يتطلب المزيد منها كممثلة لدور مسلمة ، تركز عليا الكاميرا أكثر وتفحص كل تعبيرلوجهها من خلال عدسة الكاميرا التي تبحث عنها. لكن الممثلة القديرة سكانلان تنجح على مستوى المهمة في تقديم أداء مليء بالبراعة والدقة. تجعل المشاهد يتعاطف معها تمامًا ، على الرغم من أنه من الواضح في الثلث الأخير من الفيلم أنها ليست الشخص الوحيد الذي يعاني وأنت تشك في بعض قراراتها. هذه الدراما المؤثرة من بطولة الممثلة المسرح والتلفزيون البريطانية جوانا سكانلان (رحلة دكتور دوليتل ، كيف تبني فتاة ، وسادة الدبوس) جنبًا إلى جنب مع الممثلة الفرنسية ناتالي ريتشارد (لا تدعني أذهب ، هيدن ، جون وجولي) والوافد الجديد تاليد آريس في أول دور رئيسي له . فيلم" المخرج / الكاتب عليم خان" الطويل الاول( بعد الحب) مليء بالصلات الشخصية من مواقع دوفرإلى عائلته وخاصة والدته التي لعبت دورًا رئيسيًا في مساعدة الممثلةالرئيسية جوانا سكانلان على فهم الثقافة الإسلامية التي كانت تصورها . ماري التي تزوجت منذ عدة سنوات من أحمد (ناصر معمارزيا) بعد أن إعتنقت الإسلام ، وتتمتع بعلاقة سعيدة وآمنة داخل مجتمع قوي، لكن كل شيء تحطم بسبب موت زوجها المفاجئ واكتشافها بأنها لا تمثل سوى نصف حياته. والنصف الاخرالآخر في كاليه وفي مكان ما لم تكن فيه من قبل ، وبمجرد أن ترسخ هذا الإدراك ، تسافر لمعرفة المزيد عن الرجل الذي اعتقدت أنها تعرفه . يتذكر المخرج خان كيف أعطت والدته للممثلة "جوانا سكانلان "كيسًا من الملابس الباكستانية التقليدية لارتدائها في المنزل كجزء من استعدادها لهذا الدوروكذالك غطاء الرأس أو الحجاب ". إن تربية خان في أسرة وثقافة تتمحور حول الإناث تعني أن القصة تُروى من منظور ماري وعواطفها الخاصة واللحظات التي أعقبت فقدان زوجها وحاجتها لإيجاد هوية جديدة لنفسها على وجه الخصوص . تم عرض الفيلم في الأصل على الإنترنت في مهرجان لندن السينمائي العام الماضي ، بعد اختيار الفيلم لأسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي لهذا العام . فيلم "بعد الحب" كان أول فيلم لعليم خان بعد بعض الأفلام القصيرة ، من خلال قصته (بعد الحب) والتي يروي سيرة ماري المتدينة والملتزمة في عبادتها ، ولكن بعد رحيل زوجها بدأت تتساءل عما إذا كان هذا الإيمان الديني مزيفًا بقدر ما كان زواجها، يمكنك أنتحس بمرارة الشعور بالخديعة، والخداع في صدق أحمد في حبه لها ، وخداعها لتبني ثقافة لم تولد فيها وتشك في أنها ستظل دائمًا غريبة بها ، لكن أكثر ما يقلقها هو الزواج ، لأنها تتساءل عما إذا كانت قد أهدرت حياتها على رجل لا يستحقها . كان هذا فيلمًا هادئًا ومن السمات الرائعة للفيلم أنه يتعامل مع العديد من الموضوعات والقضايا التي غالبًا ما تكون محور الأفلام الأخرى. الأول هو تراث ماري بكونها امرأة بيضاء اعتنقت الإسلام وأقامت علاقة سرية مع زوجها قبل التحول ، والثاني هو الشذوذ الجنسي حين تمسك ماري بالابن الآخر لزوجها(سليمان) وهو يقبل صبيًا آخر، عادةً ما يكون هذا الموضوع هو القصة الكاملة لفيلم آخر ، لكنه المخرج جنا مرًّ عليها مروراً عابراً ، قصة تتعامل مع شخصياتها على أنها طبيعية وليست شيئًا مثيرًا للإثارة، وهو تصوير دقيق للمجتمع الذي نعيش فيه اليوم قدم لنا بواسطة عليم خان الذي كتب أيضًا السيناريو، والشيء الجميل أيضًا هو الاتجاه الذي اختاره خان لفيلمه وشخصياته قامت بأداء أدوارها بشكل أمثل. هناك معالجة دقيقة لكل شخصية مثل مشاعر الغضب ليست مشتركة. الثناء مطلوب أيضًا للممثلين الداعمين للقصة ، وكان أداء الممثلة جواناسكانلان كان أكثرمن رائع وقدمت أداءً ماهرًا ومثيرًا للدهشة . يضيف اليه الممثل الشاب" تليد اريس" وهو يقدم أداءً حساسًا حيث يتعامل الابن المراهق سليمان مع القلق المعتاد ولكنه ينجذب إلى ما يراه على أنه خير في طيبة وروح المرأة الانكليزية ماري غير المعقدة على العكس من نفوره وكرهه لأمه جينفيف. تقدم جوانا سكانلان بصفتها ماري التي أصبحت أرملة حديثًا وصورة لامرأة استحوذ قلبها المكسور على تعاطفنا ، حيث تصنع الشاي غائبًا لشخصين في غرفة فندق أو تنفجر بالبكاء على سجادة صلاتها ، ويستدعي سلوكها المتخفي انتباهنا بشكل متزايد حين تتسلل إلى حياة امرأة أخرى، إنها تبدو محطمة بشكل مقنع . في ميزات أداء سكانلان نرى الحزن والإذلال يتحولان إلى تملُّك وانتقام وتعاطف في غير محله، حين تلعب دور الزوجة المظلومة والمخدوعة . هنا تاريخ حياة وخسارة (طفل ميت ، أب غائب ، أسرة مبعثرة) ، بالإضافة إلى فجوة ثقافية كبيرة . ماري ترتدي ملابس محتشمة وترتدي الحجاب - سلوار كاميز"وهو زي باكستاني تقليدي يرتديه النساء والرجال واعتنقت الإسلام لتكون مع أحمد . كما أنها تتحدث الأردية وتطبخ الطعام الباكستاني. لا تفعل جينيفيف (ناتالي ريتشارد) أيًا من هذه الأشياء ، وهي أيضًا أم عازبة حديثة عاملة ، وترتدي سروالًا وشعرً أشقر ومميزًا. عندما نراها لأول مرة كانت صدمة، لكنها من يحكم من خلال المظاهر. تستعد ماري على عتبة بابها لمواجهتها بشأن هذه القضية ، لكن جينيفيف تستعرض تحيزها و تنظر لها نظرة منظفة منزل . يخبرنا المخرج عليم خان بانه رتب لوالدته مقابلة مع" جوانا سكانلان" الممثلة التي تلعب دور ماري "كان من المهم حقًا أن تفهم جوانا أهمية هذه الشخصية بالنسبة لي وأهمية القصة ، كما قابلت أمي أثناء الإعداد للفيلم التي علمتها كيفية صنع بانير وروتي ، أعطتها أمي كيسًا كاملاً من ملابسها لتجربتها وتعتاد عليها أيضًا. كنا محظوظين لأن لدينا وقتًا قبل التصوير لزيارة دوفر ولإقامة تاريخ واتصال بالمناظر الطبيعية للشخصية حتى تتمكن الممثلة جوانا أن تعيش الشخصية وتخرج إلى العالم ، وترتدي الحجاب لترى كيف يعاملك الناس بشكل مختلف ". في الظهور الأول المذهل للكاتب والمخرج عليم خان في فيمله الجميل (أفتر لوف) يستكشف خان في هذا الفيلم أيضًا طقوس الحياة والموت ؛ نشأ عليم في كينت ، وهو كاتب ومخرج من تراث إنجليزي باكستاني مختلط يعيش في لندن ودرس الإخراج السينمائي في جامعة وستمنستر قبل تصوير فيلمه القصير الأول ديانا الحائز على جوائز ، يتحدث المخرج و الكاتب عليم خان عن تجربته في فيلم ( بعد الحب) كانت المواقع قريبة جدًا من المنزل أيضًا لاني نشأت في كينت وعاش أجدادي في فولكستون ، قضيت فصول الصيف في طفولتي على تلك المنحدرات وكنت دائمًا مفتونًا بقربها" . المخرج (عليم خان) يتحدث عن فيلمه ". فيلم "بعد الحب " لا يتعلق في النهاية بالإيمان بقدر ما يتعلق بالحزن والخسارة والحب والهوية. يقول المخرج عليم خان "إنه فيلم سياسي للغاية بالنسبة لي ، لكن السياسة في الفيلم هادئة تمامًا"، أشعر وكأن حياتي كلها في هذا الفيلم على الرغم من أن القصة ليست سيرة ذاتية لحياتي" ، يخبرنا المخرد عليم خان إن طفولته ومراهقته كان يغلب عليه الارتباك حول هويته "نشأت في ثقافتين ، والشعور بأنني لم أنتمي بالكامل إلى أي مكان كان يعمل خلل تمامًا بداخلي". ويضيف : "لقد كتبت الفيلم أثناء انفجار أزمة اللاجئين في أوروبا ، وعندماصورنا مشاهد الفيلم في كاليه ، كان هناك هذا الغريب اللاجئ، الذي يعتبره البعض خطراُ على شواطئنا ، كما أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حدث في نفس الوقت ، وقد أثر على الطريقة التي فكرت بها حول الطبقة والعرق والهوية في بريطانيا ، ولكن أيضًا داخل أوروبا ، مع الحركة الشعبوية التي سيطرت على مدى السنوات الثماني الماضية أو نحو ذلك ـ لقد نشأت في هذا المجتمع ، نشأت في بيئة مختلطة الأعراق ، أمي أنكليزية مسلمة ، ولم أرى شخصية مسلمة تطرح بهذا الحجم من قبل لأن الشخصيات المسلمة التي تعرض دائمًا في الهامش، إنها شخصية ثنائية الأبعاد أو لها غرض معين ، وهو إما أن تكون محرضًا ، أو إرهابًا أو بلا هدف ، لا توجد حقيقة أعمق أبدًا ، إنها دائمًا صدى أو ظل لشيء ما ، في المملكة المتحدة ، لدينا فكرة جامدة للغاية عن معنى الإحساس البريطاني بالهوية الوطنية ، أردت أن أرفض فكرة أن هويتنا وحياتنا ثابتة ". جميع الشخصيات في فيلم الكاتب و المخرج"عليم خان"مستوحاة من أشخاص في حياته . ماري تشبه حياة أمه ، لكن الشخصية هي وسيلة للتعبير عن جزء من شيء يتعلق بأمه وهي أيضًا طريقة للتعبير عن شيء مدفون بداخلي . وبالتأكيد هو موجود في جميع الشخصيات . هناك مفارقة أن موت أحمد يعطي كل هذه الشخصيات ما أرادوا وهو الأسرة. ينتهي الفيلم في مكان توجد فيه بذرة لشيء جديد. لا يعني ذلك أنهم سيصبحون أفضل أصدقاء ، لكنهم يفهمون كيف يتناسبون مع بعضهم البعض وفي لرؤية جديدة لمسقبل أفضل، وكيف يتقبلون بعضهم البعض بطرق مختلفة.
في الختام :
لكي تحب شخصًا ما تمامًا يعني أنك يجب أن تكون منفتحًا لتلقي الألم . ليس لي أن أقول ما هو الحب ، لكن الحب لا يمكن أن يوجد بدون الجانب الآخر منه لأنه حينها ليس حبًا ، الفكرة الأقل دقة هي أنه عندما نمنح شخصًا ما الفرصة ليحبنا ، فإننا نمنحه أيضًا الفرصة لإيذاءنا .هذا هو جوهر الفيلم لأنني لم أرغب في تشويه سمعة أحمد. كل شخصية في القصة تكذب على بعضها البعض . ماري تصبح متواطئة في خداع أحمد بالكذب على جينيفيف وابنها ، لكننا بالطبع نفهم سبب وجودها هناك. إنها حزينة وتحاول إيجاد علاقة مع هؤلاء الناس وهذا يذكرها بالزوج والطفل الذي فقدته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه