الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جسر اللَّوْز 13

علي دريوسي

2021 / 10 / 28
الادب والفن


علمتُ بموت إيمان بعد فترة زمنية قصيرة من ذلك اليوم الأسود. حدث هذا حين أخذ طليقها الجبان من مكان عمله الآمن في دمشق يكتب في صفحته الفيسبوكية مقتطفات عن الأحداث والفظائع الشنيعة التي جرت في القرية مستعطفاً قلوب الناس المغمورين أصلاً بمشاكلهم.
هاجم المسلحون الإسلامويون التابعين لتنظيمات الثورة السورية قرية "جسر اللوز" في الصباح الباكر بينما الناس تغط بالنوم. كانت إيمان في القرية تمضي مع ولدها عطلة العيد في بيت أهلها. أفاقت من النوم مرعوبة. لم يُسمع يومها في الفضاء إلا استجداءات الفلاحين وعويل الأطفال وتوسلات النساء وصرخات المسلحين. حين حاولت إيمان الهروب مع إبنها وأبيها وأمها وأختها الأصغر للاحتماء في القرى المجاورة أمسكت العصابات المسلحة بهم. قتلوا الأب والأم بالسيف، خطفوا الولد وخالته. لما تملصت إيمان منهم لحق بها أحد الملتحين بلباسه الحجري وأطلق عليها وابلاً من الرصاص أرداها قتيلة على الفور.
وهكذا دأب طليقها البائخ يتنطَّع ويتفصحن في كلامه عما حدث في قريته وكيف طُعن أباه وأمه وخُنقت عمته وخُطِفَ ولده وأخته. تكلم وتكلم متناسياً دوره الحقيقي. كان عليه منذ البدء ـ وهو المتابع الجيد لسيرورة العمليات العسكرية ـ أن يتحمل المسؤولية ويتقمط البندقية حتى لو كانت بدائية كبارودة أبي علي شاهين ويلطأ لعصابات الظلام خلف الصخور وبين الأدغال أو أن يأتي إلى قريته لتهريب أهله وولده، لا أن يرميهم خلف ظهره خائفين عاجزين بانتظار السَبِيّ أو القتل الشنيع.
كان معظم سكان القرية يشعرون باقتراب يومهم الدموي فكيف هو الساكن في العاصمة والمتابع الفيسبوكي الجيد لتطورات الحرب الدائرة. قبل شهر من دخول الملتحين ـ وكما كتب في دفتره الفيسبوكي ـ أخبرته الأم بأنها تنتوي بيع بقرتهم الحلوب. وحالما استهجن الأمر تطلعت الأم بوجهه وقالت: يا ابني يا حبيبي نحن اليوم على بعد كيلو متر من المسلحين وفي حال هجومهم علينا سنهرب ونترك البقرة مربوطة وربما تموت من الجوع والعطش وأنا لا أريد لأي كائن أن يموت بسببي، سأبيعها يا ابني كي تنجو من أياديهم الشريرة الملوثة بالدم. كانت الأم مفزوعة متوجسة من الموعد الذي يقترب يوماً إثر يوم. قالت له مرة "اشتريت سكين لحمة، جلخها أبوك وخبأتها تحت فرشة نومي. في حال رأيتهم أو وصلتني أصوات تكبيراتهم سأبتر وريد أختك ثم وريدي.
كان طليق إيمان أنانياً بخيلاً غيوراً حسوداً جحوداً وكانت هي قد لاحظت ذلك منذ الأيام الأولى لعلاقتهما. هكذا أخبرتني إيمان وأنا في الحقيقة لا أصدّق إلا نصف ما أسمع. فُصل من الجامعة بعد أن فشل في السنوات الأولى لدراسته "أدب عربي"، بينما راحت هي تتفوق في دراسة الطب من سنة لأخرى.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه