الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جلد عميرة

منير المجيد
(Monir Almajid)

2021 / 11 / 2
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


العادة السريّة، الإستمناء، نكاح اليد، الخضخضة، الدلك، إحياء البظر، جلد عميرة وأسماء اخرى عديدة معظمها محليّ يختلف من شعب لآخر.
بعد عصور من التحريم والترهيب، صار في أيامنا تثقيفاً جنسياً، وأُعتبر نشاطاً صحياً يجب تلقينه كجزء من التدريس الجنسي. وليتحرّر من العار فقد أُعتبر السابع من شهر أيّار (مايو) يوم الإستمناء العالمي (منذ عام ١٩٩٥).

في مطلع السبعينات كنتُ آتي إلى كوبنهاغن سائحاً. مرّة استلقيت على شاطئ البحر برفقة فتاتين تخلّتا عن القطعة العليا من البكيني وعرضتا، على نحو طبيعي مثل بقية ضيفات الشاطئ، مفاتنهما. ولتوثيق ذلك التقطنا صوراً معاً.
عدّة زملاء في كلية الفنون في دمشق أبدوا رغبة باستعارة تلك الصور ليستنموا عليها، وكنت أريهم إياها كواحد من إنتصاراتي في بلاد الغرب الفاسق.
ومرّة، بعد عودتي عن طريق مطار بيروت، فتّشني رجل جمارك المطار وطرقني بهدلة لأنه لم لم يجد مجلات جنسية في حقيبة سفري.

لا داعي لتلك التعقيدات، لأن عصر الإنترنيت أدخل تعديلات وتغييرات تاريخية على ممارستها.
السكايب قبل أكثر من عشرين سنة بقليل جعل الأجيال تُمارسه بالصوت والصورة رغم سوء نوعية الفيديو. رجل في غرفة نومه في أمريكا وفتاة في تايوان يستمنيان معاً، كانت مثل أفلام الخيال العلمي.
ثم جاءت مواقع عديدة اخرى تتيح البحث عن شريك صدفة، وانتهى الأمر في حالات لا تُحصى من الإبتزاز، بعد أن قام طرف بتصوير الطرف الآخر، وانتهى بعضها إلى مواقع إباحية، إلى أن وسّع الفيس بوك من الأمر وشرّعه، فبدا وكأنه لقاء وتعارف ينتهي إلى ممارسة الجنس، لكن إفتراضياً.
هناك الآن أكثر من مليار ونصف موقع مُتاح لأفلام وفيديوهات إباحية. ولمن يريد تقارباً أكثر حميمية، فما عليها/عليه إلّا دفع مبلغ للتمّتع بمختلف أنواع الممارسات الجنسية «لايف»، وبصورة HD مُفتخرة.

مجنون حارتنا «هنانو» كان يركض مجتازاً الشوارع خشية أحجار الأطفال، ليذهب إلى الفسحة الطبيعية القريبة من النهر، وهناك كان يستمني غير آبه بالنساء اللواتي كنّ يغسلن الثياب.
هذا يُفسّر أن الإستمناء حاجة.
السيدة «لمياء المقدم» تُطالب بإيجاد تسمية اخرى: «لا أعرف من استنبط هذه التسمية أول مرة: «العادة السرية» ولا أدري إن كانت هذه التسمية دقيقة في وصف هذه الخاصية البشرية المهمة، وكذلك لا أدري لماذا لا توجد أسماء بديلة ومرادفات لهذه التسمية على غرار «النشوة» مثلا، التي لها بدائل كثيرة مثل: اللذة، الذروة، الرعشة، وغيرها من التسميات. سرية هذه العادة لا تقل عن سرية الجماع، واعتياديتها أيضا لا تقل عن اعتياديته، ولهذا أجِدُ هذه التسمية غير مُنصفة وغير دقيقة، كما أنّ بها نوعا من الرفض المبطن، ومجرد اكتفائها لحد الآن بتسمية واحدة رغم ثراء اللغة العربية وتنوعها دليل على التحجيم والتهميش اللذين تعرضت لهما هذه الخاصية البشرية».

تاريخياً نُظر إليه بشكّ وريبة انتهت باستنكاره ومنعه واتهامه بأنه مُسببٌ للعمى. وقد قام آخرون بالتحذير منه لأنه قد يتسبب في ظهور تقرحات على الأعضاء، أو تورم في القضيب يُطلق عليه إسم وذمة تنتج عن تزايد السوائل في الأنسجة. ولتجّنب الأمر أوصوا بالذهاب إلى النوادي الرياضية. وعلى مدى العصور أُعتبر وباءً وداءً للمنحطّين والسفلة. المُستمني لدى تشارلز ديكنز هو «شاحبٌ، هشُّ المفاصل، أجوفُ الصدر، لا قوّة له، جفناه على وشك الانغلاق دوماً».
وفي العصر الڤيكتوري في القرن الثامن عشر طُوّرت حلقة التدنيس، وهي أداة مُضادّة للإستمناء تتألّف من مشبك معدني له أسنان مثل المنشار توضع على القضيب لمنع إنتصاب غير مرغوب وعلاج المرض الذي أسموه بالدفق المنوي.
الطريف أنّه وفي نفس العصر، أوجد طبيب أول أداة لولبية (ديلدو) لمساعدة النساء على الإستمناء.
لكن أوصى بعض الخبراء، بالمقابل، بممارسته لأنه يحارب سرطان الپروستاتا لدى الرجال، وزيادة صلابة قضبانهم، وأيضاً تعزيز الجهاز المناعي عن طريق إفراز هرمونات خاصّة وتحسين الصحّة النفسية.
في موقع إسلام ويب تتساءل سيدة عن متعة كانت تمارسها قبل الزواج وبعده، وهي النوم على البطن ومداعبة صدرها فـ «تنزل مني سوائل ورعشة تريحني مع أني لا ألمس أعضائي التناسلية»، وتريد أن تعرف إن كانت ترتكب معصية!
الجواب جاء كما يلي: «يتبين لك من التعريفات السابقة للعادة السرية أن الذي تقومين به هو نوع من العادة السرية. فعليك أن تتوبي إلى الله منه، وأن لا تعودي إلى مثله، وإذا احتجت إلى شيء منه فافعليه بيد زوجك؛ فإن لك أن تستمتعي بسائر جسد زوجك كيف شئت. والله أعلم».

فكرة التحريم دينياً جاءت في اليهودية لأن ماء الشهوة هذا يحوي العديد من الأرواح التي سوف تتحول إلى أرواح تُطارد أصحابها، لا بل سوف تتحول إلى «قوى الضغمة»، أي الشريرة. وحينما يموت المستمني ستقوم تلك الأرواح بمطاردة جنازته وتعذيبه. وقد أعيد الأمر إلى «أونانيت» في سفر تكوين العهد القديم (٣٨: ٩ - ١٠) وهو أحد أبناء يهوذا الذي تزوّج من أرملة أخيه «تامار» على أن يكون المولود باسم أخيه: «فعلم أونان أن النسل لا يكون له. فكان إذا دخل على امرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطي نسلاً لأخيه. فقبح في عيني الرب فأماته أيضاً». أفسد على الأرض تعني أنّه قذف خارج مهبلها. ومن هنا، استطراداً، جاءت تسمية Onanism إلى جانب Masturbation.

في المسيحية لا نجد تحريماً، بل نجد أنّها نشاط يتمحور حول الذات وليس نشاطاً مُحبّباً لله، لأن كل فعل يجب أن يكون وسيلة لتمجيد الله.
ويبدو أن بعضهم إعتبر أن إدانة يسوع للشهوة ترتبط بممارسة الإستمناء: «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ». (إنجيل متّى ٥:٢٨).

العرب قبل الإسلام سمّوه جلد عميرة، فقد قال شاعر لم أفلح في إيجاد إسمه «إِذَا حَلَلْتَ بِوَادٍ لا أَنِيسَ بِهِ فَاجْلِدْ عُمَيْرَةَ لا عَيْبٌ ولا حَرَجُ». في ذات السياق، لا نجد تحريماً مُباشراً في القرآن، ومرجعية النصوص في سورة «المؤمنون» قد تكون غير مُبرّرة تماماً لدى الأئمة: « وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ». هذا إن لم تُذكر بوضوح في بعض الأحاديث.
وبسبب عدم توضيح التحريم فقد كثُرت التفاسير. فخشية الوقوع في الزنا جنح الحنابلة إلى إباحته. وقال الحنفيّة بعدم المُعاقبة، حيث يقول المرداوي: «لَوْ قِيل بِوُجُوبِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكَانَ وَجْهٌ كَالْمُضْطَرِّ، بَل أَوْلَى لأَنَّهُ أَخَفُّ». أمّا المالكية والشافعية فقد ذهبوا إلى تحريمه بناءً على أن الإسلام شجّع على النكاح (الزواج) ومن لم يستطع النكاح عليه الإستعانة بالصيام، حيث قال الرسول: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه غض للبصر، وأحصن للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء». والوجاء هو قطع الشهوة.
ويقول عن الصوم: «يدع طعامه وشرابه وشهوته». ولمّا قال شهوته فإنّه شمل الشهوة الكبرى سواءً كانت عن طريق الجماع أو عن طريق الإستمناء.
وهناك حديث غير مُثبت يقول فيه: «سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ويدخلهم النار مع الداخلين: الناكح يده، والفاعل والمفعول به، والناكح حليلة جاره، والمدمن الخمر، والضارب والديه».

في كتاب «محاضرات الأدباء» للراغب الأصفهاني (توفي ١١٠٨) أورد بعض النوادر في الإستمناء، أو الدلك كما يدعوها:
«نظرت امرأة أشعب إليه وهو يجلد عميرة فعاتبته فقال: كانت عميرة خيراً منك فما أصنع؟ ودعاها إلى الطعام فقالت: أنا لا آكل مع ضرتي. ودخلت امرأة مرتد عليه يوماً وهو يصب الماء على رأسه فقالت: ما هذا؟ فقال: جلدت عميرة، ودخل عليها يوماً فوجدها تغتسل فسألها فقالت: جلدتني عميرة. وكان رجل هجمه الحر فاستند إلى جدار فانعظ، فجلد عميرة فأشرفت جارية فرأته فكتبت إليه رقعة:
يعز على البيض الأوانس كالدما ... وقوفك بين الباب والدار تصلج
تقلب ايراً ليس للعير مثله ... وهن إليه من نسائك أحوج.
وقيل لرجل يدلك: ما تصنع؟ قال: أرفق المعيشة. وقال بعضهم: رأيت أعمى يجلد ويقول: فديتك يا سكينة! فأخذت خشبة ولوثتها بعذرة ومسحت بها شاربه فقال: فسوت يا سكينة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسطوره الغناء الشامي صباح فخري
عبد الفادي ( 2021 / 11 / 3 - 02:03 )
نتمنى بأسلوبك الجميل استاذ منير ومعلوماتك الفنية الوفيرة ان تكتب شيئ عن المرحوم الفنان اسطوره الغناء الشامي صباح فخري والذي لا ازال اردد اغنيته الرائعة (أه يا حلو يا مسليني ياللي بنار الهجرِ كاويني) ، تحياتي واحترامي