الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنعكاس مفاهيم النص القرآني على الفكر والمجتمع

يوسف يوسف

2021 / 10 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


* المفاهيم والدلالات في النص القرآني ، أذا لم يتم السيطرة على تداولها ، فأنها تسبب أنعكاسات سلبية عدة ، منها قد تؤدي الى ترهل فكري ، وتجعله مشوش الرؤية ! ، لأنها ستخرج الفكر بمفهومه العام عن مساره الأنساني والحضاري الى مساحات ضيقة سوداوية ، وذلك لأن الفكر يؤثر ويتأثر بالثقافة ، خاصة أن مفاهيم النص القرآني تحتل الأولوية في تأثيرها على ثقافة الأفراد ، وبالنتيجة تصب الثقافة بكل أنعكاساتها على الفكر العام .. ومن جانب أخر فأن ذات المفاهيم والدلالات قد تغير من الصورة المجتمعية ، وذلك لأن مدلولات النص القرآني قد تتحول الى مصدرا أساسيا للتعامل المجتمعي – وهو ما يدعوا أليه رجال الدين والدعاة ، وهذا ما يحدث في مصر على سبيل المثال وليس الحصر ، حيث أن المجتمع تقبل أو أكتسب صبغة دينية ، غيرت من سلوكيات وملامح المجتمع عامة ! ، فالصورة المجتمعية في مصر قبل 40 عاما كانت أكثر تمدنا وتحضرا من الزمن الحالي / خاصة أذا أخذنا مظهر المرأة كمثال ، فأن السائد الأن في مصر هو الحجاب والنقاب ، والذي كان شبه معدوما في العقود السابقة ! .

* أرى أن السبب الرئيسي في كل ما سبق يرجع الى دور المؤسسة الدينية / وما دمنا قد أخذنا مصر كأنموذج ، فأننا نقصد هنا مؤسسة الأزهر شيخا وشيوخا ومؤسسات ! ، فهو الذي يقع على عاتقه الأمر الرئيسي ، وذلك من خلال أذرعه المختلفة / جمعيات وجوامع وجامعات ومعاهد أضافة الى أدبياته .. ، فهو يمتلك أكبر ميزانية ، حيث " بلغت جملة الموازنة المقدرة للأزهر الشريف في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019/ 2020 ، قرابة 15 مليارا و707 ملايين و804 آلاف ، مقارنة بموازنة العام المالي السابق 2018/2019 المقدرة بمبلغ 14 مليارا و277 مليونا و579 ألف جنيه / نقل من موقع النبأ الوطني " ، ولكن كل هذه الأموال تنفق وفق توجه أسلامي متزمت ، ولا توظف في تحديث الصورة المجتمعية ، بل في تظليمها / ومن جانب أخر، لا زالت مناهج الأزهر التعليمية تعج بتفسيرات ماضوية مقيتة ، ولا زال صحيح البخاري مادة رئيسية في مناهجه التعليمية ، بما يضم من أحاديث أصبحت مثارا للسخرية بين المفكرين الأسلاميين المتنورين ، بل حتى بين شيوخ المسلمين أنفسهم ! .

* أني أرى أن " التفسير " الماضوي للنص القرآني - من قبل شيوخ ورجال الأسلام ، لما به من دلالات ومفاهيم ، ، قد ألقى بكل ثقله على المجتمع وعلى الفكر الأنساني بذات الوقت ، فأرجع الأول الى الحقبة القبلية وأدخل الثاني في زوايا مظلمة أنعكست على الفعل المجتمعي للفرد . ولا زال رجال الأسلام مشغولون بالهم النصي للقرآن ، فلم يستطيعوا أن يخرجوه من قوقعته ! ، وهم يدركون أن النصوص كان لها " أسباب محددة للنزول " ، وأسباب النزول تفسر النص ، وقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب ، التالي في شرح هذا الموضوع ( قال الواحدي : لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها ، وقال ابن دقيق العيد : بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن " انتهى من "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (1/108).، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " معرفة " سبب النزول " يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب" . انتهى من "مجموع الفتاوى" .. ) ، أي النصوص كان لها سبب محدد تبين لم نزلت !! ، والسؤال : ما علاقة الزمن الحالي – مجتمعا وفكرا ، بما نزل من قبل أكثر 14 قرنا ! .

* بعض النصوص قد شحنت المجتمع نحو " العنف " ، كالأية 5 من سورة التوبة ( فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( ، فهذا النص بمفاهيمه ومدلولاته أصبح مرجعا رئيسيا لكل المنظمات الأرهابية الأسلامية ، فحسب تفسير القرطبي للأية أعلاه / تأكيدا لهذا .. منقول بأختصار ( قوله تعالى فاقتلوا المشركين عام في كل مشرك حتى يعطوا الجزية ، واعلم أن مطلق قوله : اقتلوا المشركين يقتضي جواز قتلهم بأي وجه كان ، إلا أن الأخبار وردت بالنهي عن المثلة . ومع هذا فيجوز أن يكون أبو بكرالصديق حين قتل أهل الردة بالإحراق بالنار ، وبالحجارة وبالرمي من رءوس الجبال ، والتنكيس في الآبار ، تعلق بعموم الآية . وكذلك إحراق علي بن أبي طالب قوما من أهل الردة يجوز أن يكون ميلا إلى هذا المذهب .. ) .

* أن الأية السابقة وتفسيراتها المتعددة أدخلت الفكر في نفق مظلم ، ولكنه من جانب أخر كان متنفسا للأرهاب الأسلامي ، وبذات الوقت ، أثر هذا التفسيرعلى الوضع المجتمعي بشكل سلبي ، ولم يتحمل رجال وشيوخ الأسلام مسؤوليتهم المجتمعية والأخلاقية بنفي التفسير الماضوي ، وكان بأمكانهم أحلال تفسيرا حداثويا يتوافق ويتلائم مع الظروف الحالية للمجتمع ! ، أي كان علي المؤسسات الدينية دورا كبيرا في أعطاء تفسيرا أخلاقيا على من وصفوا ب " المشركين " بالأية أعلاه ، فهم الان شركاء بالوطن ! ، وما كان يوصف بهم سابقا وفق النص القرآني أصبح غير فاعل ، وذلك لأن الأية كان لها أسباب نزول قبل 14 قرنا ، والأن قد أنتفت الحاجة لتفعيل للأية أعلاه وهذا ما لا يقنع رجال الأسلام .

* أن النص القرآني / بمفاهيمه ومدلولاته المختلفة ، وفق كل ما سبق خلق تأزما فكريا ومجتمعيا ، هذا الوضع كله أوجده رجال الأسلام .. أني أرى بهكذا تقاطعات ومنحدرات لا بد من أعطاء صورة أخرى للقرآن تتفق مع الوضع الأنساني الحالي ، وهذا من المؤكد يحتاج الى ثورة حداثوية على القولبة الماضوية للنص القرآني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية