الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان.. يسقط حكم العسكر

الاشتراكيون الثوريون

2021 / 10 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



مرة أخرى تثبت جماهير الشعب السوداني قدرتهم على الصمود في وجه العسكر بل وتنظيم صفوفهم بموجة واسعة من الإضرابات والمظاهرات لصد انقلاب برهان وحميدتي. أضرب مئات الآلاف من العمال والمهنيين في كافة القطاعات من النفط والموانئ إلى الأطباء والمدرسين، ومن العاملين بمطار الخرطوم إلى عمال وموظفي البنوك الرئيسية، إلخ.

هذه الموجة الجديدة من الثورة السودانية تواجه آلة قتل عسكرية ستستخدم كل السبل الدموية للحفاظ على السلطة. ففي واقع الأمر لم يمس اتفاق الوثيقة الدستورية، الذي وقع في صيف 2019 ودشن ما سمي بالمرحلة الانتقالية، لم يمس سلطة قادة الجيش وشبكة المصالح الطبقية التي يحميها. ذلك التحالف الطبقي الذي يضم جنرالات يتحكمون في مزارع شاسعة ومناجم تدر المليارات من الدولارات (حميدتي أهم مالك لمناجم الذهب في السودان)، ورأس المال الخليجي (خاصة السعودي والإماراتي) إلى جانب البرجوازية السودانية التقليدية.

بل أن الفترة الانتقالية عززت من تلك المصالح بسياسات ليبرالية جديدة تقشفية لم ينجم عنها سوى الجوع والفقر لغالبية الشعب السوداني وظل كبار الجنرالات المسئولين عن المذابح في كافة أقاليم السودان بعيدين كل البعد عن المحاسبة أو المحاكمة على جرائمهم (حتى البشير لم يحاكم حتى الآن إلا بتهم الفساد المالي).

وعلى المستوى الإقليمي أصبحت الدولة السودانية وأجهزتها الأمنية خادمة لمصالح مربع الثورة المضادة (مصر وإسرائيل والسعودية والإمارات)، من اتفاق سلام مع إسرائيل إلى تصدير الجنود السودانيين كمرتزقة في خدمة حروب وتدخلات تلك الدول، إلى التعاون الامني المخابراتي والعسكري مع نظام السيسي في مصر.

لنتذكر أن الحراك الذي أسقط البشير كان حراكًا جماهيريًا واسع النطاق شمل المظاهرات والإضرابات في كافة أقاليم السودان. وقد تبلورت مطالب ذلك الحراك حول ثلاث محاور أساسية. المحور الأول كان اقتصاديًا في مواجهة ارتفاع الأسعار والسياسات التقشفية الليبرالية الجديدة لنظام البشير وانتشار البطالة والجوع.

أما المحور الثاني فكان ضد الاستبداد العسكري الإسلامي في السودان. ثلاثون عامًا من الديكتاتورية العسكرية بواجهة أيديولوجية وسياسية إسلامية، لم تكن في حقيقتها سوى آلة ضخمة للقتل والاغتصاب والحرق والاعتقال باسم الدين ولمصلحة كبار العسكر وحلفائهم. شكَّل محور إنهاء الديكتاتورية العسكرية وتحقيق الديمقراطية ركيزة أساسية في الحراك الجماهيري خاصة من قبل تجمعات المهنيين وطلاب الجامعات السودانية.

المحور الثالث للثورة كان انتفاضة القطاعات المهمشة من الشعب السوداني -إثنيًا وثقافيًا ودينيًا وجغرافيًا. فالثروة والسلطة في السودان تتركزان في المنطقة الشمالية وينعكس ذلك في تركز الخدمات التعليمية والصحية والاستثمارات الاقتصادية وشبكات الكهرباء والمواصلات. وينعكس أيضًا في محاولة عنصرية للسلطة العسكرية في الخرطوم لفرض الهيمنة الثقافية والدينية واللغوية على جميع قطاعات الشعب السوداني باستخدام كافة السبل، من التطهير العرقي إلى فرض الشريعة الإسلامية بقوة السلاح. ثورة المهمشين في دارفور والنيل الأزرق وكردفان وجبال النوبة وشرق السودان والجنوبيين الذين مازالوا يعيشون في الشمال هي مكون رئيسي من مكونات الثورة السودانية.

وكما رأينا خلال العامين الماضيين، لم يحدث في ظل سلطة المجلس الانتقالي سوى التراجع تلو التراجع في كافة تلك المحاور.

لماذا حدث كل ذلك رغم النضال الجماهيري الذي لم يتوقف؟ تكمن الإجابة في طبيعة أحزاب المعارضة السودانية التقليدية التي صدرت نفسها لقيادة الثورة ولتمثيل الجماهير في المفاوضات مع العسكر. قيادات تلك الأحزاب هم جزء لا يتجزأ من نفس شبكة المصالح الطبقية التي يدافع عنها العسكر بشراسة. تلك القيادات لا تريد انتصارًا لثورة جماهيرية تطيح بالطبقة الحاكمة في السودان. هؤلاء يريدون فقط استخدام الضغط الجماهيري كورقة تفاوض مع العسكر. وحتى اليسار السوداني ممثلًا في الحزب الشيوعي ظل دائمًا متذيلًا للأحزاب البرجوازية “المدنية” وغير قادر على أن يلعب دورًا ثوريًا كمنبر مستقل للجماهير المنتفضة يمكنها من الاطاحة بشبكة المصالح الطبقية التي تخنق الشعب السوداني منذ عقود.

تحتاج الجماهير السودانية إلى قوى ثورية مستقلة عن الأحزاب التقليدية وقادرة على إدارة المعركة حتى تحقيق انتصار حقيقي وليس شكليًا كما حدث في الجولة الأولى من خلال اتفاق الوثيقة الدستورية، انتصار يليق ببسالة وشجاعة الجماهير السودانية المنتفضة.

النصر للثورة السودانية
كل السلطة والثروة للشعب السوداني

الاشتراكيون الثوريون
28 أكتوبر 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب


.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا




.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل


.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك




.. خارجية الأردن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على تصريحات تش