الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الاشتراكية العالمية تنهض بلباس جديد -1

آدم الحسن

2021 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لقد مرت الحركة الاشتراكية العالمية بأكبر انتكاساتها و ذلك بعد انتصار المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة على المعسكر الاشتراكي الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي , هذا المعسكر الذي انهار و هذا الاتحاد الذي تفكك و صار من الماضي .
قد يكون من الضروري تناول اسباب هذه الانتكاسة الكبرى للحركة الاشتراكية العالمية ولو بشكل مختصر و سريع قبل تناول مؤشرات نهوضها الجديد .
يعود سبب انهيار المعسكر الاشتراكي و تفكك الألحاد السوفيتي الى جملة عوامل موضوعية و ذاتية اهمها :
اولا : كانت السمة الرئيسية للتجربة السوفيتية هي فرض نظام ديكتاتورية البروليتارية حيث تم تأميم و مصادرة جميع الأراضي و وسائل الإنتاج و الممتلكات الخاصة للطبقات الرأسمالية و الإقطاع و شملت تلك الإجراءات الصارمة البرجوازية الصغيرة ايضا , حيث اصبحت كل الأراضي الزراعية و غير الزراعية ملك للدولة و لم يبقى أي شيء من وسائل الإنتاج أو وسائل توفير الخدمات لدى القطاع الخاص بعد أن سيطرت الدولة على كل مفاصل العملية الإنتاجية و الاقتصادية بشكل كامل .
إن اعتماد التجربة السوفيتية على مبدأ ديكتاتورية البروليتارية انهت دورا مهما في التطور المطلوب خلال المرحلة الانتقالية و هو دور القطاع الخاص و نشاطه الفاعل في تغطية جوانب مهمة من العملية الإنتاجية و لتوفير الخدمات , حيث جعل النظام السوفيتي العدالة في توزيع اجمالي الناتج المحلي هي الأساس و ليس خلق الثروة .
ثانيا : كانت المراحل الأولى لبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي السابق مشحونة بالثورية و تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة ( الناتج المحلي ) على افراد الشعب السوفيتي بعد أن تم القضاء على كل اشكال الاستغلال الطبقي لكن ذلك لم يؤدي الى تحسين و تطوير حياة المواطنين السوفييت فقد اخذت وتائر النمو الاقتصادي تتحقق بمعدلات منخفضة و كأن الهدف الوحيد للاشتراكية هو الغاء الاستغلال الطبقي و ليس تحسين المستوى المعاشي لغالبية الشعب حيث كانت اكبر مساوئ تلك المرحلة هي الانخفاض في نسبة نمو اجمالي الناتج المحلي ...!
ثالثا : تحولت الدولة السوفيتية الى دولة موظفين مما ادى الى نمو البيروقراطية بدرجات عالية و كانت هذه البيروقراطية احد الأسباب الرئيسية في تراجع دور التكنوقراط في ادارة الدولة بالإضافة الى سوء في العلاقات الاجتماعية المرافقة للعمليات الإنتاجية .
رابعا :اعتمدت تجربة البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي و دول المنظومة الاشتراكية على تعطيل جميع قوانين اقتصاد السوق و قد أدى ذلك الى سلبيات كبيرة منها فقدان الأسس التي يمكن الاستناد عليها لاحتساب الجدوى الاقتصادية للمشاريع أو الجدوى الاقتصادية التفصيلية لكل جزء من اجزاء العملية الإنتاجية .
خامسا : عدم معالجة موضوع حقوق الأنسان و الحريات الفردية و حرية المعتقد الديني بالشكل الذي يساهم بتطور المجتمع ثقافيا و اجتماعيا حيث اتخذ النظام السوفيتي و من تبعه من الأنظمة الاشتراكية موقفا سلبيا متشددا تجاه هذه الحقوق و الحريات , إذ يفترض بالنظام الاشتراكي تقدسيه للإنسان كقيمة عليا و أن يكون أكثر انسانية من اي نظام تسيطر عليه الطبقة الرأسمالية التي تعتبر أن المقدس هو الملكية الخاصة إلا إن ما حصل هو عكس ذلك .
سادسا : خرج الاتحاد السوفيتي من الحرب العالمية الثانية حاله حال دول أوربا الغربية و الشرقية مدمرا , ابنية , مصانع , جسور , منشئات اقتصادية , كل شيء مدمر بشكل كامل أو جزئي فيما خرجت امريكا من هذه الحرب دون أن تتعرض لأي ضرر في الداخل الأمريكي لأن تلك الحرب كانت خارج الأراضي الأمريكية , لذا كان التنافس خلال الحرب الباردة بين طرفين احدهما مدمر و منهك من أثار الحرب العالمية الثانية و هو الألحاد السوفيتي و الطرف الآخر , الذي هو امريكا , معافى و اقتصاده كان هو الأقوى عالميا .
سابعا : اصبح امام الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة مهمتين , الأولى اعادة اعمار نفسه من اثار الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية و اعادة اعمار دول أوربا الشرقية التي سيطر عليها في حين كان امام الولايات المتحدة الأمريكية مهمة واحدة اساسية و هي اعادة اعمار الدول التي هيمنت عليها و منها دول غرب أوربا و اليابان .
ثامنا : دخول الألحاد السوفيتي في مواجهة غير متكافئة مع المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق متعددة من العالم لغرض تقديم السند لحركات التحرر الوطني , و على سبيل المثال لا الحصر , الدعم المتعدد الجوانب لمصر خلال حكم جمال عبد الناصر , من بناء السد العالي و إنشاء البنية التحتية للصناعة المصرية الوطنية و غيرها و كذلك الدعم الهائل لبناء القوات المسلحة المصرية و تعويض هذه القوات عن الخسائر التي لحق بها في نكسة حزيران 1967 و مع ذلك انقلبت مصر على الاتحاد السوفيتي بعد وفاة جمال عبد الناصر و طردت الخبراء السوفيتي و اختارت الارتماء في احضان الراعي الأمريكي و امثلة اخرى عديدة منها الدعم السوفيتي للنظام التقدمي في افغانستان حيث تطور هذا الدعم الى تورط في حرب ضد المجاهدين من الأفغان و غيرهم المدعومين من المعسكر الغربي و حلفائه و بشكل خاص من الولايات المتحدة الأمريكية و معها دول الخليج النفطية , هذه الحرب التي افقدت الاتحاد السوفيتي هيبته و خلقت في داخله مقومات للصراع الداخلي و تناقضات حادة في عموم المعسكر الاشتراكي و كأنها القشة الأفغانية التي قصمت ظهر البعير السوفييتي مما ادى الى صعود التيار الاستسلامي بقيادة غورباشوف الذي اختار التراجع عن المسيرة الاشتراكية بدلا عن الإصلاح الشامل للخلل فيها .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ