الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهم يخنقون العراق ... فهل من مغيث؟

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2021 / 10 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لله درك يا عراق , كيف أصبحت اليوم فريسة للنطيحة والمتردي , بعد أن كنت بالأمس بلدا قويا عزيزا مقتدرا , يخشاك الأعداء وترتعد فرائصهم , ويهابك ويحترمك الأصدقاء. وها هو حالك اليوم بات لا يسر عدو ولا صديق , بلد تسرح وتمرح فيه الضباع السائبة , ويتحكم بمصيره الجهلة والأفاكين , فقر مدقع وجهل مطبق , أطفال مشردين سائبين في الشوارع يلهثون وراء لقمة العيش في مكبات النفايات , وأمن منفلت فها هي الأنباء تتناقلها الصحف ووسائل الإعلام كل يوم , عن كوارث ومصائب تحل بالعراق من كل حدب وصوب منذ غزوه وإحتلاله عام 2003 , وحتى يومنا هذا في مسلسل رعب لا تبدو أن له نهاية , وكأنها أصبحت مفردات حياة يومية إعتاد عليها العراقيون وقدر محتوم لا مفر منه , ولا حول ولا قوة لديهم.
كان آخرها ارتكاب تنظيم داعش الإرهابي مجزرة مروعة في قرية الرشاد الواقعة بقضاء المقدادية بمحافظة ديالى شمال بغداد قبل أيام ، غالبية سكانها من الشيعة من عشيرة بني تميم , وراح ضحية المجزرة نحو( 40 ) شخصا ما بين قتيل وجريح من المدنيين العزل من السلاح. باستغلال التنظيم للتجاذبات السياسية بين الكتل السياسية المتصدية للمشهد السياسي في العراق ، إثر الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ويخشى كثيرون أن تجر العراق للفتنة الطائفية مجددا، بقيام تنظيم داعش بعمليات إرهابية في مناطق أخرى , بخاصة في المناطق ذات التركيبة السكانية المختلطة مذهبيا , لتأجيج الصراعات الطائفية وجر العراق إلى الإحتراب الطائفي العبثي الذي لن يكون في مصلحة العراقيين بطوائفهم وأثنياتهم المختلفة أبدا .
تناقلت بعض وسائل الإعلام ردود فعل حادة لبعض الجماعات المسلحة ,بشن هجوما انتقاميا على قرية نهر الإمام التي تقطنها عشائر ذات غالبية سنية, وتنفيذ إعدامات جماعية على الهوية الطائفية ، وتفجير وحرق عدد من المساجد ، و أضرام النيران في بعض البساتين ، وقصف بقذائف الهاون على المناطق السكنية، ومطالبة سكانها عبر مكبرات الصوت بالرحيل, لتعود إلى الأذهان سنوات الحرب الطائفية المقيتة في العراق.
كما يلاحظ تصاعد حدة العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة , حيث باتت تطال المواقع العسكرية والأمنية العراقية وحقول النفط والغاز ومحطات إنتاج الطاقة الكهربائية وشبكات نقلها , وحرق الحقول الزراعية وإتلاف محاصيلها , بسبب تراخي السلطات الأمنية وإنشغالها بالمناكفات الإنتخابية . والسياسيون كعادتهم في كل مرة , يتراشقون التهم فيما بينهم ويؤججون نيران الطائفية وكل أشكال الحقد والكراهية لمصالحهم الشخصية , دون الإكتراث لما تلحق بالناس الأبرياء من مصائب من قتل وتهجير وفقدان كل ما يملكون , بدلا من تضميد الجراح ومواساة الناس في مصائبهم التي ليس لهم في هذه الصراعات ناقة ولا جمل , والعمل على رص الصفوف وتوحيد الكلمة وتعزيز الهوية الوطنية العراقية الشاملة الجامعة لجميع العراقيين بمختلف إثنياتهم وأديانهم وطوائفهم , وضمان حقوقهم ومساواتهم وتأمين أمنهم وأمانهم وعيشهم الكريم, وقطع الطريق على كل من تسول له نفسه المريضة , العبث بأمن الوطن والمواطن كائنا من يكون , ذلك أن العراق وطن الجميع .
والغريب أن بعض دول الجوار التي يستميت البعض للدفاع عنها , حتى لو أضطره ذلك حرب أهله وناسه في العراق الذي نشأ وترعرع وتعلم فيها وينعم بخيراته , لحساب تلك الدول , نقول أن هذه الدول باتت اليوم تحرم العراق من حصصه المائية المشروعة بموجب القوانين والأعراف التي تحدد حقوق الدول ذات الأنهار المشتركة , أي دول المصدر والمصب , متخذة من المياه ورقة ضغط لإبتزاز العراق لتقديم المزيد من التنازلات لها على حساب حقوق الشعب العراقي ومصالحه , وبخلافه ستحول أراضي العراق الخصبة إلى صحاري قاحلة بسبب قطع المياه عنها , كما تشهد ذلك حاليا بساتين محافظة ديالى العامرة ببساتينها والتي هي اليوم آخذة بالهلاك , ومحافظة البصرة التي باتت تعاني من شدة ملوحة مياهها بسبب قيام إيران بقطع المياه عنها , وكذا الحال في محافظة دهوك وحوضي دجلة والفرات وبخاصة في محافظات وسط العراق وجنوبه ,بسبب شح المياه القادمة إليها من تركيا دون وجه حق .
نأمل أن تكون الحكومة العراقية جادة برفع شكوى ضد الحكومة الإيرانية لقيامها بحرمان العراق من حصصه المائية المقررة , والتي عبر عنها وزير الموارد المائية بتدويل ملف المياه , بعد أو وجد تنعتا واضحا وإصرارا عنيدا من الحكومة الإيرانية , ربما لإستهانتها بالحكومة العراقية وضعفها وعدم قدراتها على مواجهة الحكومة الإيرانية , وإعتمادها على أذرعها المسلحة في العراق .
فهل يا ترى أن موقفي الحكومتين التركية والإيرانية موقفا عادلا ينسجم مع مبادئ حسن الجوار , وهل يتوافق مع القانون الدولي , والأهم من ذلك مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف من حكومتين تدعيان تمسكهما بالدين الإسلامي وتقودهما أحزاب إسلامية ؟, وتدعيان الحرص على العراق وشعبه , وتربطهما به علاقات إقتصادية واسعة جدا , لدرجة أنهما جعلا من العراق ملحقا إقتصاديا لهما بحيث بات لا يقوى على العيش دون إستيراد حاجاته الغذائية منهما. والغريب أن العراق البلد الغني بموارده النفطية والغازية بات يستورد اليوم بعض مشتقات النفط والغاز والكهرباء من إيران , بحيث بات العراق مصدر العملة الأجنبية للحكومة الإيرانية التي تعاني من ضائقة إقتصادية بسبب العقوبات الأمريكية عليها .
وفي الختام نقول إن بإمكان العراق التخلص من هذا الوضع المزري , لو تصافت القلوب وخلصت النوايا وتضافرت الجهود من منطلق أن مصلحة العراق أولا , ووظفت قدراته وموارده التي حباها الله له في إطار سياسة وطنية وتخطيط إقتصادي سليم لتحقيق تنمية مستدامة شاملة , لأصبح العراق بلدا متقدما جدا في جميع المجالات , ولاعبا مقتدرا في المنطقة وليس بلدا ضعيفا مفككا تتلاعب به دول الجوار صغيرها وكبيرها , ويعود العراق العظيم بلدا عظيما كما يحلو لشعبه وصفه وهو ما يستحقه حقا , فالعراق بلد الأمجاد والحضارات , جدير به أن يستعيد مجده وألقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية