الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطرقة

علي سلمان نعمة

2021 / 11 / 3
الادب والفن


قصة قصيرة: المطرقة
عاد الأب هادي الى بيته مساءا حاملا بيده لوحة زيتية قديمة لفنان غير معروف، والتي كانت عبارة عن منظر طبيعي لفصل الخريف، دخل الأب بيته ووضع اللوحة على منضدة الطعام، ثم خلع معطفه ووضعه في خزانة الملابس التي بجانب باب الدخول. وبخطوات بطيئة نزل الأب الى قبو المنزل ليجلب مطرقة صغيرة ومسمار من عدة ادواته البسيطة ليعلق اللوحة على احد جدران غرفة الضيوف.
وعندما دخل المخزن الذي في القبو اخذ المطرقة الصغيرة، ثم بدأ يبحث بين عدته على مسمار بحجم صغير، وبينما هو يبحث عن المسمار لفت انتباهه صندوق بلاستيكي ازرق اللون كان قد وضع منذ زمن على أحد رفوف المخزن. لكن على ما يبدو انه نسي مافي الصندوق فبدأ يتساءل "ياترى ماذا في داخل هذا الصندوق؟"
سحب الصندوق اليه وانزله عن الرف ثم وضعه أمامه.
بعدها فتح الصندوق ووجد فيه الكثير من الصور العائلية القديمة، وبدأ يتطلع عليها بصمت. وقد كان من بين الصور ما يفرحه فيبتسم وكان هناك ايضا ما يجعله اكثر صمتا، فبدأ يشعر وكأنه مسافرا عبر الزمن ليحل ضيفا على تلك الوجوه المنسية في لحظات لا تتكرر ابدا.
وبينما هو يتطلع الى الصور توقف عند واحدة منهن، والتي كانت له عندما كان شابا بعمر سبعة عشر سنة واثنان من اصدقاءه القدامى وكانا بنفس عمره ايضا، كان اسم أحدهما مشتت والإخر كان اسمه رياض، وكانا اعزاء على قلبه كثيرا. لكنهما فارقاه بعد وقت قصير، لانهم سيّقا للحرب صغارا، وبالرغم من صغر سنيهما كانا لا يهابا الموت والرصاص، كانا يرقصون على الخوف والألم، لكنهما لم يدركا وقتها ان لا قوة تقف امام القدر. فخطفهما الموت وهم في مقتبل العمر، خطفهم حيث اللا عودة.ذهبا بلا اي أثر يذكر.
وبكل حزن استلقى هادي على ظهره وبدأت مطرقة الذاكرة تطرق بشدة على مخيلته ليتذكر كل ما حدث آنذاك بينه وبين اصدقاءه الموتى. فتذكر لقاءاتهم الاولى، وجلساتهم المؤنسة، ثم أخذه شريط الذكريات الى آخر لقاء بينه وبين صديقه رياض.
كان اللقاء مقابل بيت عائلة هادي آنذاك، وكان قبل ساعة من وقت الغروب. وكل مايتذكره كان سؤاله وقتها لرياض
"ألا تخاف الموت يا رياض؟"
وبكل سكون رد عليه صديقه
"الموت. وليش أخاف منه، أشو اني ارقص وياه كل يوم. المهم اني سعيد، بكل لحظة تمر، إذا بقيت او وافاني الاجل، ابدا ما عندي اي فرق"
لم تسعف ذاكرة الأب هادي ابدا ليعرف ماذا حدث بعد رد صديقه عليه.
فطن الأب هادي الى دموعه تنزل على خديه، وبنهوضه مسح دموعه بطرف أكمام قميصه، ثم جمع الصور وارجعها الى الصندوق ووضعه على الرف. بعدها صعد الى غرفته لينام، تاركا وراءه المطرقة ملقاة على الارض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في