الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن تاريخانية الأنبياء

سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي

2021 / 10 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالنسبة لتاريخانية الأنبياء..فالقصة بدأت من اكتشاف حجر رشيد وفك رموز اللغة المصرية القديمة، كان حدثا عالميا استثنائيا شجع أوروبا وكنائس الغرب على اكتساح الشرق وإخراج كنوزه الأثرية لعدة أهداف:

أولا: للوصول إلى طبيعة دولة يوسف المذكورة في الكتاب المقدس، وبالطبع معرفة قصص الخروج وفرعون موسى..إلخ، فكل هذه الأحداث جَرَت في مصر وبعد سهولة قراءة لغتها القديمة أصبح التوصل لأنبياء إسرائيل قريبا جدا..بل ربما يصلوا لذكر إبراهيم ورحلاته من أور لحرّان وفلسطين كذلك..

ثانيا: الوصول لأدلة على قصص عبودية إسرائيل في مصر.. وقد ترافق هذا المسلك مع اتجاه آخر هو فك رموز اللغات العراقية القديمة للوصول إلى قصص عبودية إسرائيل في بابل..

ثالثا: الوصول لطبيعة الدين المصري القديم ودراسته عن قُرب، وبالتالي معرفة آلهة المصريين الحقيقية وماذا كان يعبد فرعون وشعبه..

رابعا: العثور على سجلات تاريخية بين مصر وجيرانها لمعرفة الشام والعراق وليبيا وصحراء الجزيرة العربية، وهذا الهدف مرتبط بقصص دينية أخرى كالطوفان وحوت يونس وعزرا ..وغيرهم..

الهدفان الأول والثاني لم يتحقق منهم شئ، فلم يصل العلماء بعد 150 عام من البحث التاريخي والأركيولوجي على أي أدلة وآثار على الأنبياء في مصر..بينما نجح الهدفين الثالث الرابع ونسبيا ، ووصلوا لنقوش دالة على مملكة داوود منها ما يسمى (نقش دان) الشهير الذي كتبه ملك الآراميين بعد انتصاره على الإسرائيليين في القرن 8 ق. م، علما بأن هذا النقش المكتشف على حجر صلب عام 1993 معروف (بنقش القاضي) وتم تسجيله كأحد أقدم الوثائق التاريخية على وجود دولة يهوذا وحكامها داوود وسليمان..

أما بالنسبة لمصر فلم يعثروا على شئ..بل اكتشفوا ثغرات وأخطاء في التواريخ منها مثلا ذكر إبراهيم على أنه (كلدانيا عراقيا) وعاش في الألف الثالث ق. م، بينما الحضارة الكلدانية العراقية لم تسجل تاريخيا سوى من القرن 10 ق. م وهذا يعني أن هناك خطأ على الأقل 1000 عام في حساب مدة إبراهيم وبالتالي تعريض رحلاته من أور حتى مصر للشك والبحث، فالذين رفضوا قصة ابراهيم في الكتاب المقدس قالوا أن تسجيلها حصل بعد أوأثناء الحضور الكلداني السياسي في الشرق الأوسط..وهذا يعزز فرضية كتابة أسفار التوراة والعهد القديم خلال تلك الفترة وعدم ظهورها في تاريخ أسبق ولو شفويا..

علاوة على أخطاء تاريخية أخرى بخصوص (زمن الخروج) في مقارنة حسابات السنين في الكتاب المقدس مع التاريخ المصري القديم..علاوة على مشكلة تبعية كنعان تلك الفترة للحُكم المصري وعدم معقولية هرب موسى وقبائل إسرائيل لها وهي واقعة تحت السلطة المصرية لمدة 300 عام أشهرها سلطة الملك "تحتمس الثالث" ، إضافة لأخطاء تاريخية في حساب مدة خلق الكون والبشرية، فالعلم الحديث وصل أن الإنسان مع أسلافه يعيشون منذ ملايين السنين، لكن النص الديني يحددها على الأكثر 13 ألف عام فقط..وأخيرا عدم العثور على أي أثر للإسرائيليين خلال ال 40 عاما التي تاهوا فيها بصحراء سيناء..

وشخصيا أرى أن المصري القديم لو عرف قصص موسى ويوسف لسجّلها باعتبارهما قادة سياسيين كبار، وليسوا بشرا عاديين، لكن عدم العثور على أي أدلة لهما فتح أبوابا واسعة للشك في القصص الديني بالمجمل وبالتالي الشك في الدين ذاته، وهذا الذي دفع بعض فقهاء المسيحية واليهودية والإسلام للقول بأن القصص الديني مذكور فقط للعظة والاعتبار لا بوصفه حدثا تاريخيا مثبتا..

وعلى كل فهذا الفارق واضح بين الرؤية الدينية والعلمية..فالعلم لم يثبت بعد قصص الأنبياء وإلى أن يثبتها أو ينفيها بشكل مؤكد فالإنسان غير مُطالَب بالبحث فيها بل بالنظر لكليات الدين العظمى ورسالته الأخلاقية الأصلية، فمن الغباء أن يرهن أحدهم إيمانه لقصة تاريخية هي عُرضة للعب والتوظيف والتدليس بأي شكل، فالدين جاء لإصلاح البشر أخلاقيا واجتماعيا بالأساس ولرفع الظلم عن الضعفاء ومساواة البشرية ببعضهم كي يبقى نسلهم ممتدا عبر التاريخ، بينما قدرات هؤلاء البشر مختلفة في تقبل وتنفيذ تلك الوصايا وبالتالي فالاجتهاد العقلي والعلمي يجب أن يظل مفتوحا لضمان نقاء تلك الرسالة وأهليتها على الأقل..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح