الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة تشرين ووطاة حثالات -الويرلنديه-؟؟؟/2

عبدالامير الركابي

2021 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لايسير العالم والمجتمعات الى الثورة البرجوازية، ولا من ثم بالطبع الى "الاشتراكية"،ولا الى نموذج الدولة والنطام ان يتولد عنهما، بحسب ما تمخضت عنه المجتمعات الاوربيه بعد الانقلاب الالي في العصر الحديث، فما ينتظم ويحكم المسار التفاعلي المجتمعي، هو الانتقال من الارضوية، الى اللاارضوية، اما ماقد كرسه الغرب الحديث من مفهوم عن العالم والمجتمعات، والتاريخ ومساره، فهو بالأحرى احدى محطات التوهم الكبرى التي كتب على الكائن البشري المرور بها، والغرق تحت وطاة غلبتها الكاسحة، الامر غير المستبعد، ولا المستغرب اذا مانظرنا الى اللحظة الهامه والمفصلية التي مثلها الغرب بانقلابيته الحديثة، وماحققة من منجز شامل على المستويات كافة، مايستحق ان يعتبر بلا جدال، بمثابه العتبه او الخطوة الكبرى الانتهائية، واعلى وارقى اشكال التجلي الارضوي الممكن، الانتهائي السابق على الانتقال الأكبر، والممهد لمابعده.
ونحن هنا نذهب متجرئين على إعادة انتاج وصياغة السردية التاريخية على وجه الاجمال، وبالطبع السردية الحديثة الانقلابيه، بالاخص كما صارت حاضرة في القرون الثلاثة المنصرمه، متحولة الى معتقد شامل شديد الوجاهة والرسوخ، بالاخص مع استمرار حالة وظاهرة اللانطقية المقابلة اللاارضوية، واستمرار تعذرها، بالاخص في موضع تجليها الطبيعي والمنتظر المتوقع، في ارض الازدواج التاريخي البنيوي، اللاارضوي/ الارضوي الرافديني، حيث توفر أسباب النطق المادية البنيوية والتاريخيه.
ويعمد الغرب الحديث لاسقاط حضوره، ومايعتبره قانونا ناظما لحركة التاريخ والياته، فيمنع لاغيا اية احتمالية فعل اليات جانبيه من هذا القبيل خارجه، وبما انه قد احتل موقع القمة على راس هرم العملية التاريخيه الارضوية، فان ديناميات ماحققه كحصيلة، تصبح والحالة هذه بمثابة حقيقة مطلقة شامله، تلغي، لابل وتمنع اية تمظهرات ديناميه تاريخية،او استمرارها المحتمل، حتى وان هي ظلت خارج الغرب، محكومة لمفاعيل "تخلفها"،مع مايفترض ان يواكبها من اشكال دينامية، على الأقل من حيث الأساس، هذا غير احتمالية أخرى واجبه التمعن/ يفترض ان تنبني على تصور التمازج الطاريء بين المؤثرات الغربية، والديناميات الخاصة، الامر الذي لايتيحه المنظور الغربوي ويرفض الا الاخذ يقطعية وحتميه اتباع البنى المجتمعية كلها لنمطة ونموذجه منذ ان صار قائما.
هذا علما بان افتراضا مثل هذا، من شانه ان يضعنا اما م تحد عقلي شمولي متعد للظاهرة الغربيه، ومستوعب لها كمعطى شامل الأثر، وبناء عليه محرك ومحفز ينطوي على ايقاظ ديناميات مجتمعية هي مزيج من تلك التي تؤول الى الغربوية الراهنه ومنجزها الهام الاستثنائي، ومختلف المنطويات البنيويه الرئيسية المجتمعية على مستوى المعمورة، وتنوعات تجليها التاريخي، مايجعل ل " العالمية" معنى ودلالة وسياقات أخرى، غير تلك التبسيطيه التي تعتمد أحادية الفعالية الغربيه، وسطوتها المطلقة اللاغية لايه احتمالات حيوية مجتمعية خارجها، حتى وان تكن مكملة لها ولحضورها الانقلابي.
هذا بشكل عام، فاما بمايتعلق بالتخصيص، او الاحتمالية الأخرى المقابلة والمناقضة التي قد تضعنا امام تسلسلية تنطوي على "مابعدغرب"، كما ماقبله، متلازمه مع حالة وحضور الغرب الكاسح ونتيجه طبيعيه عنها، يبرزها مايؤشرعليها نوعا نمطيا، بين الارضوية واللاارضوية المجتمعية،حيث تصير الظاهرة الغربية، وتدخل سياقات تفاعليه تاريخيه تصيرية أخرى مختلفه عن تلك المتداولة الارضوية، ليصير الحدث الانقلابي الكبير الحالي، ليس لذاته كهدف، بل من قبيل الحاضر الفاعل توخيا لغيره، ومابعده مما صار اليوم وشيكا، وقابلا للتحقق بعد طول غياب وامتناع تاريخي عن الادراك.
وهذا ماكان حصل اليوم مع العقد الثاني من القرن العشرين، مع حضور الغرب ممثلا بالقوات البريطانيه الغازية الى ارض مابين النهرين، ونزولها عام 1914 في الفاو، لتبدا من حينه حالة اصطراعيه ارضوية في اعلى تمظهراتها الاوربية الحداثية، ولاارضوية مابين نهرينيه، ابتدات بوصول القوات المحتله الى عاصمة الدورة الثانيه المنهارة بغداد، وإعلان احتلالها عام 1917 بعد ثلاث سنوات من الزحف صعدا من الجنوب، وثورة حزيران 1920 اللاارضوية المنطوية على اعلان الذاتيه من مجتمع حديث، بدا يتشكل منذ القرن السادس عشر، وعاش من التاريخ المذكور مستقلا بلا اعلان، الوجود العثماني والمماليكي ابانه مجرد حالة شكلية برانيه/ بغدادية، يقابلها تسجيل اتحاد المنتفك، خلال الفترة المشار اليها 50 تمردا و100 معركة مسلحه، تنفي قطعا أي توهم سيطرة من قبل حكومات بغداد البرانيه على تعاقبها. هذا اذا لم ناخذ بالنظر صعود المنتفك وسيطرتها في الفترات المتاخرة، على بغداد نفسها، بوضعها ولاة يمثلونها، اجلستهم على كرسي الولايه بحرابها التي دخلت بغداد، وكانت تدافع عنها عسكريا وقت الضرورة (1).
على هذا فان ثورة 1920 لم تكن ثورة بلد مستعمر، فالعراق لم يصبح مستمعرا مبدئيا الا بعد الثورة، وكنتيجة لها، ولما كرسته من حقائق استحالة سيطرة استعمارية،مع " إقامة حكومة من اهل البلاد" عام 1921، بل هي ثورة مجتمع في حال تشكل، مستقل بلا اعلان منذ مايزيد على ثلاثة قرون، وهي تعبير عن الذاتيه اللاارضوية المستقلة نمطا ووضعا تشكليا، مقارنه كمثال بحال مصر التي ظلت مستعمرة على مدى سبعين عاما، ليخرج منها الملك بانقلاب عسكري سلمي، وقع في ذروة موجه حركات التحرر العالمية في الخمسينات، خرج الملك بموجبه مع 21 اطلاقة مدفع تحية وداعية له، بينما سحلت العائلة المالكة العراقية في الطرقات، وسحقت مع حكمها، وركيزتها الاجتماعية سحقا كليا، لم يبق منها اثر، ليعيش العراق بعدها قرابة السته اشهر، بلادولة، مراكز الشرطه فيه شبه مغلقة، بينما هو يدار مجتمعيا وبحسب الكينونه المساواتيه اللاتمايزيه التاريخيه.
لم يفلح الإنكليز برغم الارجحية المفترضة التي بحوزتهم، في أقامه او تحقيق اغراضهم التي أرادوا اخضاع العراق لها، وبينما عمدوا ساعين الى أقامه او فبركة كيانيه عراقيه، سميت بالحديثة، تؤسس شكلا على وحدة جغرافية بلا وحدة تشكل مجتمعي، نشات على ارض الواقع حالة ازدواج هي تكرار لخاصية وظاهرة بنيوية تاريخيه، ابتدات أصلا بثورة العشرين، ثورة العراق الأسفل اللاارضوي، غير الناطق، لتقوم منذ الثلاثينات حالة من الازدواج الحداثي عبرت ابانه الكيانيه اللاارضوية عن اضطرارها للتعامل مع الواقع المستجد، بما هو ومايفرضه من موجبات، فقامت بناء علية أحزاب المعارضة الايديلوجية في الناصرية (2)عاصمة المنتفك، مركز التشكل الحديث، الشيوعي، والبعث، الحزبين الأكثر فعالية وتاثيرا في التاريخ العراقي الحديث، مقابل الدولة المشكله من خارج النصاب الاجتماعي في بغداد على يد الإنكليز، كواجهه يضمنون بها الممكن من نفوذهم عام 1921. لتنشا من يومها صراعية متقابلة اختراقية متعاكسه، من الاسفل نحو الأعلى، ومن الأعلى الى الأسفل، كان الطرف اللاارضوي فيها هو الراجح بصورة كاسحة ومتواتره، احداثا وانتفاضات متوالية، لم تتوقف، الا بعد انهيار الحكم الملكي صبيحة يوم 14 تموز 1958.
وكان المشروع الإنكليزي قد تمثل من حيث عناصره الرئيسيه، عدا عن ادواته، مثل الحدود الجغرافيه والمنظور الويرلندي(3) الذي لم تسلم من وطاته الأحزاب الايديلوجية الجنوبيه من حيث المقاربة الكيانيه المجتمعية، والسردية التاريخيه الحداثية، مع فارق كونها كانت ابان نشأتها محكومه لدفع آليات البنية الازدواجية بفرعها، اللاارضوي الأسفل.
ـ يتبع ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يوم حاصر داود باشا بغداد عام 1817 قبل ان يدخلها ويذبج قريبه سعيدا الوالي المتحالف مع المنتفك، والذي وضعته هي في موقعه، كان في بغداد الف مقاتل منتفجي يدافعون عنها، وكانت المنتفك قادت الثورة الثلاثية التي حررت عام 1787 العراق من بغداد الى الفاو، وطالبت الباب العالي باسناد الولايه لثويني العبدالله، قائد الثورة، وشيخ مشايخ المنتفك، كما حررت المنتفك في وقت سابق البصرة من يد الصفويين.
(2)جرت منذ العشرينات محاولات أقامه أحزاب حديثة في "ألعاصمة "/ بغداد، مثل محاولة حسين الرحال إقامة حزب شيوعي، ومحاولات اقامه حزب البعث من قبل عرب كانوا يدرسون، او يعلمون في بغداد، ولم تفلح في ان تكون قوى فعاله، او لها أي حضور، وفشلت كليا، الى ان قام فهد "يوسف سلمان يوسف" وفؤاد الركابي في الناصرية جنوبا، بأقامه الحزبين الشيوعي من قبل الأول، والبعث على يد الثاني، ليتحولا الى قوة فعالة، لعبت دورا حاسما في تهيئه أسباب انهيار الحكم الملكي.
(3) يستهجن الموغلون في الويرلنديه القول بان الإنكليز اختلقوا او فبركوا "العراق الحديث" معتبرين ذلك سبة، وانتقاصا، لقصور منظورهم لذاتهم ولبلادهم، وجهلهم كون ماقد أقيم على يد البريطانيين هو انتقاص من عراق، وجد كينونة متعد للكيانيه، لايتجلى ولم يتجل في التاريخ، الا امبراطوريا وسماويا كونيا، الإنكليز جاءوا ليفرضوا عليه ماهو اقل منه، ولايتفق مع حقيقته وطبيعته، وما افصح عنه التاريخ كخاصية ملازمه له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ